المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر مسير بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن وما فعله - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٠

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العشرون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني من القسم الخامس في أخبار الخلفاء الراشدين]

- ‌ذكر خلافة على بن أبى طالب رضى الله عنه

- ‌ذكر صفته رضى الله تعالى عنه

- ‌ذكر نبذة من فضائله رضى الله تعالى عنه

- ‌ذكر بيعة على رضى الله تعالى عنه

- ‌ذكر تفريق على عماله وخلاف معاوية رضى الله عنهما

- ‌ذكر ابتداء وقعة الجمل

- ‌ذكر مسير على الى البصرة وما اتّفق له فى مسيره ومن انضمّ إليه ومراسلته أهل الكوفة

- ‌ذكر ارسال على الى أهل الكوفة

- ‌ذكر مراسلة على طلحة والزبير وأهل البصرة فى الصلح وإجابتهم إليه وانتظام الصلح وكيف أفسده قتلة عثمان

- ‌ذكر اجتماع قتلة عثمان بذى قار وتشاورهم وما اتفقوا عليه من المكيدة التى اقتضت نقض الصلح ووقوع الحرب

- ‌ذكر مسير على رضى الله عنه ومن معه من ذى قار إلى البصرة ووقعه الجمل

- ‌ذكر مقتل طلحة رضى الله عنه وشىء من أخباره

- ‌ذكر مقتل الزبير بن العوام رضى الله عنه وشىء من أخباره

- ‌ذكر وقعة صفين وابتداء أمرها

- ‌ذكر ارسال على الى معاوية وجوابه [1]

- ‌ذكر الموادعة بين على ومعاوية فى شهر المحرم وما كان بينهما من المراسلة والأجوبة فى الشهر

- ‌ذكر الحروب التى كانت بصفين بعد الأيام الستة فى يومى الأربعاء والخميس وليلة الهرير ويوم الجمعة إلى أن رفعت المصاحف وتقرّر أمر الحكمين

- ‌ذكر رفع أهل الشام المصاحف وما تقرر من أمر التحكيم وكتاب القضية

- ‌ذكر اجتماع الحكمين

- ‌ذكر أخبار الخوارج الذين خرجوا على عهد علىّ وما كان من أمرهم

- ‌ذكر خبرهم [3] بعد صفين

- ‌ذكر خبرهم عند توجيه الحكمين

- ‌ذكر اجتماع الخوارج بعد الحكمين

- ‌ذكر قتال الخوارج

- ‌ذكر أخبار من خرج بعد أصحاب النّهروان

- ‌ذكر خلاف الخريت بن راشد التميمى وبنى ناجية على علىّ رضى الله عنه وما كان من أمرهم

- ‌ذكر ما اتفق فى مدة خلافته رضى الله عنه

- ‌سنة ست وثلاثين ذكر ولاية قيس بن سعد مصر

- ‌سنة سبع وثلاثين

- ‌سنة ثمان وثلاثين

- ‌ذكر خبر عبد الله بن الحضرمى حين بعثه معاوية إلى البصرة وما كان من أمره إلى أن قتل

