الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها، وقيل وقر في القلب: سكن فيه وثبت من الوقار. اهـ
قال الراغب: المنا كالقنا: المقدر، يقال: منى لك الماني، أي قدر لك المقدر، والتمني: تقدير شيء في النفس وتصويره فيها وذلك قد يكون عن تخمين وظن وقد يكون عن روية وبناءً على أصل، ولما كان أكثره عن تخمين صار الكذب له أملك، فأكثر التمني تصور ما لا حقيقة له قال تعالى (أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى) والأمنية: الصورة الحاصلة في النفس من تمني الشيء، ولما كان الكذب تصور ما لا حقيقة له وإيراده باللفظ صار المتمني كالمبتدي الكذب فصح أن يعبر عن الكذب بالتمني. اهـ
قوله: (روي أنَّ المسلمين وأهل الكتاب افتخروا
…
) الحديث.
أخرجه ابن جرير عن مسروق مرسلاً.
قوله: (وقيل: الخطاب مع المشركين ويدل عليه تقدم ذكرهم).
قال الطَّيبي: يعني قوله (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ إِنَاثًا) وإقسام الشيطان (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ). اهـ
فائدة: قال الطَّيبي: لما ذكر (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ) عقبه بقوله (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) وقوله (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ) كما ذكر في البقرة (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ) وهو التمني وبعده (مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) ثم قال (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ). اهـ
قوله: (اصطفاه وخصه بكرامةٍ تشبه كرامة الخليل عند خليله)
.
قال الشيخ الطيبي: أي أنه من باب الاستعارة التمثيلية. اهـ
قوله: (والجملة استئناف).
في الكشاف أنَّها اعتراضية.
وتعقبه أبو حيان كعادته بأنَّ الاعتراض المصطلح عليه شرطه أن يقع بين مفتقرين كصلة وموصول، وشرط وجزاء، وقسم ومقسم عليه، وتابع ومتبوع، وعامل ومعمول وليست هذه كذلك.
قال: إلا أن يعني به غير المصطلح عليه فيمكن. اهـ
وقد تقدم الجواب عنه بأنه يعني به التذييل.
قال الطَّيبي: لا يجوز أن تكون معطوفة لأنه لا يخلو من أن يعطف على قوله (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) اعتراضاً وتوكيداً لمعنى قوله (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) وبيان الصالحات ما هي وأن المؤمن من هو وليس في (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) ذلك على أن عطف الإخبارية على الإنشائية من غير جامعٍ قويٍّ يدعو إليه ممتنع، ولا يجوز الثاني والثالث من له أدنى مسكة.
فإن قلت: لم لا يجوز أن تكون الجملة استطرادية كقوله تعالى (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ) إلى قوله (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا)، عَطف (وَمِنْ كُلٍّ) على أنهما استطرادية؟ قلت: لا يجوز لأن من شرط العطف في الاستطراد أن يكون للمعطوف نوع مناسبة بأصل الكلام وهو (يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ
…
) الآية، وهي هنا مفقودة كما في قوله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)، ولا يحسن أن تكون حالاً لما يفوت من فائدة وضع المظهر موضع المضمر، وتخصيص ذكر الخلة للتنصيص على أنه ممن يجب أن يرغب في اتباع ملته، فتعين أن يكون اعتراضاً أو تذييلاً لما في اعتبارهما من مظنة العلية وبيان الموجب، أي: ومن أحسن ديناً ممن اتبع ملة إبراهيم لاصطفاء الله إياه؛ ولأنه الممدوح المستعد لخلة الله لما
فيه من غاية الكمالات البشرية. اهـ
قوله: (روي أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعث إلى خليل له بمصر في أزمنة أصابت الناس
…
) إلى آخره.
قلت: الوارد في ذلك ما أخرجه عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في تفاسيرهم عن زيد بن أسلم قال: إنَّ أول جبار كان في الأرض نمرود، وكان الناس يخرجون يمتارون من عنده الطعام، فخرج إبراهيم ممتار مع من يمتار فإذا مر به ناس قال: من ربكم؟ قالوا: أنت.
حتى مر به إبراهيم قال: من ربك؟ قال: الذي يحيي ويميت.
قال: أنا أحيي وأميت.
قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب.
