المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر سرايا معاوية الى بلاد على بن أبى طالب رضى الله عنه - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٠

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العشرون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني من القسم الخامس في أخبار الخلفاء الراشدين]

- ‌ذكر خلافة على بن أبى طالب رضى الله عنه

- ‌ذكر صفته رضى الله تعالى عنه

- ‌ذكر نبذة من فضائله رضى الله تعالى عنه

- ‌ذكر بيعة على رضى الله تعالى عنه

- ‌ذكر تفريق على عماله وخلاف معاوية رضى الله عنهما

- ‌ذكر ابتداء وقعة الجمل

- ‌ذكر مسير على الى البصرة وما اتّفق له فى مسيره ومن انضمّ إليه ومراسلته أهل الكوفة

- ‌ذكر ارسال على الى أهل الكوفة

- ‌ذكر مراسلة على طلحة والزبير وأهل البصرة فى الصلح وإجابتهم إليه وانتظام الصلح وكيف أفسده قتلة عثمان

- ‌ذكر اجتماع قتلة عثمان بذى قار وتشاورهم وما اتفقوا عليه من المكيدة التى اقتضت نقض الصلح ووقوع الحرب

- ‌ذكر مسير على رضى الله عنه ومن معه من ذى قار إلى البصرة ووقعه الجمل

- ‌ذكر مقتل طلحة رضى الله عنه وشىء من أخباره

- ‌ذكر مقتل الزبير بن العوام رضى الله عنه وشىء من أخباره

- ‌ذكر وقعة صفين وابتداء أمرها

- ‌ذكر ارسال على الى معاوية وجوابه [1]

- ‌ذكر الموادعة بين على ومعاوية فى شهر المحرم وما كان بينهما من المراسلة والأجوبة فى الشهر

- ‌ذكر الحروب التى كانت بصفين بعد الأيام الستة فى يومى الأربعاء والخميس وليلة الهرير ويوم الجمعة إلى أن رفعت المصاحف وتقرّر أمر الحكمين

- ‌ذكر رفع أهل الشام المصاحف وما تقرر من أمر التحكيم وكتاب القضية

- ‌ذكر اجتماع الحكمين

- ‌ذكر أخبار الخوارج الذين خرجوا على عهد علىّ وما كان من أمرهم

- ‌ذكر خبرهم [3] بعد صفين

- ‌ذكر خبرهم عند توجيه الحكمين

- ‌ذكر اجتماع الخوارج بعد الحكمين

- ‌ذكر قتال الخوارج

- ‌ذكر أخبار من خرج بعد أصحاب النّهروان

- ‌ذكر خلاف الخريت بن راشد التميمى وبنى ناجية على علىّ رضى الله عنه وما كان من أمرهم

- ‌ذكر ما اتفق فى مدة خلافته رضى الله عنه

- ‌سنة ست وثلاثين ذكر ولاية قيس بن سعد مصر

- ‌سنة سبع وثلاثين

- ‌سنة ثمان وثلاثين

- ‌ذكر خبر عبد الله بن الحضرمى حين بعثه معاوية إلى البصرة وما كان من أمره إلى أن قتل

- ‌سنة تسع وثلاثين

- ‌سنة اربعين

- ‌ذكر مقتل على بن أبى طالب رضى الله عنه وشىء من سيرته

- ‌ ذكر أزواج على رضى الله عنه وأولاده وكاتبه وقاضيه وحاجبه

- ‌ذكر خلافة الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنهما

- ‌ذكر تسليم الحسن بن على الخلافة إلى معاوية بن أبى سفيان

- ‌ذكر أخبار سعد بن أبى وقاص ووفاته رضى الله عنه

- ‌ذكر أخبار سعيد بن زيد رضى الله عنه ووفاته

- ‌الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار الدولة الأموية

- ‌ذكر قدوم عمرو بن العاص على معاوية وصلحه معه

- ‌ذكر مقتل محمد بن أبى حذيفة وشىء من أخباره

- ‌ذكر ملك عمرو بن العاص مصر ومقتل محمد بن أبى بكر ووفاة الأشتر وما يتصل بذلك

- ‌ذكر سرايا معاوية الى بلاد على بن أبى طالب رضى الله عنه

- ‌ذكر مسير بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن وما فعله

- ‌ذكر الغزوات والفتوحات فى أيام معاوية بعد أن استقل بالأمر

- ‌ذكر غزو السند

- ‌ذكر غزوة القسطنطينية

- ‌ذكر فتح جزيرة أرواد

- ‌ذكر أخبار الخوارج فى أيام معاوية وما كان من أمرهم

- ‌ذكر خبر المستورد الخارجى

- ‌ذكر عروة بن أدية وأخيه مرداس بن أدية وغيرهما من الخوارج

- ‌ذكر الحوادث فى أيام معاوية بن أبى سفيان غير ما تقدم، على حكم السنين منذ خلص له الأمر إلى أن توفى إلى رحمة الله

