الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأقام خوارزم شاه بغزنة، فلما تمكن أحضر قتلغ تكين، وسأله كيف كانت حاله مع الدز، فأخبره أنه كان الحاكم على دولته، والمتصرف فى الحكم وغيره، وكان يعرف ذلك، وإنما أراد إقامة الحجة عليه. فلما انتهى حديثه قال [خوارزم] شاه له:«إذا كنت ما رعيت الحق لمن أنت وهو من بيت واحد، وقد حكمك فى ملكه وصرفك فيه، فكيف تفعل مع ابنى إذا تركته عندك؟» وأمر بالقبض عليه، وأخذ منه أموالا جمة حملها على ثلاثين دابة وأربعماية مملوك، ثم قتله. وترك ولده جلال الدين بغزنة فى جماعة من عساكره وأمرائه وكان ملكه لها فى سنة ثنتى عشرة وستماية، وقيل سنة ثلاث عشرة.
ذكر عزمه على المسير الى العراق وقصد بغداد، ومراسلته فى طلب آل سلجق ببغداد وما أجيب به
قال شهاب الدين محمد المنشى فى تاريخه: لما عظم أمر السلطان [خوارزم شاه] وتجلت له الدنيا فى أرفع ملابسها وأشرقت شمس دولته من أكرم مطالعها، واستملئت جريدة ديوان الجيش على ما يقارب أربعمائة ألف فارس، سمت همته إلى طلب ما كان لبنى سلجوق من الحكم والملك ببغداد، وترددت الرسل فى ذلك مرارا «1» فلم يجبه الخليفة إلى مراده لعلمه بما بين يديه من الشواغل عما وراء
النهر وبلاد الترك. قال: وحكى القاضى فخر الدين عمر بن سعد الخوارزمى- وكان عند السلطان من ذوى الحظوة والاختصاص- وقد أرسله إلى بغداد مرارا، قال: كان آخر رسالاتى إليها مطالبة الديوان بما ذكرناه، فأبوا ذلك وأنكروه كل الإنكار، وقالوا: إن اختلاف الدول، وتقلب الدهر، وتغلب الخارجى على بغداد، وتسحب الإمام القائم بأمر الله منها إلى مدينة عانة، وانتصاره بطغرلبك ابن ميكائيل هو الذى اقتضى تحكم بنى سلجوق فى بغداد، «1» وإلا فليس يحسن أن يكون مع الزمان على أكتاف الخلافة محتكم يأمر فيها كيف شاء بما سر وساء، وليس فيما أنعم الله عليه به من الممالك الواسعة والأقاليم المتباعدة المتشاسعة غنية عن الطمع فى ملك أمير المؤمنين، ومشاهد آبائه الراشدين، قال: وأصحب فى عوده الشيخ شهاب الدين السهروردى «2» رحمه الله مدافعا، وواعظا وازعا، عما كان السلطان يلتمسه.
وتراجعت المراسلات فى المعنى وتكررت، فكانت غير مجدية، وانضاف إلى ذلك كثرة استهانتهم بالسبيل الذى كان للسلطان فى طريق مكة، حتى بلغه تقديمهم سبيل صاحب الإسماعيلية جلال الدين الحسن على سبيله.
قال المنشى: وسمعت القاضى فخر الدين المذكور يقول: إن الشيخ شهاب الدين لما دخل على السلطان، وعنده من حسن الاعتقاد برفيع منزلته، وعالى قدره، وتقدمه فضلا على مشايخ عصره، ما أوجب تخصيصه بمزيد الإكرام عن سائر الرسل الواردة عليه من الديوان، فوقف قائما فى صحن الدار ثم أذن له فى الدخول.، فلما استقر المجلس بالشيخ قال: إن من سنة الداعى للدولة القاهرة أن يقدم على أداء الرسالة حديثا من أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم، تيمنا وتبركا، فأذن له السلطان فى ذلك، وجثا على ركبتيه أدبا عند سماع الحديث. فذكر الشيخ حديثا معناه التحذير من أذية بنى العباس، فلما فرغ من رواية الحديث قال السلطان:«أنا وإن كنت رجلا تركيا قليل المعرفة باللغة العربية، لكنى فهمت معنى ما ذكرته من الحديث، غير أننى ما أذيت أحدا من ولد العباس، ولا قصدتهم بسوء، وقد بلغنى أن فى محابس أمير المؤمنين منهم خلقا مخلدين «1» ، يتناسلون بها، ويتوالدون، فلو أعاد الشيخ الحديث بعينه على مسامع أمير المؤمنين كان أولى وأنفع وأجدى وأنجع.» فقال الشيخ: إن الخليفة اذا بويع فى مبدأ خلافته على كتاب الله وسنة رسوله واجتهاده، فإن أفضى اجتهاده إلى حبس شرذمة لإصلاح أمة، لا يقدح ذلك فى طريقته المثلى. وطال الكلام «2» ، وعاد الشيخ والوحشة قائمة على ساقها. واتفق بعد ذلك قتل الاسماعيلية