الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى خمسين ألفا. فجهز إليه عمه بعض الأمراء فكبسه وهزمه ونهب سواده، فسار إلى أصفهان على ما ذكرناه فى أخباره وخطب للسلطان تاج الدولة ببغداد.
ذكر قتل تاج الدولة تتش
قال: ولما هزم بركياروق سار من موضع الوقعة إلى همذان، ثم سار إلى الرى وكاتب الأمراء الذين بأصفهان يدعوهم إلى طاعته، ويبذل لهم الأموال الكثيرة. وكان بركياروق مريضا بالجدرى، فأجابوه يعدونه أنهم ينحازون إليه، وهم ينتظرون ما يكون من صاحبهم. فلما عوفى بركياروق أرسلوا إلى تتش أنه ليس لك عندنا إلا السيف، وخرجوا له والتقوا بموضع قريب من الرى، وقد كثرت جموع بركياروق، فانهزم أصحاب تتش وثبت هو فى القلب فقتله أصحاب قسيم الدولة بثأر صاحبهم، والله أعلم.
ذكر حال الملك رضوان وأخيه دقاق بعد قتل أبيهما تتش
قال: كان تاج الدولة تتش قد أوصى أصحابه بطاعة ابنه الملك رضوان. وكتب إليه من بلد الجبل قبل المصاف الذى قتل فيه يأمره بالمسير إلى بغداد، وأن يقيم بدار المملكة. فسار فى عدد كثير منهم إيلغازى بن أرتق، والأمير وثاب بن محمود بن صالح ابن مرداس وغيرهما. فلما قارب هيت جاءه الخبر بقتل أبيه، فعاد إلى حلب ومعه والدته فملكها، وكان بها أبو القاسم بن على
الخوارزمى قد سلمها تتش إليه، وحكّمه فيها وفى القلعة. ولحق برضوان زوج أمه جناح الدولة الحسين بن إيتكين، وكان مع تتش فسلم من المعركة. وكان مع رضوان أيضا أخواه الصغيران أبو طالب وبهرام فكانوا كلهم مع أبى القاسم كالأضياف لتحكمه فى البلد؛ فاستمال جناح الدولة المغاربة، وكانوا أكثر أجناد القلعة. فلما انتصف الليل نادوا بشعار الملك رضوان، واحتاطوا على أبى القاسم، وأرسل إليه الملك رضوان يطيب قلبه، فاعتذر فقبل عذره، وخطب لرضوان على منابر حلب وأعمالها، وكانت الخطبة قد دامت باسم أبيه بعد قتله نحو شهرين.
وسار جناح الدولة فى تدبير الدولة أحسن سيرة، وخالف عليهم الأمير ياغى سيان «1» بن محمد بن ألب التركمانى صاحب انطاكية ثم صالحهم، وأشار على الملك رضوان بقصد ديار بكر لخلوها من وال يحفظها. فساروا جميعا وقدم عليهم من بالأطراف الذين كان تتش قد رتبهم فيها، وقصد واسروج، فسبقهم إليها الأمير سقمان بن أرتق فأخذها ومنعهم منها، وأمر أهل البلد فخرجوا إلى رضوان وتظلموا من عساكره وما يفسدونه من غلاتهم، ويسألونه الرحيل. فرحل عنهم إلى الرها، وكان بها رجل يقال له الفارقليط- كان يضمن البلد من بوزان- فقاتل قتالا شديدا ثم ملكها. وطلب ياغى سيان القلعة من رضوان فوهبها له، فتسلمها وحصنها، فهرب رجالها وأرسل إليهم أهل حران يطلبونهم ليسلموا إليهم
البلد، فسمع ذلك قراجا فصلب ابن الفتى وغيره ممن اتمهم وجاء الخبر إلى رضوان وقد اختلف جناح الدولة وياغى سيان وأضمر كل منهما لصاحبه الغدر، فهرب جناح الدولة إلى حلب فدخلها، واجتمع بزوجته أم الملك رضوان. وسار رضوان وياغى إلى حلب، فسمع بدخول جناح الدولة إليها، ففارق ياغى سيان الملك رضوان وسار إلى انطاكية ومعه أبو القاسم الخوارزمى ودخل رضوان حلب.
هذا ما كان من أمر رضوان، وأما الملك دقاق بن تتش، فإنه كان قد حضر المصاف مع أبيه، فلما قتل أبوه أخذه إيتكين الحلبى- وهو من غلمان أبيه- وسار به إلى حلب، فأقام عند أخيه الملك رضوان.
ثم راسله الأمير ساوتكين الخادم- متولى دمشق- سرا يدعوه ليملكه دمشق؛ فهرب من حلب. فأرسل أخوه رضوان فى طلبه عدة من الخدام فلم يدركوه، وسار حتى وصل إلى دمشق ففرح به ساوتكين الخادم وأظهر البشر لورده. فلما صار بدمشق أرسل إليه ياغى سيان يشير عليه أن ينفرد بملك دمشق عن أخيه رضوان.
واتفق وصول معتمد الدولة طغتكين إلى دمشق ومعه جماعة من خواص تتش وعسكره وقد سلموا من الوقعة وكان طغتكين قد أسر ثم خلص فلما وصل إلى دمشق لقيه الملك دقاق وأرباب الدولة وبالغوا فى تعظيمه وإكرامه. وكان طغتكين زوج والدة دقاق، فمال إليه لذلك ووثق به وحكمه فى بلاده. ثم اتفقا على قتل ساوتكين الخادم فقتلاه.
وسار إليه ياغى سيان من انطاكية ومعه أبو القاسم الخوارزمى فجعله وزيرا لدقاق، وحكمه فى دولته. فصارت دمشق لدقاق وحلب لرضوان.