الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسم الله.
قال الشيخ سعد الدين: ولم يرتكب هذا الوجه البعيد في
(وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)
لإمكان الوجه الصحيح الشائع. اهـ
قوله: (نصب بإضمار (إن) على الواو للجمع).
قال أبو البقاء: والتقدير: أظننتم أن تدخلوا الجنة قبل أن يعلم الله المجاهدين وأن يعلم الصابرين. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: قيل المعنى: لم يكن العلم بالمجاهدين والعلم بالصابرين، أي: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة مع الجمع بين عدم متعلقي العلمين أعني الجهاد والصبر، والأصوب مع عدم الجمع بين الأمرين لأن مرجع واو الصرف إلى عطف مصدر بعده على مصدر الفعل السابق، فكما أنَّ معنى لا تأكل السمك وتشرب اللبن: لا يكن منك أكل السمك وشرب اللبن، أي الجمع بينهما، فكذا هنا المعنى الواقع حالاً هو مضمون قولك: لم يكن منك العلم بالجهاد والعلم بالصبر، أي: لم يتحقق الأمران جميعاً. اهـ
قوله: (وقرئ بالرفع على أن الواو للحال).
قال أبو حيان: لا يصح هذا، لأنَّ واو الحال لا تدخل على المضارع، وقد خرجه الناس على الاستئناف. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: هو بتقدير المبتدأ، أي: أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم يسبق منكم مجاهدة مقيدة بالصبر، والظاهر أنَّ المراد الصبر عليها، (وَلَمَّا يَعلَم)، حال من (قَد خَلَت)، (وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) حال من (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا) على التداخل. اهـ
قوله: (أي فقد رأيتموه معاينين له).
قال الزجاج: المعنى: فقد رأيتموه وأنتم بصراء، كما تقول: قد رأيت كذا وليس في عيني علة، أي: قد رأيته رؤية حقيقة، ففيه توكيد. اهـ
قوله: (وقيل الفاء للسببية. . .) إلى آخره.
قال الطَّيبي: أي قوله (أَفَإِنْ مَاتَ) مسبب عن جملة قوله
(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)
،
وقوله (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) صفة (رَسُولٌ)، فدخلت همزة الإنكار بين المسبب والسبب لإعطاء مزيد الإنكار الذي يتضمنه قوله (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)، وذلك أنَّ التركيب من باب القصر القلبي، لأنه جعل المخاطبين بسبب ما صدر عنهم من النكوص على أعقابهم عند الإرجاف بقتل النبي صلى الله عليه وسلم كأنهم اعتقدوا أنَّ محمداً صلوات الله عليه ليس حكمه حكم سائر الرسل المتقدمة في وجوب اتباع دينهم بعد موتهم بل حكمه على خلاف حكمهم، فأنكر الله ذلك عليهم، وبين أنَّ حكم النبي صلى الله عليه وسلم حكم من سبق من الأنبياء صلوات الله عليهم في أنهم ماتوا وبقي أتباعهم متمسكين بدينهم ثابتين عليه، ثم عقب الإنكار بقوله (أَفَإِنْ مَاتَ) وأدخل الهمزة لمزيد ذلك الإنكار، يعني: إذا علم أنَّ أمره أمر الأنبياء السابقين فلم عكستم الأمر؟ فإن لم يجعل ذلك العلم سبباً للثبات فلا أقل من أن لا يجعل سبباً للانقلاب.
قال: وأما كلام صاحب المفتاح أنَّ التركيب من باب القصر الإفرادي -أي: محمد مقصور على الرسالة، لا يتجاوزها إلى البعد عن الهلاك، يعني أنَّهم أثبتوا له صفة الرسالة والخلد استعظاماً لهلاكه فقصر على صفة الرسالة- فحديثٌ خارج عن مقتضى المقام، وبمعزل عن موجب النظم، ويؤيده قوله تعالى (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)، كما أنه تعريض بما أصابهم من الوهن، والانكسار عند الإرجاف بقتل النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ
وكذا قال الشيخ سعد الدين: في كلام صاحب المفتاح بُعد من جهة عدم اعتباره الوصف أعني (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)، حتى كأنه لم يجعله وصفاً بل ابتداء كلام
لبيان أنه ليس متبرئاً من الهلاك كسائر الرسل إذ على اعتبار الوصف لا يكون القصر إلا قصر قلب.
قال: ومن زعم أنه يلزم مِن حمله على قصر القلب أن يكون المخاطبون منكرين للرسالة فقد أخطأ خطأً بيّناً وذهل عن الوصف. اهـ
قوله: (روي أنه لما رمى عبد الله بن قميئة الحارثى رسول الله صلى الله عليه وسلم. . .)
الحديث بطوله أخرجه ابن جرير عن السدي هكذا، ووردت أبعاضه موصولة من طرق.
قال الطَّيبي: وقوله هنا عبد الله بن قميئة مخالف لما سبق عند قوله تعالى (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) أنه عتبة بن أبي وقاص. قال: والذي هنا أصح. اهـ
قوله: (بل يضر نفسه).
قال الشيخ سعد الدين: مستفاد من تقييد الفعل بالمفعول ورجوع القيد إلى النفي فيكون المعنى أنه صدر عنه ضرر لكن لا بالنسبة إلى الله تعالى، ومعلوم أنه ليس غير نفسه. اهـ
قوله: (وسيجزي الله الشاكرين) على نعمة الإسلام بالثبات عليه كأنسٍ وأضرابه).
