المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال ابن مفلح في "الفروع" (3/119) : قال ابن الجوزي - نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان - جـ ١

[سيد حسين العفاني]

فهرس الكتاب

- ‌بقلم فضيلة الشيخ أبو بكر جابر الجزائري

- ‌بقلم فضيلة الشيخ: محمد صفوت نور الدين

- ‌بقلم فضيلة الشيخ الدكتور/ محمد بن عبد المقصود العفيفي

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولمن معاني الصوم

- ‌أ- الإخلاص عنوان الصوم

- ‌(ب) التقوى حكمة الصوم العليا

- ‌(جـ) ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون

- ‌(د) الصوم وإعداد الأمة

- ‌(هـ) الصوم رياضة للنفس على ترك الشهوات

- ‌(و) الصوم والمراقبة

- ‌الباب الثانيفضائل الصوم

- ‌الفضيلة الأولى: الصائمون هم السائحون

- ‌الفضيلة الثانية: الصوم لا مثل له

- ‌الفضيلة الثالثةإضافته لله تعالى تشريفاً لقدره وتعريفاً بعظيم فخره

- ‌الفضيلة الرابعة: رفعة الدرجات

- ‌الفضيلة الخامسة: الصيام مناسب لصفة من صفات الحق

- ‌الفضيلة السادسةجميع العبادات توفى منها مظالم العباد إلا الصيام

- ‌الفضيلة السابعةالصوم كفارة للخطيئات

- ‌الفضيلة الثامنةتشريف الله والملائكة له بالصلاة عليه

- ‌الفضيلة التاسعةالصيام جنة من النار

- ‌الفضيلة العاشرةالصوم في الصيف يورث السقيا يوم العطش

- ‌الفضيلة الحادية عشرالصوم في الشتاء الغنيمة الباردة

- ‌الفضيلة الثانية عشرنداء الريان لعاشر الصوام

- ‌الفضيلة الثالثة عشرالصوم سبيل إلى الجنات

- ‌الفضيلة الرابعة عشرشفاعة الصيام يوم القيامة لصاحبه

- ‌الفضيلة الخامسة عشردعوة الصائم لا ترد

- ‌الفضيلة السادسة عشرالصيام شعار الأبرار

- ‌الفضيلة السابعة عشرللصائم فرحتان

- ‌الفضيلة الثامنة عشرخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك

- ‌الفضيلة التاسعة عشرالصوم جُنَّة

- ‌الفضيلة العشرونقطع أسباب التعبد لغير الله

- ‌الفضيلة الواحد والعشرونالصوم شكر للمنعم عالم الخفيات

- ‌الفضيلة الثانية والعشرونتوفير الطاعات وتحريض على المثوبات

- ‌الفضيلة الثالثة والعشرونتكثير الصدقات، والإحسان إلى ذوي الحاجات

- ‌الفضيلة الرابعة والعشرونرقة القلب وصيانة الجوارح

- ‌الفضيلة الخامسة والعشرونالصيام فدية لبعض الأعمال

- ‌ثمرات الصيام

- ‌الباب الثالثصوم الجاهليةموضوع تحت قدمي

- ‌إياكم وبنيات الطريق

- ‌1- الجناحية من الرافضة وصومها:

- ‌2- الخطابية:

- ‌3- الكيسانية:

- ‌4- العجلية:

- ‌5- الحزمية:

- ‌6- الإسماعيلية (الباطنية) :

- ‌7- صوم القرامطة:

- ‌8- الصليحيون "الإسماعيلية الطيبية باليمن

- ‌9- صوم البهرة:

- ‌10- الإسماعيلية النزارية:

- ‌أ- الحشاشون:

- ‌11- صوم الإسماعيلية الأغاخانية:

- ‌12- النصيريون وصومهم:

- ‌13- صوم الدروز:

- ‌فلاسفة الصومية وغلاتها:

- ‌14- صوم ابن عربي:

- ‌15- صوم الحلاج:

