الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر"(1) .
وعند البيهقي: "دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر"
* وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم"(2) .
فأعظم به من دعاء تنطق به شفاة ذابلة من الصيام يصعد إلى السموات فما يرده -بكرمه- الرحمن.
الفضيلة السادسة عشر
الصيام شعار الأبرار
قال صلى الله عليه وسلم: "جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار، يقومون الليل ويصومون النهار، ليسوا بأئمة ولا فجار"(3) .
قال المناوي (3/348) : "والظاهر أن المراد بالصلاة هنا الدعاء من قبيل دعائه لقوم أفطر عندهم قوله "صلت عليكم الملائكة".
فانظر إلى شعار الأبرار كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: قيامهم بالليل وصيامهم بالنهار، والأبرار سادات المتقين.
الفضيلة السابعة عشر
للصائم فرحتان
قال صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان، فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه"(4) .
(1) حسن: رواه أبو الحسن بن مهرويه في "الثلاثيات"، والضياء عن أنس، والألباني في "صحيح الجامع" رقم (3032) .
(2)
حسن: أخرجه ابن حبان في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده"، والطيالسي، والبيهقي، وابن أبي شيبة، والترمذي، وابن ماجة، وقال الترمذي: حديث حسن، وقال ابن حجر في "أمالي الأذكار" هذا حديث حسن، وأخرجه البزار في "مسنده" قال محقق "الإحسان في تقريب ابن حبان"(8/215) .
(3)
صحيح: رواه عبد بن حميد، والضياء عن أنس، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3097) .
و"الصحيحة"(1810) .
(4)
صحيح: رواه الترمذي عن أبي هريرة، ورواه أحمد في "مسنده"، مسلم وابن حبان.
وفي الحديث: "وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه".
وفي الحديث: ".. إن للصائم فرحتين: إذا أفطر فرح، وإذا لقي الله تعالى فجزاه فرج".
قال العلامة ابن رجب: "أما فرحة الصائم عند فطره فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح، فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات ثم أبيح لها في وقت آخر فرحا بإباحة ما مُنعت منه خصوصاً عند اشتداد الحاجة إليه، فإن النفوس تفرح بذلك طبعاً فإن كان ذلك محبوباً لله كان محبوباً شرعاً، والصائم عند فطره كذلك، فكما أن الله تعالى حرم على الصائم في نهار الصيام تناول هذه الشهوات فقد أذن له فيها في ليل الصيام بل أحب منه المبادرة إلى تناولها في أول الليل وآخره فأحب عباده إليه أعجلهم فطراً، والله وملائكته يصلون على المتسحرين، فالصائم ترك شهواته لله بالنهار تقرباً إلى الله وطاعة له ويبادر إليها في الليل تقرباً إلى مولاه، وأكل وشرب وحمد الله فإنه يرجى له المغفرة أو بلوغ الرضوان بذلك، وفي الحديث: "إن الله ليرضى عن عبده أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها"، وربما استجيب دعاؤه عند ذلك، وإن نوى جمله وشربه تقوية بدنه على القيام والصيام كان مثاباً على ذلك.
قال أبو العالية: الصائم في عبادة وإن كان نائماً على فراشه فكانت حفصة تقول: يا حبذا عبادة وأنا نائمة على فراشي فالصائم في ليله ونهاره في عبادة ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره فهو في نهاره صائم صابر وفي ليله طاعم شاكر.
وفي الحديث الذي خرجه الترمذي وغيره: "الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر"، ومن فهم هذا الذي أشرنا إليه لم يتوقف في معنى فرح الصائم عند فطره، فإنّ فطره على الوجه المشار إليه من فضله ورحمته فيدخل في قول الله تعالى:(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) .
وأما فرحه عند لقاء ربه: فبما يجده عند الله من ثواب الصيام مدّخراً فيجده أحوج ما كان إليه كما قال تعالى: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا)
وقال تعالى: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً)
وقال: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره) ، وقد تقدم قول ابن عيينة "إن ثواب الصيام لا يأخذه الغرماء في المظالم، بل يدخره الله عنده للصائم حتى يدخله به الجنة".
وعن عيسى ابن مريم عليه السلام قال: "إن هذا الليل والنهار خزانتان فانظروا ما تضعون فيهما، فالأيام خزائن للناس ممتلئة بما خزنوه فيها من خير وشر، وفي يوم القيامة تفتح هذه الخزائن لأهلها، فالمتقون يجدون في خزائنهم العز والكرامة، والمذنبون يجدون في خزائنهم الحسرة والندامة.
والصائمون على طبقتين:
إحداهما: من ترك طعامه وشرابه وشهوته لله يرجو عنده عوض ذلك فهذا قد تاجر الله وعامله والله تعالى يقول: "لا نضيع أجر من أحسن عملاً" ولا يخيب معه من عامله بل يربح عليه أعظم الربح.
والطبقة الثانية من الصائمين: من يصوم في الدنيا عمّا سوى الله فيحفظ الرأس وما حوى، ويحفظ البطن وما وعى، ويذكر الموت والبلى، ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا، فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته.
أهل الخصوص من الصوام صومهم
…
صون اللسان عن البهتان والكذب
والعارفون وأهل الأنس صومهم
…
صون القلوب عن الأغيار والحجب
* العارفون لا يسليهم عن رؤية مولاهم قصر، ولا يرويهم دون مشاهدته نهر، هممهم أجل من ذلك.
كبرت همة عبد
…
طمعت في أن تراك
من يصم عن المفطرات
…
فصيامي عن سواك
يا معشر التائبين: صوموا اليوم عن شهوات الهوى، لتدركوا عيد الفطر يوم اللقاء، لا يطولن عليكم الأمل باستبطاء الأجل فإن معظم نهار الصيام قد ذهب وعيد اللقاء قد اقترب.