الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر من وفد الى معاوية من أهل الأمصار فى شأن البيعة. وما تكلم به بعضهم وبيعة أهل العراق والشام ليزيد
قال: وكان معاوية قد كتب إلى عمّاله بتقريظ يزيد ووصفه، وأن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار، فكان فيمن أتاه محمد بن عمرو [1] بن حزم من المدينة، والأحنف بن قيس فى وفد أهل البصرة، فقال محمد بن عمرو لمعاوية: إن كل راع مسئول عن رعيته فانظر من تولّى أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فأخذ معاوية يهتز [2] حتى جعل يتنفّس فى يوم شات [3] ، ثم وصله وصرفه.
وأمر معاوية الأحنف بن قيس أن يدخل على يزيد فدخل عليه، فلما خرج من عنده قال له: كيف رأيت ابن أخيك؟ قال: رأيت شبابا ونشاطا وجلدا ومزاحا.
ثم إن معاوية قال للضحاك بن قيس الفهرى لما اجتمع الوفود عنده: إنى متكلم فإذا سكتّ فكن أنت الذى تدعو إلى بيعة يزيد وتحثنى عليها، فلما جلس معاوية للناس تكلمّ فعظّم أمر الإسلام وحرمة الخلافة وحقها، وما أمر الله تعالى به من طاعة ولاة الأمر، ثم ذكر يزيد وفضله وعلمه بالسياسة، وعرض ببيعته.
فعارضه الضحاك، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «يا أمير
[1] كذا جاء فى الكامل وكتب الصحابة، وجاء فى المخطوطة «عمر» .
[2]
كذا جاء فى الأصل، والذى فى الكامل «بهر» وهو بضم الباء ما يعترى الإنسان عند السعى الشديد والعدو من التهييج وتتابع النفس.
[3]
فى العقد الفريد ج 4 ص 369: «فأخذ معاوية بهر حتى تنفس الصعداء وذلك فى يوم شات» .
المؤمنين، إنه لا بد للناس من وال بعدك وقد بلونا الجماعة والألفة فوجدناهما أحقن للدماء، وأصلح للدهماء، وآمن للسبيل، وخيرا فى العافية، والأيام عوج [1] رواجع، والله كل يوم فى شأن، ويزيد بن أمير المؤمنين فى حسن هديه وقصد سيرته [2] على ما علمت، وهو من أفضلنا علما وحلما، وأبعدنا رأيا، فولّه عهدك، واجعله لنا علما بعدك، ومفزعا نلجأ إليه ونسكن إلى ظله» .. وتكلم عمرو بن سعيد الأشدق بنحو من [3] ذلك.
ثم قام يزيد بن المقنّع العذرىّ فقال: هذا أمير المؤمنين (وأشار إلى معاوية) فإن هلك فهذا (وأشار إلى يزيد) ومن أبى فهذا (وأشار إلى سيفه) فقال معاوية: اجلس فأنت سيّد الخطباء.
وتكلم من حضر من الوفود، فقال معاوية للأحنف: ما تقول يا أبا بحر؟ فقال: «نخافكم إن صدقنا، ونخاف الله إن كذّبنا، وأنت يا أمير المؤمنين أعلم بيزيد فى ليله ونهاره، وسرّه وعلانيته ومدخله ومخرجه، فإن كنت تعلمه لله تعالى ولهذه الأمة رضى فلا تشاور فيه، وإن كنت تعلم منه غير ذلك فلا تزوّده الدنيا، وأنت صائر إلى الآخرة، وإنما علينا أن نقول: سمعنا وأطعنا» .. وقام رجل
[1] كذا جاء فى الكامل ج 3 ص 251 ولم تنقط الكلمة فى المخطوطة. وجاء فى العقد الفريد «والأنفس يغدى عليها ويراح» .
[2]
قصد سيرته: استقامة سيرته.
[3]
قال: أيها الناس، إن يزيد أمل تأملونه، وأجل تأمنونه، طويل الباع، رحب الذراع، إذا صرتم إلى عدله وسعكم، أمير المؤمنين ولا خلف منه» . فقال معاوية: اجلس أبا أمية فقد أوسعت وأحسنت.