الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم تابعوا الزحف على القلعة وبها أربعماية فارس من المسلمين، فبذلوا جهدهم ومانعوا اثنى «1» عشر يوما يقاتلون جميع الكفار وأهل البلد، فما زالوا كذلك إلى أن وصل النقابون إلى القلعة. واشتد الأمر ورمى المسلمون بجميع ما عندهم من حجارة وسهام ونار ثم قاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم، وملك جنكزخان القلعة، فلما فرغ من أمر القلعة أمر بجمع رؤساء البلد، فجمعوا وعرضوا عليه فقال لهم:
«أريد منكم النقرة التى باعكم خوارزم شاه فإنها لى وأخذت من أصحابى» فأحضر كل من كان عنده شىء منها ما عنده، ثم أمرهم بالخروج من البلد مجردين فخرجوا ليس مع أحد منهم غير ثيابه التى عليه، ونهب التتار البلد وقتلوا من تخلف فيه. وأحاطوا بالمسلمين فأمر أصحابه أن يقتسموهم ففعلوا ذلك وأصبحت بخارى خاوية؛ على عروشها، وارتكب التتار من الفساد العظيم والناس ينظرون إليهم ولا يستطيعون ردهم. فمنم من لم يرض بذلك واختار الموت وقاتل حتى قتل، ومنهم من استسلم وأسر. وألقوا النار فى البلد والمدارس والمساجد وعذبوا الناس بأنواع العذاب فى طلب الأموال ثم ساروا إلى سمرقند.
ذكر استيلائه على سمرقند
قال: ولما فرع جنكزخان من أمر بخارا سار إلى سمرقند وقد تحقق عجز السلطان علاء الدين عن قتاله، وهو بمكانه بين ترمذ
وبلخ، وأمر جنكزخان أن يتوجه من سلم من أهل بخارا فخرجوا مشاة على أقبح حال، فمن أعياه التعب وعجز عن المشى قتل. فلما قاربوا سمرقند، ورموا الخيالة، وتركوا الأثقال والأسارى والرجالة وراهم، وتقدموا شيئا فشيئا ليكون ذلك أرعب لقلوب المسلمين، فاستعظم أهل البلد سوادهم فلما كان فى اليوم الثانى وصلت الأسارى والرجال والأثقال ومع كل عشرة من الأسارى علم، فظنه أهل البلد أن الجميع مقاتلة وأحاطوا بالبلد، وكان [طغانخان]«1» خال السلطان وأمراء الغور فى أربعين ألف فارس وقيل فى خمسين ألف فارس، وعامة البلد لا يحصون كثرة، فخرج إليهم شجعان أهله وأهل الجلاد رجال، ولم يخرج معهم أحد من العسكر الخوارزمى لما فى قلوبهم من الجزع فقاتلهم الرجالة بظاهر البلد فلم يزل التتار يتأخرون وأهل البلد يتتبعونهم ويطمعون، فيهم، حتى بعدوا عن البلد، وكان التتار قد كمنوا كمينا، فلما جاوزه المسلمون خرج الكمين من ورائهم وحال بينهم وبين البلد وعطف عليهم التتار فصاروا فى وسط القوم وآخرهم السيف، قتلوا عن آخرهم، وكانوا سبعين ألفا. فضعفت نفوس الجند ومن بقى من العامة وأيقنوا بالهلاك؛ فقال الجند- وكانوا أتراكا- نحن من جنس هؤلاء ولا يقتلوننا «2» ، فطلبوا الأمان فأجابوهم له، ففتحوا أبواب البلد وخرج الجند إليهم بأهاليهم وأموالهم فقال لهم التتار:«إدفعوا إلينا سلاحكم وأموالكم ودوابكم ونحن نسيركم إلى مأمنكم» . ففعلوا ذلك ثم وضعوا فيهم السيف