الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من كان أعدلها حكما وأبسطها
…
علما وأصدقها وعدا وإيعادا؟
إن يصدقوك فلن يعدوا أبا حسن
…
إن أنت لم تلق للأبرار حسّادا!
إن أنت لم تلق أقواما ذوى صلف [1]
…
ذوى [2] عناد لحقّ الله جحّادا!
وفضائله- رضى الله عنه- ومآثره كثيرة، وفيما أوردناه منها وما نورده بعد- إن شاء الله- كفاية عن بسط
…
فلنذكر بيعته رضى الله عنه.
ذكر بيعة على رضى الله تعالى عنه
بويع له- رضى الله عنه-[بالخلافة [3]] يوم قتل عثمان [4] وقيل:
بل بويع له يوم الجمعة لخمس بقين من ذى الحجّة سنة خمس وثلاثين وقد اختلف فى كيفية بيعته:
فقيل: إنه لما قتل عثمان- رضى الله عنه- اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من المهاجرين والأنصار، فأتوا عليّا،
[1] الصلف: ادعاء ما لا يوجد إعجابا وتكبرا، والتكلم بالمكروه.
[2]
فى (ك) : «وذوى» . وفى (ن) و (ص) : «وذى» ، وفى الاستيعاب وأسد الغابة:«وذا» .
[3]
زيادة من الاستيعاب ج 3 ص 55 حيث نقل المؤلف منه هنا.
[4]
قتل عثمان رضى الله عنه يوم الجمعة لثمانى عشرة خلت من ذى الحجة سنة خمس وثلاثين.
وقالوا [له][1] : إنه لا بدّ للناس من إمام، فقال: لا حاجة لى فى أمركم، من اخترتم رضيته. قالوا: لا نختار غيرك. فقال:
لا تفعلوا، فإنى أكون وزيرا خيرا من أن أكون أميرا. فقالوا: والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك. قال: ففى المسجد، فإنّ بيعتى لا تكون خفيا [2] ، ولا تكون إلّا [عن رضا المسلمين.][3]
وكان فى بيته، وقيل: فى حائط [4] لبنى عمرو بن مبذول، [5] فخرج إلى المسجد يتوكّأ على قوس، فبايعه الناس.
وكان أوّل من بايعه طلحة بن عبيد الله، فنظر إليه حبيب بن ذؤيب، فقال:«إنّا لله [6] ! أوّل من بدأ البيعة [7] يد شلّاء! [8] لا يتمّ هذا الأمر» . وبايعه الزّبير، فقال لهما: إن أحببتما أن تبايعانى وإن أحببتما بايعتكما. فقالا: بل نبايعك. وقالا بعد ذلك: إنّما فعلنا ذلك خشية على نفوسنا، وعرفنا أنّه لا يبايعنا.
[1] كذا جاء فى الكامل لابن الأثير ج 3 ص 98 حيث نقل المؤلف منه هنا. وفى المخطوطة وأتوه وقالوا:» .
[2]
كذا جاء فى المخطوطة، وجاء فى الكامل:«خفيه» .
[3]
هكذا جاءت الرواية فى تاريخ ابن جرير الطبرى ج 3 ص 450 وهى الأصل، ونقلها ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ج 3 ص 4. وجاء فى المخطوطة والكامل «فى المسجد» وقد سبق كر «المسجد» فى هذا الكلام.
[4]
الحائط- ههنا-: البستان من النخيل ونحوه إذا كان عليه جدار.
[5]
فرع من الخزرج، وقد كان أكثر الأنصار- من الأوس والخزرج- يؤيدون عليا.
[6]
هكذا جاء فى المخطوطة تبعا لابن الأثير فى الكامل ج 3 ص 98 وجاء فى رواية أخرى لابن الأثير- بعد ذلك-- ص 99: إنا لله وإنا إليه راجعون» .
