الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقيه علاء الدين الخياطى «1» محتسب خوارزم- وكان من أهل العلم والعمل- مستعطفا له؛ فأمر دوشى خان باحترامه، وأن تنصب له خيمة. ثم أحضره فأدى رسالته فقال فى جملة ما قال: إننا قد شاهدنا هيبة الخان وقد آن أن نشاهد مرحمته. فاستشاظ غضبا وقال: «ماذا رأوا من هيبتى وقد أفنوا رجالى؟ فأما أنا فشاهدت هيبتهم وها أنا أريهم هييتى.» وأمر بإخراج الناس ونودى فيهم بانفراد أرباب الصنائع وانعزالهم على حدة، فمنهم من فعل ونجا، «2» ومنهم من اعتقد أن أرباب الحرف تساق إلى بلادهم وغيرهم يترك فى وطنه فلم ينفرد، ثم وضع السيف فيهم فقتلوا جميعا وحكى ابن الأثير فى تاريخه الكامل أن التتار بعد ذلك فتحوا السكر «3» الذى يمنع ماء جيحون عن البلد فدخله الماء فغرق جميعه وتهدمت الأبنية ولم يسلم من أهله أحد البتة، فإن الذين اختفوا من التتار غرقهم الماء وقتلهم الهدم. وهذا ما لم يسمع بمثله من قديم الزمان ولا حديثه.
ثم عاد التتار إلى جنكزخان وهو بالطالقان..
ذكر عود طائفة من التتار الى همذان وغيرها
وهم غير التتار المغربة الذين قدمنا ذكرهم قال ابن الأثير: وفى سنة إحدى وعشرين وستمائة وصلت طائفة
من التتار من جهة جنكزخان إلى الرى؛ وكان من سلم من أهلها قد عادوا إليها وعمروها، فوضع التتار فيهم السيف وقتلوهم كيف شاؤوا، ونهبوا البلد وخربوه، وتوجهوا إلى ساوة «1» ففعلوا بها كذلك، ثم إلى قم وقاجان «2» وكانتا قد سلمتا من التتار والمغربة.
ثم عاثوا فى البلاد يخربون ويقتلون ثم قصدوا همذان، وقد اجتمع بها كثير ممن سلم من أهلها، فأبادوهم قتلا وأسرا ونهبا.
قال: وكانوا لما وصلوا إلى الرى رأوا بها عسكرا كثيرا من الخوارزمية فقتل بعضهم وانهزم الباقون إلى أذربيجان، فنزلوا بأطرافها، فلم يشعروا إلا والتتار قد كبسوهم، ووضعوا فيهم السيف، فانهزموا فوصلت طائفة منهم إلى تبريز، وتفرق الباقون ووصل التتار إلى قرب تبريز فراسلوا صاحبها أزبك بن البهلوان فى طلب من التحق به من الخوارزمية، فعمد إلى من عنده منهم فقتل بعضهم وأسر البعض، وساق الأسرى وحمل الرؤوس إلى التتار، وأنفذ إليهم من الأموال والثياب والدواب شيئا كثيرا فعادوا عن بلاده نحو خراسان.
قال: ولم تكن هذه الطائفة أكثر من ثلاثة آلاف، وكانت الخوارزمية الذين انهزموا منهم نحو ستة آلاف فارس؛ وعسكر أزبك أكثر من الجميع، ومع هذا فلم يمتنعوا عنهم ولا حدثوا نفوسهم بحربهم
هذا كله وجلال الدين خوارزم شاه ببلاد الهند. ثم اتفق خروجه منها فى سنة إحدى وعشرين وستمائة؛ واستولى على ملك العراق، وانتزعه من يد أخيه غياث الدين [ببرشاه]«1» وملك أذربيجان ومراغة وغيرها» وقاتل الكرج على ما قدمناه فى أخباره. ولم يهجه التتار ولا قاتلوه إلى سنة خمس وعشرين وستمائة بعد وفاة جنكزخان وقام ولده [أوكداى]«2» مقامه.
هذا ما انتهى إلينا من وقائع التتار وحروبهم وما استولوا عليه فى أيام ملكهم جنكزخان التمرجى؛ وهو على سبيل الاختصار لعدم من تحقق من أخبارهم ويدون آثارهم. ثم كان بعد وفاة جنكزخان وقيام من قام بعده من أولاده حروب ووقائع، نذكرها إن شاء الله تعالى بعد ذكرنا وفاة جنكزخان.