فبهت، فرده بغير طعام، فرجع إبراهيم إلى أهله فمر على كثيب من رمل أعفر فقال: ألا آخذ من هذا فآت به أهلي فتطيب أنفسهم حين أدخل عليهم، فأخذ منه فأتى أهله فوضع متاعه، ثم نام، فقامت امرأته ففتحته فإذا هى بأجود طعام رآه أحد، فصنعت منه فقربته إليه -وكان عهده بأهله أن ليس عندهم طعام- فقال: من أين هذا؟ قالت: من الطعام الذي جئت به فعرف أن الله رزقه فحمد الله.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي صالح قال: انطلق إبراهيم عليه الصلاة والسلام يمتار فلم يقدر على الطعام فمر بسهلة حمراء فأخذ منها ثم رجع إلى أهله فقالوا: ما هذا؟ قال: حنطة حمراء.
ففتحوها فوجدوها حنطة حمراء، فكان إذا زرع منها شيء خرج سنبله من أصلها إلى فرعها حباً متراكباً.
في الأساس: سنة: أزمنة أمسك فيها المطر.
في النهاية: البطحاء: الحصى الصغار.
قال الطَّيبي: الحوارى: بضم الحاء وتشديد الواو وفتح الراء، ومنه الخبز إذا نخل مرة بعد مرة من التحوير وهو التبيض. اهـ
قوله: (قيل هو متصل بذكر العمال).
قال الطيبي: يعني بقوله (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ
…
) الآية ويكون كالتعليل
لوجوب العمل، ويكون قوله (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا) اعتراضاً بين العلة والمعلول حثاً على الترغيب في العمل الصالح وردعاً وزجراً عن المعاصي على أبلغ الوجوه. اهـ
قوله: (إذ سبب نزوله أن عيينة بن حصن أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرنا أنك تعطى الابنة النصف والأخت النصف وإنما كنا نورث من يشهد القتال ويحوز الغنيمة. فقال عليه الصلاة والسلام: كذلك أُمرت).
لم أقف عليه هكذا، والثابت في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة قالت: كان الرجل تكون عنده اليتيمة وهو وليها ووارثها قد شركته في ماله حتى في العذق فيركب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلاً فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها فنزلت هذه الآية.
وله طرق كثيرة مرفوعة مرسلة، وأقرب ما رأيته ما يوافق ما ذكره المصنف ما أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه عن ابن عباس قال: أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر ولا يورثون المرأة فلما كان الإسلام قال الله (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ) في أول السورة من الفرائض.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: كان لا يرث النساء إلا الرجل الذي قد بلغ، لا يرث الصغير ولا المرأة شيئاً فلما نزلت المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس وقالوا: أيرث الصغير والمرأة كما يرث الرجل؟ فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ) الآية).
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والصبيان شيئاً كانوا يقولون: لا يغزون ولا يغنمون خيراً، فنزلت. اهـ
قوله: (كأنه قيل: وأقسم).
قال الشيخ سعد الدين: المناسب أقسم بدون الواو. اهـ
قوله: (ولا يجوز عطف على المجرور في (فيهن) لاختلاله لفظاً ومعنى).
قال الزجاج: أما لفظاً فلأنه لا يجوز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وأما معنى فلأنه يصير التقدير: يفتيكم في حق ما يتلى عليكم، ومعلوم أنه ليس المراد ذلك وإنما المراد أنه تعالى يفتي في ما سألوه من المسائل. اهـ
وتبعه الطَّيبي والشيخ سعد الدين، وزاد الطَّيبي فقال: إن قلت: لم لا يجوز: الله يفتيكم في الكتاب بما يرويه المستفتي من قوله (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى)؟ قلت: لا يجوز لأن معنى (فِيهن): في حقهن وشأنهن يأباه للاختلاف بين المعطوف والمعطوف عليه. اهـ
وقال أبو حيان: لا نسلم اختلاله لا لفظاً ولا معنى، أما اللفظ فلأن الراجح جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار لكثرة وروده وإن منعه جمهور البصريين، وأما المعنى فيقدر محذوف أي: يفتيكم في متلوهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء، وحذف لدلالة قوله (وَمَا يُتلَى)، وإضافة متلو إلى ضميرهن سائغ إذ الإضافة تكون لأدنى ملابسة على حد (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) وكوكب الخرقاء. اهـ
وقال السفاقسي: فيما قاله أبو حيان نظر لأن حذف متلوهن لا يرفع السؤال لأن ما ألزمه من وقوع الفتيا فيما يتلى لازم سواء كان ذلك الحذف أم لم يكن.