[7]
هكذا جاء المخطوطة تبعا لابن الأثير فى الرواية الأولى. وفى الرواية الأخرى:
[8]
كان طلحة قد أبلى فى يوم أحد بلاء حسنا، ووقى النبى بنفسه، فالتقى النبل عنه بيده حتى شلت أصابعه. وسيبين المؤلف ذلك فى ذكر مقتل طلحة» .
وبايعه الناس، وجاءوا، بسعد بن أبى وقّاص [1]، فقال له علىّ: بايع. فقال: «لا، حتّى يبايع الناس، والله ما عليك منّى باس» قال: خلوا سبيله.
وجاءوا بابن عمر [2] ، فقال مثل قوله [3]، فقال: ائتنى بكفيل [4]، فقال: لا أرى كفيلا. قال الأشتر: دعنى أضرب عنقه! قال [علىّ][5] : «دعوه، أنا كفيله،- إنّك- ما علمت- سيّىء الخلق صغيرا وكبيرا!» .
وبايعه الأنصار إلا نفرا يسيرا، منهم حسّان بن ثابت، وكعب بن مالك، ومسلمة بن مخلّد، وأبو سعيد الخدرى [6] ومحمد بن مسلمة، والنّعمان بن بشير، وزيد بن ثابت ورافع بن خديج، وفضالة بن عبيد، وكعب بن عجرة، كانوا [7] عثمانيّة.
ولم يبايع أيضا عبد الله بن سلام، وصهيب بن سنان، وسلمة [8]
[1] سعد هو أحد الستة الذين جعل فيهم عمر الشورى، كطلحة والزبير، ولما قتل عثمان اعتزل الفتنة ولزم بيته..
[2]
كان عبد الله بن عمر من أهل الورع، ولورعه أشكلت عليه حروب على وقعد عنه، انظر الاستيعاب ج 2 ص 343.
[3]
أى قال: «لا حتى يبايع الناس» .
[4]
أى: ضامن ألا تبرح، وفى تاريخ ابن جرير الطبرى ج 3 ص 451 «ايتنى بحميل» ، و «الحميل» بمعنى الكفيل، وفى شرح أبن أبى الحديد لنهج البلاغة ج 1 ص 340 «فأعطنى حميلا ألا تبرح» .
[5]
الزيادة عند ابن جرير وابن الأثير.
[6]
هو سعد بن مالك، نسب إلى جده «الأبجر» الذى يقال له خدرة» .
[7]
هكذا فى النسختين (ن) و (ص) . وفى «ك» : «وكانوا» .
[8]
فى المخطوطة «مسلمة» والتصويب من الكامل والقاموس وشرحه، وتجد ترجمته فى الاستيعاب ج 2 ص 86 والإصابة برقم 3381 ج 2 ص 65.
ابن سلامة بن وقش، وأسامة بن زيد، وقدامة بن مظعون، والمغيرة ابن شعبة.
وأخذ النّعمان بن بشير قميص عثمان الّذى قتل فيه وأصابع امرأته نائلة [1] ، وسار بهم [2] إلى الشام.
وقيل فى بيعته: إنّ عثمان لمّا قتل بقيت المدينة خمسة أيّام وأميرها الغافقى بن حرب، وهم يلتمسون من يجيبهم إلى القيام بالأمر فلا يجدونه، فأتى المصريّون عليّا فباعدهم، وأتى الكوفيّون الزّبير فباعدهم، واتى البصريّون طلحة فباعدهم؛ وكانوا مجتمعين على قتل عثمان مختلفين فيمن يلى الخلافة، فأرسلوا إلى سعد يطلبونه [3] فقال: إنّى وابن عمر لا حاجة لنا فيها، وأتوا ابن عمر فلم يجبهم، فبقوا حيارى، وقال بعضهم لبعض: لئن رجع الناس إلى أمصارهم بغير إمام لم نأمن الاختلاف وفساد الأمّة، فجمعوا أهل المدينة وقالوا لهم: يا أهل المدينة، أنتم أهل الشّورى، وأنتم تعقدون الإمامة، وحكمكم جائز على الأمة، فانظروا رجلا تنصبونه، ونحن لكم تبع، وقد أجلناكم [4] يومكم، فو الله لئن لم تفرغوا لنقتلنّ [5] عليّا وطلحة والزّبير وأناسا كثيرا. فغشى الناس عليا، فقالوا: نبايعك فقد ترى ما نزل بالإسلام وما ابتلينا به من بين القرى! فقال علىّ:
[1] لما جاء المعتدون ليقتلوا عثمان انكبت عليه زوجته نائلة واتقت، السيف بيدها فقطع أصابعها.