- ‌16- صوم ابن الفارض: وسَنن النصارى:

- ‌17- صوم الرفاعية:

- ‌19- أبو العلاء المعري والصوم عن الحيوان "زهاد المبتدعة

- ‌صوم المارقين المرتدين:- البهائية -القاديانية

- ‌20- صوم البهائية:

- ‌21- صوم القاديانية:

- ‌22، 23- صوم النصارى واليهود:

- ‌الباب الرابعفصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب

- ‌الباب الخامسسادات الصائمين

- ‌(1) صوم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌(2) صوم ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌(3) صوم أبي طلحة الأنصاري

- ‌(4) صوم عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) صوم أم المؤمنين حفصة بنت عمر

- ‌(6) صوم أبي الدرداء حكيم الأمة وسيد القراء

- ‌(7) صوم عبد الله بن عمرو بن العاص

- ‌(8) صوم عبد الله بن عمر

- ‌(9) صوم أبي أمامة الباهلي

- ‌(10) صوم عبد الله بن الزبير

- ‌(11) صوم عبد الله بن رواحة

- ‌(12) صوم الصحابي الجليل حمزة بن عمرو الأسلمي

- ‌(13) صوم أبي مسلم الخولاني

- ‌(14) صوم عامر بن عبد قيس

- ‌(15) صوم الأسود بن يزيد النخعي

- ‌(16) صوم مسروق بن عبد الرحمن

- ‌(17) صوم العلاء بن زياد

- ‌(18) صوم سعيد بن المسيب سيد التابعين

- ‌(19) صوم أبي بكر بن عبد الرحمن راهب قريش

- ‌(20) صوم عروة بن الزبير

- ‌(21) صوم سليمان بن يسار

- ‌(22) صوم عطاء بن يسار

- ‌(23) صوم إبراهيم النخعي

- ‌(24) صوم الحسن البصري

- ‌(25) صوم ابن سيرين

- ‌(26) صوم عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي

- ‌(27) صوم عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي الكومي

- ‌(28) صوم عراك بن مالك الغفاري

- ‌(29) صوم منصور بن المعتمر

- ‌(30) صيام سليمان بن طرخان

- ‌(31) صوم الزهري

- ‌(32) صوم ابن جريج

- ‌(33) صوم عبد الله بن عون

- ‌(34) صوم داود بن أبي هند

- ‌(35) صوم ابن أبي ذئب

- ‌(36) صوم شعبة الخير أبي بسطام

- ‌(37) صوم غندر

- ‌(38) صوم معروف الكرخي

- ‌(39) صوم أحمد بن حرب

- ‌(40) صوم أحمد بن حنبل إمام أهل السنة

- ‌(41) صوم إبراهيم بن هانئ النيسابوري

- ‌(42) صوم أحمد بن سليمان أبو بكر النجاد

- ‌(43) صوم بقي بن مخلد

- ‌(44) صوم المنبجي

- ‌(45) صوم ابن زياد النيسابوري

- ‌(46) صوم القطان

- ‌(47) صوم ابن بطة

- ‌(48) صوم ابن جميع

- ‌(49) صوم السكن ابن جميع

- ‌(50) صوم الصوري

- ‌(51) صوم الدوني

- ‌(52) صوم العماد المقدسي

- ‌(53) صوم ثابت البناني

- ‌(55) صوم وكيع بن الجراح

- ‌(56) صوم أبي بكر بن عيّاش

- ‌(57) صوم جعفر بن الحسن الدرزيجاني

- ‌(58) صوم رحلة العابدة

- ‌(59) صوم ميمونة بنت الأقرع

- ‌(60) صوم أبي حنيفة

- ‌(61) صوم محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة

- ‌(62) صوم الملك العادل نور الدين محمود زنكي

- ‌(63) صوم الشيخ الورع علي العياش:

