الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وملك مدينة منقشلاغ «1» . فلما مات أبوه ولاه السلطان بعده، فأفاض العدل، وأمن البلاد، فأحبه السلطان سنجر وقربه وأدناه وعظمه واعتضد به، واستصحبه معه فى أسفاره وحروبه؛ فظهرت- كفايته فزاده تقدما وتقريبا. ولم يزل عنده فى هذه النزلة إلى أن فسد ما بينهما واقتتلوا على ما نذكره.
ذكر الحرب بين خوارزم شاه اتسز والسلطان سنجر السلجقى، واستيلاء سنجر على خوارزم، وما كان من أمر اتسز الى أن استقر الصلح بينه وبين السلطان سنجر
وكانت الحرب بينهما فى سنة ثلاث وثلاثين وخمسماية.
وسبب ذلك أن السلطان بلغه أن خوارزم شاه أتسز قد عزم على الخروج من طاعته والامتناع عليه، فقصد خوارزم بعساكره فلما قاربها جمع أتسز عساكره وخرج لقتاله. والتقوا، فلم يكن له قبل بعساكر سنجر لكثرتها، فانهزم هو ومن معه وقتل من أصحابه خلق كثير، وقتل له ولد، فوجد اتسز عليه وجدا عظيما.
ولما انهزم السلطان اتسز ملك سنجر خوارزم وأقطعها لابن أخيه سليمان شاه بن محمد على ما قدمناه فى أخبار الدولة السلجقية.
ثم عاد السلطان إلى مرو فجمع خوارزم شاه أصحابه ورجع إلى خوارزم فأعانه أهلها على ملكها، ففارقها سليمان شاه ومن معه، ورجع إلى
عمه السلطان سنجر، واستحكمت العداوة بين السلطان سنجر وأتسز، وعلم أتسز أنه لا قبل له به، فكاتب ملك الخطا «1» بما وراء النهر، وحثه على المسير لقتال السلطان سنجر وأطمعه فى ملك بلاده. فسار ملك الخطا فى ثلثماية ألف فارس، وكان من انهزام سنجر، وملك الخطا ما وراء النهر ما قدمنا ذكره فى أخبار سنجر، وذلك فى سنة ست وثلاثين وخمسماية.
ولما تمت الهزيمة على سنجر استولى خوارزم شاه اتسز على البلاد وقصد خراسان فوصل إلى سرخس «2» فى شهر ربيع الأول من السنة ورحل منها إلى مرو الشاهجان «3» ، فنزل بظاهر البلد واستدعى الفقهاء والأعيان، فثار عامة مرو، وقتلوا بعض أصحاب خوارزم شاه وأخرجوهم من البلد، وأغلقوا أبوابه واستعدوا للامتناع، فقاتلهم، ودخل البلد فى سابع عشر الشهر، وقتل جماعة كثيرة من أعيان البلد، وعامتهم واستصحب جماعة من فقهائها معه، وسار فى شوال إلى نيسابور فخرج إليه جماعة من العلماء والفقهاء والزهاد، وسألوه أن لا يفعل بأهل نيسابور ما فعل بأهل مرو. فأجابهم
إلى ذلك، وأخذ أموال أصحاب السلطان جميعها، وقطع خطبة سنجر وخطب لنفسه، وسير جيشا إلى أعمال بيهق «1» فقاتلوا أهلها خمسة أيام ثم ساروا ينهبون البلاد.
واستمرت حال خوارزم شاه أتسز إلى سنة ثمان وثلاثين وخمسماية فجمع السلطان عساكره وسار إلى خوارزم، فتحصن أتسز بها، وجمع عساكره ولم يخرج من المدينة. وكان القتال يقع بينهما من وراء السور. ثم راسل السلطان فعفا عنه وبذل له الأموال، فأجابه إلى ذلك على قاعدة استقرت بينهما، وعاد سنجر إلى مرو واستقر خوارزم شاه بخوارزم، إلى أن مات وكانت وفاته فى تاسع جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمسماية. وكان قد أصابه فالج فعالجه الأطباء منه فلم يبرأ فاستعمل أدوية شديدة الحرارة بغير رأى الأطباء، فاشتد مرضه وضعفت قوته فمات.
ولهج عند موته بقوله تعالى: «ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ»
«2» وكان حسن السيرة، كافا عن أموال رعيته، محبوبا إليهم.
ولما توفى ملك بعده أحد أولاده، فقتل نفرا من أعمامه وسمل أخا له، فمات بعد ثلاثة أيام، وقيل بل قتل نفسه. وملك بعده أيل «3» أرسلان بن اتسز بن محمد، وأرسل إلى السلطان سنجر، وبذل له الطاعة والانقياد لأمره. فكتب له منشورا بولاية خوارزم،