[2]
كذا وقع فى المخطوطة. وفى الكامل: «به» ؛.
[3]
بعثوا إلى سعد بن أبى وقاص وقالوا: إنك من أهل الشورى فأقدم نبايعك.
[4]
كذا فى النسختين (ن) و (ص) والكامل لابن الأثير. وفى (ك) : «أجلنا لكم» .
[5]
فى الكامل: «لنقتلن غدا» .
«دعونى والتمسوا غيرى، فإنّا مستقبلون أمرا له وجوه وله ألوان، لا تقوم به القلوب، ولا تثبت عليه العقول» فقالوا: «ننشدك الله!، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى الإسلام ألا ترى الفتنة؟ الا تخاف الله؟» قال: «قد أجبتكم، واعلموا أنّى إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، وإن تركتمونى فإنّما أنا كأحدكم [1] إلّا أنّى من أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه»
…
ثمّ افترقوا على ذلك، واتعدوا الغد.
وتشاور الناس فيما بينهم، وقالوا إن دخل طلحة والزّبير فقد استقامت، فبعث البصريّون إلى الزّبير حكيم بن جبلة، ومعه نفر فجاءوا به يحدونه [2] بالسّيف، [فبايع][3] . وبعثوا إلى طلحة الأشتر فى نفر، فأتاه فقال: دعنى أنظر ما يصنع الناس. فلم يدعه، فجاء به يتلّه تلّا [4] عنيفا فبايع.. فكان الزبير يقول: جاءنى لصّ من لصوص عبد القيس فبايعت والسّيف على عنقى! وأهل مصر فرحون لما [5] اجتمع عليه أهل المدينة، وقد خشع أهل الكوفة والبصرة أن صاروا تبعا لأهل مصر، وازدادوا بذلك على طلحة والزّبير غيظا.
[1] كذا فى (ك) . وفى (ص) : «أحدكم» كما جاء عند ابن أبى الحديد ج 1 ص 56 وج 2 ص 170.
[2]
بحدونه: يسوقونه.
[3]
ثبتت فى النسخة (ك) وسقطت من (ن) .
[4]
أى يدفعه دفعا.
[5]
فى تاريخ الطبرى: «بما» .
قال [1] : ولمّا أصبحو يوم البيعة- وهو يوم الجمعة- حضر الناس المسجد، وجاء علىّ رضى الله عنه، فصعد المنبر وقال:«أيّها الناس عن ملإ وإذن [2] إنّ هذا أمركم، ليس لأحد فيه حقّ إلّا من أمّرتم، وقد افترقنا بالأمس على أمر، وكنت كارها لأمركم، فأبيتم إلّا أن أكون عليكم، ألا وإنّه ليس لى دونكم إلّا مفاتيح مالكم معى وليس لى أن آخذ درهما دونكم، فإن شئتم قعدت لكم، وإلّا فلا أحدّ [3] على أحد.» فقالوا: نحن على ما فارقناك عليه بالأمس.
فقال: اللهمّ اشهد.
قال: ولما جاءوا بطلحة ليبايع قال: إنما أبايع كرها. فبايع
…
ثم جىء بالزّبير، فقال مثل ذلك وبايع، وفى الزّبير اختلاف..
ثم جىء بعده بقوم كانوا قد تخلّفوا، فقالوا: نبايع على إقامة كتاب الله فى القريب والبعيد والعزيز والذليل. فبايعهم
…
ثمّ قام العامّة فبايعوا
…
وتفرّقوا إلى منازلهم.