- ‌سنة احدى وأربعين

- ‌ذكر صلح معاوية وقيس بن سعد بن عبادة

- ‌ذكر استعمال معاوية المغيرة بن شعبة على الكوفة

- ‌ذكر استعمال بسر بن أرطاة

- ‌سنة اثنتين وأربعين

- ‌ذكر قدوم زياد بن أبيه على معاوية بن أبى سفيان

- ‌سنة ثلاث وأربعين

- ‌ذكر وفاة عمرو بن العاص وشىء من أخباره واستعمال عبد الله ابن عمرو على مصر

- ‌سنة أربع وأربعين

- ‌ذكر عزل عبد الله بن عامر عن البصرة واستعمال الحارث بن عبد الله

- ‌ذكر استلحاق معاوية بن أبى سفيان زياد بن أبيه وهو ابن سميّة

- ‌سنة خمس وأربعين

- ‌ذكر عمال زياد بن أبيه

- ‌سنة ست وأربعين ذكر وفاة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد

- ‌سنة سبع وأربعين

- ‌سنة ثمان وأربعين

- ‌سنة تسع وأربعين

- ‌ذكر وفاة الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنه

- ‌سنة خمسين

- ‌ذكر وفاة المغيرة بن شعبة

- ‌ذكر ولاية زياد الكوفة

- ‌ذكر ما قصده معاوية من نقل المنبر من المدينة إلى الشام ومن قصد ذلك بعده من الأمراء

- ‌ذكر وفاة الحكم بن عمرو الغفارى

- ‌سنة احدى وخمسين

- ‌ذكر مقتل حجر بن عدى وعمرو بن الحمق وأصحابهما

- ‌سنة اثنتين وخمسين

- ‌سنة ثلاث وخمسين

- ‌ذكر وفاة زياد بن أبيه

- ‌سنة اربع وخمسين ذكر عزل سعيد بن العاص عن المدينة واستعمال مروان

- ‌ذكر استعمال عبيد الله بن زياد على خراسان ومسيره إلى جبال بخارى

- ‌سنة خمس وخمسين ذكر ولاية عبيد الله بن زياد على البصرة

- ‌سنة ست وخمسين ذكر البيعة ليزيد بن معاوية بولاية العهد

- ‌ذكر مراسلة معاوية زيادا فى شأن البيعة

- ‌ذكر ارسال معاوية الى مروان بن الحكم

- ‌ذكر من وفد الى معاوية من أهل الأمصار فى شأن البيعة. وما تكلم به بعضهم وبيعة أهل العراق والشام ليزيد

- ‌ذكر مسير معاوية الى الحجاز وكيف أخذ البيعة ليزيد على أهل الحجاز

- ‌ذكر استعمال سعيد بن عثمان بن عفان على خراسان وغزوه

- ‌سنة سبع وأربعين

- ‌سنة ثمان وأربعين

- ‌ذكر عزل الضحاك عن الكوفة واستعمال عبد الرحمن بن أم الحكم وطرده عنها واستعماله على مصر وطرده عنها أيضا

- ‌سنة تسع وخمسين

- ‌ذكر عزل عبيد الله بن زياد عن البصرة وعوده إليها

- ‌سنة ستين ذكر وفاة معاوية بن أبى سفيان وما أوصى به عند وفاته

- ‌ذكر شىء من سيرته وأخباره

- ‌ذكر صفة معاوية وأولاده وأزواجه وكتّابه وقضاته وحجّابه وشرطه وعمّاله

- ‌ذكر بيعة يزيد بن معاوية

- ‌ذكر ارسال الوليد بن عتبة إلى الحسين بن على وعبد الله بن الزبير، وما كان بينهم فى أمر البيعة وخروجهما إلى مكة رضى الله عنهما

- ‌ذكر استعمال عمرو بن سعيد على المدينة

- ‌ذكر مقدم الحسين إلى مكة

- ‌ذكر استعمال عبيد الله بن زياد على الكوفة وقدومه إليها وخبره مع هانى بن عروة

- ‌ذكر ظهور مسلم بن عقيل

- ‌سنة أحدى وستين ذكر مسير [1] الحسين بن على رضى الله عنهما وخبر من نهاه عن المسير

