الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخاف الله إن لم أنصره. فجاء فى جماعة من عبد القيس ومن تبعه من ربيعة- وكان بينه وبين عبد الله بن الزّبير محاورات [1]- ثمّ التقوا واقتتلوا قتالا شديدا، فكان حكيم بحيال طلحة، وذريح بحيال الزّبير، وابن المحرّش [2] بحيال عبد الرحمن بن عتّاب، وحرقوص ابن زهير بحيال عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فقتل حكيم وابنه وأخوه، وقتل ذريح، وأفلت حرقوص فى نفر من أصحابه وجىء إلى طلحة والزبير بمن كان فيهم ممن غزا المدينة، فقتلوا.
وكانت هذه الوقعة لخمس بقين من شهر ربيع الآخر من السنة وبايع أهل البصرة طلحة والزّبير.
ذكر مسير على الى البصرة وما اتّفق له فى مسيره ومن انضمّ إليه ومراسلته أهل الكوفة
قال: وكان علىّ رضى الله عنه قد تجهّز لقصد الشام لقتال معاوية، لما أظهر الخلاف عليه، كما تقدم، فبينما هو على ذلك أتاه الخبر عن طلحة والزّبير وعائشة من مكة بما عزموا عليه، فلما بلغه ذلك وأنهم يريدون البصرة سرّه ذلك، وقال: إن الكوفة فيها رجال [من][3] العرب وبيوتاتهم. فقال له ابن عبّاس- رضى الله عنهما-:
[1] انظر المحاورات بين حكيم بن جبله وعبد الله بن الزبير عند ابن جرير وابن الأثير.
[2]
«ابن محرش» هكذا ضبطه بعض العلماء بالحاء المهملة والراء المشددة، وضبطه بعضهم بقوله «ابن المخترش» بالخاء المعجمة والتاء بعدها، واسمه: خويلد ابن عمرو بن صخر.
[3]
جاءت هذه الزيادة فى النسخة (ن) .
«إنّ الّذى سرّك من ذلك ليسوءنى، إنّ الكوفة فسطاط فيه من أعلام العرب ولا يزال فيها من يسمو إلى أمر لا يناله، فإذا كان كذلك شغب على الّذى قد نال ما يريد، حتّى يكسر حدّته.» فقال علىّ: إنّ الأمر ليشبه ما تقول.
وتهيّأ للخروج إليهم، فندب أهل المدينة للمسير معه، فتثاقلوا فبعت إلى عبد الله بن عمر كميلا النّخعى [1] ، فجاء به، فدعاه إلى الخروج معه، فقال:«إنّما أنا من أهل المدينة، وقد دخلوا فى هذا الأمر، فدخلت معهم، فإن يخرجوا أخرج معهم [وإن يقعدوا أقعد.» قال: فأعطنى كفيلا. قال: لا أفعل [2]] . فقال له علىّ: لولا ما أعرف من سوء خلقك صغيرا وكبيرا لأنكرتنى! دعوه فأنا كفيله. فرجع ابن عمر إلى أهل المدينة وهم يقولون: «والله ما ندرى كيف نصنع؟ إنّ الأمر لمشتبه علينا، ونحن مقيمون حتّى يضىء!» فخرج من تحت ليلته، وأخبر أمّ كلثوم (ابنة علىّ، وهى زوجة عمر) بالّذى سمع وأنّه يخرج معتمرا مقيما على طاعة علىّ ما خلا النهوض [3] . فأصبح علىّ فقيل له: حدث الليلة حدث هو أشدّ من أمر طلحة والزّبير وعائشة ومعاوية! قال:
وما ذاك؟ قالوا: خرج ابن عمر إلى الشام! فأتى السوق، وأعدّ
[1] كميل بن زيادة بن نهيك النخعى، كان شريفا مطاعا من رؤساء الشيعة، عاش حتى قتله الحجاج.
[2]
ثبتت هذه العبارة فى النسخة (ن) كما جاءت عند ابن جرير وابن الأثير. وسقطت.
من النسخة (ك) .
[3]
كان على رضى الله عنه قد قال لابن عمر حين دعاه إلى الخروج معه: «انهض معى» .
