الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ولما تمت الهزيمة على مسعود، نزل السلطان سنجر وأحضر قراجا الساقى وسبه ووبخه وقال له:«يا مفسد، أى شىء كنت ترجو بقتالى» قال: «كنت أرجو أن أقتلك وأقيم سلطانا أحكم عليه» . فقتله صبرا، وأرسل إلى السلطان مسعود يستدعيه، فحضر إليه فأكرمه، وعاتبه على عصيانه ومخالفته وأعاده إلى كنجه.
وأجلس الملك طغرل ابن أخيه محمد فى السلطنة، وخطب له فى جميع البلاد، واستوزر له الوزير: أبا القاسم النساباذى وزير السلطان محمود، وعاد إلى خراسان.
ذكر الحرب بين السلطان طغرل بن محمد وبين أخيه الملك داود بن محمود
قال: لما توجه السلطان سنجر إلى خراسان عصى الملك داود بن محمود على عمه السلطان طغرل وجمع العساكر، وسار إلى همذان فى مستهل شهر رمضان سنة ست وعشرين وخمسماية. فخرج إليه السلطان طغرل، وعبى كل منهما أصحابه، والتقوا فوقع الخلف فى عسكر داود، فهرب أتابكه اقسنقر الأحمديلى، وتبعه الناس، وبقى الملك داود متحيرا إلى أوائل ذى الحجة منها فقدم بغداد هو وأتابكه الأحمديلى.
ذكر عود السلطان مسعود [بن محمد]«1» الى السلطنة وانهزام طغرل
قال: لما سمع السلطان مسعود انهزام داود، وأنه قصد بغداد، سار هو أيضا إلى بغداد فى سنة سبع وعشرين وخمسماية. فلما قاربها لقيه داود ودخل فى خدمته إلى بغداد، ونزل بدار السلطنة فى صفر، وخاطب فى الخطبة، فأجيب إلى ذلك، وخطب له ولداود بعده. ودخلا إلى الخليفة فأكرمهما وخلع على مسعود فى يوم الأحد لخمس خلون من شهر ربيع الأول من السنة. وكانت الخلع سبع دراريع مختلفات الأجناس والألوان والسابعة سوداء، وتاجا مرصعا بالجوهر والياقوت، وطوق ذهب وسراويل، وقلده بسيفين وعقد له لواءين بيده، وسلم إليه داود بن أخيه وأوصاه به مشافهة.
ووقع الاتفاق على مسير مسعود وداود إلى أذربيجان، وأرسل الخليفة معهما عسكرا فساروا.
وملك مسعود سائر بلاد أذربيجان، وهرب من بها من الأمراء مثل قراسنقر وغيره، وتحصن كثير منهم بمدينة أردبيل «2» ، فقصدهم مسعود وحصرهم بها وقتل منهم مقتلة عظيمة، وانهزم الباقون. ثم سار بعد ذلك إلى همذان لمحاربة أخيه الملك طغرل فاستولى عليها فى شعبان. ولما استقر بها قتل اقسنقر الأحمديلى،
قتله الباطنية. وسار طغرل حتى بلغ قم «1» ، ثم عاد إلى أصفهان وأراد أن يتحصن بها، فسار إليه مسعود ليحاصره بها فرحل طغرل إلى بلاد فارس. واستولى مسعود على أصفهان، وفرح أهلها به، ثم سار منها نحو فارس، فوصل إلى موضع بقرب البيضا «2» ، فاستأمن إليه أمير من أمراء أخيه طغرل معه أربعماية فارس، فأمنه فخاف طغرل من عسكره أن يلتحقوا بأخيه، فانهزم وقصد الرى.
قال: ولما تم على طغرل ماتم من الهزيمة، قال لوزيره أبى القاسم النساباذى:«قد علمت أنه ماتم علىّ هذا الخذلان إلا لظلمك للعباد فقال له: «لا تقلق، قد أمرت أهل ألموت بقتل اقسنقر وسائر أعدائك وهم فاعلون» فأمر به فضرب وصلب، فانقطع به الحبل، فقطع إربا إربا، وطيف بأعضائه فى كل بلد عضو، وكان قتله بأصفهان.
واستمر طغرل حتى أتى الرى فى ثلاثة آلاف فارس، وسار الملك مسعود فى طلبه فلحقه بموضع يقال له ذكراور، فوقع بينهما مصاف هناك، فانهزم طغرل ووقع عسكره فى أرض قد نضب عنها الماء، وهى وحل، فأسر منهم جماعة فأطلقهم مسعود، ولم يقتل فى هذا المصاف إلا نفر يسير. وكان هذا المصاف فى ثامن عشر شهر رجب سنة سبع وعشرين وخمسماية، ورجع الملك مسعود إلى همذان.