الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صوم مشركي أهل الكتاب:
22، 23- صوم النصارى واليهود:
اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون:
يقول ابن تيمية مخاطباً للنصارى في "الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح""بل عامة ما أنتم عليه من السنن أمور محدثة مبتدعة بعد الحواريين، كصومكم خمسين يوماً زمن الربيع، واتخاذكم عيداً يوم الخميس والجمعة والسبت، فإن هذا لم يسنه المسييح ولا أحد من الحواريين، وكذلك عيد الحواريين: الميلاد والغطاس وغير ذلك من أعيادكم"(1) .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
"وقد أخبر عن المسيح أنه لماّ صام أربعين يوماً عقب المعمورية وكان يُعيِّد مع اليهود في عيدهم لا يُعيِّد عقب صومه، شاركه النصارى في ذلك مدة، فصاروا يصومون أربعين عقب الغطاس الذي هو نظير المعمورية أو يعيدون مع اليهود العيد، ثم إنهم بعد هذا، ابتدعوا تغيير الصوم، فلم يصوموا عقب الغطاس، بل نقلوا الصوم إلى وقت يكون عيدهم مع عيد اليهود"(2) .
يقول ابن القيم في "المثلثة" عبّاد الصلبان:
"المسيح ما شرع لهم هذا الصوم الذي يصومون قط ولا صامه في عمره مرة واحدة ولا أحد من أصحابه، لا صام صوم المحذارى في عمره، ولا أكل في الصوم ما يأكلونه ولا حرّم فيه ما يحرمونه"(3) .
يقول الشيخ محمد رشيد رضا:
"المعروف أن الصوم مشروع في جميع الملل حتى الوثنية فهو معروف عن
(1)"الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"(2/230) .
(2)
"الجواب الصحيح"(1/11) .
(3)
"هداية الحيارى"(ص 274) لابن القيم، دار الريان للتراث.
قدماء المصريين في أيام وثنيتهم، وانتقل منهم إلى اليونان فكانوا يفرضونه لا سيما على النساء، وكذلك الرومانيون كانوا يعنون بالصيام ولا يزال وثنيو الهند وغيرهم يصومونه إلى الآن. وليس في أسفار التوراة التي بين أيدينا -المحرّفة- ما يدل على فرضية الصيام، وإنما فيها مدحه ومدح الصائمين وثبت أن موسى عليه السلام صام أربعين يوماً وهو يدل على أن الصوم كان معروفاً مشروعاً ومعدوداً من العبادات.
واليهود في هذه الأزمنة يصومون أسبوعاً تذكاراً لخراب أورشليم وأخذها، ويصومون يوماً من شهر آب.
أقول وينقل أن التوراة فرضت عليهم صوم يوم العاشر من الشهر السابع وأنهم يصومونه بليلته ولعلّهم كانوا يسمونه عاشوراء ولهم أيام أخرى يصومونها نهار.
وأما النصارى: فليس في أناجيلهم المعروفة -المحرّفة- نص في فرضية الصوم وإنما فيها ذكره ومدحه واعتباره عبادة كالنهي عن الرياس وإظهار الكآبة، بل تأمر الصائم بدهن الرأس وغسل الوجه حتى لا تظهر عليه أمارة الصيام فيكون مرائياً كالفريسيين، وأشهر صومهم وأقدمه الصوم الكبير الذي قبل عيد الفصح، وهو الذي صامه موسى وكان يصومه عيسى عليهما السلام، والحواريون رضي الله عنهم، ثم وضع رؤساء الكنيسة ضروباً أخرى من الصيام، وفيها خلاف بين المذاهب والطوائف، ومنها صوم عن اللحم، وصوم عن السمك، وصوم عن البيض واللبن.
وكان الصوم المشروع عند الأولين منهم كصوم اليهود يأكلون في اليوم والليلة مرة واحدة، فغيّروه، وصاروا يصومون من نصف الليل إلى نصف النهار" (1) .
يقول الشيخ محمد طاهر عاشور:
"كان لليهود صوم فرضه الله عليهم وهو صوم اليوم العاشر من الشهر السابع من سنتهم وهو الشهر المسمى عندي "تِسْرِي" يبتديء الصوم من غروب اليوم التاسع إلى غروب اليوم العاشر وهو يوم كفارة الخطايا "كَبُّور" ثم إن أحبارهم
(1)"تفسير المنار"(2/143-144) .
شرعوا صوم أربعة أيام أخرى وهي الأيام الأولى من الأشهر الرابع والخامس والسابع والعاشر من سنتهم تذكاراً لوقائع بيت المقدس وصوم يوم "بُورِيم" تذكاراً لنجاتهم من غضب ملك الأعاجم "أحشويروش" في واقعة (استير) وعندهم صوم التطوع، وفي الحديث:"أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً".
أما النصارى فليس في شريعتهم نص على تشريع صوم زائد على ما في التوراة فكانوا يتبعون صوم اليهود.
وفي "صحيح مسلم" عن ابن عباس "قالوا: يا رسول الله إن يوم عاشوراء تعظمه اليهود والنصارى"، ثم إن رهبانهم شرعوا صوم أربعين اقتداء بالمسيح إذ صام أربعين يوماً قبل بعثته ويشرع عندهم نذر الصوم عند التوبة إلا أنهم يتوسعون في صفة الصوم، فهو عندهم ترك الأقوات المقوية والمشروبات أو هو تناول طعام واحد في اليوم ويجوز أن تلحقه أكلة خفيفة".
***