الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرجه الطحاوي عن أبي عبيد عن علي وعثمان رضي الله عنهما مرفوعاً وإسناده جيد، وفي الباب عن عائشة وابن عمر.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومين: يوم الفطر ويوم الأضحى. رواه مسلم.
وجاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال: إني نذرت أن أصوم يوماً فوافق يوم أضحى أو فطر، فقال ابن عمر رضي الله عنهما:"أمر الله تعالى بوفاء النذر ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم هذا اليوم" رواه مسلم.
قال النووي في "شرح مسلم"(3/193، 194) : "قد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكل حال، سواءً صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك. ولو نذر صومهما متعمداً لعينهما، قال الشافعي والجمهور: لا ينعقد نذره ولا يلزمه قضاؤهما، وقال أبو حنيفة: ينعقد، ويلزمه قضاؤهما، قال: فإن صامهما أجزأه، وخالف الناس كلهم في ذلك".
ثم قال النووي: "ابن عمر توقف عن الجزم بجوابه، لتعارض الأدلة عنده".
وقد اختلف العلماء فيمن نذر صوم العيد معيناً. وأما هذا الذي نذر صوم يوم الاثنين فوافق يوم العيد، فلا يجوز له صوم العيد بالإجماع، وهل يلزمه قضاؤه؟ فيه خلاف للعلماء، وفيه للشافعي قولان أصحهما: لا يجب قضاؤه، لأن لفظه لم يتناول القضاء، وإنما يجب قضاء الفرائض بأمر جديد على المختار عند الأصوليين، وكذلك لو صادف أيام التشريق لا يجب قضاؤه في الأصح، والله أعلم.
(ب) الأيام المنهي عن صيامها والمختلف فيها
1- أيام التشريق
اختلف في كونها يومين، أو ثلاثة بعد يوم النحر وهو قول ابن عمر وأكثر العلماء، وروي عن ابن عباس وعطاء أنها أربعة أيام يوم النحر وثلاثة أيام بعده.
"وسميت أيام التشريق لأن لحوم الأضاحي تشرق فيها أي تنشر في الشمس، وقيل: لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس، وقيل: لأن صلاة العيد تقع عند شروق الشمس، وقيل التشريق التكبير دبر كل صلاة"(1) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا هذه الأيام: أيام التشريق، فإنها أيام أكل وشرب"(2) .
* وعن نبيشه الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب"(3) .
وفي رواية لمسلم: "وذكر لله".
وعن كعب بن مالك حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أوس بن الحدثان أيام التشريق فنادى: أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب (4) .
* وعن بشير بن سحيم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادى أيام التشريق: "أنه لا يدخل الجنة...."(5) الحديث مثل حديث كعب.
* وعن أبي هريرة مرفوعاً به مثل حديث كعب: "أيام منى
…
" (6) .
* وعن علي مرفوعاً: "إنها ليست أيام صيام إنها أيام أكل وشرب وذكر"(7) .
* وعن عبد الله بن حذافة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي في أيام التشريق أنها أيام أكل وشرب (8) .
* وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة أن يركب راحلته أيام منى فيصيح في الناس: "لا يصومن أحد، فإنها أيام أكل وشرب" قال: فلقد رأيته على راحلته ينادي بذلك" (9) .
(1)"فتح الباري"(4/285) .
(2)
صحيح: رواه أحمد في "مسنده" والنسائي عن حمزة بن عمرو الأسلمي، ورواه أحمد والحاكم عن بديل بن ورقاء وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (7355) .
(3)
رواه مسلم والبيهقي وأحمد والطحاوي.
(4)
رواه أحمد ومسلم والبيهقي.
(5)
إسناده صحيح على شرط الشيخين: أخرجه النسائي والدارمي وابن ماجه والطحاوي والطيالسي وأحمد.
(6)
إسناده حسن: أخرجه ابن ماجه، وقال البوصيري في "الزوائد": إسناده صحيح، رجاله ثقات.
(7)
أخرجه الطحاوي والبيهقي وأحمد والحاكم، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
(8)
سنده صحيح: أخرجه الطحاوي وأحمد.
(9)
سنده صحيح: رواه أحمد والطحاوي.
* وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه دخل على أبيه عمرو بن العاص، فوجده يأكل، قال: فدعاني، قال: فقلت له: إني صائم، فقال:"هذه الأيام التي نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهن، وأمرنا بفطرهن"(1) .