- ‌سنة تسع وثلاثين

- ‌سنة اربعين

- ‌ذكر مقتل على بن أبى طالب رضى الله عنه وشىء من سيرته

- ‌ ذكر أزواج على رضى الله عنه وأولاده وكاتبه وقاضيه وحاجبه

- ‌ذكر خلافة الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنهما

- ‌ذكر تسليم الحسن بن على الخلافة إلى معاوية بن أبى سفيان

- ‌ذكر أخبار سعد بن أبى وقاص ووفاته رضى الله عنه

- ‌ذكر أخبار سعيد بن زيد رضى الله عنه ووفاته

- ‌الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار الدولة الأموية

- ‌ذكر قدوم عمرو بن العاص على معاوية وصلحه معه

- ‌ذكر مقتل محمد بن أبى حذيفة وشىء من أخباره

- ‌ذكر ملك عمرو بن العاص مصر ومقتل محمد بن أبى بكر ووفاة الأشتر وما يتصل بذلك

- ‌ذكر سرايا معاوية الى بلاد على بن أبى طالب رضى الله عنه

- ‌ذكر مسير بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن وما فعله

- ‌ذكر الغزوات والفتوحات فى أيام معاوية بعد أن استقل بالأمر

- ‌ذكر غزو السند

- ‌ذكر غزوة القسطنطينية

- ‌ذكر فتح جزيرة أرواد

- ‌ذكر أخبار الخوارج فى أيام معاوية وما كان من أمرهم

- ‌ذكر خبر المستورد الخارجى

- ‌ذكر عروة بن أدية وأخيه مرداس بن أدية وغيرهما من الخوارج

- ‌ذكر الحوادث فى أيام معاوية بن أبى سفيان غير ما تقدم، على حكم السنين منذ خلص له الأمر إلى أن توفى إلى رحمة الله

- ‌سنة احدى وأربعين

- ‌ذكر صلح معاوية وقيس بن سعد بن عبادة

- ‌ذكر استعمال معاوية المغيرة بن شعبة على الكوفة

- ‌ذكر استعمال بسر بن أرطاة

- ‌سنة اثنتين وأربعين

- ‌ذكر قدوم زياد بن أبيه على معاوية بن أبى سفيان

- ‌سنة ثلاث وأربعين

- ‌ذكر وفاة عمرو بن العاص وشىء من أخباره واستعمال عبد الله ابن عمرو على مصر

- ‌سنة أربع وأربعين

- ‌ذكر عزل عبد الله بن عامر عن البصرة واستعمال الحارث بن عبد الله

- ‌ذكر استلحاق معاوية بن أبى سفيان زياد بن أبيه وهو ابن سميّة

- ‌سنة خمس وأربعين

- ‌ذكر عمال زياد بن أبيه

- ‌سنة ست وأربعين ذكر وفاة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد

- ‌سنة سبع وأربعين

- ‌سنة ثمان وأربعين

- ‌سنة تسع وأربعين

- ‌ذكر وفاة الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنه

- ‌سنة خمسين

- ‌ذكر وفاة المغيرة بن شعبة

- ‌ذكر ولاية زياد الكوفة

- ‌ذكر ما قصده معاوية من نقل المنبر من المدينة إلى الشام ومن قصد ذلك بعده من الأمراء

- ‌ذكر وفاة الحكم بن عمرو الغفارى

- ‌سنة احدى وخمسين

- ‌ذكر مقتل حجر بن عدى وعمرو بن الحمق وأصحابهما

- ‌سنة اثنتين وخمسين

- ‌سنة ثلاث وخمسين

- ‌ذكر وفاة زياد بن أبيه

- ‌سنة اربع وخمسين ذكر عزل سعيد بن العاص عن المدينة واستعمال مروان

- ‌ذكر استعمال عبيد الله بن زياد على خراسان ومسيره إلى جبال بخارى

- ‌سنة خمس وخمسين ذكر ولاية عبيد الله بن زياد على البصرة

- ‌سنة ست وخمسين ذكر البيعة ليزيد بن معاوية بولاية العهد

- ‌ذكر مراسلة معاوية زيادا فى شأن البيعة

- ‌ذكر ارسال معاوية الى مروان بن الحكم

- ‌ذكر من وفد الى معاوية من أهل الأمصار فى شأن البيعة. وما تكلم به بعضهم وبيعة أهل العراق والشام ليزيد

- ‌ذكر مسير معاوية الى الحجاز وكيف أخذ البيعة ليزيد على أهل الحجاز

- ‌ذكر استعمال سعيد بن عثمان بن عفان على خراسان وغزوه

- ‌سنة سبع وأربعين

- ‌سنة ثمان وأربعين

- ‌ذكر عزل الضحاك عن الكوفة واستعمال عبد الرحمن بن أم الحكم وطرده عنها واستعماله على مصر وطرده عنها أيضا

- ‌سنة تسع وخمسين

- ‌ذكر عزل عبيد الله بن زياد عن البصرة وعوده إليها

- ‌سنة ستين ذكر وفاة معاوية بن أبى سفيان وما أوصى به عند وفاته

- ‌ذكر شىء من سيرته وأخباره

- ‌ذكر صفة معاوية وأولاده وأزواجه وكتّابه وقضاته وحجّابه وشرطه وعمّاله

- ‌ذكر بيعة يزيد بن معاوية

- ‌ذكر ارسال الوليد بن عتبة إلى الحسين بن على وعبد الله بن الزبير، وما كان بينهم فى أمر البيعة وخروجهما إلى مكة رضى الله عنهما