- ‌ذكر ما تكلم به الحسين رضى الله عنه قبل إنشاب الحرب وما وعظ به الناس وما أجابوه وما تكلم به أصحابه وما أجيبوا به وخبر مقتله

- ‌ذكر تسمية من قتل مع الحسين بن على رضى الله عنهما ومن سلم ممن شهد القتال

- ‌ذكر ما كان بعد مقتل الحسين مما هو متعلق بهذه الحادثة

- ‌ذكر ورود الخبر بمقتل الحسين رضى الله عنه إلى المدينة وعود أهله إليها

- ‌ذكر ما ورد من الاختلاف فى مقر رأس الحسين وأين دفن

- ‌ذكر مقتل أبى بلال مرداس بن حدير الحنظلى [1] الخارجى

- ‌سنة اثنين وستين ذكر وفد أهل المدينة إلى يزيد بن معاوية وخلعهم له عند عودهم

- ‌سنة ثلاث وستين ذكر وقعة الحرّة

- ‌سنة اربع وستين ذكر مسير مسلم بن عقبة إلى مكة لحصار عبد الله بن الزبير، ووفاة مسلم والحصار الأول وإحراق الكعبة

- ‌ذكر وفاة يزيد بن معاوية وشىء من أخباره

- ‌ذكر بيعة معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌ذكر أخبار من بويع بالعراق أو لم يتم أمره إلى أن بويع

- ‌ذكر ولاية عبد الله بن الحارث البصرة

- ‌ذكر مقتل مسعود بن عمرو الأزدى وهرب عبيد الله بن زياد إلى الشام

- ‌ذكر خبر أهل الكوفة وما كان من أمرهم [بعد ابن زياد] [1] إلى أن بويع ابن الزبير

- ‌ذكر خبر خراسان وما كان من أمر سلم بن زياد وبيعته وخبر عبد الله بن خازم

- ‌ذكر بيعة عبد الله بن الزبير وما حدثت فى أيامه من الوقائع والحوادث المتعلقة به والكائن [1] فى أعمال ولايته

- ‌ذكر فراق الخوارج عبد الله وما كان من أمرهم

- ‌ذكر مقتل نافع بن الأزرق أمير الخوارج وغيره منهم

- ‌ذكر محاربة المهلب الخوارج وقتل أميرهم عبيد الله بن الماحوز

- ‌ذكر خبر التوابين وما كان من أمرهم وأخبارها إلى أن قتلوا

- ‌فهرس الجزء العشرين

الفصل: ‌ذكر سرايا معاوية الى بلاد على بن أبى طالب رضى الله عنه

الأجر، ثم خرج إلىّ منكم جنيد متذائب [1] ، كأنّما يساقون إلى الموت وهم ينظرون، فأفّ لكم!» . ثم نزل رضى الله عنه.

‌ذكر سرايا معاوية الى بلاد على بن أبى طالب رضى الله عنه

لمّا كان من أسر الحكمين ما ذكرنا، وملك معاوية مصر، استشرفت نفسه إلى غير ذلك، فلما كان فى سنة تسع وثلاثين بثّ سراياه فى أطراف بلاد علىّ رضى الله عنه.

فبعث النعمان بن بشير فى ألف رجل إلى عين التمر [2] وفيها مالك بن كعب مسلحة لعلىّ فى ألف رجل، وكان مالك قد أذن لأصحابه فأتوا الكوفة، ولم يبق معه إلّا مائة رجل، فلما سمع خبر النعمان كتب إلى علىّ رضى الله عنه يستمده، فندب الناس إلى الخروج، فتثاقلوا، وواقع مالك النعمان، وجعل وراء القرية فى ظهر أصحابه، وكتب مالك إلى مخنف بن سليم يستغيثه وهو قريب منه، فوجه مخنف ابنه عبد الرحمن فى خمسين رجلا، فانتهوا إلى مالك وقد كسروا جفون سيوفهم واستقتلوا، وذلك بعد أن قاتلوا قتالا شديدا، فلما رآهم أهل الشام انهزموا بعد العشاء، وظنوا أنّ لهم مددا، وتبعهم مالك فقتل منهم ثلاثة نفر.

وبعث سفيان بن عوف فى ستة آلاف، وأمره أن يأتى هيت [3]

[1] جاء فى النهاية: «وفى حديث على رضى الله عنه: خرج منكم إلى جنيد متذائب ضعيف، المتذائب: المضطرب من قولهم: تذاءبت الريح، أى اضطرب هبوبها

[2]

عين التمر: بلدة قريبة من الأنبار غربى الكوفة.

