الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هديه صلى الله عليه وسلم في صيام التطوع
قال شيخ الإسلام ابن القيم في "زاد المعاد"(163/164) : "كان صلى الله عليه وسلم يصوم حتى يقال: لا يفطر ويفطر حتى يقال: لا يصوم، وما استكمل صيام شهر غير رمضان، وما كان يصوم في شهر أكثر مما يصوم في شعبان، ولم يكن يخرج عنه شهر حتى يصوم منه، ولم يصم الثلاثة الأشهر سرداً كما يفعله بعض الناس ولا صام رجباً قط ولا استحب صيامه"(1) .
وكان هديه صلى الله عليه وسلم أكمل هدى وأتمه وأرفقه بالأمة.
قال صلى الله عليه وسلم لعثمان بن مظعون: "يا عثمان! أرغبت عن سنتي؟! فإني أنام وأصلي وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان! فإن لأهلك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقًا، فصم وأفطر وصل ونم"(2) .
* عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً كله؟ قالت: ما علمته صام شهراً كله إلا رمضان، ولا أفطره كله حتى يصوم منه حتى مضى لسبيله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
* وعن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صوم النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يصوم حتى نقول: قد صام قد صام ويفطر حتى نقول: قد أفطر قد أفطر، قالت: وما رأيته صام شهراً كاملاً منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان. رواه مسلم.
* وقالت رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر ويفطر حتى نقول: لا يصوم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان. رواه مسلم.
قال النووي في "شرح مسلم"(3/213) : "في هذه الأحاديث أنه يستحب ألا
(1) قال النووي في "شرح مسلم"(3/215) : "لم يثبت في صوم رجب نهي ولا ندب لعينه، ولكن أصل الصوم مندوب إليه".
(2)
صحيح: رواه أبو داود عن عائشة، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (7946) .
يخلي شهراً من صيام، ومنها أن صوم النفل غير مختص بزمان معين بل كل السنة صالحة له إلا رمضان والعيد والتشريق".
* وعن ابن عباس رضي الله عنهما: ما صام النبي صلى الله عليه وسلم شهراً كاملاً قط غير رمضان، وكان يصوم إذا صام حتى يقول القائل: لا والله لا يفطر، ويفطر حتى يقول القائل: لا والله لا يصوم (1) .
* وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئاً، وكان لا تشاء تراه من الليل مصلياً إلا رأيته ولا نائماً إلا رأيته. رواه البخاري.
* وروى البخاري عن حميد قال: سألت أنساً رضي الله عنه عن صيام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما كنت أحب أن أراه من الشهر صائماً إلا رأيته، ولا مفطراً إلا رأيته، ولا من الليل قائماً إلا رأيته، ولا نائماً إلا رأيته، ولا مسست خزة ولا حريرة ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شَمِمتُ مِسكة ولا عبيرة أطيب رائحة من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم هو كل الكمال وجل الجلال وجملة الجمال عليه أفضل الصلاة والسلام.
قال ابن حجر (4/254-255) : "يعني أن حاله في التطوع بالصيام والقيام كان يختلف، فكان تارة يقوم من أول الليل، وتارة من وسطه، وتارة من آخره، كما كان يصوم تارة من أول الشهر وتارة من وسطه وتارة من آخره، فكان من أراد أن يراه في وقت من أوقات الليل قائماً أو في وقت من أوقات الشهر صائماً فراقبه المرة بعد المرة فلابد أن يصادفه قائماً أو صائماً على وفق ما أراد أن يراه، هذا معنى الخبر، وليس المراد أنه كان يسرد الصوم ولا أنه كان يستوعب الليل قياماً. ولا يشكل على هذا قول عائشة: "كان عمله ديمة" لأن المراد بذلك ما اتخذه راتباً لا مطلق النافلة، فهذا وجه الجمع بين الحديثين وإلا فظاهرهما التعارض والله أعلم".
