الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ما في نفسي) ولا نفس لك فأعلم ما فيها، كقول الشاعر:
ولا يرى الضب بها ينجحر
أي لا ضب ولا جحر بها فيكون من الضب الانجحار. اهـ
قوله: (تقرير للجملتين باعتبار منطوقه ومفهومه).
أي لأفادته الحصر.
قوله: ((أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ)
عطف بيان للضمير في (به)).
قال أبو حيان: هذا فيه بعد لأن عطف البيان أكثره بالجوامد الأعلام. اهـ
وقال السفاقسي: هو وإن كان في الأعلام أكثر لكن لا يمنع وقوعه في غيرها، وقد أجازه أبو علي في غيرها من القرآن، وهو قوله تعالى (شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) قال إنه عطف بيان، على أنَّ ما ذكره المصنف من حيث المعنى حسن جداً. اهـ
وقال ابن هشام في المغني: لا يجوز أن يكون عطف بيان على الهاء في (به) لأن عطف البيان في الجوامد بمنزلة النعت في المشتقات فكما أنَّ الضمير لا ينعت كذلك لا يعطف عليه عطف بيان، ووهم الزمخشري حيث أجاز ذلك ذهولاً عن هذه النكتة، ممن نص عليها من المتأخرين أبو محمد بن السيد وابن مالك والقياس معهما في ذلك. اهـ
وقال الشيخ شمس الدين بن الصائغ في حاشيته على المغني وتبعه البدر ابن
الدماميني: ليست هذه النكتة من القوة بحيث يُوهَّم الزمخشري بالذهول عنها، ولعله لم يذهل وإنما رآها غير معتبرة بناءً على أنَّ ما يتنزل منزلة الشيء لا يلزم أن تثبت جميع أحكامه له، ألا ترى أنَّ المنادى المفرد المعين منزل منزلة الضمير ولذلك بُني، والضمير لا ينعت ومع ذلك لا يمتنع نعت المنادى. اهـ
قوله: (أو بدل منه وليس من شرط البدل جواز طرح المبدل منه مطلقاً ليلزم بقاء الموصول بلا راجع).
تصريح بمخالفة الزمخشري حيث منع من كونه بدلاً، وعلله بأنك لو أقمت (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) مقام الهاء فقلت: إلا ما أمرتني بأن اعبدوا الله لبقي الموصول راجع إليه من صلته، وقد أطبق الناس على الرد على الزمخشري في ذلك.
قال ابن المنير: هذا لا يمنع البدل فقد قال في مفصله: وقولهم إن البدل في حكم تنحية الأول يؤذن باستقلاله ومفارقته للتأكيد والصفة في كونهما اسمين لما يتبعانه لا أن يعنوا إهدار الأول واطراحه، تقول: زيداً رأيت غلامه رجلاً صالحاً، ولو أهدرت الأول لم يسند كلامك، ثم إنه لم يفرق في المفصل بين عطف البيان والبدل إلا في مثل قوله: أنا ابن التارك البكري بشر، وأنَّ المعتمد في عطف البيان الأول والثاني موضح، وفي البدل المعتمد الثاني والأول توطئة وبساط له. اهـ
وقال أبو حيان: لا يلزم في كل بدل أن يحل محل المبدل منه، ألا ترى إلى تجويز النحويين: زيد مررت به أبي عبد الله، ولو قال زيد مررت بأبي عبد الله لم يجز إلا على رأي الأخفش. اهـ
وقال ابن هشام: وهم الزمخشري فمنع أن يكون بدلاً من الهاء ظناً منه أن المبدل منه في قوة الساقط فتبقى الصلة بلا عائد، والعائد موجود حساً فلا مانع. اهـ
وكذا قال صاحب الفرائد وصاحب التقريب.
