الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن باطو خير الصاحب ورفقته بين أن يستصحبوا الهدايا إلى القان، ويكون السلطان صحبة طرنطاى ورفيقه أو العكس. فاختار الصاحب أن يكون السلطان معه والهدايا مع طرنطاى، وافترقا على. ذلك.
وتوجه السلطان كيقباذ والصاحب إلى القان وتوجه طرنطاى ورفيقه بالهدايا إليه، وافترقوا فى الطريق، فكل قصد جهة. واتفقت وفاة السلطان فى طريقه، وجرت لهم خطوب يطول شرحها، آخرها أنهم وصلوا إلى القان بالأردو وتنافسوا الرياسة فى مجلسه، ثم اتفق الحال أن تكون مملكة الروم مقسومة بين الأخوين، فجعل لعز الدين كيكاووش من نهر سيواس إلى حد بلاد اشكرى «1» ، ولركن الدين قلج أرسلان من نهر سيواس إلى تخوم أرزن الروم من الجهة الشمالية المتصله ببلاد التتار. واستقر عليهما اتاوة يحملونها إلى الأردو وعاد الصاحب شمس الدين وطرنطاى ورفقتهما من عنده، فما وصلوا إلى الروم حتى دخله التتار، وكان بينهم وبين السلطان عز الدين ما نذكره إن شاء الله فى أخبار التتار.
قال: ووصل الصاحب ورفقته الى الروم
فى سنة سبع وخمسين وستماية، واستقرت القسمة بين الأخوين على ما قرره منكوقان، وانفرد كل منهما بما استقر له، وانضم إليه جماعة من الأمراء. ثم قدم هولاكو وملك بغداد، فاستدعاهما فسار إليه، وحضرا معه أخذ حلب، ثم عادا إلى بلادهما على القسمة التى قسمها منكوقان. فلما كان فى سنة ستين
وستماية بعث هولاكو يستدعى شمس الدين يوتاش نائب السلطان عز الدين، فأرسله إليه فوصل إلى أرزنكان صحبة رسل هولاكو.
فوافق وصولهم إليها عند غطاس النصارى، فخرجوا إلى الفرات بجمع كثير، ومعهم الجاثليق وقد رفعوا الصلبان على الرماح، وأعلنوا بالنواقيس والصياح، فأنكر عليهم شمس الدين، وقصد منعهم، فمنعه رسل هولاكو، وقالوا:«هذه بلاد السلطان ركن الدين فلا يحدث فيها» وسألوا الجاثليق: «كيف كان عادتكم فى أيام السلطان غياث الدين؟» فقال: «كنا نحمل له ثلاثة آلاف درهم، ونعمل ما نختار» فأخذوا منه ثلاثة آلاف درهم ومكنوه من عمل العيد كما أراد. فلما جرت هذه المفاوضة بين رسل هولاكو وشمس الدين، عاد مغضبا ورجع إلى السلطان عز الدين، وحمله على المخالفة والعصيان، فوافقه على ذلك واستولى على أكثر بلاد أخيه ركن الدين.
فتوجه ركن الدين إلى هولاكو واستنصر به، فبعث معه تومانا «1» من التتار، فكسرهم عز الدين. ثم استمدوا هولاكو، فأمدهم بتومان آخر فهرب عز الدين وفارق البلاد ودخل إلى الأشكرى بالقسطنطينية، وصحبته أخواله، وهما على دين النصرانية، وثلاثة نفر من أمرائه. واستولى ركن الدين على جميع البلاد واستقل بملكها.
وأما عز الدين فإنه لما وصل إلى الأشكرى أكرمه وأحسن إليه،
فأقام عنده إلى سنة اثنتين وستين وستماية، فقصد الأمراء الذين كانوا معه وهم عز الدين أمير آخر، وعلى بهادر، وأمير مجلس، أن يثبوا على الأشكرى فيقتلوه، وأعلموا صاحبهم عز الدين بذلك.
وقالوا له: «اكتمه عن خاليك» فلم يكتمه عنهما، وأعلمهما به، وأمرهما أن يعرفا الأشكرى بذلك، وأنه لا يركب فى اليوم الذى قصد الأمراء الفتك به فيه. فعرفاه، فقبض على الأمراء وكحلهم، وقبض على السلطان عز الدين واعتقله بقلعة من القلاع الغربية، فأقام بها إلى سنة ثمان وستين وستماية. وجمع الأشكرى أصحاب الأمراء وأتباعهم، وعرض عليهم الدخول فى دينه. فمن وافق تركه، ومن أبى كحله. فمنهم من وافق وتنصّر، ومنهم من امتنع فكحل، وعرض على رجل منهم أن يتنصر فصاح وقال:«الجنة معدة للإسلام، والنار معدة لكم» فقال: هذا رجل ثابت على دينه وأطلقه، وكتب له ورقة للطريق.
وفى سنة ثمان وستين وستماية خلص السلطان عز الدين وأهله من الاعتقال، وسبب ذلك أن منكوتمر بن طغان جهز عسكر إلى اسطنبول، فأغاروا عليها، وأخذوا عز الدين من القلعة التى كان بها، وأحضروه إلى منكوتمر، فأكرمه وأحسن إليه وأقام ببلاده قرم، وتزوج بها، واستمر إلى أن توفى فى سنة سبع وسبعين وستماية.