الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا من رحلتم إلى مدريد، أمتكم
…
بريئة، وادّعاءُ السِّلم بُهتانُ
القدس أكرم عند الله منزلةً
…
من أنْ يطهرها لهوٌ وعصيانُ
القدس أعظم عند الله منزلةً
…
من أن يخلصِها ذلٌ وإذعانُ
سلام أعدائكم حرب معلَّبةٌ
…
في علبة الوهم، والبرهانُ لبنانُ
لو كان شامير إنساناً لضلَّلكم
…
فكيف، وهو على التحقيق شيطانُ
إنا ننادي، وللتاريخ حَمْحَمَةٌ
…
من حولنا، وفؤاد المجد غضبانُ
يا مجلس الذل في مدريدَ لا نظرتْ
…
عينٌ، ولا سمعت دعواكَ آذانُ
لنا طريقٌ إلى العلياء نعرفه
…
يشدو به حجر في القدس صَوَّانُ
يشدو به الطفل لحناً لا يقاومه
…
صوت الرصاص، ولا تُخفيه حيطانُ
يامجلس الذل في مدريدَ منهجُنا
…
قد صاغه في رُبى باميرَ أفغانُ
طريقنا واضحٌ كالشّمس، تعرفه
…
أجيالُنا، بابُه عزمٌ وإيمانُ
آمالُنا لم تزل خضرَاءَ يانعةً
…
في القلب منتجع منها وبُستانُ
ولينا الله لا نرضى به بدلاً
…
وكيف ييأس مَنْ مولاه رحمان (1)
فتوح المسلمين في فرنسا
سنة 102 هـ:
بعد أن استقر المسلمون في الأندلس، بدأت غزواتُهم تتجه نحو الشمال فيما وراء جبال البرانس الفاصلة بين الأندلس وفرنسا، وتولى قيادة الجيوش الإسلامية آنذاك عدد من القادة المسلمين الذين تفرغوا للجهاد في سبيل الله فمات أكثرهم في ساحات القتال، رحمهم الله.
بدأت الفتوح في تلك المناطق في عهد عبد العزيز بن موسى بن نصير، الذي تولى الأندلس بعد رحيل والده، ولم تحدد المصادر التاريخية مدناً أو نواحي معينة فتحها.
وتوالى الولاة على الأندلس حتى إذا تولى السمح بن مالك الخولاني اتجه نحو الجهاد فى
(1) من ديوان "عندما تشرق الشمس" لعبد الرحمن العشماوي (ص 24-27) .
جنوب فرنسا، والحقيقة أن هذا الوالي كان من أفاضل عربِ أفريقية، ولّاه الخليفة عمر بن عبد العزيز ولاية الأندلس لما عرف عنه من الأمانة وحسن الخلق وذلك في شهر رمضان سنة مائة هجرية وطلب منه تنظيم البلاد وضبط أموالها، فسار في ذلك سيرة حسنة.
وفي عهده نشطت حركة الفتوح فيما وراء جبال البرانس، الفاصلة بين الأندلس وفرنسا، لأنه كان رجلاً وثيق الإيمان جم النشاط، فانطلق بجيشه في عام اثنين ومائة وفتح إقليم "سبتمانيا"، وهي المنطقة الساحلية التي تمتد من البرانس غرباً إلى مصبِّ نهر الرون شرقا، وتتصل بما يعرف اليوم بالريفيرا الإيطالية، كما أنها تُطلُّ على البحر الأبيضِ جنوب فرنسا، وكانت تشمل سبعة أقسام إدارية وعاصمتها "أربونة"، وقد استولى السمح على هذه العاصمة بعد شهر من الحصار، واتخذها مركزاً وقاعدة لعملياته الحربية في فرنسا، ولا يزال يوجد بهذه المدينة شارع يُنسب إليه ويعرف "بشارع السمح".
انطلق السمح بعد ذلك يفتح كل المدن التي بطريقه حتى وصل إلى "طُولوشة عاصمة أكويتانيا" فحاصرها، غير أنها قاومت الحصار، حتى وصلتها الإمدادات وعلى رأسها حاكم الإقليم الدوق أود الفرنجي، فتجمع للنصارى جيش كبير يفوق جيش المسلمين عدداً وتجهيزا، فوقف السمح في جنوده يُحمِّسهم ويشد من أزرهم ويقرأ قول الله تعالى:(إن ينصركم الله فلا غالبَ لكم)[آل عمران: 160] وحدثت معركة عنيفة بين المسلمين والنصارى أواخر سنة اثنتين ومائة هجرية، واشتد القتال بين الجانبين وصبر المسلمون صبراً كريماً، وأصاب قائدهم سهم قاتل فاستشهد في يوم عرفة، وفتَّ ذلك في عضد الجند فتراجعوا عن طولوشة واستطاع واحد من قادته وهو عبد الرحمن الغافقي الارتداد بهم إلى أربونة بعد أن قُتل منهم عدد كبير.
خلف السمح على ولاية الأندلس عنبسة بن سُحيم الكلبي، وواصل الغزو في فرنسا الجنوبية، فسار على الساحل حتى وصل إلى "قرقشونة" فحاصرها وشدد عليها الحصار حتى نزل أهلُها على شروطه، فتنازلوا له عن البلد ونصف الإقليم المحيط به، وتعهدوا بردِّ أسرى المسلمين الذين كانوا عندهم، وبأن يدفعوا الجزية، ويلتزموا بأحكام أهل الذمة من محاربة من حاربه المسلمون ومسالمة من سالموه، وأخذ منهم عنبسة بعض الرهائن وأرسلها إلى "برشلونة".