لكن وافق الحلبي الزمخشري فقال رداً على أبي حيان: قوله إنَّ حلول البدل محل المبدل منه غير لازم، واستشهاده بما ذكر غير مسلم، لأن هذا معارض بنصهم على أنه لا يجوز: جاء الذي مررت به أبي عبد الله، بحرِّ عبد الله بدلاً من الهاء، وعللوه بأنه يلزم بقاء الموصول بلا عائد، ويكفيه كثرةُ قولهم في مسائل: لا يجوز هذا لأنَّ البدل يحل محل المبدل منه، فيجعلون ذلك علة مانعة يعرف ذلك من عانى كلامهم. اهـ
قوله: (ولا يجوز إبداله بـ (ما أمرتني به) فإن المصدر لا يكون مفعول القول).
عبارة الكشاف: لأن العبادة لا تقال. اهـ
وتعقبوه أيضاً، فقال ابن المنير: إن لم تقل العبادة فيقال الأمر بها، فإذا جعلت موصولة مع فعل الأمر فمجازه: ما قلت لهم إلا الأمر بالعبادة على طريقة (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) وهو متعلق القول لا نفسه وكذلك (وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ). اهـ
وقال أبو حيان: قوله لأن العبادة لا تقال صحيح لكن يصح ذلك على حذف مضاف أي: ما دلت لهم إلا القول الذي أمرتني به قول عبادة الله أي القول المتضمن عبادة الله. اهـ
وقال الحلبي: وفيه بعض جودة. اهـ
وقال السفاقسي: فيه تعسف. اهـ
وقال ابن هشام: إنْ أُوِّل القول بالأمر كما فعل الزمخشري في وجه التفسير به جاز كونه بدلاً من (ما)، وقد فاته هذا الوجه هنا فأطلق المنع، فإن قيل: لعل امتناعه من إجازته، لأن (أمر) لا يتعدى بنفسه إلى الشيء المأمور به إلا قليلاً، فكذا ما أول به؟ قلنا: هذا لازم له على توجيه التفسير به. اهـ
وقال صاحب الفرائد: يمكن أن يقال: معناه: ما قلت لهم إلا عبادته، بالنصب،
أي: الزموا عبادته فيكون هو المراد بـ (مَا أَمَرْتَنِي بِهِ)، ويصح كون الجملة وهي الزموا عبادته بدلاً من (مَا أَمَرْتَنِي) من حيث إنَّها في حكم المفرد لأنَّها مقولة و (مَا أَمَرْتَنِي بِهِ) مفرد لفظاً وجملة ومعنى. اهـ
قوله: (ولا أن تكون (أن) مفسرة، لأنَّ الأمر مستند إلى الله تعالى وهو لا يقول: اعبدوا الله ربى وربكم).
قال الطَّيبي: فيه نظر، لم لا يجوز أنه نقل معنى كلام الله تعالى بهذه العبارة، كأنه قيل: ما قلت لهم شيئاً سوى قولك لي قل لهم أن اعبدوا الله، كما سبق في قوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَيُغْلَبُونَ وَيُحْشَرُونَ) على قراءة التحتية. اهـ
وقال ابن المنير: يجوز على حكاية معنى قول الله تعالى بعبارة أخرى، كأنه قال: مرهم بعبادتي، وقال على لسان عيسى (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) فحكاه عيسى عليه الصلاة والصلام فكنى عن اسمه كما قال (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا) وكذلك آية الزخرف (لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) إلى قوله (فَأَنْشَرنا). اهـ
وقال أبو حيان: يستقيم ذلك على جعل (اعْبُدُوا اللهَ) فقط هو المفسر ويكون (رَبِّي وَرَبَّكُمْ) من كلام عيسى عليه الصلاة والسلام على إضمار أعني لا على الصفة لله. اهـ
وردَّ الحلبي على أبي حيان: بأن ذلك في غاية البعد عن الأفهام، والمتبادر إلى الذهن أن (رَبِّي) تابع للجلالة. اهـ
وكذا قال السفاقسي: فيه خروج عن الظاهر باقتطاع (رَبِّي وَرَبَّكُمْ) من جملة (اعْبُدُوا) وجعله على إضمار فعل، والزمخشري إنما ألزم المحذور على ظاهر اللفظ. اهـ
وقد اعتمد ابن الصائغ كلام أبي حيان فقال في حاشية المغني: يمكن أن يقال المحكى ًإنما هو (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) وقوله (رَبِّي وَرَبَّكُمْ) من كلام عيسى عليه الصلاة والسلام أردف به الكلام المحكي تعظيماً لله تعالى، كما قال الزمخشري في قوله تعالى حكاية عن اليهود (إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ): ويجوز أن يضع الله تعالى الذكر الحسن مكان ذكرهم القبيح في الحكاية عنهم رفعاً لعيسى عليه الصلاة والسلام كما يذكرونه وتعظيماً لما أرادوا بمثله.
