الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى طلبه إلى استوى «1» بلد خيوشان «2» فأدركه التتار بقرية تسمى فرست «3» ، فوقف لهم واقتتلوا قتالا شديدا كان الظفر لأزلاغ شاه عليهم، فسروا بذلك وظنوا أنه لم يكن من التتار بتلك الناحية غير هذه الطائفة التى انهزمت، واستقروا بتلك المنزلة، فلم يرعهم إلا وخيول التتار قد أحدقت بهم إحداق الأطواق بالأعناق فثوى اليسر عسرا وترادف النصر كسرا، فكانوا إن شاء الله كما قيل:
تردى ثياب الموت حمرا فما أتى
…
لها الليل إلا وهى من سندس خضر
فاستشهد أزلاغ شاه وآق شاه ومن معهما وعاد التتار برأسيهما وقد نصبوهما على الرماح.
ذكر مسير جلال الدين من نيسابور الى غزنة
قال: وأقام جلال الدين بنيسابور شهرا يتابع الرسل إلى الجهات فى الاحتشاد والاستمداد، إلى أن علم التتارية فأسرعوا نحوه وأعجلوه عن مراده، فخرج من نيسابور فى من انضوى إليه من الخوارزمية، إلى أن وصل إلى القلعة القاهرة وهى التى بناها مؤيد الملك صاحب كرمان بزوزن، فهم أن يتحصن بها فبعث إليه عين الملك ختن مؤيد
الملك- وهو مستحفظها- يحذره ذلك، ويقول: إن ملكا «1» لا يحسن به أن يتحصن بقلعة ولو بنيت على قرن الفرقد أو هامة الجوزاء بل أعلا وأبعد، وحصون الملوك متون الحصن، وما للضراغم وللمدن ولو تحصنت بالقلعة لأفنت التتار أعمارهم إلى أن ينالوا الغرض.
فأمر جلال الدين بإحضار ما فى القلعة من الذهب فأحضر، وفرق أكياسه على من صحبه من خواصه، وفارق القاهرة، وجد السير إلى تخوم بست، فأعلم أن جنكزخان مقيم بالطالقان «2» بجيوش عظيمة، فتحير فى أمره لا يدرى ما يصنع. ثم خاطر بنفسه واستمر فى السير، فبلغه أن أمين ملك وهو ابن خالة متولى هراة ومقطعها بالقرب منه، وقد أخلى هراة ومعه زهاء عشرة آلاف فارس، والأتراك الذين سلموا من النكبة، فبعث جلال الدين إليه يعلمه بقربه ويحثه على سرعة الوصول إليه، فاجتمعوا واتفقا على كبس التتار الحاصرين قلعة قندهار «3» فنهضا إليهم وأوقعا بهم فلم يسلم من التتار إلا من وصل بخبرهم إلى جنكزخان وهم نفر يسير، فأخبروه بما تم على عسكره، فغضب لذلك. وساق جلال الدين حتى أتى غزنة وكان بها كربر ملك ينوب عنه منذ جعلها والده له كما قدمناه، وقد ضبطها. فوصل إليها جلال الدين فى سنة ثمانى عشرة