الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رمضان شهر الدعاء المستجاب
إن لم يكن رمضان وقت الدعاء المستجاب ففي أي شهر يكون الدعاء؟ وهو وقت الشفاة الذابلة والطاعة الكاملة، والبطون الضامرة، وقت نزول الملائكة، وقت فتح أبواب الرحمة وأبواب السماء قال تعالى:(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)[البقرة: 186] .
وعجيب وجميل أن يذكر الدعاء وسط الكلام عن الصيام وأحكامه.
قال الشيخ محمد رشيد رضا: هذا التفات عن خطاب المؤمنين كافة بأحكام الصيام إلى خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يذكرهم ويعلمهم ما يراعونه في هذه العبادة وغيرها من الطاعة والإخلاص والتوجه إليه وحده بالدعاء الذي يعدهم للهدي والرشاد.
قال البيضاوي في "وجه الاتصال": "واعلم أنه تعالى أمرهم بصوم الشهر ومراعاة العدة وحثهم على القيام بوظائف التكبير والشكر عقبه بهذه الآية الدالة على أنه خبير بأحوالهم، سميع لأقوالهم، مجيب لدعائهم، مجاز على أعمالهم، تأكيداً له وحثاً عليه"(1) .
* وقال الرازي في "التفسير الكبير": "في كيفية اتصال هذه الآية بما قبلها
الأول: أنه تعالى لماّ قال بعد إيجاب فرض الصوم وبين أحكامه (ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) فأمر العبد بالتكبير الذي هو الذكر وبالشكر، بينّ أنه سبحانه بلطفه ورحمته قريب من العبد مطلع على ذكره وشكره فيسمع نداءه، ويجيب دعاءه ولا يخيب رجاءه (2) .
الثاني: أنه أمر بالتكبير أولاً، ثم رغّبه في الدعاء ثانياً، تنبيهاً على أن الدعاء لابد وأن يكون مسبوقاً بالثناء الجميل.
(1)"تفسير المنار"(1/167) .
(2)
"مفاتيح الغيب"(3/88) .
الثالث: أن الله تعالى لماّ فرض عليهم الصيام كما فرض على الذين من قبلهم، وكان ذلك على أنهم إذا ناموا حرم عليهم ما يحرم على الصائم، فشقّ ذلك على بعضهم حتى عصوا الله في ذلك التكليف، ثم ندموا وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن توبتهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية مخبراً لهم بقبول توبتهم، ونسخ ذلك التشديد بسبب دعائهم وتضرعهم.
قبل أن يمضي سياق الآيات التي تتحدث عن الصوم في سورة البقرة في "بيان أحكام تفصيلية عن مواعيد الصيام، وحدود المتاع فيه وحدود الإمساك.. نجد لفتة عجيبة إلى أعماق النفس وخفايا السريرة. نجد العوض الكامل الحبيب المرغوب عن مشقة الصوم، والجزاء المعجل على الاستجابة لله.. نجد ذلك العوض وهذا الجزاء في القرب من الله، وفي استجابته للدعاء.. تصوره ألفاظ رفافة شفافة تكاد تنير:(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)[البقرة: 186] .
فإني قريب.. أجيب دعوة الداع إذا دعان.. أية رقة؟ وأي انعطاف؟ وأية شفافية؟ وأي إيناس؟ وأين تقع مشقة الصوم ومشقة أي تكليف في ظل هذا الود، وظل هذا القريب، وظل هذا الإيناس؟
وفي كل لفظ في التعبير في الآية كلها تلك النداوة الحبيبة: إضافة العباد إليه، والرد المباشر عليهم منه.. لم يقل لهم، فقل لهم: إني قريب.. إنما تولى بذاته العلية الجواب على عباده بمجرد السؤال.. قريب.. ولم يقل أسمع الدعاء.. إنما عجل بإجابة الدعاء.. (أجيب دعوة الداع إذا دعان) .
إنها آية عجيبة.. آية تسكب في قلب المؤمن النداوة الحلوة، والود المؤنس، والرضى المطمئن، والثقة واليقين.. ويعيش منها المؤمن في جناب رضى وقربى نديّة، وملاذ أمين وقرار مكين.
وفي ظل هذا الأنس الحبيب، وهذا القرب الودود، وهذه الاستجابة الوحية يوجه الله عباده إلى الاستجابة له، والإيمان به، لعل هذا أن يقودهم إلى الرشد والهداية والصلاح.
