الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان فيها بوارهم، وسبقهم إلى الباب غياث الدين، فملكت المدينة، وتحكمت السيوف فى أهلها، وقتل من بها من الكرج والأرمن، وتحصن أجناد الكرج بالقلعة- وبينها وبين المدينة نهر عظيم لا يخاض-.
وكان بينهما جسران «1» من الخشب فأحرقا، فلم يبت السلطان حتى عبر النهر إلى صوب القلعة، وأمر بنصب آلات الحصار، فخرج رسول الكرج فى طلب الأمان، فأجاب [السلطان]«2» إلى ذلك، وتسلمها بما فيها.
ذكر المصاف الكائن بينه وبين التتار بظاهر أصفهان
وفى سنة أربع وعشرين وستماية وردت الأخبار من خراسان بحركة التتار، وأنهم على عزم العبور، فجمع السلطان عساكره وتوجه إلى أصفهان، وجرد أربعة آلاف فارس صوب الرى ودامغان «3» لليزك، فكانت الأخبار ترد من جهتهم يوما فيوما؛ والتتار يتقدمون واليزك يتأخر، إلى أن عادوا إلى السلطان. ونزل التتار شرقى أصفهان على مسيرة يوم بقرية تسمى السين «4» وفيهم تاجن نوين «5»
وباناك نوين وباقو نوين وأسن طغان نوين وياتماس نوين وباشاور نوين وغيرهم. وكان المنجمون أشاروا على السلطان بمصابرتهم ثلاثة أيام والتقائهم فى اليوم الرابع، فتأخر عن الملتقى وظن التتار أن ذلك فشلا منه ووهنا، فجردوا ألفى فارس إلى جبال بلاد اللؤلؤ للإغارة.
فاختار السلطان من عسكره ثلاثة آلاف، فأخذوا عليهم المضايق وأوقعوا بهم، وأحضروا منهم إلى السلطان زهاء أربعماية أسير، فأمر بضرب أعناقهم. ثم خرج للقاء التتار فلما تراى الجمعان خذله غياث الدين وفارقه بعسكره وطائفة من عسكر السلطان مقدمهم جهان بهلوان أيلحى، فلم يعبأ السلطان بمفارقتهم، وصمم على لقاء التتار، فالتقوا واقتتلوا، وحملت ميمنة السلطان على ميسرة التتار فانهزموا وركبهم السيف إلى تخوم قاشان «1» ، وهم يظنون أن الميسرة فعلت بالميمنة كذلك.
وكان للتتار كمين «2» ، فخرج وقد جنحت الشمس للغروب على ميسرة السلطان، فضربها على القلب، فثبت الأمراء والخانات أصحاب السلطان حتى قتلوا، ولم يسلم منهم إلا ثلاثة وهم كوج تكين بهلوان والحاجب الخاص خان بردى وأودك أمير أخور. وأسر علاء الدولة أباخان صاحب يزد، أخذه رجل من المرتدة، فأعطاه ما كان معه من المال، فأطلقه فوقع بالليل فى بئر فمات. ووقف السلطان فى القلب وقد أحاطت به التتار من كل جانب، ولم يبق
معه الا أربعة عشر من خواص مماليكه، فالتفت فإذا هو بحامل [سنجقه]«1» قد ولى منهزما، فلحقه وطعنه فقتله، وحمل على التتار، فأفرجوا له ولخواصه، فخرج. قال: ثم تفرق القلب والميسرة وطرحتهم الجفلة إلى كرمان وأذربيجان، ومنهم من دخل إلى أصفهان. وعادت الميمنة بعد يومين من جهة قاشان، وظنوا أن السلطان بأصفهان، فلمّا تحققوا الحال تسحبوا.
قال: وخفى أمر السلطان ثمانية أيام، وكان المصاف فى الثانى والعشرين من شهر رمضان سنة خمس وعشرين وستماية. وكان الأتابك إيغان طايسى لم يخرج من أصفهان يوم المصاف لمرضه، فاتفق القاضى ومن تخلف بها من أرباب الدولة على أنهم إن صلوا العيد ولم يظهر السلطان أجلسوه على سرير الملك، فلما خرج الناس لصلاة العيد حضر السلطان إلى الصلاة، فسر الناس به وأقام بها عدة أيام إلى أن تجمع ما تشتت من عساكره المتفرقة.
وأما التتار فإن السيوف نالت منهم منالا عظيما، ولم يخلص منهم- مع انتصارهم- إلى ما وراء جيحون إلا قليل «2» ؛ فإن السلطان لما تجمعت عساكره سار «3» فى آثارهم إلى الرى. وحكى ابن الأثير فى تاريخه الكامل أن ابن جنكزخان أرسل إلى السلطان إثر هذه الوقعة يقول: إن هؤلاء ليسوا منا «4» .