- ‌(64) صوم السيدة المكرمة الصالحة نفيسة ابنة الحسن بن زيد

- ‌الباب السادسبين يدي رمضان

- ‌إذا العشرون من شعبان ولت

- ‌التهنئة بقدوم رمضان

- ‌الباب السابعفضائل رمضان

- ‌رمضان شهر نزول القرآنوالكتب السماوية

- ‌سجع

- ‌رمضان شهر التراويح والتهجد

- ‌رمضان شهر تكفير الذنوب

- ‌التائبون العابدون "سجع

- ‌رمضان شهر الجود والإحسان

- ‌رمضان شهر فتح أبواب الجنان

- ‌رمضان شهر غلق أبواب النيران

- ‌رمضان شهر الصبر والتربية

- ‌رمضان شهر الشكر

- ‌رمضان شهر الدعاء المستجاب

- ‌رمضان شهر مضاعفة الأجر

- ‌رمضان شهر تصفيد الشياطين

- ‌رمضان غنم للمؤمن ونقمة للفاجر

- ‌رمضان شهر تربية المجتمع

- ‌رمضان شهر ليلة القدر

- ‌الباب الثامنرمضان شهر الجهاد والفتوحات

- ‌ السنة الثالثة من الهجرة:

- ‌ هدم الأصنام:

- ‌فتح النوبة ومعاهدة القبط

- ‌سنة 67 هـ زالت دولة المختار الثقفي:

- ‌وقفة على أبواب مدريد

- ‌فتوح المسلمين في فرنسا

- ‌سنة 222 هـ فتح البذ مدينة "بابك الخرمي

- ‌سنة 223 هـ فتح عمورية على يد المعتصم:

- ‌سنة 559 هـ وقعة حارم:

- ‌فتح أنطاكية

- ‌فتح أرمينيا الصغرى

- ‌فتح جزيرة قبرص

- ‌فتح البوسنة والهرسك

- ‌جهاد المسلمين في الحبشة

- ‌الباب التاسعحدث في رمضان

- ‌5 هـ حديث الإفك:

- ‌9 هـ قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب العاشرأسرار الصوم وشروطه الباطنة

- ‌الباب الحادي عشرالموضوع والضعيف في الصوم

- ‌الباب الثاني عشرالصوم على أربعين وجهًا

- ‌الباب الثالث عشرالصوم المندوب والمنهي عنه

- ‌ الصوم المندوب

- ‌صيام شهر الله المحرم

- ‌صوم شعبان

- ‌حكم التطوع بالصيام بعد انتصاف شعبان:

- ‌ليلة النصف من شعبان:

- ‌صيام ستة أيام من شوال

- ‌صوم الأشهر الحرم

- ‌صوم رجب

- ‌النوع الثانى: صوم الأيام

- ‌1- صوم عشر ذي الحجة

- ‌2- صوم يوم عرفة

- ‌3- صوم يوم عاشوراء

- ‌4- صوم أيام البيض

- ‌5- صيام الاثنين والخميس

- ‌7- صيام يوم السبت والأحد مخالفة للمشركين

- ‌الصوم المبهم المقيد بزمن

- ‌(1) صوم يوم وإفطار يوم

- ‌(2) صوم يوم وإفطار يومين

- ‌(3) صوم عشرة أيام من الشهر

- ‌(4-7) صوم إحدى عشرة أو تسعا أو سبعا أو خمسة أيام من الشهر

- ‌(8) صيام أربعة أيام من الشهر

- ‌(9) صوم ثلاثة أيام من الشهر كيفية ذلك

- ‌(10) صوم يومين من الشهر

- ‌(11) صوم يوم من الشهر

- ‌الأيام المنهي عن صيامها

- ‌(1 و2) يوم الفطر، والأضحى

- ‌(ب) الأيام المنهي عن صيامها والمختلف فيها

- ‌1- أيام التشريق

- ‌سرّ حسن:

- ‌2- صوم يوم الجمعة

- ‌3- بعد النصف من شعبان

- ‌4- صوم السبت

- ‌5- يوم الشك

- ‌النهي عن صوم المرأة تطوعاً إلا بإذن زوجها وهو حاضر:

