الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن مفلح في "الفروع"(3/119) : قال ابن الجوزي في كتاب "أسباب الهداية": "يستحب صوم الأشهر الحرم وشعبان كله، وهو ظاهر ذكره صاحب المحرر في الأشهر الحرم".
قال النووي في "المجموع"(6/438-439) : "قال أصحابنا: ومن الصوم المستحب صوم الأشهر الحرم وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب. ومن لا يشق عليه فصوم جميعها فضيلة".
صوم رجب
* عن خرشة بن الحر قال: "رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية"(1) .
* وعن ابن عمر أنه كان إذا رأى الناس وما يعدونه لرجب كرهه، وقال:"صوموا منه وأفطروا"(2) .
قال ابن قدامة في "المغني"(4/429) : "ويكره إفراد رجب بالصوم. قال أحمد: وإن صامه رجل، أفطر فيه يوماً أو أياماً بقدر ما لا يصومه كله".
وبإسناده عن ابن عمر أنه كان إذا رأى الناس.....
* وعن ابن عباس نحوه، وبإسناده عن أبي بكرة أنه دخل على أهله، وعندهم سلال جدد وكيزان، فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجب نصومه. قال: أجعلتم رجب رمضان، فأكفأ السلال وكسر الكيزان.
قال أحمد: "من كان يصوم السنة صامه، وإلا فلا يصومه متواليا يفطر فيه ولا يشبهه برمضان".
قال ابن رجب في "اللطائف"(123، 124) :
"قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يكره أن يتخذ رجب عيداً".
(1) رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح قاله الألباني في "الإرواء"(4/113 رقم 957) .
(2)
رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح قاله الألباني في "الإرواء"(4/114 رقم 958) .
* وعن ابن عباس أنه كره أن يصام رجب كله، وعن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يريان أن يفطر منه أياماً. وكرهه أنس أيضاً وسعيد بن جبير: وكره صيام رجب كله يحيى ابن سعيد الأنصاري والإمام أحمد.
وقال الشافعي في القديم: أكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان، وقال: إنما كرهته أن لا يتأسى رجل جاهل فيظن أن ذلك واجب وإن فعل لحسن. وتزول كراهة إفراد رجب بالصوم بأن يصوم معه شهراً آخر تطوعاً عند بعض أصحابنا مثل أن يصوم الأشهر الحرم أو يصوم رجب وشعبان.
وقد تقدم عن ابن عمر وغيره صيام الأشهر الحرم. والمنصوص عن أحمد أنه لا يصومه بتمامه إلا من صام الدهر ويروي عن ابن عمر ما يدل.
* عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر: "أرسلتني أسماء إلى عبد الله بن عمر فقالت: بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم في الثوب، وميثرة الأرجوان، وصوم رجب كله! فقال لي عبد الله: أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الأبد" أخرجه مسلم وأحمد.
قال ابن رجب: "وهذا يدل على أنه لا يصام رجب إلا مع صوم الدهر".
قال الألباني في "إرواء الغليل"(4/115-116) :
"فكيف بمن يصوم الأبد: فسروه بأنه إنكار منه لما بلغ أسماء من تحريمه، وإخبار منه أنه يصوم رجبا كله، وأنه يصوم الأبد" كما في "شرح مسلم" للنووي و"السراج الوهاج" لصديق حسن خان.
فلعل التوفيق بين صومه لرجب، وكراهته لذلك، أن تحمل الكراهة على إفراد رجب بالصوم كما يفرد رمضان به، فأما صيامه في جملة ما يصوم فليس مكروهاً عنده والله أعلم.
وقال الألباني: "نهى عمر رضي الله عنه عن صوم رجب المفهوم من ضربه للمترجبين ليس نهياً لذاته بل لكي لا يلتزموا صيامه ويتموه كما يفعلون برمضان".
قال ابن مفلح في "الفروع"(3/118-120) : "يكره إفراد رجب بالصوم.
وتزول الكراهة بالفطر أو بصوم شهر آخر من السنة، قال صاحب المحرر: وإن لم يَله. قال شيخنا: من نذر صومه كل سنة أفطر بعضه وقضاه. وفي الكفارة خلاف. قال: ومن صامه معتقداً أنه أفضل من غيره من الأشهر أثم وعُزر، وحمل عليه فعل عمر. وقال أيضاً: في تحريم إفراده وجهان، ولعله أخذه من كراهة أحمد، وفي "فتاوى ابن الصلاح الشافعي": لم يؤثمه أحد من العلماء فيما نعلمه.
ولا يكره إفراد شهر غير رجب، قال صاحب المحرر: لا نعلم فيه خلافاً.
وذكر في "الغنية" أنه يستحب صوم أول يوم من رجب وأول خميس منه والسابع والعشرين
…
وذكر أشياء واحتج بأخبار ليست صحيحة وكثير منها موضوع.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عما ورد في ثواب صيام الثلاثة أشهر وما تقول في الاعتكاف فيها؟ والصمت هل هو من الأعمال الصالحات أم لا؟
فقال ابن تيمية رحمه الله (25/290-292) :
"أما تخصيص رجب وشعبان جميعاً بالصوم أو الاعتكاف فلم يرد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، ولا عن أصحابه، ولا أئمة المسلمين، بل قد ثبت في "الصحيح" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان، ولم يكن يصوم من السنة أكثر مما يصوم من شعبان، من أجل شهر رمضان.
وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديث كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات. وقد روى ابن ماجه في "سننه" عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم رجب، وفي إسناده نظر.
وأما تخصيصها بالاعتكاف فلا أعلم فيه أمراً، بل كل من صام صوماً مشروعاً وأراد أن يعتكف من صيامه كان ذلك جائز بلا ريب، وإن اعتكف بدون الصيام ففيه قولان مشهوران وهما روايتان عن أحمد:
أحدهما: أنه لا اعتكاف إلا بصوم، كمذهب أبي حنيفة ومالك.
والثاني: يصح الاعتكاف بدون الصوم كمذهب الشافعي.
وأمّا الصمت عن الكلام مطلقاً في الصوم، أو الاعتكاف، أو غيرهما فبدعة مكروهة باتفاق أهل العلم لكن هل ذك محرم أو مكروه؟ فيه قولان في مذهبه وغيره.
وفي صحيح البخاري أن أبا بكر الصديق دخل على امرأة من أحمس فوجدها مصمتة لا تتكلم، فقال لها أبو بكر: إن هذا لا يحل إن هذا من عمل الجاهلية.
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قائماً في الشمس، فقال:"من هذا؟ " فقالوا: هذا أبو إسرائيل، نذر أن يقوم في الشمس ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم. فقال:"مروه فليجلس وليستظل وليتكلم وليتم صومه" فأمره صلى الله عليه وسلم مع نذره للصمت أن يتكلم كما أمره مع نذره للقيام أن يجلس، ومع نذره أن لا يستظل أن يستظل، وإنما أمره بأن يوفي بالصوم فقط. وهذا صريح في أن هذه الأعمال ليست من القرب التي يؤمر بها الناذر.
فقول الخير وهو الواجب أو المستحب خير من السكوت عنه، وما ليس بواجب ولا مستحب، فالسكوت عنه خير من قوله. ولهذا قال بعض السلف لصاحبه:"السكوت عن الشر خير من التكلم به"، فقال له الآخر:"التكلم بالخير خير من السكوت عنه".
* * *