* وعن عقبة بن عامر مرفوعاً بلفظ: "يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب"(2) .
* عن أبي الشعثاء قال: أتينا ابن عمر في اليوم الأوسط من أيام التشريق، قال: فأتى بطعام فدنا القوم، وتنحى ابن له، قال: فقال له: أدن فاطعم، قال: فقال: إني صائم، قال: فقال: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها أيام طعم وذكر"(3) .
قال الألباني في "إرواء الغليل"(4/131) : "وبالجملة، فهذا الحديث متواتر المعنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
عن هشام بن عروة بن الزبير قال: أخبرني أبي: كانت عائشة رضي الله عنها تصوم أيام منى، وكان أبوه يصومها. رواه البخاري.
وعن عائشة، وعن ابن عمر رضي الله عنهم، قالا:"لم يرَخّص في أيام التشريق أن يُصَمْن إلا لمن لم يجد الهدي"(4) .
قال النووي في "المجموع"(6/486) :
"الجديد -أي عند الشافعي- أنه لا يصح فيها صوم. وممن قال به من السلف العلماء بامتناع صومها للمتمتع وغيره علي بن أبي طالب وأبو حنيفة وداود وابن المنذر، وهو أصح الروايتين عن أحمد.
(1) إسناده صحيح: أخرجه مالك وعنه أبو داود وأحمد والدارمي والحاكم: وقال الحاكم: إسناده صحيح ووافقه الذهبي وأقره الألباني.
(2)
إسناده صحيح على شرط مسلم: أخرجه أبو داود والترمذي والدارمي وابن أبي شيبة وابن خزيمة والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي والألباني.
(3)
أخرجه أحمد: وقال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح"، وقال الألباني في "الإرواء" (4/131) : إسناده على شرط مسلم.
(4)
رواه البخاري والطحاوي والدارقطني والبيهقي. وهو ليس صريحا في الرفع وإنما هو ظاهر فيه، وهو في حكم المرفوع عند جمهور أهل العلم.
وحكى ابن المنذر جواز صومها للمتمتع وغيره عن الزبير بن العوام وابن عمر وابن سيرين، وقال ابن عمر وعائشة والأوزاعي ومالك وأحمد وإسحاق في رواية عنه:"يجوز للمتمتع صومها".
قال ابن حجر في "فتح الباري"(4/285) : "هل تلتحق -أيام التشريق- بيوم النحر في ترك الصيام كما تلتحق به في النحر وغيره من أعمال الحج أو يجوز صيامها مطلقاً، أو للمتمتع خاصة، أو له ولمن هو في معناه؟ وفي كل ذلك اختلاف للعلماء، والراجح عند البخاري جوازها للمتمتع.
وقد روى ابن المنذر وغيره عن الزبير بن العوام وأبي طلحة من الصحابة الجواز مطلقاً، وعن علي وعبد الله بن عمرو بن العاص المنع مطلقاً وهو المشهور عن الشافعي، وعن ابن عمر وعائشة وعبيد بن عمير في آخرين منعه إلا للمتمتع الذي لا يجد الهدي، وهو قول مالك والشافعي في القديم، وعن الأوزاعي وغيره يصومها أيضاً المحصر والقارن.
وفي كتاب "إرشاد المسترشد": "أما أيام التشريق: فإن أهل الظاهر وجديد قولي الشافعي لا يجيزون الصوم فيها مطلقاً، وكرهه مالك وأبو حنيفة وأحمد إلا لمن كان عليه هدي ولم يتمكن من صوم الثلاثة قبل يوم الأضحى. وحديث عائشة وابن عمر يدل على أن النهي عن صومها للكراهة لا للتحريم، والراجح عندي: ما ذهب إليه مالك ومن معه من الأئمة والله أعلم"(1) .
قال تعالى: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج) .
قال ابن حجر (4/286) . "قوله: "في الحج" يعم ما قبل النحر وما بعده فيدخل فيه أيام التشريق، وقد ثبت نهيه صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق وهو عام في حق المتمتع وغيره، وعلى هذا فقد تعارض عموم الآية المشعر بالإذن وعموم الحديث المشعر بالنهي، وفي تخصيص عموم المتواتر بعموم الآحاد نظر لو كان الحديث مرفوعاً فكيف وفي كونه مرفوعاً نظر؟ فعلى هذا يترجح القول بالجواز، وإلى هذا جنح البخاري والله أعلم".
(1)"إرشاد المسترشد"(ص 342) .