الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنعوه الدخول، فتيا سر عنها، وانضم إليه تقدير مائه فارس، فرمته الجفلة بهم إلى حدود جزيرة، وبها الدربندات المنيعة، فمنعوه من العبور، فأشار عليه أوترخان بالعود، وقال: إن أسلم الطّرق اليوم طريق سلكه التتار، فرجع ووصل إلى قرية من قرى ميافارقين ونزل ببيدرها وسيب الخيل لتستوفى شبعها، ثم ركب أوترخان وفارقه فى ذلك الوقت جبنا منه وخورا، ووثوقا بما كان بينه وبين الملك المظفر شهاب الدين غازى من المكاتبات، وأقام السلطان بالبيدر طول ليلته، فلما أصبح طلع عليه طائفة من التتار فركب وعوجل أكثر من معه عن الركوب فقتل بعضهم وأسر بعضهم. (والله أعلم)
ذكر مقتل السلطان جلال الدين وانقراض الدولة الخوارزمية
كان مقتله رحمه الله فى النصف من شوال سنة ثمان وعشرين وستمائة وذلك أنه لما كبسه التتار بالبيدر وركب، أخبرهم من أسر من رفاقه أن الذى انهزم هو السلطان، فجدوا فى طلبه وساق خلفه منهم خمسة عشر فارسا، فلحقه منهم فارسان فقتلهما، ويئس الباقون من الظفر به فرجعوا، ثم صعد جلال الدين إلى جبل. وكان الأكراد يحفظون الطرق لما يتخطفونه «1» فأخذوه وسلبوه على عادتهم بمن يظفرون «2» به، وأرادوا قتله فقال لكبيرهم سرّا: «إننى
أنا السلطان فلا تعجل بقتلى، ولك الخيار فى أن تحضرنى عند الملك المظفر شهاب الدين فيغنيك أو إيصالى إلى بعض بلادى فتصير ملكا» فرغب الرجل فى إيصاله إلى بلده، ومشى به إلى عشيرته، وتركه عند امرأته ومضى بنفسه إلى الخيل لإحضار ما يحمله عليه. فلما توجه الكردى جاء شخص من سفلة الأكراد وأراذلها وبيده حربة، فقال للمرأة: ما هذا الخوارزمى؟ ولم لا تقتلونه؟» فقالت: «قد آمنه زوجى وهو السلطان» فقال الكردى: «كيف تصدقون أنه السلطان وقد قتل لى بخلاط أخ خير منه» وضربه بالحربة ضربة فمات منها. فكانت مدة ملكه منذ وفاة أبيه اثنتى عشرة «1» سنة تقريبا قال: وكان أسمر قصيرا، تركى العبارة. وكان يتكلم بالفارسية، وكان حليما عفيف اللسان لا يكاد يضحك إلا تبسما، وكان يحب العدل. قال المنشى: وكان يكتب إلى الخليفة فى مبدأ خروجه من الهند والوحشة قائمة، حذوا على منوال أبيه خادمه المطواع منكوبرتى ابن السلطان سنجر. ولما أتته الخلع الخليفتية بالسلطنة كتب إليه «عبده» والخطاب:«سيدنا ومولانا الخليفة أمير المؤمنين وإمام المسلمين، خليفة رسول رب العالمين، إمام المشارق والمغارب المنيف على الذروة العلياء من لؤى بن غالب» . وكان يكتب إلى علاء الدين كيقباذ وملوك مصر والشام أجمع اسمه واسم أبيه منعوتا بالسلطان، ولا يزيدهم على ذلك. وكانت علامته على تواقيعه «النصرة من الله وحده» .
وكان يكاتب بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل وأشباهه بهذه العلامة وخوطب من الخليفة فى مبدأ طلوعه من الهند: الجناب الرفيع الخاقانى
ولم يزل يقترح عليهم أن يخاطب بالسلطان، فلم تحصل الإجابة لذلك إذ لم تجر به عادة، فلما كثر إلحاحه خوطب بالجناب العالى الشاهنشاهى.
وانقرضت الدولة الخوارزمية بقتل السلطان جلال الدين، وكانت مدة قيام هذه الدولة منذ ولى خوارزم شاه محمد بن أنوشتكين خوارزم من قبل أمير داذ حبشى متولى خراسان فى شهر رجب سنة تسعين وأربعماية، وإلى أن قتل السلطان جلال الدين هذا، مائة سنة وثمان «1» وثلاثين سنة وثلاثة أشهر وأياما. وعدة من ولى منهم سبعة وهم خوارزم شاه محمد بن أنوشتكين «2» ، ثم ابنه اتسز بن محمد، ثم ابنه ايل «3» أرسلان بن اتسز، ثم ابنه سلطان شاه محمود بن ايل «4» أرسلان،- ولم تطل أيامه-، ثم أخوه علاء الدين تكش، ثم ابنه علاء الدين محمد بن تكش، ثم ابنه جلال الدين منكوبرتى.