الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر دخول التتار ديار الجزيرة
قال: لما انهزم جلال الدين من التتار على آمد نهب التتار سواد آمد وميافارقين وقصدوا مدينة أسعرد «1» فقاتلهم أهلها فبذل لهم التتار الأمان، فسلموا لهم البلد، فعند ذلك بذلوا فيهم السيف حتى كادوا يأتون عليهم. فما سلم منهم إلا من اختفى، وقليل ما هم. قيل إن القتلى بلغت تقدير خمسة عشر ألفا، وكانت مدة الحصار خمسة أيام، ثم ساروا منها إلى مدينة طنزة «2» ففعلوا فيها كذلك، وساروا منها إلى واد بالقرب منها يقال له وادى القريشية، فيه طائفة من الأكراد القريشية، وفيه مياه جارية وبساتين كثيرة، والطريق إليه ضيق، فمنعهم القريشية منه وقتلوا كثيرا منهم، فعاد التتار ولم يبلغوا منهم غرصا، وساروا فى البلاد لا مانع يمنعهم فوصلوا إلى ماردين فنهبوا ما مروا عليه من بلدها واحتمى صاحبها وأهل دنيسر بقلعة ماردين. ثم وصلوا إلى نصيبين الجزيرة فأقاموا عليها بعض يوم ونهبوا سوادها، وقتلوا من ظفروا به، وغلقت أبوابها فعادوا عنها؛ وتوجهوا إلى بلد سنجار، فوصلوا إلى البلاد من أعمالها، فنهبوا ودخلوا الخابور فوصلوا إلى عربان «3» ، فنهبوا
وقتلوا وعادوا وتوجهت طائفة منهم على طريق الموصل، فوصلوا إلى قرية تسمى المؤنسة، وهى على مرحلة من نصيبين بينها وبين الموصل، فنهبوا واحتمى أهلها وغيرهم بخان فيها، فقتلوا كل من فيه ومضت طائفة منهم إلى نصيبين الروم وهى على الفرات من أعمال آمد، فنهبوا وقتلوا منها ثم عادوا إلى آمد ثم إلى بلد بدليس «1» فتحصن أهلها بالقلعة وبالجبال، فقتلوا فيها يسيرا، وأحرقوا المدينة، ثم ساروا من بدليس إلى خلاط فحصروا مدينة من أعمالها يقال لها باكرى [وهى]«2» من أحصن البلاد، فملكوها عنوة وقتلوا كل من بها، وقصدوا مدينة أرجيش «3» من أعمال خلاط، وهى مدينة كبيرة عظيمة ففعلوا كذلك، وذلك فى ذى الحجة سنة ثمان وعشرين وستمائة.
قال ابن الأثير فى تاريخه الكامل: لقد حكى لى عنهم حكايات يكاد سامعها يكذب بها من الخوف الذى ألقاه الله تعالى فى قلوب الناس منهم، حتى قيل إن الواحد منهم كان يعبر «4» القرية أو الدرب وبه جمع كثير من الناس فيقتلهم واحدا بعد واحد ولا يجسر أحد يمد يده إليه. قال: ولقد بلغنى أن إنسانا منهم أخذ رجلا ولم يكن معه ما يقتله به فقال له: وضع رأسك على الأرض ولا تبرح،