الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبع وعشرين وستماية، ثم طرد عنها ووصل إلى العراق على ما نذكره فى موضعه؛ واستمر قزلق إلى حين وفاته.
ذكر طلوع جلال الدين من الهند ووصوله الى كرمان وما جرى له من الحوادث الى أن ملك العراق
كان عوده من الهند فى سنة إحدى وعشرين وستماية. قال شهاب الدين محمد المنشى: قاسى جلال الدين ومن معه من رذايا الأرواح المتخلصة من مشتجر الرياح فى البوادى، القاطعة بين كرمان والهند، شدائد نستهم سائر الكرب، وأوردتهم بأجمعهم سواقى العطب. وقد أوعزتهم فى تلك القفار علالات الشفاه «1» ، وبلالات الأفواه، فضلا عن الأقوات، فكان الرجل يتنفس عند هبوب السموم كتنفس المحموم. قال: فتخلص إلى كرمان فى أربعة آلاف، فيهم ركّاب أبقار وحمر. وكان بها براق الحاجب ينوب عن أخيه غياث الدين بيرشاه. وبراق هذا كان حاحبا لكورخان ملك الخطايية، ورد رسولا على السلطان مبدأ المكاشفة بينهما، فمنعه أن يعود إلى مرسله رغبة فيه، ثم اتصل بخدمة غياث الدين.
فلما وصل جلال الدين أقام بكراشير «2» - وهى دار المملكة- شهرا ثم أحس أن براقا قد أضمر الغدربه، فقصد جلال الدين
القبض عليه واستشار فى ذلك، فأشار أورخان بالقبض عليه، وأن يواليه مملكة كرمان ويستظهر بها على غيرها من الممالك. وخالفه فى هذا الرأى شمس الملك على بن أبى القاسم المعروف بخواجه جهان، وقال: هذا أول من بذل الطاعة من نواب الأطراف، وولاة البلاد، وليس كل أحد يتحقق غدره ومكيدته، فمتى عوجل نفرت القلوب واشمأزت النفوس وتبدلت الأهواء، وتغيرت النيات والآراء.
فرحل جلال الدين إلى صوب شيراز، وورد عليه الأتابك علاء الدولة صاحب يزد، مذعنا بالطاعة، وقدم له تقادم كثيرة فكتب له توقيعا بتقرير بلاده عليه. وكان الأتابك سعد صاحب فارس قد استوحش من أخيه غياث الدين لإساءة سبقت، فرغب جلال الدين فى إصلاحه لنفسه، وسير الوزير شرف الملك إليه خاطبا ابنته، فأسرع إلى الإجابة والانقياد وزوجه ابنته وحملها إليه فاستظهر جلال الدين بمصاهرته ثم تقدم من شيراز إلى أصفهان، فخرج إليه القاضى ركن الدين مسعود بن صاعد بأحسن اللقاء، قال: ولما بلغ غياث الدين توسط جلال الدين فى بلاده، ركب إليه فى جموعه فى زهاء ثلاثين ألف فارس، فرجع جلال الدين حين سمع بقربه وقد أيس مما طمحت إليه نفسه، وسير إلى غياث الدين أدك أمير أخور؛ وكان من دهاة خواصه، يقول: «إن الذى قاسيته بعد السلطان من الشدايد الفادحة، لو عرضت على الجبال لأشفقن منها واستثقلتها فأبين أن يقبلنها، وحين ضاقت على الأرض بما رحبت، وانتفضت يدى عما ورثت وكسبت، وكنت قصدتك لأستريح عندك أياما وحيث علمت أن ليس عندك للضيف إلا ظبى
السيف، ورجعت بظمأ من الشوق عن المناهل.» وسير إليه سلب تولى خان بن جنكزخان وفرسه وسيفه. فلما سمع غياث الدين الرسالة انصرف إلى الرى، وتفرقت عساكره فى المصايف.
قال: وكان جلال الدين سير صحبة رسوله عدة خواتيم، وأمره بإيصالها إلى جماعة من الأمراء علامات منه، يستميلهم ويمنيهم الإحسان، فمنهم من تناول الخاتم وسكت وأجاب إلى الانقطاع إليه أو التقاعد عن نصرة غياث الدين، ومنهم من سارع إلى غياث الدين فناوله الخاتم، فعند ذلك أمر بالقبض على الرسول المذكور والاحتياط عليه. وبادر إلى خدمة جلال الدين، أبو بكر ملك- وهو من بنى أخواله- وذكر له أن القلوب مجتمعة على محبته، فركب جلال الدين فى ثلاثة آلاف ضعاف، وجد السير حتى وافى غياث الدين وأعجله عن التدبير. فلما أتاه النذير ركب فرس النوبة إلى قلعة سلوقان، ودخل جلال الدين خيمته وبها بكلواى والدة غياث الدين، فاستوفى لها أدب الخدمة، وشرط التعظيم والحرمة وأنكر انزعاج غياث الدين وإخلاءه «1» مكانه، وذكر لها إشفاقه عليه. فسيرت إليه من سكن روعته، فعاد إلى خدمة أخيه جلال الدين ونزل جلال الدين فى منزلة السلطان، وأتته الأمراء واستعفوا مما كان منهم، فأقبل عليهم وعاملهم بالإحسان. ثم جاءه من كان بخراسان والعراق ومازندران من المتغلبين. فمنهم من حسنت سيرته فى أيام الفتنة، فأقره وأعاده إلى مكانه، ومنهم من ساءت طريقته فأذيق