فالثمرة الأخيرة منه الاستجابة والإيمان هي لهم كذلك.. وهي الرشد والهدي والصلاح فالله غني عن العالمين.
والرشد الذي ينشئه الإيمان وتنشئه الاستجابة لله هو الرشد، واستجابة الله للعباد مرجوة حين يستجيبون له وهم يرشدون. وعليهم أن يدعوه ولا يستعجلوه.. فهو يقدر الاستجابة في وقتها بتقديره الحكيم" (1) فسبحان من أطمع المطيع والعاصي، والداني والقاصي في الانبساط إلى حضرة جلاله برفع الحاجات والأماني بقوله:(أجيب دعوة الداع إذا دعان) .
يقول الرازي في "مفاتيح الغيب": "تدل على تعظيم حال الدعاء من وجوه: الأول: كأنه سبحانه وتعالى يقول: عبدي أنت إنما تحتاج إلى الواسطة في غير وقت الدعاء، أما في مقام الدعاء فلا واسطة بيني وبينك.
الثاني: أن قوله: (وإذا سألك عبادي) يدل على أن العبد له، وقوله تعالى:(فإني قريب) يدل على أن الرب للعبد.
والثالث: لم يقل فالعبد مني قريب، بل قاله: أنا منه قريب" (2) .
وانظر إلى كرم الجواد الذي إذا لم يُسأل يغضب فقال تعالى: (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون)[الأنعام: 43]، وقال تعالى:(قل ما يعبأ بكم ربكم لولا دعاؤكم) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه من لم يسأل الله يغضب عليه"(3) .
وقال الشاعر:
فالله يغضب إن تركت سؤاله
…
وبُني آدم حين يسأل يغضب
(1)"الظلال"(1/172-173) .
(2)
"مفاتيح الغيب"(3/95) .
(3)
صحيح: رواه الترمذي عن أبى هريرة وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (2418) .
* وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل العبادة الدعاء"(1) .
فالدعاء تذلل وخضوع، وإخبات وانطراح على سدة الكريم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة"(2) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن أبخل الناس من بخل بالسلام، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء"(3) .
* وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء"(4) .
قال المناوي (6/365- 366) : "قال الطيب: لدلالته على قدرة الله وعجز الداعي، ولا منافاة بين هذا الحديث وآية (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) لأن كل شيء يشرق في بابه فإنه يوصف بالكرم".
* وقال صلى الله عليه وسلم: "الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء"(5) .
* وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله حيى كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين"(6) .
* وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر"(7) .
* وقال صلى الله عليه وسلم: "ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه
(1) صحيح: رواه الحاكم في "المستدرك" عن ابن عباس، وابن عدي عن أبي هريرة، وابن سعد عن النعمان بن بشير وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وصححه السيوطي، والألباني في صحيح الجامع" رقم (1122) .
(2)
رواه أحمد وابن أبي شيبة والبخاري في "الأدب" وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن النعمان بن بشير، وأبو يعلي عن البراء، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3407) .
(3)
صحيح: رواه أبو يعلي في "مسنده" عن أبي هريرة، ورواه ابن حبان، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1519) .
(4)
حسن: رواه أحمد والبخاري في "الأدب" والترمذي والحاكم عن أبي هريرة، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (5392) .
(5)
حسن: رواه الحاكم عن ابن عمر، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3409) .
(6)
صحيح: رواه أحمد، وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم عن سلمان، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1757) .
(7)
حسن: رواه الترمذي والحاكم عن سلمان، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (7687) .
من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم، ما لم يعجل، يقول: قد دعوت ودعوت، فلم يستجب لي" (1) .
* وقال صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعان"(2) .
* وقال صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء"(3) .
* وعليه بآداب الدعاء وهي عشرة:
(الأول) أن يترصد لدعائه الأوقات الشريفة كيوم عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر، ويوم الجمعة من الأسبوع ووقت السحر من ساعات الليل.
(الثاني) أن يغتنم الأحوال الشريفة.
وهذه الأوقات والأحوال التي فيها يستجاب الدعاء:
1-
وقت التنزل الإلهي:
قال صلى الله عليه وسلم: "إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى فيها خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك في كل ليلة"(4) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن"(5) .
2-
في السجود:
قال صلى الله عليه وسلم: "وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِن (6) أن يستجاب لكم"(7) .