قال الطَّيبي: وضع (الشاكرين) موضع الثابتين علي الإسلام تسمية للشيء باسم مسببه، إذ أصل الكلام: ومن ينقلب على عقبيه يكن كافراً لنعمة لله التي أنعم عليه بالإسلام
فيضر نفسه حيث كفر نعمة الله، والله يجزيه ما يستحقه، ومن ثبت عليه يكن شاكراً لتلك النعمة، والله يجزيه الجزاء الأوفى، ولم يذكر ما يجزي به ليدل على التعميم والتفخيم، ففي الكلام تعريض وإليه أشار بقوله:(الشاكرين الذين لم ينقلبوا) كأنسِ وأضرابه. اهـ
قوله. (إلاّ بمشيئة).
قال الطَّيبي: استعير للمشيئة الأذن على التمثيل بأن شبه حال من يحاول ما يتوصل به إلى موته -من طلب تسهيله ولا يجد إلى ذلك سبيلاً إلاّ بتيسير الله تعالى- بحال من يتوخى الوصول إلى قرب من هو محتجب عنه ولا يحصل مطلوبه إلاّ بإذن منه وتسهيل الحجاب له، وهذه الآية موقعها موقع التذييل للكلام السابق، وأخرجت مخرج التمثيل، فنسبتها إلى المؤمنين التحريض والتشجيع على القتال والجهاد ومن ثم قيل:
إذا كانت الأبدان للموت أنشب
…
فقتل امرئٍ بالسيف لله أجمل
، وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم الوعد بالحفظ وتأخير الأجل، وإليهما الإشارة بقوله (وفيه تحريض هـ. .) إلى آخره. اهـ
قوله: (ويؤيد الأول أنه قرئ بالتشديد).
(سبق إلى ذلك ابن جني فقال: إنَّ (قُتِّلَ) بالتشديد) يتعين أن يسند الفعل فيها إلى الظاهر يعني (ربيين) لأنَّ الواحد لا تكثير فيه. اهـ
وقال أبو البقاء: لا يمتنع أن يكون فيه ضمير النبي صلى الله عليه وسلم لأنه في معنى الجماعة. اهـ
أي أنَّ المراد بالنبي الجنس فالتكثير بالنسبة لكثرة الأشخاص.
وهذا الذي قاله أبو البقاء استشعره ابن جني وأجاب عنه فقال: فإن قيل: يسند إلى (نبي) مراعاة لمعنى (كم)؟
فالجواب: أنَّ اللفظ قد فشا على جهة الإفراد في قوله (مِنْ نَبِيٍّ) ودل الضمير المفرد في (مَعَهُ) على أنَّ المراد إنما هو التمثيل بواحد فخرج الكلام عن معنى (كم). اهـ
قال أبو حيان: وليس بظاهر، لأن (كأين) مثل (كم) يجوز فيها مراعاة اللفظ تارة والمعنى أخرى. اهـ
قوله: (والألف من إشباع الفتحة).
قال أبو حيان: هذا الإشباع لا يكون إلا في الشعر، وهذه الكلمة في جميع تصاريفها بنيت على هذا الحذف، تقول: استكان يستكين فهو مستكين ومستكان له، والإشباع لا يكون على هذا الحد.
قال: فالظاهر أنه (استفعل) من الكون فيكون أصل ألفه واواً، أو من قول العرب: بات
فلان بكينة سوء؛ أي بحالة سوء، أو من: كَانَه يكينه إذا أخضعه، قاله الأزهري وأبو علي، فعلى قولهما أصل الألف ياء. اهـ
قوله: (أي: وما كان قولهم مع ثباتهم وقوتهم في الدين وكونهم ربانين إلا هذا القول وهو إضافة الذنوب والإسراف إلى أنفسهم).
قال الطَّيبي: إشارة إلى أنَّ هذا المعنى كالتتميم والمبالغة في صلابتهم في الدين وعدم تطرق الوهن والضعف إليهم، وذلك من إفادة الحصر وإيقاع (أن) مع ذلك الفعل اسماً لـ (كان). اهـ
قوله: (وإنما جعل (قولهم) خبراً لأن (أن قالوا) أعرف).
وقال الزمخشري: لأنه لا سبيل عليه في التنكير بخلاف قول المؤمنين).
قال صاحب المطلع: ومعناه أن قول المؤمنين إن اختزل عن الإضافة يبقى مُنكّراً بخلاف (أن قالوا).
وقال أبو البقاء: اسم كان ما بعد (إِلاّ)، وهو أقوى من أن يجعل خبراً والأول اسماً لوجهين: أحدهما: أنَّ (أن قالوا) يشبه المضمر في أنه لا يوصف وهو أعرف.
والثاني: أن ما بعد (إِلاّ) مثبت، والمعنى: كان قولهم ربنا اغفر لنا ذنوبنا دأبهم في الدعاء. اهـ
وقال الطَّيبي: كأنَّ المعنى: ما صح ولا استقام من الربانيين في ذلك المقام إلا هذا القول، وِكأنَّ غير ذلك القول مناف لحالهم، وهذه الخاصية يفيدها إيقاع (أن) مع الفعل اسماً لـ (كان).
وتحقيقه ما ذكره صاحب الانتصاف قال: فائدة دخول (كان) المبالغة في نفي الفعل