الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر أخبار عماد الدين أتابك زنكى بن قسيم الدولة اقسنقر
قال المؤرخون: لما قتل قسيم الدولة كان عمر ولده زنكى نحو عشر سنين، ولم يخلف من الذرية غيره، فاجتمع مماليك والده عليه وأصحابه. فلما خلص قوام الدين كربوقا من السجن، بعد قتل تتش فى سنة تسع وثمانين وأربعماية، وملك حران ونصيبين والوصل وماردين، وعظم شأنه وهو فى طاعة السلطان بركياروق، أحضر مماليك قسيم الدولة، وأمرهم بإحضار عماد الدين زنكى، وقال:«هو ابن أخى، وأنا أولى الناس بتربيته» فأحضروه إليه، وأقطعهم كربوقا الإقطاعات السنية واستعان بهم فى حروبه، وسار بهم إلى آمد وصاحبها من أمراء التركمان، والتقوا فهزمهم كربوقا.
وهو أول مصاف حضره زنكى بعد قتل والده. ولم يزل عند كربوقا إلى أن توفى [كربوقا] فى سنة أربع وتسعين وأربعماية. وملك بعده موسى التركمانى، فقتل ولم تطل مدته. ثم ملك الموصل شمس الدولة جكرمش، وهو من مماليك السلطان ملكشاه، فاتخذ عماد الدين زنكى كالولد، فكان عنده إلى أن قتل فى سنة خمسماية. ثم ملك الموصل بعده جاولى سقاور، فاتصل به عماد الدين، وقد كبر وظهرت شهامته. ولم يزل معه حتى عصى على السلطان غياث الدين محمد بن ملكشاه، فأرسل السلطان الأمير مودود إلى الموصل، فى سنة اثنتين وخمسماية، وأقطعه إياها، ففارقه عماد الدين وغيره من الأمراء، والتحقوا بمودود، فأكرم زنكى وشهد حروبه.
ثم سار مودود إلى الشام ففتح فى طريقه قلاعا كانت للفرنج، ثم حضر عند أتابك طغرلتكين (طغتكين) صاحب دمشق وسار إلى طبرية وحاصرها، وقاتلوا قتالا شديدا، فظهر من عماد الدين زنكى شجاعة عظيمة، منها أنه كان فى نفر وخرج الفرنج من البلد، فحمل عليهم هو ومن معه فهزمهم، واستمر فى حملته وهو يظن أن أصحابه يتبعونه، فتخلفوا عنه وتقدم وحده إلى أن وصل إلى باب المدينة، وأثر رمحه فيه. وقاتل الفرنج عليه وحمى نفسه، وعاد سالما، فعجب الناس من إقدامه وسلامته. ثم عاد إلى دمشق صحبة الأمير مودود، فخرج مودود لصلاة الجمعة، فلما صلى وانصرف، فبينما هو فى صحن الجامع ويده بيد طغرلتكين وثب عليه إنسان فضربه بسكين، فحمل إلى بيت طغرلتكين فمات فى بقية يومه، وكان صائما ولم يفطر، وقتل قاتله. قال: ولما قتل كتب ملك الفرنج إلى طغرلتكين يقول:
«إن أمة قتلت عميدها، فى يوم عيدها، فى بيت معبودها، حقيق على الله أن يبيدها» ثم أقطع السلطان الموصل وغيرها بعد قتل مودود للأمير جيوش بك، وسير معه ولده الملك مسعود، كما ذكرناه. ثم جهز السلطان اقسنقر البرسقى فى العساكر لقتال الفرنج، وكتب إلى عساكر الموصل وغيرها يأمرهم بالمسير معه، فساروا وفيهم عماد الدين زنكى. وكان يعرف فى عساكر العجم زنكى الشامى، فسار اقسنقر إلى الرها وإلى سميساط «1» وبلد سروج،