الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى قول بعضهم، وكان الحكم قد قطع النهر فى ولايته ولم يفتح، وكان أول المسلمين شرب من النهر مولّى للحكم، اغترف بترسه فشرب، وناول الحكم فشرب وتوضأ وصلّى ركعتين، وكان أول المسلمين فعل ذلك.
وفى سنة ثمان وأربعين كان مشتى عبد الرحمن القينى بأنطاكية وصائفة عبد الله بن قيس الفزارى، وغزوة مالك بن هبيرة السّكونى البحر، وغزوة عقبة بن عامر الجهنى بأهل مصر فى البحر وبأهل المدينة.
ذكر غزوة القسطنطينية
وفى سنة تسع وأربعين- وقيل: فى سنة خمسين- بعث معاوية جيشا كثيفا إلى بلاد الروم عليهم سفيان بن عوف وكان فى هذا الجيش عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزّبير وأبو أيّوب الأنصارى، وعبد العزيز بن زرارة الكلابى [1] وغيرهم.
وأمر معاوية ابنه يزيد بالغزاة معهم، فتثاقل واعتلّ، فأمسك عنه أبوه، فأصاب الناس فى غزاتهم جوع ومرض شديد، فقال يزيد:
ما إن أبالى بما لاقت جموعهمو
…
بالغذقذونة [2] من حمّى ومن موم [3]
[1] كان عبد العزيز بن زرارة رجلا شريفا ذا مال كثير، فأشرف عنبسة فواجه المال فأعجبه، فقال زرارة: اللهم انى أشهدك أنى حبست نفسى وأهلى ومالى فى سبيلك ثم أتى أباه فأخبره بذلك، فقال: ارتحل على بركة الله. فتوجه نحو الشام. وشهد غزاة القسطنطينية.
[2]
كذا جاء هذا الاسم- وهو اسم بلد- فى موضعين من معجم البلدان لياقوت محرفا كما حرف فى نسخ الكامل لابن الأثير.
[3]
الموم: نوع من الحمى ومن الجدرى.
إذا اتّكأت على الأنماط مرتفقا
…
بدير مرّان عندى أمّ كلثوم
(وأم كلثوم: امرأته، وهى ابنة عبد الله بن عامر) فبلغ معاوية شعره، فأقسم عليه: ليلحقن بسفيان فى أرض الرّوم ليصيبه ما أصاب الناس [3] . فسار ومعه جمع كثير أضافهم إليه أبوه، فلحق بهم.
وأوغل المسلمون فى بلاد الروم، حتّى بلغوا القسطنطينيّة، والتقوا بالروم، واقتتلوا فاشتدّت الحرب بينهم فى بعض الأيام فلم يزل عبد العزيز بن زرارة يتعرض للشهادة، فلم يقتل، فأنشأ يقول:
قد عشت فى الدهر أطوارا على طرق
…
شتّى، فصادفت منها اللين والبشعا
كلّا بلوت، فلا النّعماء تبطرنى
…
ولا تخشّعت من لأوائها جزعا [2]
لا يملأ الأمر صدرى قبل موقعه
…
ولا أضيق به ذرعا إذا وقعا
ثمّ حمل على من يليه، فقتل فيهم، وانغمس بينهم، فشجره [3] الروم برماحهم، حتى قتلوه، رحمه الله، فبلغ قتله معاوية، فقال
[1] جاء فى معجم البلدان أن معاوية قال: «لا جرم ليلحقن بهم ويصيبه ما أصاب وإلا خلعته» .
[2]
تبطرنى: تجعلنى أطغى وأتكبر. واللأواء: الشدة والمحنة.
[3]
شجره: طعنه.
لأبيه: هلك والله فتى العرب! فقال: ابنى أو ابنك! قال ابنك فآجرك الله! فقال [1] :
فإن يكن الموت أودى به
…
وأصبح مخّ الكلابىّ ريرا [2]
فكلّ فتى شارب كأسه
…
فإمّا صغيرا وإمّا كبيرا
قال: ثم رجعوا إلى الشام، وتوفّى أبو أيّوب الأنصارى عند القسطنطينيّة، فدفن بالقرب من سورها، فأهلها يستسقون به.
وفى سنة خمسين غزا بسر بن أرطاة وسفيان بن عوف الأزدى أرض الروم، وغزا فضالة بن عبيد الأنصارى فى البحر.
وفى سنة إحدى وخمسين كان مشتى فضالة بن عبيد بأرض الروم، وغزوة بسر بن أرطاة الصائفة.
وفى سنة اثنتين وخمسين غزا سفيان بن عوف الأزدى الروم، وشتى بأرضهم، وتوفّى بها فى قول، فاستخلف عبد الله بن مسعدة الفزارى، وقيل: إن الذى شتى فى هذه السنة بأرض الروم بسر بن أرطاة ومعه سفيان بن عوف. وغزا الصائفة محمد بن عبد الله الثقفى.
[1] فى الإصابة ج 1 ص 547 أنه استرجع، أى قال:«إنا لله وإنا إليه راجعون» .
[2]
مخ رير: ذائب فاسد من الهزال.