- ‌ذكر استعمال عمرو بن سعيد على المدينة

- ‌ذكر مقدم الحسين إلى مكة

- ‌ذكر استعمال عبيد الله بن زياد على الكوفة وقدومه إليها وخبره مع هانى بن عروة

- ‌ذكر ظهور مسلم بن عقيل

- ‌سنة أحدى وستين ذكر مسير [1] الحسين بن على رضى الله عنهما وخبر من نهاه عن المسير

- ‌ذكر ما تكلم به الحسين رضى الله عنه قبل إنشاب الحرب وما وعظ به الناس وما أجابوه وما تكلم به أصحابه وما أجيبوا به وخبر مقتله

- ‌ذكر تسمية من قتل مع الحسين بن على رضى الله عنهما ومن سلم ممن شهد القتال

- ‌ذكر ما كان بعد مقتل الحسين مما هو متعلق بهذه الحادثة

- ‌ذكر ورود الخبر بمقتل الحسين رضى الله عنه إلى المدينة وعود أهله إليها

- ‌ذكر ما ورد من الاختلاف فى مقر رأس الحسين وأين دفن

- ‌ذكر مقتل أبى بلال مرداس بن حدير الحنظلى [1] الخارجى

- ‌سنة اثنين وستين ذكر وفد أهل المدينة إلى يزيد بن معاوية وخلعهم له عند عودهم

- ‌سنة ثلاث وستين ذكر وقعة الحرّة

- ‌سنة اربع وستين ذكر مسير مسلم بن عقبة إلى مكة لحصار عبد الله بن الزبير، ووفاة مسلم والحصار الأول وإحراق الكعبة

- ‌ذكر وفاة يزيد بن معاوية وشىء من أخباره

- ‌ذكر بيعة معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌ذكر أخبار من بويع بالعراق أو لم يتم أمره إلى أن بويع

- ‌ذكر ولاية عبد الله بن الحارث البصرة

- ‌ذكر مقتل مسعود بن عمرو الأزدى وهرب عبيد الله بن زياد إلى الشام

- ‌ذكر خبر أهل الكوفة وما كان من أمرهم [بعد ابن زياد] [1] إلى أن بويع ابن الزبير

- ‌ذكر خبر خراسان وما كان من أمر سلم بن زياد وبيعته وخبر عبد الله بن خازم

- ‌ذكر بيعة عبد الله بن الزبير وما حدثت فى أيامه من الوقائع والحوادث المتعلقة به والكائن [1] فى أعمال ولايته

- ‌ذكر فراق الخوارج عبد الله وما كان من أمرهم

- ‌ذكر مقتل نافع بن الأزرق أمير الخوارج وغيره منهم

- ‌ذكر محاربة المهلب الخوارج وقتل أميرهم عبيد الله بن الماحوز

- ‌ذكر خبر التوابين وما كان من أمرهم وأخبارها إلى أن قتلوا

- ‌فهرس الجزء العشرين

الفصل: ‌ذكر مسير بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن وما فعله

فقالوا: أين أخذ هؤلاء التّرابيون [1] ؟ فأشار إليهم: أخذوا ها هنا.

ثم أقبل إلى الكوفة.

وبعث أيضا مسلم بن عقبة المرىّ إلى دومة الجندل، وكان أهلها قد امتنعوا من بيعة علىّ ومعاوية جميعا، فدعاهم إلى طاعة معاوية وبيعته، فامتنعوا، وبلغ ذلك عليّا، فبعث مالك بن كعب الهمذانى فى جمع إلى دومة الجندل، فلم يشعر مسلم إلّا وقد وافاه مالك، فاقتتلوا يوما ثم انصرف مسلم منهزما، وقام مالك أياما يدعو أهل دومة الجندل إلى بيعة علىّ، فأبوا وقالوا: لا نبايع حتى يجتمع الناس على إمام، فانصرف عنهم وتركهم.

