الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الزجاج: لأن البينة والبيان في معنى واحد. اهـ
قوله: (مستعار من المفاتح)
.
قال الطَّيبي: يمكن أن تكون الاستعارة مصرحة تحقيقية، استعير العلم للمفاتح لعلم الله لأن المفاتح هي التي يتوصل بها من علم بها وبكيفية فتح المخازن المستوثق منها بالأغلاق وإلى ما في المخازن من المتاع، فعلم منه أنه تعالى أراد بهذه العبارة أنه هو من المتوصل إلى المغيبات وحده، وأن يكون استعارة تمثيلية بأن يجعل الوجه منتزعاً من أمور متوهمة وهوماً يتوهم من تمكن تحصيل شيء مستوثق منه يختص حصوله بمن عنده ما يتوصل به، وأنه مركب من أمور متعددة، وإن شئت جعلت الاستعارة في الغيب على سبيل المكنية والقرينة إضافة المفتاح إليه على التخييلية. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: هي استعارة بالكناية تشبيهاً للغيب بالأشياء المستوثق منها بالأقفال، وإثبات المفاتح تخييلية كأظفار المنية، وكذا على جعلها جمع مَفتح -بفتح الميم- بمعنى المخزن هي مكنية أيضاً، جعل للغيب مخازن أودعها هو وهي عنده فلا يطلع على الغيب غيره، فهو أيضاً عبارة عن علمه بالمغيبات كما دل عليه قوله تعالى (لا يَعْلَمُهَا إِلاّ هُوَ) لا عن قدرته على جميع الممكنات كما قال الإمام الرازي. اهـ
قوله: (والمعنى أنه المتوصل إلى المغيبات).
قال ابن المنير: لا يجوز إطلاق المتوصل على الله تعالى لما يوهم من تجدد الوصول. اهـ
وقال الطَّيبي: لا بأس إن أريد الاستمرار الدائم. اهـ
قال الشيخ سعد الدين: وما قيل من أنَّ إطلاق التواصل على الله تعالى ولو بطريق
التجوز بعيدٌ لما ينبئ من تجدد الوصول ليس ببعيد. اهـ
قلت: هذه العبارة تعطي مساعدة ابن المنير، ولا شك في منع ذلك لعدم الورود، والألفاظ المطلقة عليه سبحانه توقيفية.
قوله: ((إِلاّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) بدل من الاستثناء الأول).
قال أبو البقاء: (إِلاّ فِي كِتَابٍ) إلا هو في كتاب، ولا يجوز أن يكون استثناء يعمل فيه (يَعلَمُهَا) لأنَّ المعنى يصير: وما تسقط من ورقة إلا يعلمها إلا في كتاب، فينقلب معناه إلى الإثبات أي: لا يعلمها إلا في كتاب، وإذا لم يكن إلا في كتاب وجب أن يعلمها في كتاب، فإذاً يكون الاستثناء بدلاً من الأول، أي: وما تسقط من ورقة (ولا حبة ولا رطب ولا يابس) إلا في كتاب وما يعلمها (إلا هو). اهـ
قال الشيخ سعد الدين: هو صفة للمذكورات، كما أن (إِلاّ يَعْلَمُهَا) صفة لـ (وَرَقَة)، وأما ما يقال إنه تأكيد للاستثناء الأول أو بدل منه وأنه ليس استثناء من (إِلاّ يَعْلَمُهَا) للزوم كونه نفياً في الإثبات لكون (إِلاّ يَعْلَمُهَا) إثباتاً من النفي فمما لا ينبغي أن يصغي إليه المحصل. اهـ
قوله: (وَكَتِيبَهٌ لَبسْتُهَا بِكَتِيبَة
…
حَتَّى إِذَا التَبَسَتْ نَفَضْتُ لَهَا يَدَي).
قال الطَّيبي: ألحق الهاء بالكتيبة لأنه جعله اسماً للجيش، وهو من تكتبت الخيل إذا تجمعت، يقول: رب جيش خلطتها بجيش فلما اختلطت نفضت يدي وتركتهم وشأنهم، وفي البيت كنايات: إحداها: أنه مهياج للحروب، وثانيتها: قوله: نفضت لها يدي، فإنه يدل على أنه خلاهم والفتنة، وثالثتها: أنه فتان جبان. اهـ
قوله: (ولا يجوز عطفه على محل (من شىء) لأن (من حسابهم) يأباه).
قال أبو البقاء: (من) في (من شيءٍ) زائدة، و (مِن حِسَابِهم) حال تقديره: شيء من حسابهم. اهـ
يعني: شيء كائن من حسابهم، فإذ عطف (ذِكرَى) على محل (من شيءٍ) لرجع المعنى إلى ما يلزم المتقين الذكرى الذي من حسابهم لأن (من شيءٍ) مقيد بقيد (مِن حِسَابِهم) فإذا عطف عليه لا بد من تقييده به.
قال الطَّيبي: واعترض صاحب التقريب وقال: لا يلزم من وصف المعطوف عليه بشيء وصف المعطوف به، وأجيب: أن ذلك في عطف الجملة على الجملة، وأما في عطف مفردات الجمل فملتزم. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين في توجيه قوله (يأباه): لأنه حال (من شيءٍ) قدم عليه فصار قيداً للعامل، فإذا عطف (ذكرَى) على (شيءٍ) عطف المفرد على المفرد كان جهة القيد معتبرة فيه، ويؤول المعنى إلى أنَّ عَليك من حسابهم ذكرى وذكرى ليس من حسابهم، فإن قيل: لا يلزم من وصف المعطوف عليه بشيء وصف المعطوف به، قلنا: نحن لا ندعي ذلك، بل إنه إذا عطف مفرد على مفرد لا سيما بحرف الاستدراك فالقيود المعتبرة في المعطوف عليه السابقة في الذكر عليه معتبرة في المعطوف ألبتَّة بحكم الاستعمال، تقول: ما جاءني يوم الجمعة أو في الدار أو راكباً أو من هذا القوم رجل ولكن امرأة يلزم أن يكون مجيء المرأة في يوم الجمعة وفي الدار وبصفة الركوب وتكون هي من ذلك القوم ألبتَّة، لا يجوز الاستعمال بخلافه ولا يفهم من الكلام سواه بخلاف مثل: ما جاءني رجل من العرب ولكن امرأة، فإنه لا يبعد كون المرأة من غير العرب. اهـ
قال أبو حيان: كأنه تخيل أنه يلزم في العطف القيد الذي في المعطوف عليه وهو