الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر نبذة من فضائله رضى الله تعالى عنه
هو- رضى الله عنه- أوّل من أسلم، عند بعضهم، على ما فى ذلك من الاختلاف فيه وفى أبى بكر، رضى الله عنهما، وأيّهما سبق إلى الإسلام
…
وقد ذكرنا ذلك كله فى ابتداء السيرة النبويّة، فى السّفر الرابع عشر من هذه النسخة [1] ، فلا فائدة فى إعادته، فلنذكر من فضائلة خلاف ذلك:
أجمعوا [2] على أنه- رضى الله عنه- صلّى إلى القبلتين، وهاجر وشهد جميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلّا غزوة تبوك [3] ،
فإنّ رسول الله عليه الصلاة والسلام خلّفة بالمدينة على عياله، وقال له: أنت منّى بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبىّ بعدى
. رواه جماعة من الصحابة [4] .
وروى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا آخى بين المهاجرين، [ثم آخى بين المهاجرين والأنصار [5]] ، قال فى كل واحد منهما لعلىّ:«أنت أخى فى الدنيا والآخرة» ، وآخى بينه وبين نفسه.
ولذلك قال علىّ لأصحاب الشّورى [6] : أنشدكم [7] الله، هل
[1] أنظر ص 180 من السفر السادس عشر من هذه النسخة المطبوعة.
[2]
الاستيعاب ج 3 ص 33.
[3]
تبوك: موضع بين وادى القرى والشام، وقد سبق «ذكر غزوة تبوك» فى الجزء السابع عشر ص 352.
[4]
أنظر صحيح مسلم ج 15 ص 175 والرياض النضرة ج 2 ص 162 وغيرهما.
[5]
سقطت هذه الجملة من (ك) ، وثبتت فى (ص)، (ن) كما فى الاستيعاب ج 3 ص 35 وقد سبق فى نهاية الأرب ج 16 ص 347 قوله:«لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة آخى بين المهاجرين بعضهم لبعض، وآخى بين المهاجرين والأنصار» .
[6]
روى ابن عبد البر بسنده عن أبى الطفيل قوله: لما احتضر عمر جعلها شورى بين على وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد، فقال لهم على: أنشدكم الله.. الخ
[7]
أنشدكم: أسألكم وأستحلفكم.
فيكم أحد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبينه- إذ آخى بين المسلمين- غيرى؟ قالوا: اللهمّ لا وربّنا. وكان يقول: أنا عبد الله وأخو رسول الله، لا يقولها أحد غيرى إلّا كذّاب.
وروى بريدة وأبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم، كلّ منهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم غدير خمّ [1] :«من كنت مولاه فعلىّ مولاه» وفى رواية بعضهم «اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه»
. وقد ذكرنا [2] فى غزوة خيبر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله ليس بفرّار، يفتح الله على يديه»
وأنّه أعطى الراية لعلىّ، ففتح الله على يديه.
وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وهو شابّ، ليقضى بينهم، فقال: يا رسول الله إنّى لا أدرى ما القضاء؟ فضرب
[1]«خم» اسم رجل صباغ، أضيف إليه الغدير الذى بالجحفة بين مكة والمدينة.
وقد جاء فى الرياض النضرة ج 2 ص 169 قول البراء بن عازب: كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودى فينا:«الصلاة جامعة» وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، فصلى الظهر، وأخذ بيد على وقال: ألستم تعلمون أنى أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا: بلى، فأخذ بيد على وقال: اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه
، وجاءت فى صحيح مسلم ج 15 ص 179 رواية أخرى عن زيد ابن أرقم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى «خما» بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال فى آخر الحديث: أذكركم الله فى أهل بيتى، أذكركم الله فى أهل بيتى، أ: كركم الله فى أهل بيتى
. وانظر البداية والنهاية ج 17 ص 346.
[2]
ج 17 ص 252- 253، وانظر فى صحيح البخارى الحديثين 3465، 3466 وانظر صحيح مسلم بشرح النووى ج 15 ص 176.
رسول الله عليه الصلاة والسلام صدره بيده وقال: «اللهمّ اهد قلبه وسدّد لسانه [1] »
قال علىّ فو الله ما شككت بعدها فى قضاء بين اثنين.
ولما نزل قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً
[2]
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة وعليّا وحسنا وحسينا فى بيت أمّ سلمة وقال: اللهمّ إنّ هؤلاء أهل بيتى فأذهب عنهم الرجس [3] وطهّرهم تطهيرا [4]
. قال أبو عمر:
وروت طائفة من الصحابة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلىّ: لا يحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق.
وقال له رسول الله عليه الصلاة والسلام: «يهلك [5] فيك رجلان: محبّ مطر [6] وكذّاب مفتر [7] »
. وقال له: «تفترق فيك أمّتى كما افترقت بنو إسرائيل فى عيسى.
[1] سدد لسانه: قومه ووفقه السداد، أى للصواب.