‌ذكر مسير بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن وما فعله

وفى سنة أربعين بعث [2] معاوية بسر بن أرطاة بن أبى أرطاة- واسم أبى أرطاة عمير، وقيل [3] عويمر الشّامىّ [4] من بنى عامر بن لؤى- إلى الحجاز واليمن فى ثلاثة آلاف فارس، فسار من الشام حتّى قدم المدينة، وعامل المدينة يومئذ أبو أيوب الأنصارى من قبل علىّ رضى الله عنهما، ففرّ أبو أيّوب ولحق بعلى، ودخل بسر المدينة ولم يقاتله أحد، فصعد منبرها فنادى: يا دينار، يا نجار، يا زريق

[1] أى أتباع أبى تراب على بن أبى طالب.

[2]

وذلك بعد تحكيم الحكمين، كما فى تاريخ الطبرى ج 4 ص 106 والاستيعاب ج 1 ص 158.

[3]

كذا جاء فى المخطوطة مثل الاستيعاب ج 1 ص 154، وجاء فى جمهرة أنساب العرب ص 161 والإصابة ج 1 ص 147 «واسم أبى (أرطاة) عمير بن عويمر» .

[4]

كذا جاء فى النسخة (ن)، وقد قال أبو عمر فى الاستيعاب «يعد بسر بن أرطاة فى الشاميين» . وجاء فى النسخة (ك) :«الشيبانى» ، ومن المعروف أنه عامرى قرشى.

ص: 258

(وهذه بطون من الأنصار) شيخى شيخى، عهدته ههنا بالأمس، فأين هو؟! (يعنى عثمان) . ثم قال: والله لولا ما عهد إلى معاوية ما تركت بها محتلما إلّا قتلته. ثم أمر أهل المدينة بالبيعة لمعاوية، وأرسل إلى بنى سلمة [1] فقال: ما لكم عندى أمان ولا مبايعة حتّى تأتونى بجابر بن عبد الله. فأخبر، فانطلق إلى أمّ سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم فقال لها:«ماذا ترين؟ فإنى خشيت أن أقتل، وهذه بيعة ضلاله!» فقالت: «أرى أن تبايع، وقد أمرت ابنى عمر بن أبى سلمة وختنى بن زمعة أن يبايعا» ، وكانت [2] ابنتها زينب تحت ابن زمعه [3] ، فأتى جابر إلى بسر فبايعه لمعاوية، وهدم بسر دورا بالمدينة.

ثم انطلق حتّى أتى مكة، وفيها أبو موسى الأشعرى، فخافه أبو موسى على نفسه أن يقتله، فهرب، فقيل ذلك لبسر، فقال:

ما كنت لأطلبه وقد خلع عليا. ولم يطلبه.

وكتب أبو موسى إلى اليمن: أن خيلا مبعوثة من عند معاوية تقتل الناس ممّن أبى أن يقرّ بالحكومة.

ثم مضى بسر إلى اليمن، وعامل اليمن من قبل علىّ رضى الله عنه عبيد الله بن عبّاس، فلما بلغه أمر بسر فرّ إلى الكوفة حتّى أتى

[1] قال ابن الأثير فى الكامل ج 3 ص 193 «بكسر اللام، بطن من الأنصار» وهم بنو سلمة بن سعد بن على بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج، ومن بنى أسد جابر بن عبد الله، هو وأبوه صحابيان.

[2]

جاء بهذه الجملة ليشرح معنى «الختن» .

[3]

ابن زمعة: عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشى الأسدى، أمه: قريبة بنت أبى أمية، أخت أم سلمة، وزوجته: ابنة خالته زينب بنت أبى سلمة.

ص: 259

عليّا، واستخلف على اليمن عبد الله بن عبد المدان الحارثى [1] ، فأتاه بسر فقتله وقتل ابنه [2] ، ولقى ثقل [3] عبيد الله بن العباس رضى الله عنه وفيه ابنان صغيران لعبيد الله بن العبّاس فقتلهما، وهما عبد الرحمن وقثم.

وقيل: إنهما كانا عند رجل من بنى كنانة بالبادية، فلما أراد قتلهما قال له الكنانى:«لم تقتل هذين ولا ذنب لهما؟ فإن كنت قاتلهما فاقتلنى معهما!» ، فقتله، وقتلهما بعده.

وقيل: إنّ الكنانىّ أخذ سيفه وقاتل عن الغلامين وهو يقول!

الليث من يمنع حافات الدار.

ولا يزال مصلتا دون الجار.