- ‌إفراد يوم النيروز بصوم

- ‌صيام الدهر

- ‌الوصال في الصوم

- ‌هديه صلى الله عليه وسلم في صيام التطوع

الفصل: قال ابن مفلح في "الفروع" (3/119) : قال ابن الجوزي

قال ابن مفلح في "الفروع"(3/119) : قال ابن الجوزي في كتاب "أسباب الهداية": "يستحب صوم الأشهر الحرم وشعبان كله، وهو ظاهر ذكره صاحب المحرر في الأشهر الحرم".

قال النووي في "المجموع"(6/438-439) : "قال أصحابنا: ومن الصوم المستحب صوم الأشهر الحرم وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب. ومن لا يشق عليه فصوم جميعها فضيلة".

‌صوم رجب

* عن خرشة بن الحر قال: "رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية"(1) .

* وعن ابن عمر أنه كان إذا رأى الناس وما يعدونه لرجب كرهه، وقال:"صوموا منه وأفطروا"(2) .

قال ابن قدامة في "المغني"(4/429) : "ويكره إفراد رجب بالصوم. قال أحمد: وإن صامه رجل، أفطر فيه يوماً أو أياماً بقدر ما لا يصومه كله".

وبإسناده عن ابن عمر أنه كان إذا رأى الناس.....

* وعن ابن عباس نحوه، وبإسناده عن أبي بكرة أنه دخل على أهله، وعندهم سلال جدد وكيزان، فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجب نصومه. قال: أجعلتم رجب رمضان، فأكفأ السلال وكسر الكيزان.

قال أحمد: "من كان يصوم السنة صامه، وإلا فلا يصومه متواليا يفطر فيه ولا يشبهه برمضان".

قال ابن رجب في "اللطائف"(123، 124) :

"قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يكره أن يتخذ رجب عيداً".

(1) رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح قاله الألباني في "الإرواء"(4/113 رقم 957) .

(2)

رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح قاله الألباني في "الإرواء"(4/114 رقم 958) .

ص: 488

* وعن ابن عباس أنه كره أن يصام رجب كله، وعن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يريان أن يفطر منه أياماً. وكرهه أنس أيضاً وسعيد بن جبير: وكره صيام رجب كله يحيى ابن سعيد الأنصاري والإمام أحمد.

وقال الشافعي في القديم: أكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان، وقال: إنما كرهته أن لا يتأسى رجل جاهل فيظن أن ذلك واجب وإن فعل لحسن. وتزول كراهة إفراد رجب بالصوم بأن يصوم معه شهراً آخر تطوعاً عند بعض أصحابنا مثل أن يصوم الأشهر الحرم أو يصوم رجب وشعبان.

وقد تقدم عن ابن عمر وغيره صيام الأشهر الحرم. والمنصوص عن أحمد أنه لا يصومه بتمامه إلا من صام الدهر ويروي عن ابن عمر ما يدل.

* عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر: "أرسلتني أسماء إلى عبد الله بن عمر فقالت: بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم في الثوب، وميثرة الأرجوان، وصوم رجب كله! فقال لي عبد الله: أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الأبد" أخرجه مسلم وأحمد.

قال ابن رجب: "وهذا يدل على أنه لا يصام رجب إلا مع صوم الدهر".

قال الألباني في "إرواء الغليل"(4/115-116) :

"فكيف بمن يصوم الأبد: فسروه بأنه إنكار منه لما بلغ أسماء من تحريمه، وإخبار منه أنه يصوم رجبا كله، وأنه يصوم الأبد" كما في "شرح مسلم" للنووي و"السراج الوهاج" لصديق حسن خان.

فلعل التوفيق بين صومه لرجب، وكراهته لذلك، أن تحمل الكراهة على إفراد رجب بالصوم كما يفرد رمضان به، فأما صيامه في جملة ما يصوم فليس مكروهاً عنده والله أعلم.

