الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسارا على ذلك فحصل لطغرل حمى شديدة منعته من ذلك، وبلغ الخليفة الخبر، فعاد إلى بغداد. وانتقض على طغرل ودبيس مادبراه، فقصدا السلطان سنجر واجتازا فى طريقهما بهمذان. فبسط على أهلها ما لا كثيرا وأخذاه، فبلغ خبرهما السلطان محمود فجد السير فى إثرهما، فانهزما منه إلى خراسان، واجتمعا بالسلطان سنجر، وشكيا من الخليفة، وبرنقش، وأقاما عند السلطان سنجر؛ ثم كان من أمرهما ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر مقتل البرسقى وملك ابنه عز الدين مسعود
وفى سنة عشرين وخمسماية قتل اقسنقر البرسقى صاحب الموصل بمدينة الموصل، قتله الباطنية فى يوم الجمعة بالجامع. وكان من عادته أنه يصلى الجمعة فى الجامع مع العوام. وكان قد رأى فى منامه فى تلك الليلة أن عدة من الكلاب ثاروا به، فقتل بعضهم ونال منه الباقى ما أذاه، فقص ذلك على أصحابه فأشاروا عليه بترك الخروج من داره عدة أيام. فقال:«لا أترك الجمعة لشئ أبدا» فغلبوه على رأيه ومنعوه من قصد الجمعة، فعزم على ذلك، وأخذ المصحف ليقرأ فيه، فأول ما خرج له وله تعالى:«وكان أمر الله قدرا مقدورا» فركب إلى الجامع على عادته. وكان يصلى فى الصف الأول، فوثب عليه بضعة عشر نفسا، عدة الكلاب التى رآها، فجرحوه بالسكاكين، فجرح (هو)«1» ، بيده ثلاثة منهم، وقتل رحمه الله تعالى.
وكان تركيا خيرا، يحب أهل العلم والدين، كثير العدل يحافظ.
على الصلوات لأوقاتها، ويصلى بالليل تهجدا. ولما قتل كان ابنه مسعود بحلب يحفظها من الفرنج، فأرسل إليه أصحاب والده بالخبر فسار إلى الموصل، ودخلها فى أول ذى الحجة، ثم توجه إلى السلطان محمود فأحسن إليه وأعاده.
وفى هذه السنة وقع الاختلاف بين السلطان محمود والخليفة المسترشد بالله.
وكان سببه برنقش، فسار السلطان إلى العراق، وكان بينه وبين الخليفة ما قدمناه فى أخبار المسترشد بالله، ثم اتفقا على مال حمله الخليفة إليه.
وفى سنة إحدى وعشرين وخمسماية.
أسند السلطان شحنكية العراق إلى عماد الدين زنكى على ما نذكره إن شاء الله تعالى فى أخباره.
وفيها فى عاشر شهر ربيع الآخر سار السلطان محمود من بغداد وحمل إليه الخليفة الخلع والدواب الكثيرة، فقبل جميع ذلك، ولما أبعد عن بغداد قبض على وزيره أبى القاسم على بن الناصر النسابادى «1» فى شهر رجب لأنه اتهمه بممالأة المسترشد بالله، وأرسل إلى بغداد وأحضر شرف الدين أنوشروان بن خالد، فوصل إلى السلطان وهو بإصفهان، فخلع عليه الوزارة واستوزره، فاستمر عشرة أشهر وعزل نفسه، وعاد إلى بغداد فى شعبان سنة اثنتين وعشرين، فأعيد الوزير أبو القاسم.