ورجع علىّ إلى بيته، فدخل عليه طلحة والزّبير فى عدد من الصحابة، فقالوا:«يا علىّ، إنّا قد اشترطنا إقامة الحدود، وإنّ هؤلاء القوم قد اشتركوا فى قتل هذا الرجل.» فقال: «يا إخوتاه، إنى لست أجهل ما تعلمون، ولكن كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم؟
[1] القائل ابن الأثير فى الكامل ج 3 ص 99 وأصل ذلك فى رواية الطبرى ج 3 ص 456.
[2]
أى: عن تشاور من مقدميكم وجماعتكم.
[3]
كذا فى (ن) و (ص) أى: أغضب. وفى تاريخ الطبرى: «أجد» بمعنى أغضب أيضا. وفى تاريخ ابن الأثير و (ك) : «آخذ» .
هاهم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم [1] ، وثابت [2] إليهم أعرابكم [3] وهم خلالكم [4] يسومونكم [5] ما شاءوا، فهل ترون موضعا لقدرة على شىء ممّا تريدون؟» قالوا: لا. قال: «فلا والله لا أرى إلّا رأيا ترونه أبدا إلّا أن يشاء الله، إنّ هذا الأمر أمر جاهليّة، وإنّ لهؤلاء القوم مادّة [6] . إنّ الناس من هذا الأمر- إن حرّك- على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا هذا حتّى يهدأ الناس، وتقع القلوب مواقعها، وتؤخذ الحقوق. فاهدءوا عنّى، وانظروا ماذا يأتيكم، ثم عودوا» .
واشتدّ علىّ على قريش، وحال بينهم وبين الخروج [وتركها][7] على حالها، وإنّما هيّجه على ذلك هرب بنى أميّة وتفرّق القوم.
وحكى أبو عمر ابن عبد البر [8] قال: لمّا بايع الناس علىّ بن أبى طالب دخل عليه المغيرة بن شعبة [9]، فقال له:«يا أمير المؤمنين، إنّ لك عندى نصيحة» . قال: وما هى؟ قال: «إن
[1]«عبدان» بضم العين أو كسرها مع سكون الباء: جمع عبد.
[2]
ثابت: رجعت واجتمعت.
[3]
كذا فى النسخة (ن) وهو مثل ما فى تاريخى ابن جرير وابن كثير ورقع فى (ص) و (ك) : «أعرانكم» .
[4]
هكذا جاء فى تاريخ ابن جرير ج 3 ص 458، ى: هم بينكم. وفى المخطوطة هنا «خلاصكم» . وفى تاريخ ابن الأثير ج 3 ص 100: «خلاطكم» .
[5]
يسومونكم: يكلفونكم.
[6]
أى: ما أعينوا.
[7]
زيادة من ابن الأثير.
[8]
فى الاستيعاب ج 3 ص 390.
[9]
المغيرة بن شعبة أحد دهاة العرب المشهورين فى ذلك العهد، وهم: معاوية ابن أبى سفيان، وعمرو بن العاص، وزياد، والمغيرة.
أردت أن يستقيم لك الأمر فاستعمل طلحة على الكوفة، والزّبير على البصرة، وابعث إلى معاوية بعهده على الشام حتى تلزمه طاعتك، فإذا استقرّت لك الخلافة فادرأهم [1] كيف شئت برأيك» . فقال [علىّ] [2] :«أمّا طلحة والزّبير فسأرى رأيى فيهما، وأمّا معاوية فلا يرانى الله مستعملا له ولا مستعينا به مادام على حاله، ولكنّى أدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس [3] ، فإن أبى حاكمته إلى الله تعالى» . فانصرف عنه المغيرة مغضبا لمّا لم يقبل منه نصيحته..