الظّهر [1][والرّحال، وأعدّ][2] لكل طريق طلّابا، وماج الناس، فسمعت أمّ كلثوم، فأتت عليّا فأخبرته الخبر [3] ، فطابت نفسه، وقال:«انصرفوا، والله ما كذبت ولا كذب، وإنّه عندى ثقة» . فانصرفوا.
ثم أتى عليّا الخبر بمسير طلحة والزّبير وعائشة من مكة نحو البصرة، فدعا وجوه أهل المدينة وخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه وقال:«إنّ آخر هذا الأمر لا يصلح إلّا بما صلح أوّله، فانصروا الله ينصركم ويصلح لكم أمركم.» فتثاقلوا، فلمّا رأى زياد بن حنظله تثاقل الناس انتدب [4] إلى علىّ رضى الله عنه وقال له:
من تثاقل عنك فإنّا نخفّ معك فنقاتل دونك. وقام أبو الهيثم [5] ابن التّيّهان وخزيمة بن ثابت. قال ابن الأثير [6] : «قال الحكم:
ليس بذى الشهادتين، مات ذو الشهادتين أيّام عثمان رضى الله عنه» . وقال أبو عمر ابن عبد البر فى ترجمة [7] خزيمة بن ثابت
[1] الظهر: الإبل التى يحمل عليها وتركب.
[2]
ثبتت هذه العبارة فى النسخة (ن) ، وسقطت من النسخة (ك)، وعبارة ابن جرير:«ودعا بالظهر فحمل الرجال» ، وعبارة ابن الأثير:«وأعد الظهر والرجال» .
[3]
كذا جاء فى (ن)، وفى (ك) :«بالخبر» .
[4]
كذا جاء فى المخطوطة وتاريخ ابن الأثير. وجاء فى تاريخ ابن جرير الطبرى:
«ابتدر» .
[5]
أبوا الهيثم بن التيهان صحابى أنصارى، اسمه مالك، وله ترجمة فى شرح ابن أبى الحديد لنهج البلاغة 2 ص 539 والاستيعاب ج 3 ص 368 والإصابة ج 3 ص 341 وأسد الغابة 4 ص 274.
[6]
فى الكامل ج 3 ص 113، وعبارته مأخوذة من ابن جرير فى تاريخه ج 3 ص 467.
[7]
ج 1 ص 417- 418 من الاستيعاب.
ذى الشهادتين [1] : (إنه شهد مع علىّ حرب الجمل وصفّين فدلّ على أنه هو، والله أعلم.) فأجابا عليّا إلى نصرته.
وقال أبو قتادة الأنصارى لعلىّ: «يا أمير المؤمنين، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قلّدنى هذا السيف، وقد أغمدته زمانا، وقد حان تجريده على هؤلاء القوم الظالمين الّذين لم يألوا الأمة غشا، وقد أحببت أن تقدّمنى، فقدّمنى.
قال [2] : ولما أراد علىّ المسير إلى البصرة وكان يرجو أن يدرك طلحة والزّبير فيردهما قبل وصولهما إلى البصرة، فلمّا سار استخلف على المدينة تمّام بن العبّاس، وعلى مكة قثم بن العباس، وقيل: أمّر على المدينة سهل بن حنيف، وسار فى تعبئته الّتى كانت لأهل الشام، وذلك فى آخر شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين.
وخرج معه من نشط من الكوفيين والبصرين متخففين فى تسعمائة، فلقيه عبد الله بن سلام فأخذ بعنانه، وقال:«يا أمير المؤمنين، لا تخرج منها، فو الله لئن خرجت منها [3] لا يعود إليها سلطان المسلمين أبدا!» فسبّوه، فقال:«دعوه، نعم الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم» . وسار حتّى انتهى إلى الرّبذة [4] ، فأتاه خبر سبقهم إلى البصرة، فأقام بها يأتمر ما يفعل.
[1] سمى خزيمة: «ذا الشهادتين» لأن النبى صلى الله عليه وسلم جعل شهادته كشهادة رجلين.
[2]
القائل ابن الأثير فى الكامل.
[3]
فى رواية ابن جرير الطبرى ج 3 ص 474: «لا ترجع إليها ولا يعود..» .
[4]
الربذة: قرية بين المدينة وفيد.