وقال ابن الحاجب في أماليه: فإن أحكى: حاك كلاماً، فله أن يصف المخبر عنه بما ليس في كلام الشخص المحكي عنه.
ثم قال ابن الصائغ: ويمكن أن يصرف التفسير إلى المعنى بأن يكون عيسى عليه الصلاة والسلام قد حكى قول الله تعالى بعبارة أخرى، وكأنه تعالى قال له مرهم بأن يعبدوني، ومرهم بأن يعبدوا الله ربك وربهم، فعبر عيسى عليه الصلاة والسلام عن نفسه بطريق التكلم وعنهم بطريق الخطاب، ونظيره في الحكاية بالمعنى قوله تعالى (فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ) والأصل: إنكم لذائقون. اهـ
وحكى هذين الوجهين البدر الدماميني ثم قال: ولا يمتنع أيضاً أن يكون الله تعالى قال لعيسى عليه الصلاة والسلام: قل لهم اعبدوا الله ربي وربكم، فحكاه كما أمر به ولا إشكال. اهـ
قوله: (والقول لا يفسر).
قال ابن المنير: أجاز بعضهم وقوع (أن) المفسرة بعد لفظ القول ولم يقتصر بها على ما في معناه فيقع حينئذ مفسراً له، اهـ
قوله: (ألا أن يؤول القول بالأمر
…
) إلى آخره.
فيه أمور: الأول: قال صاحب الفرائد: تأويل القول لا يصح إذا كان في التقسيم قسم يصح، لأن التأويل عند الضرورة. اهـ
الثاني: قال ابن المنير: هذا التأويل تكلف ولا طائل تحته. اهـ
الثالث: قال أبو حيان: تجويز كون (أن) هنا مفسرة لا يصح، لأنَّها جاءت بعد (إِلاّ)، وكل ما كان بعد (إِلاّ) المستثنى بها فلا بد أن يكون له موضع من الإعراب وأن التفسيرية لا موضع لها من الإعراب. اهـ
وقال السفاقسي: الذي بعد (إِلاّ) هو و (مَا) موضعها نصب بـ (قُلْتُ)، و (أن) التفسيرية للجملة المتقدمة على (إِلاّ) وهي (مَا قُلْتُ لَهُمْ) المتضمن معنى ما ًأمرتهم. اهـ
واستحسن ابن هشام في المغني جواب الزمخشري الرابع.
قال الشيخ سعد الدين: في جعل (أن) المفسرة لفعل الأمر المذكور صلته -مثل: أمرته بهذا أن قم- نظر، أما في طريق القياس فلأن أحدهما مغنٍ عن الآخر، وأما في الاستعمال فلأنه لا يوجد. اهـ
قوله: (على أنه ظرف لـ (قال)).
قال أبو البقاء ثم الطَّيبي: أي قال الله هذا القول في يوم ينفع، والقول هو (يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي)، وجاء على لفظ الماضي نحو (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ) وليس ما بعد (قَال) على الحكاية في هذا الوجه كما في الوجه الآخر. اهـ
قوله: (وليس بصحيح لأنّ المضاف إليه معرب).
هذا على مذهب البصريين ومذهب الكوفيين واختاره ابن مالك وغيره جواز بناء المضاف إلى معرب.
قوله: (من قرأ سورة المائدة).
الحديث رواه ابن مردويه والثعلبي والواحدي وابن الجوزي في الموضوعات من حديث أبي، وهو موضوع كما بيناه في آخر سورة آل عمران.
* * *