فلمّا كان الغد أتاه فقال: «يا أمير المؤمنين، نظرت فيما قلت بالأمس وما جاوبتنى به، فرأيت أنّك قد وفّقت للخير وطلبت الحق» . ثم خرج [4] عنه، فلقيه الحسن وهو خارج، فقال لأبيه: ما قال هذا الأعور؟ (يعنى المغيرة، وكان المغيرة قد أصيبت عينه يوم اليرموك) قال: أتانى أمس بكذا وأتانى اليوم بكذا. قال: نصحك والله [أمس][5] وخدعك اليوم. فقال له علىّ: إن أقررت معاوية على ما فى يده كنت متّخذ المضلّين عضدا [6] .
[1] ادرأهم: ادفعهم.
[2]
زيادة من الاستيعاب.
[3]
فى الاستيعاب: «المسلمون» .
[4]
كذا جاء فى (ك) والاستيعاب. وفى (ص) : «وانصرف» .
[5]
سقط «أمس» من النسخة (ك) . وثبت فى (ص) .
[6]
فى القرآن الكريم: وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ، الْمُضِلِّينَ عَضُداً
فى الآية 51 من سورة الكهف.
وقال المغيرة فى ذلك:
نصحت عليا فى ابن هند نصيحة
…
فردّ [1] فلا يسمع لها الدهر ثانيه
وقلت له: أرسل إليه بعهده
…
على الشام حتّى يستقرّ معاويه
ويعلم أهل الشام أن قد ملكته
…
فأمّ ابن هند بعد ذلك هاويه
وتحكم [2] فيه ما تريد فإنّه
…
لداهية- فارفق به- وابن داهيه
فلم يقبل النّصح الّذى جئته به
…
وكانت له تلك النصيحة كافيه
وروى [3] عن ابن عبّاس- رضى الله عنهما- نحوه، إلّا أنّه قال «أتيت عليّا بعد قتل عثمان، عند [4] عودى من مكّة [5] ، فوجدت المغيرة بن شعبة مستخليا به، فخرج من عنده، فقلت له: ما قال لك هذا؟ فقال: قال لى قبل مرّته هذه «إنّ لك حقّ الطاعة والنصيحة، وأنت بقيّة الناس، وإنّ الرأى اليوم يحرز [6] به
[1] فى مروج الذهب ج، ص 16:«فردت» .
[2]
سقط هذا البيت من نسخة الاستيعاب التى بأيدينا ومن مروج الذهب.
[3]
فى الكامل لابن الأثير ج 3 ص 101 وتاريخ الطبرى ج 3 ص 460.
[4]
كذا فى تاريخ الطبرى وابن كثير، وجاء فى المخطوطة «بعد» .
[5]
كان عثمان- قبل مقلته- قد دعا ابن عباس واستعمله على الحج، فذهب إلى مكة وأقام للناس الحج، ثم رجع إلى المدينة بعد قتل عثمان بخمسة أيام.
[6]
كذا جاء فى النسخة (ص) . وفى النسخة (ك) : «تحرز» .
ما فى غد، وإن الضّياع اليوم يضيع به ما فى غد، أقرر معاوية وابن عامر وعمّال عثمان على أعمالهم، حتّى تأتيك بيعتهم [ويسكن الناس][1] ثمّ اعزل من شئت» فأبيت عليه ذلك، وقلت: لا أداهن فى دينى ولا أعطى الدّنيّة فى أمرى [2] . قال «فإن كنت أبيت علىّ فاعزل من شئت واترك معاوية، فإنّ فى معاوية جرأة، وهو فى أهل الشام يستمع منه، ولك حجة فى إثباته، فإنّ عمر بن الخطّاب [كان] [3] قد ولّاه الشام» فقلت؛ لا والله لا أستعمل معاوية يومين. ثمّ انصرف من عندى وأنا أعرف فيه أنّه يرى أنّى مخطىء، ثم عاد إلىّ الآن فقال:
«إنّى أشرت عليك أوّل مرّة بالذّى أشرت، وخالفتنى فيه، ثمّ رأيت بعد ذلك أن تصنع الّذى رأيت، فتعزلهم وتستعين بمن تثق به، فقد كفى الله، وهم أهون شوكة ممّا كان» .. قال ابن عبّاس: فقلت لعلىّ: أمّا المرّة الأولى فقد نصحك، وأمّا المرّة الثانية فقد غشّك. قال: ولم نصحنى؟ قلت: لأنّ معاوية وأصحابه أهل دنيا، فمتى تثبتهم لا يبالوا [4] من ولى هذا الأمر، ومتى تعزلهم يقولوا «أخذ هذا الأمر بغير شورى، وهو قتل صاحبنا» ويؤلبوا [5] عليك، فينتقض عليك أهل الشام [وأهل العراق، مع أنّى لا آمن طلحة والزبير أن يكرّا عليك][6] وأنا أشير عليك أن تثبت
[1] ثبت هذا فى النسخة (ك) . وسقط من (ن) .