وقاتل حتّى قتل وأخذ بسر الغلاميين فذبحهما، فخرج نسوة من بنى كنانة، فقالت امرأة منهن:«ما هذا؟ قتلت الرجال فعلام تقتل الولدان؟ والله ما كانوا يقتلون فى جاهلية ولا إسلام! والله إنّ سلطانا لا يقوم إلّا بقتل الضّرع [4] الصغير والشيخ الكبير وبرفع الرحمة وعقوق الأرحام لسلطان سوء!» فقال لها بسر: والله لقد

[1] عبد الله بن عبد المدان قدم على النبى صلى الله عليه وسلم فى وفد بنى الحارث بن كعب، فقال له: من أنت قال: أنا عبد الحجر. قال: أنت عبد الله. فأسلم وبايع. وأبوه عبد المدان اسمه عمرو. وجده الديان اسمه يزيد.

وكان عبيد الله بن عباس قد تزوج عائشة بنت عبد الله بن عبد المدان واستعان أباها عبد الله على اليمن.

[2]

مالك بن عبد الله بن عبد المدان.

[3]

الثقل: متاع المسافر وحشمه وكل شىء نفيس مصون.

[4]

الضرع: الضعيف.

ص: 260

هممت أن أضع فيكن السيف. فقالت له: تالله إنها لأخت التى صنعت وما أنا لها منك بآمنة! ثم قالت للنساء [التى [1] حولها] :

ويحكنّ! تفرّقن!.

وقتل بسر فى مسيره ذلك جماعة من شيعة علىّ باليمن.

وبلغ عليا الخبر، فأرسل جارية بن قدامة فى ألفين، ووهب ابن مسعود فى ألفين، فسار جارية حتّى أتى نجران، فقتل بها ناسا من شيعة عثمان، وهرب بسر منه، واتبعه جارية إلى مكة، فقال: بايعوا أمير المؤمنين. فقالوا: قد هلك فلمن نبايع؟ قال:

لمن بايع له أصحاب على فبايعوا خوفا منه.

ثم سار حتّى أتى المدينة، وأبو هريرة يصلّى بالناس، فهرب منه، فقال جارية: لو وجدت أبا سنّور لقتلته. ثم قال لأهل المدينة:

بايعوا الحسن بن على، فبايعوا، وأقام يومه، ثم عاد إلى الكوفة، ورجع أبو هريرة يصلّى بهم.

وكانت أم ابنى عبيد الله أمّ الحكم جويرية بنت خويلد بن قارظ، وقيل: عائشة بنت عبد الله بن عبد المدان، فلما قتل ولداها ولهت [2] عليها، فكانت لا تعقل ولا تصغى، ولا تزال تنشدهما فى المواسم وتقول:

[1] يبدأ من هنا مقدار كبير سقط من النسخة (ك) وثبت فى النسخة (ن) .

[2]

ولهت: اشتد حزنها وذهب عقلها.

ص: 261

ها [1] من أحس بنيّىّ اللذين هما

كالدّرتين تشظّى [2] عنهما الصدف

هامن أحسّ بنيّىّ اللذين هما

سمعى وعقلى فقلبى اليوم مختطف

هامن أحسّ بنيّىّ اللذين هما

مخّ العظام فمخّى اليوم مزدهف [3]

من ذلّ والهة حيرى مدلّهة [4]

على صبيّين ذلّا إذ غدا السّلف

نبّئت بسرا وما صدّقت ما زعموا

من قتلهم ومن الإثم الّذى اقترفوا

أحنى على ودجى [5] إبنىّ [6] مرهفة

مشحوذة وكذاك الإثم يقترف

قال [7] : فلمّا سمع علىّ بقتلهما جزع جزعا شديدا، ودعا على بسر فقال: اللهم اسلبه دينه وعقله. فأصابه ذلك، وفقد عقله، فكان يهذى بالسّيف ويطلبه، فيؤتى بسيف من خشب، ويجعل

[1]«ها» كذا جاء فى المخطوطة موافقا للاستيعاب ج 1 ص 156، وجاء فى الكامل لابن الأثير ج 3 ص 193:«يا» ، وكذلك أولا البيتين التاليين.

[2]

تشظى: انشق.

[3]

مزدهف: مذهوب به.

