الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبويع عبد الله بن الزبير بمكة لسبع بقين من رجب سنة أربع وستين، واجتمع لعبد الله بن الزّبير الحجاز والكوفة والبصرة والجزيرة وأهل الشام، إلّا أهل أردن ومصر.
ثم بويع مروان بن الحكم بالشام، فكان من أمره فى وقعة مرج راهط ومسيره إلى مصر واستيلائه عليها ما نذكره إن شاء الله تعالى فى أخباره.
ذكر فراق الخوارج عبد الله وما كان من أمرهم
وفى سنة أربع وستين فارق الخوارج الذين كانوا قدموا مكة عبد الله بن الزّبير، وكانوا قد قاتلوا معه أهل الشام.
وكان سبب قدومهم عليه أنه لما اشتد عليهم عبيد الله بن زياد بعد قتل أبى بلال، اجتمعوا وتذاكروا فأشار عليهم نافع بن الأزرق أن يلحقوا بابن الزبير، وقال: إن كان على رأينا جاهدنا معه، وإن كان على غير رأينا دافعنا عن البيت، فلما قدموا عليه سرّ بمقدمهم وأخبرهم أنه على مثل رأيهم من غير استفسار، فقاتلوا معه أهل الشام، ثم اجتمعوا بعد وفاة يزيد وقالوا: إن الذى صنعتم بالأمس لغير رأى، تقاتلون مع رجل لا تدرون، لعله ليس على مثل رأيكم، وقد كان أمس يقاتلكم هو وأبوه، وينادى «يا ثارات عثمان» فاجتمعوا إليه فسألوه عن عثمان، فنظر فإذا أصحابه حوله قليل فقال: إنكم أتيتمونى حين أردت القيام، ولكن ائتونى عشية النهار حتى أعلمكم؛ فانصرفوا.
وبعث ابن الزبير إلى أصحابه، فاجتمعوا عنده بأيديهم العهد.
فقال ابن الأزرق: إن الرجل قد أزمع خلافكم، فتقدم إليه نافع بن الأزرق وعبيدة بن هلال، فقال عبيدة: بعد أن حمد الله وأثنى عليه، وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عمل بكتاب الله حتّى قبضه الله، واستخلف الناس أبا بكر، واستخلف أبو بكر عمر، فكلاهما عمل بكتاب الله وسنة رسوله، ثم إن الناس استخلفوا عثمان.
ونقصه، وقبح أفعاله، وتبرأ منه، ووالى قتلته، ثم قال: فما تقول أنت يا ابن الزبير:؟! فحمد بن الزبير الله وأثنى عليه، ثم قال:
قد فهمت الذى ذكرت به النبىّ صلى الله عليه وسلم فهو فوق ما ذكرت، وفوق ما وصفت، وفهمت الذى ذكرت به أبا بكر وعمر وقد وفّقت وأصبت، وفهمت الذى ذكرت به عثمان، وإنى لا أعلم مكان أحد من خلق الله اليوم أعلم بابن عفان وأمره منى، كنت معه حيث نقم [القوم][1] عليه واستعتبوه فلم يدع شيئا إلا أعتبهم منه، ثم رجعوا إليه بكتاب له يزعمون أنه كتبه يأمر فيه بقتلهم، فقال لهم:
ما كتبته، فإن شئتم فهاتوا بينتكم، فإن لم تكن حلفت لكم. فو الله ما جاءوه ببينة، ولا استحلفوه، ووثبوا عليه فقتلوه، وقد سمعت ما عبته به، فليس كذلك، بل هو لكل خير أهل، وأنا أشهدكم ومن حضرنى أنى ولىّ لابن عفّان، وعدوّ أعدائه. قالوا: فبرىء الله منك، قال: بل برئ الله منكم.
وتفرّق القوم، فأقبل نافع بن الأزرق الحنظلى، وعبد الله بن صفّار السّعدىّ، وعبد الله بن إباض، وحنظلة بن بيهس، وبنو الماحوز؛ عبد الله وعبيد الله والزّبير من بنى سليط بن يربوع، وكلهم
[1] الزيادة من الطبرى.