[2]
الدنيه: الخصلة المذمومة.
[3]
ثبت «كان» فى (ن) و (ص) . وسقط من (ك) .
[4]
وقع فى المخطوطة هنا «لا يبالون» مع ظهور الجزم بحذف النون فى «يقولوا» بعد «متى» الثانية.
[5]
هذا هو الظاهر المناسب للعطف على «يقولوا» . ووقع فى المخطوطة «ويؤلبون» .
[6]
ثبت هذا فى النسخة (ن) كما فى تاريخى الطبرى وابن الأثير. وسقط من (ك) .
معاوية، فإن بايع لك فعلىّ أن أقلعه من منزله. قال [علىّ] [1] :
والله لا أعطيه إلا السيف! ثم تمثّل:
وما ميتة إن متها غيّر عاجز [2]
…
بعار إذا ما غالت النفس غولها [3]
فقلت: يا أمير المؤمنين، أنت رجل شجاع، لست صاحب رأى فى الحرب،
أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الحرب خدعة» [4] ؟
فقال: بلى. فقلت: أم [5] والله لئن أطعتنى لأصدرنّهم بعد [6] ورود، ولأتركنّهم ينظرون فى دبر الأمور لا يعرفون ما كان وجهها، فى غير نقصان عليك ولا إثم لك.
فقال: يا ابن عباس، لست من هنيّاتك [7] ولا من هنيّات معاوية فى شىء، فقلت له: أطعنى، والحق بمالك بينبع [8] ، وأغلق بابك
[1] ثبت هذا فى تاريخى الطبرى وابن الأثير. وسقط من المخطوطة.
[2]
كذا جاء فى النسخة (ك) وتاريخى ابن جرير وابن الأثير، وجاء فى (ص) :«م» .
وجاء فى ديوان الأعشى ص 175: «فما» .
[3]
الغول: ما اغتال النفس وأهلكها، يقال «غالته غول» إذا وقع فى مهلكة.
والبيت للأعشى فى ختام قصيدة.. وقد اقتدى بعلى بن أبى طالب فى تمثله بهذا البيت أبو العباس السفاح، فانه لما خرج يدعو إلى البيعة قال: من أحب الحياة ذل، ثم تمثل يقول الأعشى: فما ميتة: إن متها
…
الخ.
[4]
«خدعة» بسكون الدال مع فتح الخاء أو ضمها أو كسرها، أو بفتح الدال مع ضم الخاء، والمراد أن أمر الحرب ينقضى بخدعة.
[5]
«أم» كذا جاء فى المخطوطة. وهى بمعنى «أما» الاسنفتاحيه التى تجىء للتنبيه وتكثر قبل القسم، ولكن ألفها الأخيرة حذفت عن قلة، وقد جاءت «أما» فى تاريخى الطبرى وابن الأثير.
[6]
كذا فى (ن) كما جاء ابن عند ابن الأثير وغيره، أى: أن ما يكون من حالة معهم حينئذ كحال من يرجع قوما عن الماء بعد وروده. وفى (ك) و (ص) : «بغير» .
[7]
«هنيات» تصغير «هنات» أو هنوات» ، وكل من هذه الكلمات تذكر عند إرادة خصال غير حسنة.
[8]
ينبع: قرية ذات نخيل وزرع ومياه فى غرب المدينة المنورة، على شاطى البحر.
وفيها مال لعلى.