الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى جانبه، وقد أعفى فقال له الملك:«يا فلان ألا تسمع إلى ما يقولون» قال: «لا» قال: «إنهم يخبرون بكذا وكذا، أين كان محمد عن تلك البلاد وأهلها.» قال: «كان قد غاب عنهم وشهد فتح الرها، فقد فتحها المسلمون الآن» فضحك من هناك من الفرنج فقال الملك:
«لا تضحكوا فما يقول والله إلا الحق» فوصل بعد أيام الخبر من فرنج الشام بفتحها. قال ابن الأثير: وحكى لى جماعة من أهل الدين والصلاح أن إنسانا صالحا رأى الشهيد زنكى فى منامه فقال له:
«ما فعل الله بك» قال: «غفر لى بفتح الرها» .
ذكر مقتل نصير الدين جقر، وولاية زين الدين على كورجك
كان مقتله فى ذى القعدة تسع وثلاثين وخمسماية. وسبب ذلك أنه كان ينوب عن عماد الدين أتابك زنكى بالموصل وسائر الأعمال التى شرقى الفرات. وكان الملك ألب أرسلان المعروف بالخفاجى ولد السلطان محمود عند زنكى. وكان يظهر للخلفاء والسلطان مسعود وأصحاب الأطراف أن هذه البلاد لهذا الملك.
وكان ألب أرسلان فى هذه السنة بالموصل، ونصير الدين يحضر إلى خدمته فى كل يوم، فحسن له بعض المفسدين طلب الملك وقالوا له:«إن قتلت نصير الدين ملكت الموصل وغيرها، ولا يبقى مع أتابك زنكى فارس واحد» فمال إلى ذلك. فلما دخل نصير الدين إليه وثب إليه من عنده فقتلوه، وألقوا رأسه إلى أصحابه، ظنا
منهم أنهم يتفرقون ويخرج الملك ويملك البلاد، فلما رأى أصحابه الرأس قاتلوا من بالدار مع الملك واجتمع معهم الخلق الكثير، فدخل القاضى تاج الدين يحيى بن الشهرزورى إلى الملك ألب أرسلان وخدعه، وكان فيما قاله حين رآه منزعجا:«يا مولانا لم تحرد من هذا الكلب؟ هو وأستاذه «1» مماليكك، الحمد لله الذى أراحنا منه ومن صاحبه على يديك» ثم قال له: «وما الذى يقعدك فى هذه الدار؟
قم لتصعد إلى القلعة وتأخذ الأموال والسلاح وتملك البلد وتجمع الجند وليس دون البلاد بعد الموصل مانع» فقام معه وركب وأصعده إلى القلعة، فلما قاربها أراد من بها من النقيب والأجناد القتال، فتقدم إليهم القاضى تاج الدين فقال:«افتحوا الباب وتسلموه وافعلوا ما أردتم» ففتحوا الباب ودخل الملك والقاضى إلى القلعة ومعهما من أعان على قتل نصير الدين. فلما صاروا بالقلعة سجنوا كلهم إلا القاضى.
وبلغ الخبر عماد الدين وهو يحاصر قلعة البيرة، وقد أشرف على فتحها، فخاف أن تختلف البلاد الشرقية بعد قتل نصير الدين، ففارق البيرة وأرسل زين الدين على بن بكتكين «2» إلى قلعة الموصل واليا على ما كان نصير الدين يتولاه. وسار عماد الدين عن لبيرة، فخاف من بها من الفرنج أن يعود إليهم. فسلموها لصاحب