(1) رواه مسلم واللفظ له والبخاري وأبو داود الطيالسي، وفي رواية لمسلم "ما صام شهراً متتابعاً منذ قدم المدينة"، وفي رواية الطيالسي "شهراً تاماً منذ قدم المدينة غير رمضان".
* عن علقمة قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختص من الأيام شيئاً؟ قالت: لا، كان عمله ديمة (1) ، وأيكم يطيق ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطيق؟!. رواه البخاري.
قال ابن حجر: "قال الزين بن المنير: ظاهر الحديث إدامته صلى الله عليه وسلم العبادة ومواظبته على
وظائفها، ويعارضه ما صح عن عائشة نفسها مما يقتضي نفي المداومة (2) . فأبقى الترجمة (3) على الاستفهام ليترجح أحد الخبرين أو يتبين الجمع بينهما، ويمكن الجمع بينهما بأن قولها:"كان عمله ديمة" معناه أن اختلاف حاله من الإكثار من الصوم ثم من الفطر كان مستداماً مستمراً، وبأنه صلى الله عليه وسلم كان يوظف على نفسه العبادة فربما شغله عن بعضها شاغل فيقضيها على التوالي فيشتبه الحال على من يرى ذلك، فقول عائشة:"كان عمله ديمة" منزل على التوظيف، وقولها:"كان لا تشاء أن تراه صائماً إلا رأيته" منزل على الحال الثاني" (4) .
قال ابن حجر: "صوم الاثنين والخميس قد وردت فيهما أحاديث وكأنها لم تصح على شرط البخاري (5) فلهذا أبقى الترجمة على الاستفهام، فإن ثبت فيهما ما يقتضي تخصيصهما استثنى من عموم قول عائشة: لا.
فلعل المراد بالأيام المسئُول عنها الأيام الثلاثة من كل شهر، هل كان يخصها بالبيض؟ فقالت: لا، تعني لو جعلها البيض لتعينت وداوم عليها، لأنه كان يجب أن يكون عمله دائماً، لكن أراد التوسعة بعدم تعينها فكان لا يبالي من أي الشهر صامها.
روى مسلم من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وما يبالي من أي الشهر صام".
(1) الديمة: مطر يدوم أياماً، ثم أطلقت على كل شيء مستمر "الفتح"(4/278) .
(2)
حديث عبد الله بن شقيق لها السابق ذكره.
(3)
ترجمة البخاري: هل يخص شيئاً من الأيام؟
(4)
"فتح الباري"(4/277) .
(5)
وإن صحت لغيره.
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في الصوم
ما يقول عند رؤية الهلال:
* عن طلحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان إذا رأى الهلال قال: "اللهم أهله علينا باليُمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله"(1) .
* وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "صوموا من وضح إلى وضح (2) "(3) .
* وكان إذا كان صائما أمر رجلا فأوفى (4) على شيء، فإذا قال. غابت الشمس أفطر (5) .
هديه في الإفطار:
* كان لا يصلي المغرب حتى يفطر ولو على شربة من الماء (6) .
* وكان يُفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء (7) . حسا. شرب.
* وإذا كان الرطب لم يفطر إلا على الرطب، وإذا لم يكن الرطب لم يفطر إلا على التمر (8) .
(1) حسن: رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (4726) .
(2)
أي من الهلال إلى الهلال.
(3)
رواه الطبراني في "الكبير" عن والد أبي المليح، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3812) .
(4)
صعد.
(5)
صحيح: رواه الحاكم عن سهل بن سعد، والطبراني في "الكبير" عن أبي الدرداء، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (4772) .
(6)
صحيح: رواه الحاكم والبيهقي في "شعب الإيمان" عن أنس، ورواه ابن عدي والضياء وابن أبي شيبة وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (4858) .
(7)
حسن: رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن أنس، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (4995) .
(8)
صحيح: رواه عبد بن حميد عن جابر، وأحمد وأبو داود والترمذي عن أنس، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (4770) .
* وكان يبدأ إذا أفطر بالتمر (1) .
وورثت أمته عنه هذا الهدي.
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أحدكم صائماً فليفطر على التمر، فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإن الماء طهور"(2) .