[2]
الآية 33 من سورة الأحزاب.
[3]
الرجس: الإثم، أو كل مستقذر من عمل، كما ذكره النووى.
[4]
هذا الحديث ذكره الترمذى فى صحيحه برواية أخرى فانظره بشرج النووى ج 15 ص 194، وهناك ج 15 ص 175 رواية تتعلن بآية أخرى.
[5]
كذا جاء فى (ن) و (ص) والاستيعاب ج 3 ص 37، وفى (ك) :«هلك» .
[6]
«مطر» من الإطراء، وهو مجاوزة الحد فى المدح والكذب فيه.
[7]
«مفتر» من الافتراء، وهو اختلاق الكذب.. وقد روى أحمد عن على رضى الله عنه قوله «يهلك فى رجلان: محب مفرط بما ليسا فى، ومبغض يحمله شنآنى على أن بهتنى» .
وفى شرح ابن أبى الحديد لنهج البلاغة ج 1 ص 372 رواية لقول على «يهلك فى رجلان: محب غال ومبغض قال» . وجاء فى نهج البلاغة ج 3 ص 306 قول على «وسيهلك فى صنفان: محب مفرط يذهب به الحب إلى غير الحق. ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحق.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا مدينة العلم، وعلىّ بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه»
. وقال فى أصحابه: «أقضاهم علىّ» .
وقال عمر رضى الله عنه: «علىّ أقضانا» .
وكان عمر يتعوّذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن [1] ! وقال علىّ فى التى وضعت لستّة أشهر [2]، فأراد عمر [3] رجمها:
إن الله تبارك وتعالى يقول: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً
[4]
[ويقول وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ
[5]
] [6] .
وكان- رضى الله عنه- أعلم الناس بالفرائض [7] ، وله فى ذلك أخبار.
منها ما رواه أبو عمر ابن عبد البر [8] بسنده عن زرّ بن حبيش قال: جلس رجلان يتغدّيان، مع أحدهما خمسة أرغفة، ومع الآخر ثلاثة أرغفة، فلما وضعا الغداء بين أيديهما مرّ بهما رجلّ، فسلّم،
[1] فى النهاية ولسان العرب: (معضلة) أراد المسألة الصعبة أو الخطة الضيقة المخارج من الإعضال أو التعضيل، ويريد بأبى حسن على بن أبى طالب.
[2]
ذكر الطبرى وابن كثير فى تفسيريهما أن امرأة من جهينة تزوجت رجلا من قبيلتها ثم ولدت لستة أشهر بعد دخولها عليه.
[3]
تبع المؤلف أبا عمر ابن عبد البر فى كتابه الاستيعاب ج 3 ص 39 ولكن الذى رواه الطبرى وابن كثير فى تفسيريهما عن الجهنى أن الذى أراد الرجم هو عثمان رضى الله عنه.
[4]
الآية 15 من سورة الأحقاف.
[5]
الآية 14 من سورة لقمان.
[6]
زيادة- عن ابن جرير وابن كثير فى تفسيرهما- يتم بها الاستدلال، وجاء فى رواية أخرى قوله تعالى «حولين كاملين» .
[7]
الفرائض: علم قسمة المواريث. وهى مأخوذة فى اللغة من الفرض، بمعنى التقدير، لأن المواريث مقدرة.
[8]
فى الاستيعاب ج 3 ص 41- 42.
فقالا له: [اجلس][1] للغداء. فجلس وأكل معهما، واستوفوا فى أكلهم الأرغفة الثمانية، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم، وقال خذا هذه عوضا ممّا أكلت لكما ونلّته من طعامكما. [فتنازعا،][2] وقال صاحب الخمسة الأرغفة: لى خمسة دراهم ولك ثلاثة. فقال صاحب الأرغفة الثلاثة: لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين.
فارتفعا إلى أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب، فقصّا عليه قصّتهما، فقال لصاحب الثلاثة [الأرغفة] [3] : قد عرض عليك صاحبك ما عرض وخبزه أكثر من خبزك فارض بالثلاثة. فقال: لا والله لا رضيت منه إلّا بمرّ الحق. فقال علىّ: ليس لك فى مر الحق إلا درهم واحد وله سبعة. فقال الرجل: «سبحان الله يا أمير المؤمنين! هو يعرض علىّ ثلاثة فلم أرض وأشرت علىّ بأخذها فلم أرض، وتقول لى الآن: إنه لا يجب لك إلّا درهم واحد!» فقال له [علىّ][4] :
«عرض عليك صاحبك أن تأخذ الثلاثة صلحا، فقلت: لا أرضى إلا بمر الحق، ولا يجب لك فى مر الحق إلا واحد.» فقال له الرجل:
فعرّفنى [5] الوجه فى مر الحق حتّى أقبله. فقال: «أليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثا؟ أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس، ولا نعلم الأكثر منكم أكلا ولا الأقلّ، فتحملون [فى] [6] أكلكم على السواء.» قال: بلى. قال: فأكلت أنت ثمانية أثلاث، [وإنما لك تسعة أثلاث، وأكل صاحبك ثمانية أثلاث] ، [7] وله خمسة
[1] زيادة من الاستيعاب.