(1) حسن: رواه الترمذي عن عبادة بن الصامت، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (5637) .
(2)
رواه أحمد عن أنس، ومسلم والترمذي عن أبي هريرة.
(3)
حسن: رواه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (6290) .
(4)
رواه مسلم وأحمد عن جابر.
(5)
صحيح: رواه الترمذي والنسائي والحاكم عن عمرو بن عبسة وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1173) .
(6)
أي جدير.
(7)
جزء من حديث ابن عباس أخرجه مسلم.
3-
أن يبيت على ذكر فيتعار من الليل فيدعو:
قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يبيت على ذكر طاهراً فيتعار من الليل فيسأل الله تعالى خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه"(1) .
4-
عند الأذان:
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء"(2) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا نودي بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء"(3) .
5-
بين الأذان والإقامة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء بين الأذان والأقامة مستجاب فادعوا"(4) .
6، 7، 8- عند نزول المطر، وعند التقاء الجيوش، وعند إقامة الصلاة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر"(5) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول الغيث"(6) .
9-
آخر ساعة من نهار الجمعة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله فيها شيئاً إلا آتاه الله إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر"(7) .
10-
دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب:
(1) صحيح: رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن معاذ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (5754) .
(2)
صحيح: رواه الطيالسي وأبو يعلي والضياء عن أنس، وصححه الألباني في (صحيح الجامع) رقم (818) .
(3)
صحيح: رواه أبو يعلي والحاكم عن أبي أمامة وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (803) .
(4)
صحيح: رواه أبو يعلي عن أنس، وصححه الألبانى في "صحيح الجامع" رقم (3405) ، و"المشكاة" رقم (671) .
(5)
حسن: "رواه الحاكم عن سهل بن سعد، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3078) .
(6)
صحيح: رواه الشافعي والبيهقي في "المعرفة" وصححه الألباني في "صحيح الجامع"، رقم (1026) .
(7)
صحيح: رواه أبو داود والنسائي والحاكم عن جابر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (8190) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب لايرد"(1) .
11-
دعوة المسافر.
12-
دعوة المظلوم.
13-
دعوة الوالد لولده.
14-
دعوة الصائم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم ودعوة المسافر".
15-
عدم العجلة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يُستجب لي"(2) .
16-
دعاء رمضان: فهو وقت صيام، وزمان شريف.
وهناك علاقة وطيدة بين فتح أبواب السماء وأبواب الرحمة وإجابة الدعاء كما يظهر من الأحاديث، وهي حاصلة في رمضان.
(الثالث) أن يدعو مستقبل القبلة ويرفع يديه قبل أن تغل بالأغلال.
(الرابع) خفض الصوت بين المخافتة والجهر، قال تعالى:(ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) قالت عائشة: أي بدعائك.
وقال صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس إن الذي تدعون ليس بأصم ولا غائب" متفق عليه.
(الخامس) أن لا يتكلف السجع في الدعاء.
ادع بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والانطلاق.
(1) صحيح: رواه البزار عن عمران بن حصين، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3379) .
(2)
رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة.
(السادس) التضرع والخشوع والرغبة والرهبة:
قال تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية) .
وقال تعالى: (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً) الآية.
(السابع) أن يجزم بالدعاء ويوقن بالإجابة ويصدق رجاءه فيه.
قال صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه"(1) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، وليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإن الله لا يعظم عليه شيء أعطاه"(2) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يقل أحدكم إذا دعا اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت فليعزم المسألة فإنه لا مكره له"(3) .
قال سفيان بن عيينة: لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه فإن الله عز وجل أجاب دعاء شر الخلق إبليس لعنه الله (قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين)[الحجر: 36-37] .
(الثامن) أن يلح في الدعاء ويعظم المسألة ويكرر الدعاء ثلاثاً:
قال ابن مسعود: "كان عليه السلام إذا دعا دعا ثلاثاً وإذا سأل سأل ثلاثاً"(4) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا تمنى أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه"(5) .
(1) حسن: رواه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (245) .
(2)
رواه البخاري في "الأدب" عن أبي سعيد، ومسلم عن أبي هريرة.
(3)
رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، وعن أنس"إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة ولا يقل: اللهم إن شئت فاعطني فإن الله لا مستكره له" رواه البخاري ومسلم وأحمد.
