الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجزء السابع والعشرون
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إذا كانت الأجزاء السابقة واللاحقة فى موسوعة «نهاية الأرب» للنويرى قد عالجت فى الجانب التاريخى دولا وأحداثا سبق النويرى إلى التأريخ لها عديد من الكتاب والمؤرخين المسلمين، فإن هذا الجزء السابع والعشرين من نهاية الأرب يمتاز بعلاج نواح فى تاريخ الشرق الأوسط. تفتقر إليها المكتبة العربية. ففى هذا الجزء يعالج النويرى تاريخ السلاجقة فى العراق والشام وبلاد الروم (آسيا الصغرى) .
وتاريخ الدولة الخوارزمية حتى سقوطها عند مقتل السلطان جلال الدين سنة ثمان وعشرين وستمائة؛ وأخيرا تاريخ المغول وحركتهم التوسعية ودويلاتهم التى انقسمت إليها دولة جتكزخان، وما كان من توسعهم فى الشرق الأوسط على حساب القوى الإسلامية العديدة،، ويدخل ضمن ذلك علاقتهم بسلطنة المماليك حتى عهد السلطان الناصر محمد ابن قلاوون.
ومن هذا العرض الموجز نخرج بفكرة عن أن النويرى خصص معظم هذا الجزء السابع والعشرين لعلاج تاريخ السلاجقة والخوارزمية والمغول، وقدم لنا فى علاجه لهذه الجوانب كثيرا من المعلومات الطريفة الجديدة المفصلة التى يندر أن نجد لها شبيها فى الموسوعات
العربية السابقة بل إن المؤرخين اللاحقين بالنويرى- مثل المقريزى وابن تغرى بردى والعينى لم يعطوا تلك الجوانب- وخاصة ما يتعلق بالمغول ودولهم وأخبارهم الداخلية- القدر الكافى من الأهمية؛ مما جعل كتابات النويرى فى هذا الجزء بالذات تبدو فى نظرنا ذات أهمية خاصة.
وربما كان فى هذه الحقيقة بعض السر فى الصعوبات الكبيرة التى اعترضتنا عند تحقيق هذا الجزء بالذات. فما أسهل أن يقوم محقق بتحقيق كتاب أو جزء من كتاب يعالج أحداثا ودولا- مثل دولة المماليك- سبق أن نشرت فيها كتب بالعربية. مما يمكنه من مقارنة الأسماء وتصحيح الأعلام فى سهولة؛ وما أصعب أن يقوم محقق بتحقيق فصول جديدة على المكتبة العربية مما يجعله يقف وقفة طويلة أمام كل اسم وكل علم. وهو فى وقفته هذه لا بد وأن يفترض الكثير من إهمال الناسخين وخطأ الرواة وعبث الزمان على مر العصور والأجيال.
هذا إلى أنه إذا كان النويرى نفسه قد اعتمد فى الفصول الأخرى التى حواها القسم التاريخى من كتابه على كتابات غيره من المؤرخين السابقين أو المعاصرين- مثل ابن الأثير- فإنه فما يتعلق بتاريخ الخوارزميين والمغول لم يجد فيما يبدو كتابات عربية وافية ينقل عنها- سوى المنشى النسوى- مما جعله يركن إلى الروايات الشفوية. وقد أدى ذلك إلى وجود كثير من الأخطاء أو التحريفات فيما كتبه النويرى عن المغول بصفة خاصة. الأمر الذى جعلنا نعتمد على المصادر الفارسية والمراجع الأوربية فى تحقيق هذا الجزء. وهنا لا يسعنى
سوى أن أشكر زميلى وصديقى الدكتور فؤاد عبد المعطى الصياد لما قدمه لى من معونة صادقة فى استشارة المصادر الفارسية على وجه الخصوص.
وقد اعتمدنا فى تحقيق هذا الجزء على عدة نسخ، منها نسخة مكتبة كوبريللى باستنبول وتوجد منها صورة كاملة بدار الكتب المصرية (رقم 549) ، واتخذنا حرف «ك» رمزا لهذه النسخة.
ومنها نسخة أيا صوفيا، وتوجد أيضا منها صورة كاملة بدار الكتب المصرية (رقم 551) ، ورمزنا لهذه النسخة بحرف «ص» . ومنها نسخة بمعهد المخطوطات بالجامعة العربية (رقم 1214) . وهى التى رمزنا إليها بحرف «ع» . وأخيرا تأتى نسخة المكتبة التيمورية بدار الكتب المصرية (رقم 699) وهى مرموز لها بحرف «ت» .
ورأت اللجنة المشرفة على تحقيق هذا الكتاب أن تتخذ النسخة الأولى «ك» أصلا معتمدا للتحقيق، وذلك توحيدا لخطة العمل فى جميع أجزائه من ناحية، ولأنها أكمل النسخ من ناحية أخرى غير أننا عند مقابلة هذه النسخة ببقية النسخ أثناء قيامنا بتحقيق هذا الجزء، وجدنا نقصا كبيرا فيها، وصفحات عديدة ساقطة منها وخاصة فى باب المغول- الأمر الذى تطلب منا مقابلة النسخ الأربع بعضها ببعض مقابلة دقيقة، بحيث نقدم للباحث صورة صادقة كاملة للمتن كما أورده المؤلف. ولا يفوتنى فى هذا الموضع أن أقدم شكرى للدكتور حستين محمد ربيع- تلميذى سابقا وزميلى حاليا-
لمعاونته الصادقة لى فى عملية مقابلة نسخ الكتاب لاستكمال النقص فى النسخة الأصلية.
والله نسأل أن يوفقنا دائما فى المحافظة على تراث الآباء والأجداد ليظل حيا قويا، نستمد منه، ونتخذ منه أساسا سليما فى بناء مجدنا الحديث.
23-
8- 1966 المحقق سعيد عبد الفتاح عاشور.