الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مسير الملك مسعود ابن السلطان محمد وجيوش بك وما كان بينهما وبين البرسقى والأمير دبيس بن صدقة
قال: وفى جمادى الأولى سنة ثنتى عشرة وخمسماية برز اقسنقر البرسقى، ونزل بأسفل الرقة فى عسكره، ومن انضاف إليه، وأظهر أنه على قصد الحلة وإخراج الأمير دبيس بن صدقة عنها، وجمع جموعا كثيرة من العرب والأكراد وفرق الأموال الكثيرة والسلاح. وكان الملك مسعود بن السلطان محمد بالموصل عند أتابكه «1» الأمير جيوش بك كما ذكرناه فى أخبار السلطان محمد، فأشار عليهما جماعة بقصد العراق، وقالوا لا مانع دونه، فسارا فى جيوش كثيرة، ومع الملك مسعود وزيره فخر الملك أبو على بن عمار صاحب طرابلس، وقسيم الدولة اقسنقر جد نور الدين الشهيد «2» ومعهم صاحب سنجار، وصاحب أربل، وكرباوى بن خراسان التركمانى صاحب البوازيج «3» .
فلما علم البرسقى بقربهم خافهم، وتجهّز لقتالهم عند ما قربوا من بغداد، فسار إليهم ليقاتلهم، فأرسل إليه الأمير كرباوى
فى الصلح، وأعلمه أنهم إنما جاءوا نجدة له على دبيس، فاصطلحوا وتعاهدوا. ووصل الملك مسعود إلى بغداد، ونزل بدار المملكة، فأتاهم الخبر بوصول الأمير عماد الدين منكبرس المقدم ذكره فى جيش كبير، فسار البرسقى عن بغداد ليحاربه ويمنعه من دخولها، فلما علم منكبرس بذلك قصد النعمانية واجتمع هو والأمير دبيس ابن صدقة واتفقا على المعاضدة والتناصر وقوى كل منهما بصاحبه.
فلما اجتمعا سار الملك مسعود والبرسقى وجيوش بك ومن معهم إلى المدائن للقاء دبيس ومنكبرس، فأتتهم الأخبار بكثرة جمعهما، فعاد البرسقى والملك مسعود وعبرا نهر صرصر «1» ، وحفظا المخائض عليه، ونهب الطائفتان السواد نهبا فاحشا، واستباحوا النساء، فأرسل الخليفة المسترشد بالله- وكان قد بويع له بعد وفاة أبيه- إلى الملك مسعود وإلى البرسقى ينكر ذلك، ويأمرهم بحقن الدماء، وترك الفساد، والموادعة والمصالحة. فأنكر البرسقى أن يكون ذلك قد وقع، وأجاب إلى العود إلى بغداد، وعاد، ووقع الصلح والاتفاق بينهما. وكان سبب الاتفاق أن جيوش بك كتب إلى السلطان محمود يطلب الزيادة للملك مسعود ولنفسه، فوصل كتاب الرسول يذكر أنه لقى من السلطان إحسانا كثيرا، وأنه أقطعهم أذربيجان.
فوقع الكتاب إلى منكبرس، فأرسله إلى جيوش بك، وضمن له إصلاح السلطان محمود له وللملك مسعود. وكان منكبرس متزوجا بأم الملك مسعود واسمها سرجهان، فعند ذلك تفرق عن البرسقى