(4)
رواه مسلم وأصله متفق عليه.
(5)
رواه الطبراني في "الأوسط" عن عائشهّ، ورمز السيوطي لحسنه. قال المناوي (1/320) :"وهو تقصير أو قصور وحقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي وغيره: رجاله رجال الصحيح" وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (437) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه"(1) .
قال المناوي: "إذا تمنى أحدكم خيراً من خير الدارين فليكثر الأماني فإنما يسأل ربه الذي رباه وأنعم عليه وأحسن إليه، فيعظم الرغبة ويوسع المسألة، ويسأله الكثير والقليل حتى شسع النعل فإنه إن لم ييسره لا يتيسر، فينبغي للسائل إكثار المسألة ولا يختصر ولا يقتصر فإن خزائن الجود سحاء الليل والنهار ولا يفنيها عطاء وإن جل وعظم فعطاؤه بين الكاف والنون، وليس ذا بمناقض لقوله سبحانه:(ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) فإن ذلك نهى عن تمنى ما لأخيه بغياً وحسداً، وهذا تمنى على الله سبحانه خيراً في دينه ودنياه وطلب من خزائنه فهو نظير (واسألوا الله من فضله) .
(التاسع) أن يفتتح الدعاء بذكر الله والثناء عليه وأن يختمه بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل دعاء محجوب حتى يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم"(2) .
قال أبو سلمان الداراني رحمه الله: من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأله حاجته، ثم يختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله عز وجل يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما.
(العاشر) وهو الأدب الباطن وهو الأصل في الإجابة: "التوبة ورد المظالم والإقبال على الله عز وجل بكنه الهمة، فذلك هو السبب القريب في الإجابة".
قال مالك بن دينار: "إنكم تستبطئون المطر وأنا استبطئ الحجارة" أي نزول الحجارة.
قال عطاء السلمي: منعنا الغيث فخرجنا نستسقي فإذا نحن بسعدون المجنون في المقابر فنظر إليّ فقال: يا عطاء أهذا يوم النشور أو بعثر ما في القبور؟ فقلت: لا
(1) صحيح: رواه ابن حبان في "صحيحه" عن عائشة، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (591) .
(2)
حسن: رواه الديلمي في "مسند الفردوس" عن أنس، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن علي موقوفاً، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"(4523) ، ورواه ابن حبان عن معاذ، وابن مخلد عن علي مرفوعاً.
ولكنا منعنا الغيث فخرجنا نستسقي فقال: يا عطاء بقلوب أرضية أم بقلوب سماوية؟ فقلت: بل بقلوب سماوية. فقال: هيهات يا عطاء، قل للمتبهرجين لا تتبهرجوا فإن الناقد بصير. ثم رمق السماء بطرفه وقال: إلهي وسيدي ومولاي لا تهلك بلادك بذنوب عبادك ولكن بالسر المكنون من أسمائك وما وارت الحجب من آلائك إلا ما سقيتنا ماءً غدقاً فراتاً تحيي به العباد وتروي به البلاد يا من هو على كل شيء قدير، قال عطاء فما استتم الكلام حتى ارعدت السماء وأبرقت وجادت بمطر كأفواه القرب فولى وهو يقول:
أفلح الزاهدون والعابدونا
…
إذ لمولاهم أجاعوا البطونا
أسهروا الأعين العليلة حبا
…
فانقضى ليلهم وهم ساهرونا
شغلتهم عبادة الله حتى
…
حسب الناس أن فيهم جنونا
قال ابن المبارك: "قدمت المدينة في عام شديد القحط فخرج الناس يستسقون فخرجت معهم إذ أقبل غلام أسود عليه قطعتا خيش قد أتزر بإحداهما وألقى الأخرى على عاتقه، فجلس إلى جنبي فسمعته يقول: إلهي أخلقت الوجوه عندك كثرة الذنوب ومساويء الأعمال وقد حبست عنا غيث السماء لتؤدب عبادك بذلك، فأسألك يا حليما ذا أناة يا من لا يعرف عباده منه إلا الجميل أن تسقيهم الساعة الساعة، فلم يزل يقول: الساعة الساعة حتى اكتست السماء بالغمام وأقبل المطر من كل جانب، قال ابن المبارك: فجئت إلى الفضيل، فقال لي: ما لي أراك كئيبا؟ فقال: أمر سبقنا إليه غيرنا فتولاه دوننا وقصصت عليه القصة فخر الفضيل مغشياً عليه"(1) فهذا شهر الدعاء فرطب لسانك بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم.