[3]

هيت: بلدة على الفرات من نواحى بغداد فوق الأنبار.

ص: 253

فيقطعها، ثم يأتى الأنبار والمدائن فيوقع بأهلها، فأتى هيت فلم يجد بها أحدا، ثم أتى الأنبار وفيها مسلحة لعلى تكون خمسمائة رجل، وقد تفرقوا فلم يبق منهم إلّا مائتا رجل، وكان سبب تفرقهم أن أميرهم كميل [1] بن زياد بلغه أن قوما بقرقيسيا [2] يريدون الغارة على هيت، فسار إليهم، فأتى أصحاب سفيان وكميل غائب، فقاتل سفيان من وجد هناك فصبروا له، ثم قتل صاحبهم وهو أشرس ابن حسّان البكرىّ وثلاثون رجلا، واحتمل أصحاب سفيان ما فى الأنبار من أموال أهلها ورجعوا إلى معاوية، وبلغ الخبر عليا فأرسل فى طلبهم فلم يدركوا.

وبعث عبد الله ابن مسعدة بن حكيم بن مالك بن بدر الفزارىّ فى ألف وسبعمائة رجل إلى تيماء [3] وأمره أن يأخذ صدقة من مرّ به من أهل البوادى ويقتل من امتنع، ففعل ذلك، وبلغ مكة والمدينة، واجتمع إليه بشر كثير من قومه. وبلغ ذلك عليا فأرسل المسيّب بن نجبة الفزارى فى ألفى رجل، فلحق عبد الله بتيماء فاقتتلوا قتالا شديدا حتّى زالت الشمس، وحمل المسيّب على ابن مسعدة فضربه ثلاث ضربات لا يريد قتله، ويقول له: النّجاء النّجاء. فدخل ابن مسعدة وجماعة من أصحابه الحصن وهرب الباقون نحو الشام، وانتهب الأعراب إبل الصّدقة التى كانت مع ابن مسعدة وحصره ثلاثة

[1] هو كميل بن زياد بن نهيك النخعى.

[2]

قرقيسيا: بلد على نهر الخابور، وعندها مصب الخابور فى الفرات، فهى فى مثلث بين الخابور والفرات، كما ذكره ياقوت

[3]

تيماء: موضع فى أطراف الشام، بين الشام ووادى القرى.

ص: 254

أيام، ثم ألقى الحطب فى الباب وحرقه، فلما رأوا الهلاك أشرفوا عليه وقالوا: قومك يا مسيّب!: فرقّ لهم وأمر بالنار فأطفئت، وقال لأصحابه: قد جاءنى عيون فأخبرونى أن جندا قد أتوكم من الشام.

وبعث معاوية أيضا الضحّاك بن قيس فى ثلاثة آلاف رجل، أمره أن يمر بأسفل واقصة [1] ، ويغير على كل من مر به ممن هو فى طاعة علىّ من الأعراب، فسار وقتل الناس وأخذ الأموال، ومضى إلى الثعلبية [2] فأغار على مسلحة علىّ وانتهى إلى القطقطانة [3] ، فلما بلغ ذلك عليا أرسل حجر بن عدى إليّه فى أربعة آلاف وأعطاهم خمسين درهما، فلحق الضحاك بتدمر فقتل من أصحابه [4] تسعة عشر رجلا، وقتل من أصحابه رجلان، وحجز بينهما الليل فهرب الضحاك وأصحابه، ورجع حجر ومن معه.

وسار معاوية بنفسه حتى شارف دجلة ثم رجع.

وبعث معاوية يزيد بن شجرة الرّهاوىّ [5] إلى مكة لأخذ البيعة له، وإقامة الحج بالناس، ومعه ثلاثة آلاف، فسار إلى مكة وبها قثم بن العباس من قبل علىّ، فأراد مفارقتها [6] ، واللحاق ببعض شعابها، فنهاه

[1] واقصة: موضع بطريق مكة من الكوفة.

[2]

الثعلبية: من منازل طريق مكة من الكوفة، بعد الشقوق وقبل الخزيمية وسميت بثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء كما ذكره ياقوت.

[3]

القطقطانة: موضع قرب الكوفة من جهة البرية.

[4]

فى الكامل ج 3 ص 189 «فقتل منهم» .

[5]

قال ابن الأثير: الرهاوى: منسوب إلى الرهاء، قبيلة من العرب، وقد ضبطه عبد الغنى بن سعيد بفتح الراء، قبيلة مشهورة، وأما المدينة فبضم الراء. انظر القاموس.

