الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مقتل أبى بلال مرداس بن حدير الحنظلى [1] الخارجى
قد ذكرنا فى أيام معاوية خروجه وأن ابن زياد بعث [2] إليه أسلم بن زرعة الكلابى فى ألفين، فهزمهم بآسك.
فلما كان فى هذه السنة أرسل إليه ابن زياد ثلاثة آلاف، عليهم عباد بن الأخضر التميمى (والأخضر زوج أمه، نسب إليه وإنما هو عباد بن علقمة بن عباد) فسار إليه، واتبعه حتّى لحقه بتوّج [3] ، فاقتتلوا حتّى دخل وقت العصر، فقال أبو بلال: هذا يوم جمعة، وهو يوم عظيم، دعونا حتّى نصلّى، فتوادعوا، فعجّل عباد الصلاة وقيل: بل قطعها، والخوارج يصلّون، فشدّ عليهم هو وأصحابه، فقتلوهم وهم ما بين قائم وراكع وساجد، لم يتغير منهم أحد عن حاله، فقتلوا عن آخرهم.
ورجع عباد إلى البصرة برأس أبى بلال، فرصده عبيدة بن هلال ومعه ثلاثة نفر، فأقبل عباد يريد قصر الإمارة، فقالوا له: قف حتّى نستفتيك. فوقف، فقالوا: نحن إخوة أربعة قتل أخونا فما ترى؟ قال: استعدوا الأمير: قالوا: استعديناه فلم يعدنا.
قال: فاقتلوه قتله الله. فوثبوا عليه وقتلوه، واجتمع الناس على الخوارج فقتلوا [4] .
[1] حدير: أبو مرداس، وأم مرداس: أدّيّة، وقد اشتهر ب «مرداس بن أدية» كما سبق.
[2]
سنة ثمان وخمسين.
[3]
توج: مدينة بفارس، ويقال فيها: توز.
[4]
فى الكامل «فقتلوا غير عبيدة» .
وفيها استعمل يزيد بن معاوية سلم بن زياد على خراسان وسجستان، وعزل عنهما أخويه: عبد الرحمن وعبّادا ابنى زياد، فكتب عبيد الله [1] بن زياد إلى أخيه عباد [2] يخبره بولاية سلم، فقسم عباد ما فى بيت المال على عبيدة، وفضل فضل فنادى: من أراد سلفا فلياخذ، فأسلف كلّ من أتاه، وخرج عن سجستان، فلما كان بجيرفت [3] بلغه مكان أخيه سلم، وكان بينهما جبل، فعدل عنه، فذهب لعباد تلك الليلة ألف مملوك، أقلّ ما مع أحدهم عشرة آلاف، وسار عباد حتى قدم على يزيد، فسأله عن المال، فقال: كنت صاحب ثغر فقسمت ما أصبت بين الناس.
قال: ولما سار سلم إلى خراسان كتب يزيد إلى عبيد الله بن زياد معه [4] بنخبة ستة آلاف فارس، وقيل ألفين، فكان سلم ينتخب الوجوه [والفرسان [5]] ، فخرج معه عمران بن الفضيل البرجمى والمهلّب بن أبى صفرة وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعى وغيرهم، وسار حتّى قدم خراسان، وعبر النهر غازيا، وكان عمال خراسان قبله يغزون، فإذا دخل الشتاء رجعوا إلى مرو الشاهجان [6] ، فإذا
[1] كذا جاء «عبيد الله» فى النسخة (ن) مثل الكامل ح 3 ص 303 وتاريخ الطبرى 4 ص 361، وجاء فى النسخة (ك)«عبد الرحمن» .
[2]
وكان له صديقا.
[3]
جيرفت: مدينة بكرمان.
[4]
عبارة ابن الأثير «كتب معه يزيد إلى أخيه عبيد الله بن زياد» ، وعبارة الطبرى «قدم سلم بن زياد بكتاب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله» .
[5]
الزيادة من تاريخ الطبرى ج 4 ص 362.
[6]
مرو الشاهجان هى مرو العظمى، و «الشاهجان» كلمة فارسية معناها: نفس السلطان، لأن «جان» هى نفس أو روح، والشاه هو السلطان، سميت بذلك لجلالتها عندهم.
انصرف المسلمون اجتمع ملوك خراسان بمدينة ممّا يلى خوارزم، فيتعاقدون ألّا يغزو بعضهم بعضا ويتشاورون فى أمورهم، وكان المسلمون يطلبون إلى أمرائهم غزو تلك المدينة، فيأبون عليهم، فلمّا قدم سلم غزا فشتّى فى بعض مغازيه، فسأله المهلب أن يوجهه إلى تلك المدينه، فوجهه فى ستة آلاف، وقيل: فى أربعة آلاف، فحاصرهم، فطلبوا الصلح على نيّف وعشرين ألف ألف، فصالحهم، وكان فى صلحهم أن يأخذ منهم عروضا، فكان يأخذ العروض من الرقيق والدوابّ والمتاع بنصف قيمتها، فبلغ ما أخذ منهم خمسين ألف ألف، فحظى بها المهلّب عند سلم، وأخذ سلم من ذلك ما أعجبه وبعث به إلى يزيد.
وغزا سلم سمرقند، وعبر معه النهر امرأته أم محمد بنت عبد الله ابن عثمان بن أبى العاص الثقفى، وهى أول امرأة من العرب قطع بها النهر، فولدت له ابنا سماه «صغدى» واستعارت امرأته من امرأة صاحب الصّغد حليّها فلم تعده إليها وذهبت به [1] .
ووجّه جيشا إلى خجندة [2] فيهم أعشى همدان، فهزموا، فقال الأعشى فى ذلك:
ليت [3] خيلى يوم الخجندة لم ته
…
زم وغودرت فى المكرّ سليبا [4]
تحضر الطير مصرعى وتروّح
…
ت إلى الله فى الدّماء خضيبا
[1] عبارة الطبرى: «وأرسلت إلى امرأة صاحب الصغد تستعير منها حليا، فبعثت إليها بتاجها، وقفلو فذهبت بالتاج» .
[2]
خجندة: مدينة على شاطىء سيحون.
[3]
سقط البيتان من النسخة (ن) .
[4]
كذا جاء فى الكامل ومعجم البلدان، وجاء فى المخطوطة «المكان» .