الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكانت مدة ولايته إلى حين وفاته أربعين يوما، وقال المدائنى:
ثلاثة أشهر، وقال ابن إسحاق: عشرين يوما.
ومات وله ثلاث وعشرون سنة، وقال العتبى: سبع عشرة سنة.
والله تعالى أعلم.
فلنذكر أخبار من بويع بالعراق وخراسان فى زمن هذه الفتن، بعد وفاة يزيد بن معاوية وابنه معاوية بن يزيد إلى أن خلص الأمر بالحجاز والعراق وخراسان لعبد الله بن الزّبير.
ذكر أخبار من بويع بالعراق أو لم يتم أمره إلى أن بويع
لعبد الله بن الزبير وما كان بالعراق من الوقائع فى خلال ذلك كان أوّل من بويع بالعراق بعد وفاة يزيد بن معاوية عبيد الله بن زياد بن أبيه، وذلك أنه لمّا أتاه الخبر بوفاة يزيد، وبلغه ما الناس فيه بالشام من الاختلاف، أمر فنودى:«الصلاة جامعة» ، فاجتمع الناس، فصعد المنبر، فنعى يزيد وعرّض بثلبه [1] ، لأن يزيد كان قد كرهه قبل موته، وصرّح بلعنه بسبب قتل الحسين بن علىّ، حتى خافه عبيد الله على نفسه، ثم قال عبيد الله: «يا أهل البصرة إن مهاجرنا إليكم، ودارنا فيكم، [ومولدى فيكم][2] ، ولقد ولّيتكم وما أحصى ديوان مقاتلتكم إلا سبعين ألف مقاتل، ولقد أحصى اليوم ثمانين ألف مقاتل، وما أحصى ديوان عمالكم [إلا تسعين ألفا، ولقد أحصى اليوم مائة ألف وأربعين ألفا، وما تركت لكم ذا
[1] الثلب: اللوم والعيب.
[2]
الزيادة من الكامل ج 3 ص 320.
ظنّة أخافه عليكم [1]] إلّا وهو فى سجنكم، وإنّ يزيد قد توفّى، وقد اختلف الناس بالشام، وأنتم اليوم أكثر الناس عددا، وأعرضه فناء، وأغناه عن الناس، وأوسعهم بلادا، فاختاروا لأنفسكم رجلا ترضونه لدينكم وجماعتكم، فأنا أوّل راض بما رضيتموه [لدينكم وجماعتكم][2] ، فإن اجتمع أهل الشام على رجل ترضونه دخلتم فيما دخل فيه المسلمون، وإن كرهتم ذلك كنتم على جديلتكم [3] حتى تعطوا حاجتكم، فما بكم إلى أحد من أهل البلدان حاجة، وما يستغنى الناس عنكم» .
فقام خطباؤهم، وقالوا: قد سمعنا مقالتك، وما نعلم أحد أقوى عليها منك، فهلمّ [4] نبايعك، فقال: لا حاجة لى فى ذلك.
فكرروا عليه وهو يأبى عليهم ثلاثا، ثم بسط يده فبايعوه ثم انصرفوا ومسحوا أيديهم بالحيطان، وقالوا: أيظن ابن مرجانة إنّا ننقاد له فى الجماعة والفرقة.
قال: ولمّا بايعوه أرسل إلى أهل الكوفة مع عمرو بن مسمع وسعد بن قرحا التيمى [5] يدعوهم إلى البيعة له، ويعلمهم ما صنع أهل البصرة، فلمّا وصلا إلى الكوفة وكان خليفة عبيد الله عليها عمرو بن حريث، فجمع الناس، وقام الرسولان فخطبا وذكرا ذلك للناس، فقام يزيد بن الحارث بن يزيد الشّيبانى وهو ابن رويم، فقال
[1] ثبتت هذه الزيادة فى النسخة (ن) ، وسقطت من النسخة (ك) .
[2]
ثبتت هذه الزيادة فى النسخة (ك) وسقطت من النسخة (ن) .
[3]
الجديلة: الحالة الأولى.
[4]
«هلم» كلمة بمعنى الدعاء إلى الشىء مثل «ثعالى» .
[5]
كذا فى الأصل وفى تاريخ الطبرى «التميمى» ..
الحمد لله الذى أراحنا من ابن سمّية، أنحن نبايعه؟ لا ولا كرامة.
وحصبهما الناس بعده، فشرّفت هذه المقالة يزيد بن رويم بالكوفة ورفعته، ورجع الرسولان إلى عبيد الله، فقال أهل البصرة: أيخلعه أهل الكوفة ونولّيه نحن؟! فضعف سلطانه عندهم، فكان يأمر بالأمر فلا يقضى ويرى الرأى فيردّ عليه، ويأمر بحبس المخطئ فيحال بين أعوانه وبينه.
ثم جاء البصرة سلمة بن ذؤيب الحنظلى التميمى، فوقف فى السوق وبيده لواء، وقال: أيها الناس، هلمّوا إلىّ، إنى أدعوكم إلى ما لم يدعكم إليه أحد، أدعوكم إلى العائذ بالحرم، يعنى عبد الله بن الزّبير.