[4]

المدلهة: الساهية القلب الذاهية العقل.

[5]

الودج: عرق فى العنق يقطعه الذابح فلا يبق معه حياة.

[6]

همزة «ابن» همزة وصل، ولكنها صارت إلى القطع هنا لضرورة شعر.

[7]

ابن الأثير فى الكامل ج 3 ص 193.

ص: 262

بين يديه زقّ منفوخ، فلا يزال يضربه، فلم يزل كذلك إلى أن مات.

قال [1] : ولما استقرّ الأمر لمعاوية دخل عليه عبيد الله بن عبّاس وعنده بسر، فقال لبسر: وددت أن الأرض أنبتنى عندك حين قتلت ولدىّ. فقال بسر: هاك سيفى. فأهوى عبيد الله ليتناوله، فأخذه معاوية وقال لبسر:«أخزاك الله شيخا قد خرفت! والله لو تمكّن منه لبدأ بى!» قال عبيد الله: أجل ثم ثنيت به.

وقيل: إن مسير بسر إلى الحجاز كان فى سنة اثنتين وأربعين، وإنه أقام بالمدينة شهرا يستعرض الناس، لا يقال له عن أحد «إنه شرك فى دم عثمان» إلّا قتله.

وحكى أبو عمر بن عبد البر [2] عن أبى عمرو الشيبانى قوله:

لما وجّه معاوية بن أبى سفيان بسر بن أرطاة الفهرى لقتل شيعة علىّ، قام إليه معن أو [3] عمرو بن يزيد بن الأخنس السّلمى وزياد [4] بن الأشهب الجعدى فقالا:«يا أمير المؤمنين نسألك بالله والرّحم ألّا تجعل لبسر على قيس سلطانا، فيقتل قيسا بما قتلت بنو سليم من بنى فهر وكنانة يوم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة» .

فقال له معاوية: يا بسر، لا أمر لك على قيس. فسار حتّى أتى المدينة فقتل ابنى عبيد الله بن عبّاس، وفرّ أهل المدينة ودخلوا الحرّة: حرّة بنى سليم.

[1] ابن الأثير فى الكامل ج 3 ص 193.

[2]

الاستيعاب ج 1 ص 156.

[3]

المشهور فى هذه النسبة «معن بن يزيد بن الأخنس السلمى» ، وقد بايع النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنهم ثلاثتهم شهدوا بدرا مسلمين.

[4]

كان زياد بن الأشهب بن أدر بن عمرو بن ربيعة بن جعدة العامرى الجعدى من أشراف أهل الشام عظيم المنزلة عند معاوية.

ص: 263

هكذا قال الشيبانى: إنه قتل ابنى عبيد الله بالمدينة. والأكثر أنه قتلهما باليمن على ما ذكرنا.

قال [1] : وفى هذه الخرجة أغار بسر على همدان وقتل وسبى نساءهم، فكنّ أوّل مسلمات سبين فى الإسلام. وقتل أحياء من بنى سعد.

وروى أبو عمر [2] بسنده عن أبى الرّباب وصاحب له أنهما سمعا أبا ذر يدعو ويتعوذ فى صلاة صلّاها طال قيامها وركوعها وسجودها، قال: فسألناه: ممّ تعوّذت؟ وفيم دعوت؟ فقال:

تعوذت بالله من يوم البلاء أن يدركنى ويوم العورة أن أدركه. فقلنا:

وما ذاك؟ فقال: أما يوم البلاء فتلتقى فئتان من المسلمين فيقتل بعضهم بعضا، وأما يوم العورة فإن نساء من المسلمات يسبين فيكشف عن سوقهنّ فأيّتهن كانت أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها، فدعوت الله ألّا يدركنى هذا الزمان ولعلكما تدركانه. قال:

فقتل عثمان ثم أرسل معاوية بسر بن أرطاة إلى اليمن فسبى نساء مسلمات فأقمن فى السّوق.

هذا ما كان من أخياره فى خلافة علىّ رضى الله عنه ممّا يدخل فيما نحن بصدده، فلنذكر الآن ما اتفق له فى مدة ولايته بعد أن خاص له الأمر، ونبدأ بالغزوات والفتوحات.

[1] أبو عمر بن عبد البر فى الاستيعاب.

[2]

فى الاستيعاب.

ص: 264