"اللهم اجعل أوسع رزقك عليّ عند كبر سني، وانقطاع أمري"(2) .
"اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، ومن فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً، ومن
(1)"إحياء علوم الدين"(1/361-366) .
(2)
حسن: رواه الحاكم عن عائشة، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1255) .
أمامي نوراً، ومن خلفي نوراً، واجعل لي في نفسي نوراً، وأعظم لي نوراً" (1) .
"اللهم احفظني بالإسلام قائماً، واحفظني بالإسلام قاعداً، واحفظني بالإسلام راقداً، ولا تشمت لي عدواً حاسداً، اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك"(2) ، "اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً وأحشرني في زمرة المساكين"(3) ، "اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر"(4) .
"اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي خطئي وعمدي، وهزلي وجدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير"(5) .
"اللهم اغفر لي ذنوبي وخطاياي كلها، اللهم أنعشني واجبرني، واهدني لصالح الأعمال والأخلاق، فإنه لا يهدي لصالحها ولا يصرف سيئها إلا أنت"(6) .
"اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوراث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا"(7) .
(1) رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن ابن عباس.
(2)
حسن: رواه الحاكم عن ابن مسعود، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1260) .
(3)
صحيح: رواه عبد بن حميد وابن ماجه عن أبي سعيد، والطبراني في "الكبير"، والضياء عن عبادة بن الصامت، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1260) .
(4)
رواه مسلم عن أبي هريرة.
(5)
أخرجه البخاري ومسلم عن أبي موسى.
(6)
حسن: رواه ابن السني، والطبراني في "الأوسط" و"الصغير"، والحاكم عن أبي أيوب وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1266) .
(7)
حسن: رواه الترمذي والحاكم عن ابن عمر، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1268) .
"اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم. اللهم إني أسألك من خير ما سألك به عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيراً"(1) .
"اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك، فإنه لا يملكها إلا أنت"(2) .
"اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم، والقسوة والغفلة والغيلة، والذلة والمسكنة، وأعوذ بك من الفقر والكفر، والفسوق والشقاق والنفاق، والسمعة والرياء، وأعوذ بك من الصمم والبكم والجنون والجذام والبرص وسيء الأسقام"(3) .
"اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها"(4) .
"اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وعمل لا يرفع، ودعاء لا يسمع"(5) .
"اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع"(6) .
"اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء"(7) .
(1) رواه ابن ماجه عن عائشة وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1276) .
(2)
صحيح: رواه الطبراني في "الكبير" عن ابن مسعود، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1278) .
(3)
صحيح: رواه الحاكم والبيهقي في "الدعاء" عن أنس، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1285) .
(4)
جزء من حديث صحيح: رواه أحمد وعبد بن حميد ومسلم والنسائي عن زيد بن أرقم.
(5)
صحيح: رواه أحمد، وابن حبان والحاكم عن أنس وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1295) .
(6)
صحيح: رواه الترمذي والنسائي عن ابن عمرو، وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة والنسائي عن أنس وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1297) .
(7)
صحيح: رواه الترمذي والطبراني في "الكبير" والحاكم عن عم زياد بن علاقة، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1298) .
"اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء، ومن ليلة السوء، ومن ساعة السوء، ومن صاحب السوء، ومن جار السوء في دار المقامة"(1) .
"اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمد صلى الله عليه وسلم نعوذ بك من النار"(2) .
"اللهم رب جبريل وميكائيل ورب إسرافيل أعوذ بك من حر النار ومن عذاب القبر"(3) .
"اللهم حبب إلينا لقاءك، وسهل علينا قضاءك، وأقلل لنا من الدنيا".
"اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي. اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بالقضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضرّاء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين"(4) .
"اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكني بالإسلام حتى ألقاك عليه"(5) .
* * *
(1) حسن: رواه الطبراني في "الكبير" عن عقبة بن عامر، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1299) .
(2)
حسن: رواه الطبراني في "الكبير" والحاكم عن والد أبي المليح، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1304) .
(3)
حسن: رواة النسائي عن عائشة، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1305) .
(4)
صحيح: رواه النسائي والحاكم عن عمار بن ياسر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1301) .
(5)
صحيح.