الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخوارج عبد الله بن الماحوز التميمى، فاقتتلوا فقتل الحجاج وعبد الله، فأمّر أهل البصرة ربيعة بن الأجذام التميمى، وأمّرت الخوارج عبيد الله ابن الماحوز، واقتتلوا حتى أمسوا وقد ملّوا القتال، وكره بعضهم بعضا، فبينما هم كذلك إذ جاءت سرية للخوارج لم تشهد القتال فهزمت جيش البصرة، وقتل أميرهم ربيعة، فأخذ الراية حارثة بن بدر فقاتل ساعة بعد أن ذهب الناس عنه، ثم سار ونزل الأهواز، وبعث ابن الزبير الحارث بن أبى ربيعة على البصرة كما ذكرناه، فأقبلت الخوارج نحو البصرة حتى قربوا منها، فأتى أهلها الأحنف بن قيس وسألوه أن يتولى حربهم، فأشار عليهم بالمهلّب بن أبى صفرة.
ذكر محاربة المهلب الخوارج وقتل أميرهم عبيد الله بن الماحوز
كان المهلّب قد قدم من قبل عبد الله بن الزّبير لولاية خراسان فخرج إليه أشراف أهل البصرة وكلّموه فى حرب الخوارج، فأبى عليهم، فكلمه الحارث بن ربيعة، فاعتذر بولاية خراسان، فوضع الحارث وأهل البصرة كتابا عن ابن الزّبير إلى المهلّب يأمره بقتال الخوارج، وأتوه به، فلما قرأه قال: والله ما أسير إليهم إلا أن يجعلوا إلىّ ما غلبت عليه، ويعطونى من بيت المال ما أقوىّ به من معى، فأجابوه إلى ذلك.
واختار المهلب من أهل البصرة اثنى عشر ألفا؛ منهم محمد بن واسع، وعبد الله بن رباح الأنصارى، ومعاوية بن قرّة المزنىّ، وأبو عمران الجونى وغيرهم. وخرج إلى الخوارج وهم عند الجسر الأصغر فحاربهم ودفعهم عنه، وتبعهم حتّى بلغوا الأهواز، واقتتلوا هناك.
ودامت الحرب، وقتل المعارك بن أبى صفرة أخو المهلب، ثم هزم جيش المهلّب وثبت هو، فاجتمع عليه جماعة ممن انهزم، ثم عادوا للقتال، وأبلى بلاء حسنا فهزموه، فبلغ بعض من معه البصرة وجاءت أهلها وأسرع المهلّب حتّى سبق المنهزمين إلى تلّ عال، ثم نادى: إلىّ عباد الله؛ فاجتمع إليه ثلاثة آلاف أكثرهم من قومه فعاد إلى الخوارج وقد أمنوا، وسار بعضهم خلف الجيش الذى انهزم، فأوقع بهم المهلّب وقتل رئيسهم عبيد الله بن الماحوز، فاستخلفوا الزبير بن الماحوز، وعاد الذين تبعوا المنهزمين، فوجدوا المهلّب قد وضع لهم خيلا فرجعوا منهزمين، وأقام المهلّب موضعه حتّى قدم مصعب بن الزّبير أميرا على البصرة من قبل أخيه عبد الله.
وقيل: كانت هذه الواقعة فى سنة ستّ وستّين، وذلك أن المهلّب لمّا دفع الخوارج عن البصرة إلى ناحية الأهواز أقام بقية سنته يجبى كور دجلة ورزق أصحابه، وأتاه المدد من البصرة حتّى بلغ ثلاثين ألفا.
قال: ثم استعمل مصعب بن الزّبير لما ولى العراق نائبه عمر ابن عبيد الله بن معمر على فارس، وولّاه حرب الأزارقة بعد أن توجّه المهلّب إلى الموصل والجزيرة وأرمينية على ما نذكره إن شاء الله.
فلما بلغ الخوارج ولايته تقدموا إلى إصطخر، وأميرهم يوم ذاك الزّبير بن الماحوز، فندب إليهم عمر ابنه عبيد الله فى خيل، فاقتتلوا فقتل عبيد الله بن عمر، وقاتل عمر بن عبيد الله الخوارج فقتل من فرسانهم سبعون [1] رجلا، وانهزم الخوارج وقصدوا نحو
[1] ابن الأثير: «تسعون» .
أصبهان، فأقاموا حتّى قووا واستعدوا وأقبلوا حتّى مروا بفارس وبها عمر، فقطعوها من غير الموضع الذى هو به حتى أتوا ألأهواز.
فكتب إليه مصعب يلومه فى تمكينهم من قطع جهته، فسار عمر من فارس فى أثرهم، وخرج مصعب فعسكر عند الجسر الأكبر.
وبلغ الخوارج وهم بالأهواز إقبال عمر عليهم، فقطعوا أرض جوخى والنهر وأنات وأتوا المدائن، وبها كردم بن مرثد الفزارى، فشنّوا الغارة على أهل المدائن، يقتلون الرجال والنساء والولدان، ويشقّون أجواف الحوامل، فهرب كردم، وأقبلوا إلى ساباط، ووضعوا السيف، وأفسدوا إفسادا عظيما.
وأتوا أرض الكوفة فخرج إليهم الحارث بن أبى ربيعة أميرها، فتوجهوا حتى أتوا المدائن فأتبعهم الحارث عبد الرحمن بن مخنف فى ستة آلاف ليخرجهم من أرض الكوفة، فتبعهم حتّى وقعوا فى أرض أصبهان، فرجع ولم يقاتلهم.
وقصدوا الرّى وعليها يزيد بن الحارث بن رويم الشّيبانى فقاتلهم، فأعان أهل الرّى الخوارج، فقتل يزيد وهرب ابنه حوشب.
ولمّا فرغ الخوارج من الرى شخصوا إلى أصبهان فحاصروها وبها عتّاب بن ورقاء، فصبر لهم وقاتلهم، فكمن له رجل من الخوارج وضربه بالسيف على حبل عاتقه فصرعه، فاحتمله أصحابه وداووه حتّى برئ، وداوم الخوارج حصارهم حتى نفدت أطعمتهم وأصابهم الجهد، فقام عتّاب فى أصحابه، وحرّضهم على أن يصدقوهم القتال، فأجابوه إلى ذلك، وخرج بهم إلى الخوارج وهم آمنون،