[2]
زيادة من الاستيعاب.
[3]
زيادة من الاستيعاب.
[4]
زيادة من الاستيعاب.
[5]
كذا جاء الاستيعاب. وفى النسخة (ك) : «تعرفنى» . وفى النسخة (ن) تعرفنى» غير منقوطة الحرف الأول.
[6]
زيادة من الاستيعاب.
[7]
زيادة من الاستيعاب.
عشر ثلثا، أكل منها ثمانية وتبقى [له][1] سبعة، وأكل لك واحدا من تسعة، فلك واحد بواحدك، وله سبعة [بسبعته] [2] . فقال له الرجل: رضيت الآن!.
وأتته امرأة وهو على المنبر فقالت: ترك أخى ستّمائة دينار وأعطيت دينارا! (وتظلمت من ذلك) فقال: لعل أخاك ترك زوجة وأمّا وبنتين واثنى عشر أخا وأنت. قالت: نعم. فقال: قد أستوفيت حقّك [3] . وهذه المسألة مشهورة مسطورة فى كتب الفقه، وتسمى «الدّيناريّه» و «المنبرية» [4] وهو- رضى الله عنه- ممّن جمع القرآن على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، هو وعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وسالم مولى أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة [5] .
وعن [5] محمد بن سيرين قال: لما بويع أبو بكر الصدّيق رضى
[1] زيادة من الاستيعاب.
[2]
زيادة من الاستيعاب.
[3]
للزوجة خمسة وسبعون دينارا (الثمن) وللأم مائة دينار (السدس) وللبنتين أربعمائة دينار (الثلثان) .
فلم يبق إلا خمسة وعشرون دينارا، لإخوتها أربعه وعشرون- كل منهم ديناران- ولها دينار واحد.
[4]
تطلق «المنبرية» فى كتب الفقه والميراث على مسألة أخرى للإمام على أيضا وقد كان يخطب على منبر الكوفة، قال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ج 1 ص 6:«وهو الذى قال فى المنبرية صار ثمنها تسعا، وهذه المسألة لو أفكر الفرضى فيها فكرا طويلا لاستحسن منه بعد طول النظر هذا الجواب، فما ظنك بمن قاله بديهة واقتضبة ارتجالا؟!» .
[5]
كان سالم بن معقل من الفرس، وأعتقته مولاته زوجة أبى حذيفة، فتولى أبا حذيفة، وتبناه أبو حذيفة إلى أن جاء حكم التبنى.» وقد صار سالم من خيار الصحابة وقرائهم المعروفين.
[6]
روى صاحب الاستيعاب ج 2 ص 2534 هذا الخبر بسنده. وذكره ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ج 2 ص 16 والسيوطى فى الإتقان ج 1 ص 59 وصاحب الرياض النضرة ج 1 ص 168.
الله عنه أبطأ [علىّ][1] عن بيعته وجلس فى بيته، فبعث [2] إليه أبو بكر: ما بطّأ بك عنّى؟ أكرهت إمارتى؟ فقال؛: ما كرهت إمارتك، ولكنّى آليت أن لا أرتدى ردائى- إلّا إلى صلاة- حتى أجمع القرآن!: قال ابن سيرين: فبلغنى أنه كتبه على تنزيله، ولو وجد ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير.
وفى علىّ- رضى الله عنه- يقول إسماعيل بن محمد الحميرىّ من أبيات:
سائل قريشا بها إن كنت ذاعمه [3] :
…
من كان أثبتها فى الدّين أوتادا؟
من كان أقدمها سلما [4] وأكثرها
…
علما وأطهرها أهلا وأولادا؟
من وحّد الله إذ كانت مكذّبة
…
تدعو مع الله أوثانا وأندادا؟
من كان يقدم فى الهيجاء إن نكلوا [5]
…
عنها وإن بخلوا فى أزمة جادا؟
[1] سقط هذا من (ص) . وثبت فى (ك) و (ن) كما فى الاستيعاب.
[2]
جاء قيل هذا عند ابن أبى الحديد قوله: «فقيل لأبى بكر: إنه كره إمارتك»
[3]
العمه: التردد والتحير.
[4]
كذا جاء فى المخطوطة و «السلم» قد جاء فى الشعر بمعنى الإسلام، كقول امرئ القيس بن عابص:
فلست مبدلا بالله ربا
…
ولا مستبدلا بالسلم دينا
وجاء بيت إسماعيل الحميرى فى الاستيعاب ج 3 ص 67 وأسد الغابة ج 4 ص 40 بلفظ «من كان أقدم إسلاما وأكثرها
…
» .
[5]
الهيجاء: الحرب. ونكلوا: تأخروا وجبنوا.