قال: نعم حق المنع أن يقال: لا نسلم أنَّ المراد بقوله (وَمَا يتلَى) أنه يفتي في ما سألوه من المسائل بل أفتى، وسنده ما روي عن عائشة قالت: نزلت هذه الآية (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) أولاً ثم سأل ناس بعدها عن أمر النساء فنزلت (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ)، فالمراد على هذا بـ (يفتي) و (يتلى) المضى. اهـ
وقال غيره: يجوز أن يكون (فِيهن) بمعنى الصلة، أي: في حقهن، وفي (وَمَا يُتلَى) بمعنى الظرف، أي: يفتيكم في الكتاب.
قوله: (صلة (يتلى) على أن عطف الموصول على ما قبله
…
).
قال أبو حيان: هذا لا يتصور إلا إذا كان (فِي يَتَامَى) بدلاً من (الْكِتَابِ)، أو يكون (في) للسبب لئلا يتعلق حرفا جر بمعنى واحد بفعل واحد وهو لا يجوز إلا إذا كان على طريقة البدل أو بالعطف. اهـ
قال السفاقسي: لا إلا أن يكون (فِي الْكِتَابِ) متعلق بـ (يُتلَى)، وأما إذا كان حالاً فلا. اهـ
وجوز في الكشاف على هذا الوجه أن يكون بدلاً من (فيهن)، وأسقطه المصنف فإنَّ أبا حيان تعقبه وقال: الظاهر أنه لا يجوز للفصل بين البدل والمبدل منه بالعطف. اهـ
قوله: (وإلا فبدل من (فيهن)).
قال الشيخ سعد الدين: هو بدل بعض من كل لأن ضمير (فِيهن) يعود إلى النساء. اهـ
قوله: (وهذه الإضافة بمعنى (من) لأنها إضافة الشىء إلى جنسه).
قال أبو حيان: الذي يظهر أنَّها بمعنى اللام ومعناها الاختصاص. اهـ
وقال الحلبي: ما قاله أبو حيان ليس بشيء فإنَّهُم ذكروا في ضابط الإضافة التي بمعنى (من) أن تكون إضافة جزءٍ إلى كل بشرط صدق اسم الكل على البعض، ولا شك أنَّ يتامى بعض النساء من النساء، والنساء يصدق عليهن، وتحرزنا بقولنا بشرط صدق الكل على البعض من نحو: يد زيد فإن زيد لا يصدق على اليد وحدها. اهـ
وقال السفاقسي: ليس كلهم على ذلك فقد قال السيرافي وابن كيسان إن كلّ
بعضٍ أضيف إلى كل هو بمعنى (من)، وزاد غيرهما في صحة الإخبار عن الأول بالثاني فيد زيد إضافة بمعنى (من) على الثاني لا على الأول.
قال السفاقسي: وعلى التقديرين لا يمتنع في يتامى النساء لأنك تقول اليتامى نساء. اهـ
تنبيه: قال الطَّيبي: هذه الآيات مرتبطة بالآيات الواردة في أول السورة وهي سابقة عليها بالرتبة لأنَّ جواب الاستفتاء قد أجل عليها والآيات المتخللة بين الكلامين للافتنان. اهـ
قال الإمام: إن عادة الله في ترتيب هذا الكتاب الكريم واقعة على أحسن الوجوه وهو أنه تعالى يذكر شيئاً من الأحكام ثم يذكر عقبه آيات كثيرة في الوعد والوعيد والترغيب والترهيب ويمزج بها آيات دالة على كبرياء الله وجلال قدرته وعظم إلهيته ثم يعود إلى ما بدأ به من بيان الأحكام، وهذا أحسن أنواع الترتيب وأقربها إلى التأثير لأنَّ التكليف بالأعمال الشاقة لا يقع موقع القبول إلا إذا كان مقروناً بالوعد والوعيد وهما لا يؤثران إلا عند القطع بغاية كمال من صدر عنه الوعد والوعيد. اهـ
قوله: ((وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ) عطف على يتامى النساء).
قال الشيخ سعد الدين: فإن قيل: هذا لا يستقيم إلا على تقدير كونه صلة لا بدلاً؟ قلنا: بل هو مستقيم على البدل إذ ليس القصد بعطفه على البدل أن يكون في موقع البدل على ما هو مقتضى الحال بل في موضع المبدل منه بناءً على أن البدل هو المقصود بالنسبة، وأن المبدل منه ضمير مجرور لا يصح العطف عليه حسب اللفظ. اهـ
قوله (فالوجه نصْبُها عطفاً على موضع (فيهن))
قال أبو البقاء: أي ويبين لكم أن تقوموا. اهـ
قوله: (ويجوز أن ينصب (وأن تقوموا) بإضمار فعل أي: ويأمركم).
قال السفاقسى: فيه تكلف إضمار من غير ضرورة تدعوا إليه. اهـ