الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأمره بالحضور بنفسه فى عساكره لتجمع العساكر ويقصدون التتار فمنعه من ذلك مسيره إلى الديار المصرية لنصرة الملك العادل بن أيوب على الفرنج، واستعادة دمياط من أيديهم. فلما اجتمع مظفر الدين هو والعسكر الموصلى بدقوقا، سير إليهم الخليفة مملوكه قشتمر «1» - وهو أكبر أمير بالعراق- ومعه عشرة من الأمراء فى نحو ثمان مائة فارس، فاجتمعوا ليتصل بهم عساكر الخليفة، والمقدم عليهم مظفر الدين صاحب إربل، فلما رأى قلة العسكر لم يقدم على التتار. ولما سمع التتار باجتماع العسكر رجعوا القهقرى، ظنا منهم أن العسكر يتبعهم، فلما لم يتبعهم أقاموا وأقام العسكر بدقوقا، ثم تفرق المسلمون وعادوا إلى بلادهم.
ذكر ملكهم همذان وقتل أهلها
قال: لما تفرق العسكر الإسلامى عاد التتار إلى همذان، فنزلوا بالقرب منها، وكان لهم شحنة يحكم فيها، فأرسلوا إليه أن يطلب لهم من أهلها ما لا وثيابا وكان رئيس همذان من الأشراف ذا رئاسة قديمة بها وهو الذى سعى فى أمر أهل البلد مع التتار، وتوصل إليهم بما جمع من الأموال فما طلب المال ثانيا من أهل همذان لم يجدوا ما يحملونه لهم، فاجتمعوا إلى الشريف ومعهم انسان فقيه قام فى اجتماع الكلمة على التتار، فشكوا إلى الشريف حالهم، وما نالهم من الهوان، وطلب ما لا يقدرون عليه. فقال: إذا كنا نعجز
عن دفعهم فليس إلا مصانعتهم بالأموال، فثاروا عليه، وأغلظوا له فى القول، فوافقهم على مرادهم. فأشار الفقيه بإخراج شحنة التتار فوثب العامة على الشحنة فقتلوه، وامتنعوا. فتقدم إليهم التتار وحصروهم، فقاتلهم أهل البلد قتالا شديدا، والرئيس والفقيه فى أوائلهم، فقتل من التتار خلق كثير، وجرح الفقيه عدة جراحات وافترقوا. ثم اقتتلوا من الغد أشد مما مضى بالأمس. وأرادوا الخروج فى اليوم الثالث، فلم يطق الفقيه الركوب ولم يوجد الرئيس، وهرب من سرب كان قد صنعه إلى ظاهر البلد هو وأهله، واستعصم بقلعة هناك على جبل عال. فحار الناس ثم اجتمعت كلمتهم على القتال إلى أن يموتوا، وكان التتار قد عزموا على الرحيل لكثرة من قتل منهم، فلما تقاصر أهل البلد عن الخروج إليهم طمعوا واستدلوا على ضعفهم، فقصدوهم وقاتلوهم، ودخلوا المدينة بالسيف، وذلك فى شهر رجب سنة ثمان عشرة. وقاتلهم الناس فى الدروب بالسكاكين فقتل من الفريقين ما لا يحصى، ثم قوى التتار على المسلمين فأفنوهم وما سلم منهم إلا من كان عمل له نفقا فى الأرض، واختفى فيه، ثم أحرقوا البلد ورحلوا عنه.
ذكر مسيرهم الى أذربيجان وملكهم أردويل «1» وغيرها
قال: لما فرغوا من همذان ساروا إلى أذربيجان فوصلوا إلى أردويل فملكوها، وقتلوا وخربوا أكثرها وساروا إلى تبريز، ففارقها صاحبها أزبك بن البهلوان وتوجه إلى نقجوان وكان كثير التخلف والشرب واللهو، فقام بأمر تبريز شمس الدين الطغرائى، وجمع الكلمة وقوى نفوس الناس على الامتناع، وحذرهم عاقبة التخاذل والتوانى، وحصن البلد. فبلغ التتار ذلك فراسلوه يطلبون منه مالا وثيابا فاستقر الأمر بينهم على قدر معلوم فأخذوه ورحلوا إلى مدينة سراو «2» فنهبوها وقتلوا جميع من فيها. ورحلوا عنها إلى بيلقان من بلاد أران «3» فنهبوا كل ما مروا به من البلاد والقرى وقتلوا من ظفروا به وحصروا بيلقان «4» ، فاستدعى أهلها منهم رسولا ليقرر الصلح فأرسلوا إليهم رسولا من أكابرهم ومقدميهم، فقتلوه، فزحف