فاجتمع إليه ناس، وجعلوا يبايعونه، فبلغ الخبر ابن زياد، فجمع الناس فخطبهم وذكّرهم بما كان من بيعته وقال: إنى بلغنى أنكم مسحتم أكفكم بالحيطان وباب المسجد، وقلتم ما قلتم، وإنى آمر بالأمر فلا ينفذ، ويردّ علىّ رأيى، ويحال بين أعوانى وبين طلبتى، ثم هذا سلمة بن ذؤيب يدعوكم إلى الخلاف عليكم، ليفرق جماعتكم، ويضرب بعضكم رقاب بعض [1] !» .
فقال الأحنف والناس: نحن نأتيك بسلمة، فأتوه، فإذا جمعه قد كثف والفتق قد اتسع، فقعدوا عن ابن زياد فلم يأتوه فلما رأى ذلك أرسل إلى الحارث بن قيس بن صهبان الجهضمى الأزدى، فأحضره وسأله الهرب به، فقال: يا حارث [إن أبى أوصانى إن احتجت إلى الهرب يوما ما أن أختاركم، فقال الحارث][1]
[1] ثبتت هذه الزيادة فى النسخة (ن) .
قد اختبرنا أباك فلم نجد عنده ولا عندك مكافأة، وما أدرى كيف أتأتّى لك إن أخرجتك نهارا أخاف أن تقتل وأقتل، ولكنى أقيم معك إلى الليل، ثم أردفك خلفى لئلّا نعرف، فقال عبيد الله، نعم ما رأيت، فأقام عنده، فلمّا كان الليل حمله خلفه، وكان فى بيت المال تسعة عشر ألف ففرّق ابن زياد بعضها فى مواليه، وادّخر الباقى لآل زياد، قال: وسار الحارث بعبيد الله، فكان يمرّ به على الناس وهم يتحارسون مخافة الحروريّة، حتّى انتهوا إلى بنى ناجية، فقال بنوا ناجية: من أنت؟ قال: الحارث بن قيس. وعرف رجل منهم عبيد الله، فقال: ابن مرجانة! وأرسل سهما فوقع فى عمامته ومضى به الحارث حتّى أنزله فى داره بالجهاضم؛ فقال له ابن زياد: «يا حارث، إنك قد أحسنت، فاصنع ما أشير به عليك.
قد علمت منزلة مسعود بن عمرو، وشرفه وسنّه، وطاعة قومه له.
فهل لك أن تذهب بى إليه فأكون فى داره، فهى وسط الأزد؟ فإنك إن لم تفعل فرّق عليك أمر قومك، فأخذه الحارث فدخلا على مسعود فلم يشعر حتّى رآهما، فقال للحارث: أعوذ بالله من شر ما طرقتنى به، قال: ما طرقتك إلّا بخير، ولم يزل الحارث يلطف بمسعود فى أمره حتّى قال له: أتخرجه من بيتك بعد ما دخله عليك؟! فأمره مسعود فدخل بيت أخيه عبد الغافر بن عمرو، ثم ركب مسعود من ليلته ومعه الحارث وجماعة من قومه، فطافوا بالأزد فقالوا: إن ابن زياد قد فقد، وإنا لا نأمن أن تلطخوا به. فأصبحوا فى السلاح، وفقد الناس بن زياد فقالوا: ما هو إلا فى الأزد. [وقيل: إن الحارث لم يكلم
مسعودا، بل أمر عبيد الله [1]] فحمل معه مائة ألف درهم وأتى بها أمّ بسطام امرأة مسعود وهى بنت عمّ الحارث ومعه عبيد الله، فاستأذن عليها، فأذنت له. [فقال: قد أتيتك بأمر تسودين به نساء العرب، وتتعجلين به الغنى، فأخبرها الخبر] [2] وأمرها أن تدخل ابن زياد البيت، وتلبسه ثوبا من ثياب مسعود، ففعلت، فلما جاء مسعود أخذ برأسها يضربها، فخرج عبيد الله والحارث عليه، وقال، لقد أجارتنى وهذا ثوبك على، وطعامك فى بطنى، وشهد الحارث، وتلطفوا به حتى رضى، فلم يزل ابن زياد فى بيته حتّى قتل مسعود، فسار إلى الشام على ما نذكره إن شاء الله.
قال: ولما فقد ابن زياد بقى أهل البصرة بغير أمير. فاختلفوا فيمن يؤمّرونه عليهم، ثم تراضوا بقيس بن الهيثم السّلمى، وبنعمان بن سفيان ليختارا من يرتضيان لهم، وكان رأى قيس فى بنى أمية، ورأى النعمان فى بنى هاشم، فقال النعمان: ما أرى أحدا [أحق بهذا الأمر][2] من فلان، (لرجل من بنى أميّة) . وقيل بل ذكر عبد الله بن الأسود الزهرىّ، وكان هوى قيس فيه، وإنما قال النعمان ذلك خديعة ومكرا بقيس، فقال قيس: قد قلّدتك أمرى ورضيت من رضيت، ثم جاء [3] إلى الناس، فقال قيس بن الهيثم: قد رضيت من رضى النعمان.
[1] الزيادة من ابن الأثير ج 3 ص 321.
[2]
ثبتت هذه الزيادة فى النسخة (ك) ، ولم تثبت فى النسخة (ن) .
[3]
كذا جاء فى النسخة (ك) ، وجاء فى النسخة (ن)«خرجا» .