الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فجاء إليهم من الكرج نحو عشرة آلاف، فالتقوا واقتتلوا فانهزمت الكرج، وقتل أكثرهم وأرسل الكرج إلى أزبك صاحب أذربيجان يطلبون منه الصلح، والاتفاق على دفع التتار، فاتفقا على أنه إذا انحسر الشتا لقوهم. وراسلوا الملك الأشرف بن العادل صاحب خلاط وديار الجزيرة فى ذلك، وظنوا جميعهم أن التتار لا يتحركون إلى انقضاء فصل الشتاء، فما صبروا (التتار) وتحركوا وتوجهوا نحو بلاد الكرج، وانضاف إليهم (إلى التتار) مملوك تركى من مماليك أزبك اسمه أقوش، وجمع أهل بلد الجبل والصحراء من التركمان والأكراد وغيرهم، فاجتمع إليه جماعة منهم، فمال التتار إليه للجنسية فسار فى مقدمتهم إلى الكرج فملكوا حصنا من حصونهم وخربوه ونهبوا البلاد وقتلوا ووصلوا إلى قرب تفليس، فاجتمعت الكرج، قلقيهم أقوش بمن معه فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم أدركهم التتار فلم يثبت الكرج وانهزموا أقبح هزيمة، وأخذهم السيف من كل جانب وقتل منهم ما لا يحصى كثرة- وذلك فى ذى القعدة- ونهبوا من البلاد ما كان قد سلم منهم.
ذكر ملكهم مدينة مراغة
قال: ولما فعلوا بالكرج ما فعلوه، ودخلت سنة ثمان عشر وستمائة ساروا من بلاد الكرج ومروا على تبريز، فصانعهم صاحبها أيضا بمال وثياب ودواب، فساروا عنه إلى مدينة مراغة فحصروها، وليس بها من يمنعها لأن صاحبتها كانت امرأة وكانت مقيمة بقلعة رويندز «1» ، فقاتلهم أهلها، فنصبوا عليها المجانيق واستعانوا بأسرى السلمين.
وكانت عادتهم (التتار) إذا فتحوا مدينة استعانوا بأسراها على فتح غيرها، ويجعلون الأسرى أمامهم عند القتال، فيقع القتل فيهم.
فإذا فتحوا البلد قتلوهم بعد ذلك وتعوضوهم بمن أسروه من البلد الآخر. فأقاموا عليها عدة أيام وملكوها عنوة، وذلك فى رابع صفر من السنة، ووضعوا السيف فى أهلها، ونهبوا ما صلح لهم وحرقوا ما سواه. قال: واختفى بعض الناس منهم، فكانوا يأخذون الأسارى ويقولون لهم نادوا فى الدروب أن التتار قد رحلوا فينادون فيسمعهم من اختفى فيظهر فيقتلونه.
قال ابن الأثير: ولقد بلغنى أن امرأة من التتار دخلت دارا وقتلت جماعة من أهلها، وهم يظنون أنها من الرجال، فلما وضعت السلاح، رأوها امرأة، فقتلها رجل كانت أخذته أسيرا. قال: وسمعت من بعض أهلها أن رجلا من التتار دخل دربا فيه ما يزيد على مائة رجل فقتلهم واحدا واحدا، حتى أفناهم ولم يمد أحد يده إليه. وقعت الذلة على الناس، نعوذ بالله من الخذلان.
قال: ثم رحلوا نحو مدينة أربل، فكتب مظفر الدين صاحبها إلى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل يطلب منه نجدة من العساكر، فسير إليه جماعة، وكتب الخليفة إلى صاحبى الموصل وأربل يأمرهما بالاجتماع مع عساكره بمدينة دقوقا «1» لمنع التتار، لما بلغه أنهم عدلوا عن إربل لصعوبتها وقصدوا العراق. فسار مظفر الدين ومن معه من العسكر الموصلى فى صفر. وكتب الخليفة إلى الملك الأشرف