[6]

لما سمع قثم بن العباس بمسمير يزيد بن شجرة خطب أهل مكة وأعلمهم بمسير الشاميين ودعاهم إلى حربهم، فلم يجيبوه بشىء فعزم على مفارقة مكة.

ص: 255

أبو سعيد الخدرىّ، وكتب قثم إلى على يستمده، ووصل يزيد إلى مكة قبل التّروية بيومين، فما تعرض للقتال، ونادى فى الناس:

أنتم آمنون إلّا من قاتلنا ونازعنا. واتفق قثم ويزيد أن يعتزلا الصلاة بالناس، واختارا شيبه بن عثمان، فصلّى بالناس وحج بهم، ولما انقضى الحج رجع يزيد إلى الشام، وأقبلت خيل علىّ مددا لقثم، وفيهم الرّيّان ابن ضمرة الحنفى، وأبو الطّفيل، وعليهم معقل بن قيس، فتبعوه فأدركوه وقد دخل وادى القرى، وظفروا بنفر من أصحابه فأخذوهم أسارى ورجعوا بهم إلى على، ففادى بهم أسارى كانت لهم عند معاوية.

وبعث معاوية عبد الرحمن بن قباث بن أشيم إلى بلاد الجزيرة وبها شبيب بن عامر بنصيبين [1] ، فكتب إلى كميل بن زياد وهو بهيت يعلمه خبرهم، فسار كميل إليهم نجدة له فى ستمائة فارس، فأدركوا عبد الرحمن ومعه معن بن يزيد السّلمىّ فقاتلهما كميل فهزمهما، وغلب على عسكرهما، وأكثر القتل فى أهل الشام، وقتل من أصحاب كميل رجلان، وأقبل شبيب بن عامر من نصيبين فرأى كميلا قد أوقع بالقوم فهنأه بالظّفر، واتّبع الشاميين فلم يدركهم، فعبر الفرات وبثّ خيله فأغارت على أهل الشام حتّى بلغ بعلبك [2] ، فوجه إليه معاوية حبيب بن مسلمة فلم يدركه، ورجع شبيب فأغار على نواحى الرقّة [3] ، فلم يدع للعثمانية بها ماشية إلا استاقها، ولا خيلا

[1] نصيبين: مدينة عامرة من بلاد الجزيرة، على طريق القوافل من الموصل إلى الشام. كما ذكره ياقوت.

[2]

بعلبك: مدينة قديمة بالشام مشهورة بآثارها.

[3]

الرقة: مدينة مشهورة على الفرات.

ص: 256

ولا سلاحا إلّا أخذه، وعاد إلى نصيبين. وكتب إلى علىّ رضى الله عنه فكتب إليه ينهاه عن أخذ أموال الناس إلّا الخيل والسلاح الذى يقاتلونه به، وقال: رحم الله شبيبا، لقد أبعد الغارة، وعجّل الانتصار.

ولما فعل شبيب ذلك وقدم يزيد بن شجرة على معاوية بعث معاوية الحارث بن نمر التّنوخىّ إلى الجزيرة ليأتيه بمن كان فى طاعة علىّ، فأخذ من أهل دارا [1] سبعة نفر من بنى تغلب، وكان جماعة من بنى تغلب قد فارقوا عليّا إلى معاوية فسألوه فى إطلاق أصحابهم فلم يفعل فاعتزلوه أيضا، وفادى معاوية بهم من كان أسرهم معقل بن قيس من أصحاب ابن شجرة.

وبعث معاوية زهير بن مكحول العامرىّ إلى السّماوة [2] ليأخذ صدقات الناس، فبلغ ذلك عليا فبعث ثلاثة نفر، وهم: جعفر بن عبد الله الأشجعىّ، وعروة بن العشبة والجلاس بن عمير الكلبيين [3] ؛ ليأخذوا صدقه من فى طاعته من كلب وبكر بن وائل، فوافوا زهيرا فاقتتلوا، فانهزم أصحاب علىّ رضى الله عنه، وقتل جعفر، ولحق ابن العشبة بعلىّ فعنفه وعلاه بالدّرّة، فغضب ولحق بمعاوية. وأما ابن الجلاس فإنه مرّ براع فأخذ جبتّه وأعطاه جبة خزّ فأدركته الخيل،

[1] دارا: مدينة بين نصيبين وماردين.

[2]

بادية السماوة: بين الكوفة والشام.

[3]

كذا جاء فى المخطوطة، والظاهر هنا «الكلبيان؛» بالرفع، وجاء بالنصب فى الكامل لأنه لم يجىء فيه «وهم» فكانت الأسماء منصوبة.

ص: 257