ومن هديه في الدعاء عند الإفطار:
كان إذا أفطر صلى الله عليه وسلم قال: "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله"(3) .
وإذا أفطر عند قوم:
كان إذا أفطر صلى الله عليه وسلم عند قوم قال: "أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وتنزلت عليكم الملائكة"(4) .
كان إذا أفطر صلى الله عليه وسلم عند قوم، قال:"أفطر عندكم الصائمون وصلت عليكم الملائكة"(5) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة"(6) .
ومن هديه صلى الله محليه وسلم "السحور":
قال صلى الله عليه وسلم: "إن السحور بركة أعطاكموها الله فلا تدعوها"(7) .
قال صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن يصوم فليتسحر بشيء"(8) .
(1) صحيح: رواه النسائي عن أنس وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (4892) .
(2)
صحيح: رواه أبو داود والحاكم في "المستدرك" والبيهقي في "سننه" عن سلمان بن عامر ورواه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (746) .
(3)
حسن: رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمر، وحسنه الألباني في "الإرواء"(920) .
(4)
صحيح: رواه النسائي وابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن أنس، وكذا رواه الطحاوي وأبو داود وابن السني وابن عساكر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (4677)، وقال: اعلم أن الحديث ليس خاصاً بالصائم كما تفيده كلمة: "أفطر" فإن في ثبوتها نظراً.
(5)
صحيح: رواه الطبراني في "الكبير" عن ابن الزبير وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (4679) .
(6)
صحيح: رواه ابن ماجه وابن حبان عن ابن الزبير، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1137) .
(7)
صحيح: رواه أحمد والنسائي عن رجل، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1636) .
(8)
صحيح: رواه أحمد والضياء عن جابر وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (6005) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة"(1) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "تسحروا ولو بجرعة من ماء"(2) .
وقال صلى الله عليه وسلم: " تسحروا ولو بالماء"(3) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "البركة في ثلاثة: في الجماعة والثريد والسحور"(4) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "السحور أكله بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين"(5) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "نعم السحور التمر"(6) .
ومن هديه وسنته تعجيل الإفطار وتأخير السحور مخالفة لليهود والنصارى:
قال صلى الله عليه وسلم: "عجلوا الإفطار، وأخروا السحور"(7) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "إنا -معشر الأنبياء- أُمرنا أن نعجل إفطارنا ونؤخر سحورنا ونضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة"(8) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "بكروا بالإفطار وأخروا السحور"(9) .
(1) صحيح: رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس، والنسائي عن أبي هريرة وابن مسعود وأحمد عن أبي سعيد.
(2)
صحيح: رواه أبو يعلي عن أنس، والضياء في "المختارة" وأحمد عن أبي سعيد، وابن حبان عن ابن عمرو وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (2945) .
(3)
صحيح: رواه ابن عساكر عن عبد الله بن سراقة، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (2944) .
(4)
صحيح: رواه الطبراني في "الكبير" والبيهقي في "شعب الإيمان" عن سلمان، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (2882) .
(5)
حسن: رواه أحمد عن أبي صعيد، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3683) .
(6)
صحيح: رواه ابن حبان والبيهقي في "سننه" عن أبي هريرة، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (6772) .
(7)
صحيح: رواه الطبراني في "الكبير" عن أم حكيم، ورواه أبو يعلي وابن منده وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3989) .
(8)
صحيح: رواه الطيالسي، والطبراني في "الكبير" و"الصغير" عن ابن عباس، وابن حبان والدارقطني في "الإفراد" وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (2286) .
(9)
صحيح: رواه ابن عدي عن أنس، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (2835) .
كم كان بين سحوره صلى الله عليه وسلم وصلاته؟
عن زيد بن ثابت قال: تسحّرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة، قال أنس: فقلت: كم كان قدر ما بينهما؟ قال: خمسين آية. متفق عليه.
وفي رواية للبخاري عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحّرا، فلما فرغا من سحورهما قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فصلّى، قال: قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية.
***