وقال الألباني: "نهى عمر رضي الله عنه عن صوم رجب المفهوم من ضربه للمترجبين ليس نهياً لذاته بل لكي لا يلتزموا صيامه ويتموه كما يفعلون برمضان".

ص: 489

قال ابن مفلح في "الفروع"(3/118-120) : "يكره إفراد رجب بالصوم.

وتزول الكراهة بالفطر أو بصوم شهر آخر من السنة، قال صاحب المحرر: وإن لم يَله. قال شيخنا: من نذر صومه كل سنة أفطر بعضه وقضاه. وفي الكفارة خلاف. قال: ومن صامه معتقداً أنه أفضل من غيره من الأشهر أثم وعُزر، وحمل عليه فعل عمر. وقال أيضاً: في تحريم إفراده وجهان، ولعله أخذه من كراهة أحمد، وفي "فتاوى ابن الصلاح الشافعي": لم يؤثمه أحد من العلماء فيما نعلمه.

ولا يكره إفراد شهر غير رجب، قال صاحب المحرر: لا نعلم فيه خلافاً.

وذكر في "الغنية" أنه يستحب صوم أول يوم من رجب وأول خميس منه والسابع والعشرين

وذكر أشياء واحتج بأخبار ليست صحيحة وكثير منها موضوع.

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عما ورد في ثواب صيام الثلاثة أشهر وما تقول في الاعتكاف فيها؟ والصمت هل هو من الأعمال الصالحات أم لا؟

فقال ابن تيمية رحمه الله (25/290-292) :

"أما تخصيص رجب وشعبان جميعاً بالصوم أو الاعتكاف فلم يرد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، ولا عن أصحابه، ولا أئمة المسلمين، بل قد ثبت في "الصحيح" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان، ولم يكن يصوم من السنة أكثر مما يصوم من شعبان، من أجل شهر رمضان.

وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديث كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات. وقد روى ابن ماجه في "سننه" عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم رجب، وفي إسناده نظر.

وأما تخصيصها بالاعتكاف فلا أعلم فيه أمراً، بل كل من صام صوماً مشروعاً وأراد أن يعتكف من صيامه كان ذلك جائز بلا ريب، وإن اعتكف بدون الصيام ففيه قولان مشهوران وهما روايتان عن أحمد:

أحدهما: أنه لا اعتكاف إلا بصوم، كمذهب أبي حنيفة ومالك.

ص: 490

والثاني: يصح الاعتكاف بدون الصوم كمذهب الشافعي.

وأمّا الصمت عن الكلام مطلقاً في الصوم، أو الاعتكاف، أو غيرهما فبدعة مكروهة باتفاق أهل العلم لكن هل ذك محرم أو مكروه؟ فيه قولان في مذهبه وغيره.

وفي صحيح البخاري أن أبا بكر الصديق دخل على امرأة من أحمس فوجدها مصمتة لا تتكلم، فقال لها أبو بكر: إن هذا لا يحل إن هذا من عمل الجاهلية.

وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قائماً في الشمس، فقال:"من هذا؟ " فقالوا: هذا أبو إسرائيل، نذر أن يقوم في الشمس ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم. فقال:"مروه فليجلس وليستظل وليتكلم وليتم صومه" فأمره صلى الله عليه وسلم مع نذره للصمت أن يتكلم كما أمره مع نذره للقيام أن يجلس، ومع نذره أن لا يستظل أن يستظل، وإنما أمره بأن يوفي بالصوم فقط. وهذا صريح في أن هذه الأعمال ليست من القرب التي يؤمر بها الناذر.

فقول الخير وهو الواجب أو المستحب خير من السكوت عنه، وما ليس بواجب ولا مستحب، فالسكوت عنه خير من قوله. ولهذا قال بعض السلف لصاحبه:"السكوت عن الشر خير من التكلم به"، فقال له الآخر:"التكلم بالخير خير من السكوت عنه".

* * *

ص: 491