الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويعذبه على الكفر، ويبعث الأنبياء دعاة إلى دار السلام وإن كان لا يهدي إلا من يشاء. اهـ
وقال إمام الحرمين في الإرشاد: أنَّهم إنما استوجبوا التوبيخ لأنهم كانوا يهزؤن بالدين ويبغون رد دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكان قد قرع مسامعهم من شرائع الرسل تفويض الأمور إلى الله تعالى فلما طولبوا بالإسلام والتزام الأحكام تعللوا بما احتجوا به على النبيين وقالوا (لَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا) ولم يكن غرضهم ذكر ما ينطوي عليه عقدهم، والدليل عليه (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَخْرُصُونَ) فكيف لا يكون الأمر كذلك والإيمان بصفات الله تعالى فرع الإيمان بالله والمقرعون بالآية كفرة. اهـ
قوله: (وفعل يؤنث ويجمع عند بني تميم).
قال الشيخ سعد الدين: سكت عن التثنية مع أنَّهم يقولون: هلمّا لأنه أراد بالجمع ما يعم المثنى. اهـ
قوله: (فإن تسليمه موافقة لهم في الشهادة).
قال الطيبي: تلخيصه أن قوله (فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) أبلغ في النهي من قوله: فلا تصدقهم، فهو من باب الكناية، ويجوز أن يكون من باب المشاكلة. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: ربما يشعر بأن (فَلا تَشْهَدْ) مسمتعار بمعنى: لا تسلم، استعارة تبعية، وقيل: مجاز من باب ذكر اللازم وإرادة الملزوم، لأن الشهادة من لوازم التسليم، وقيل: كناية، وقيل: مشاكلة. اهـ
قوله: (والجملة).
قال الشيخ سعد الدين: أي (حَرَّمَ) مع مفعوله المقدم. اهـ
قوله: (مفعول (أَتْلُ))
.
زاد غيره: على وجه التعليق، ورده أبو حيان بأن (أَتْلُ) ليس من أفعال القلوب
فلا تعلق.
وقال الشيخ سعد الدين: من حيث تضمنه معنى القول كأنه قيل: اتل أي شىء حرم. اهـ
قوله: (أي لا تشركوا
…
) إلى آخره.
يعني أنَّ (أن) مفسرة لا مصدرية فلذا عبر بـ (أي).
قال الشيخ سعد الدين: نظم الكلام لا يخلو عن إشكال لأن (أن) إما أن تجعل مصدرية أو مفسرة، فإن جعلت مصدرية كانت في موقع البيان للمحرم بدلاً من (ما) أو من العائد المحذوف، وظاهر أنَّ المحرم هو الإشراك لا نفيه، وأن الأوامر الواردة بعد ذلك معطوفة على (تشرِكُوا) وفيه ارتكاب عطف الطلبي على الخبري وجعل المعاني الواجبة المأمور بها محرمة فاحتيج إلى تكلفات متل جعل (لا) مزيدة وعطف الأوامر على المحرمات باعتبار حرمة أضدادها وتضمين الخبر معنى الطلب، وأما جعل (لا) ناهية واقعة موقع الصلة لـ (أن) المصدرية فلا سبيل إليه هنا لأن زيادة (لا) الناهية مما لم يقل به أحد ولم يرد في كلام، وإن جعلت (أن) مفسرة على أن (لا) ناهية والنواهى بيان لتلاوة المحرمات توجه إشكالان: أحدهما: عطف (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا) على (أَلاّ تُشْرِكُوا) مع أنه لا معنى لعطفه على (أن) المفسرة مع الفعل، ثانيهما: عطف الأوامر المذكورة على النواهي فإنَّها لا تصلح بياناً لتلاوة المحرمات بل الواجبات، والمصنف اختار كون (أن) مفسرة لأن انعطاف الأوامر على المذكورات قرينة ظاهرة على أنَّها نواه ولا سبيل حينئذ إلى جعل (أن) مصدرية موصولة بالنهي لما عرفت فأجاب عن الإشكال بأن قوله (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا) ليس عطفاً على (أَلاّ تُشْرِكُوا) بل هو تعليل للاِّتباع متعلق بـ (اتبعوه) على حذف اللام وجاز عود ضمير (اتبعوه) إلى الصراط لتقدمه في اللفظ.
فإن قيل: فعلى هذا يكون (اتبعوه) عطفاً على (أَلاّ تُشْرِكُوا) ويصير التقدير: فاتبعوا صراطي لأنه مستقيم، وفيه جمع يبن حرفي عطف أعني الواو والفاء و ليس بمستقيم، وإن جعلنا الواو استئنافية اعتراضية قلنا: ورود الواو مع الفاء عند تقديم المعمول فصلاً بينهما شائع في الكلام مثل (وَرَبَّكَ فَكبِّر) (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ
لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا) فإن أبيت الجميع ألبتة ومنعت زيادة الفاء فاجعل المعمول متعلقاً بمحذوف والمذكور بالفاء عطفاً عليه مثل عطف (فَكبِّر)(فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا) وآثروه فاتبعوه، وعن الإشكال الثاني بأن عطف الأوامر على النواهي الواقعة بعد (أن) المفسرة لتلاوة المحرمات مع القطع بأنَّ المأمور به لا يكون محرماً دل على أن التحريم راجع إلى أضدادها، بمعنى أن الأوامر كأنها ذكرت وقصد لوازمها التي هي النهي عن الأضداد حتى كأنه قيل: أتلو ما حرم أن لا تسيؤا إلى الوالدين ولا تبخسوا الكيل والميزان ولا تتركوا العدل وتنكثوا العهد، ومثل هذا وإن لم يجز بحسب الأصل لكن ربما يجوز بطريق العطف، وأما انتصاب (أَلاّ تُشْرِكُوا) بـ (عَلَيْكُمْ) يعني: الزموا ترك الشرك، فيأباه عطف الأوامر إلا أن تجعل (لا) ناهية
و (أن) المصدرية موصولة بالنواهي والأوامر. اهـ
وقال أبو حيان: لا يتعين أن يكون جميع الأوامر معطوفة على جميع ما دخل عليه (لا) لأنا بينا جواز عطف (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) على (تعالوا)، وما بعده معطوف عليه، ولا يكون قوله (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) معطوفاً على (أَلاّ تُشْرِكُوا).
قال: وقوله إنَّ التحريم راجع إلى أضداد الأوامر بعيد جداً، وإلغاز في المعاني ولا ضرورة تدعوا إلى ذلك.
قال: وأما ما عطف عليه هذه الأوامر فتحتمل وجهين: أحدهما: أنَّها معطوفة لا على المناهي قبلها فيلزم انسحاب التحريم عليها حيثُ كانت في حيز (أن) التفسيرية بل هي معطوفة على قوله تعالى (أَتْلُ مَا حَرَّمَ)، أمرهم أولاً بأمر ترتب عليه ذكر مناه، ثم أمرهم ثانياً بأوامر، وهذا معنى واضح، والثاني: أن يكون الأوامر معطوفة على النواهي، وداخلة تحت (أن) التفسيرية، ويصح ذلك على تقدير محذوف تكون (أن) مفسرة له وللمعطوف قبله الذي دل على حذفه، والتقدير: وما أمركم به، فحذف وما أمركم به لدلالة (مَا حَرَّمَ) عليه، لأن معنى (مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ): ما نهاكم ربكم عنه، فالمعنى: قل تعالوا أتل ما نهاكم