الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صرد وشبيب بن ربعى وابن الكوّاء [1] وابن الحمق [2] بالصلاة فى الجماعة، فكانوا يحضرون معه الصلاة [3] .
وحج بالناس فى هذه السنة عنبسة بن أبى سفيان.
سنة ثلاث وأربعين
فيها استعمل عبد الله بن عامر عبد الرحمن بن سمرة على سجستان واستعمل عبد الله بن خازم على خراسان وعزل قيس بن الهيثم عنها [4] وحج بالناس فى هذه السنة مروان بن الحكم وكان على المدينة.
وفيها توفى محمد بن مسلمة الأنصارى، وعبد الله بن سلام، وعمرو بن العاص.
ذكر وفاة عمرو بن العاص وشىء من أخباره واستعمال عبد الله ابن عمرو على مصر
كانت وفاته بمصر يوم عيد الفطر من هذه السنة على الأصح وكان له يوم مات تسعون سنة، ودفن بالمقطّم من ناحية السّفح، وصلى عليه ابنه عبد الله، ثم رجع فصلّى بالناس صلاة العيد.
وكان عمرو بن العاص من فرسان قريش وأبطالهم فى الجاهلية مذكورا بذلك فيهم.
[1] ابن الكواء: عبد الله بن أبى أوفى، ذكره الطبرى فى تاريخه ج 4 ص 162 وابن الأثير فى الكامل ج 3 ص 219.
[2]
عمرو بن الحمق، كذا ذكره ابن جرير الطبرى فى تاريخه ج 4 ص 147.
[3]
قال ابن الأثير فى الكامل ج 3 ص 311: «وإنما ألزمهم ذلك لأنهم كانوا من شيعة على» .
[4]
انظر ما قيل فى سبب ذلك فى تاريخ ابن جرير ج 4 ص 160 والكامل لابن الأثير ج 3 ص 218.
وكان حسن الشّعر، فمن شعره يخاطب عمارة بن الوليد بن المغيرة عند النّجاشىّ:
إذا المرء لم يترك طعاما يحبّه
…
ولم ينه قلبا غاويا حيث يمّما
قضى وطرا منه وغادر سبّة
…
إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما
وكان أحد الدّهاة فى أمور الدنيا المقدّمين فى الرأى، وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه إذا استضعف رجلا فى رأيه قال: أشهد أن خالقك وخالق عمرو واحد. يريد خالق الأضداد.
حكى أنه جعل لرجل ألف درهم على أن يسأل عمرو بن العاص وهو على المنبر عن أمّه، فسأله، فقال: أمّى سلمى بنت حرملة تلقّب النابغة من بنى عنزة، ثم أحد بنى جلّان، أصابتها رماح العرب [1] فبيعت بعكاظ، فاشتراها الفاكه بن المغيرة، ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان، ثم صارت إلى العاص بن واثل فولدت له، فأنجبت، فإن كان جعل لك شىء فخذه.
قالوا: ولما حضرته الوفاة قال: «اللهم أمرتنى فلم آتمر، وزجرتنى فلم أنزجر» ووضع يده فى موضع الغلّ ثم قال: «اللهمّ لا قوىّ فأنتصر، ولا برىء فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت» . فلم يزل يردّدها حتّى مات.
وروى أبو عمر ابن عبد البر [2] بسنده إلى الشافعى رضى الله عنه أنه قال. دخل ابن عباس رضى الله عنهما على عمرو بن العاص فى مرضه فسلّم عليه وقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال: «أصبحت وقد أصلحت من دنياى قليلا، وأفسدت من دينى كثيرا، فلو كان
[1] سبيت وهى من بنى جلان بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
[2]
فى الاستيعاب ج 2 ص 513.
الذى أصلحت هو الذى أفسدت، والذى أفسدت هو الذى أصلحت لفزت، ولو كان ينفعنى أن أطلب طلبت، ولو كان ينجينى أن أهرب هربت، فصرت كالمنجنيق بين السماء والأرض، لا أرقى بيدين ولا أهبط برجلين، فعظنى بعظة أنتفع بها يابن أخى» . فقال ابن عباس:«هيهات يا أبا عبد الله، صار ابن أخيك أخاك، ولا نشاء أن تبكى إلا بكيت، كيف يؤمر برحيل من هو مقيم؟» . فقال عمرو على حينها من حين ابن بضع وثمانين سنة تقنطنى من رحمة ربى، اللهم إن ابن عباس يقنّطنى من رحمتك فخذ منى حتى ترضى. فقال ابن عباس: هيهات يا أبا عبد الله أخذت جديدا وتعطى خلقا، قال:
ما لى ولك يا ابن عباس ما أرسل كلمة إلا أرسلت نقيضها.
وروى [1] بسنده إلى يزيد بن أبى حبيب: أن عبد الرحمن بن شماسة حدّثه قال: لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى، فقال له ابنه عبد الله:«لم تبكى؟ أجزعا من الموت؟» قال: لا والله ولكن لما بعده، فقال له: لقد كنت على خير، وجعل يذكّره صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتوحه الشام. فقال له عمرو: «تركت أفضل من ذلك كله، شهادة أن لا إله إلا الله، إنى كنت على ثلاثة أطباق [2] ، ليس منها طبق إلّا عرفت نفسى فيه، كنت أوّل شىء كافرا، فكنت أشدّ الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو متّ حينئذ وجبت لى النار، فلما بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت أشدّ الناس حياء منه، فما ملأت عينى من رسول الله صلى الله
[1] فى الاستيعاب ج 2 ص 514.
[2]
الأطباق: المراد بها الأحوال.