الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الطَّيبي: وأنشدوا:
ومن لم يكن في بيته قهرمانةٌ
…
فذلك بيتٌ لا أبا لك ضائعُ. اهـ
وأنشد غيره:
إذا لم يكن في منزل المرءِ حرةٌ
…
تدبره ضاعت مصالح داره.
قوله: (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ
ما تعبدكم به من الحلال والحرام، أو ما خفي عنكم من مصالحكم ومحاسن أعمالكم).
قال الطَّيبي: فيه إشعار بتلفيق الآيات اللاحقة بالسابقة، فإنَّ السوابق كانت في بيان النساء والمناكحات، واللواحق في بيان الأموال والتجارات وهي قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ)، فهذه الآيات التي توسطت بينهما كالتخلص من باب إلى باب لجامع التبيين. اهـ
قوله: (و (لِيُبَيِّنَ) مفعول (يريد)، واللام مزيدة لتأكيد معنى الاستقبال
…
)
قال أبو حيان: هذا خارج عن مذهب البصريين والكوفيين معاً، لأن البصريين يجعلون مفعول (يريد) محذوفاً واللام للعلة، أي: يريد الله تحليل ما حلل وتحريم ما حرم وتشريع ما شرع لأجل التبيين، فمتعلق الإرادة غير التبيين حذراً من تعدي الفعل المتعدي إلى مفعول متأخر بواسطة اللام، ومن إضمار (أن) بعد لام ليست لام (كي) ولا لام الجحود، وكلاهما لا يجوز عندهم، والكوفيون يجعلون متعلق الإرادة التبيين لكن اللام عندهم هي الناصبة بنفسها لا (أن) مضمرة بعدها. اهـ
وفي حاشية الشيخ سعد الدين: التصريح بأن اللام زائدة تصريح بأن المذكور بعدها مفعول به فلا يرد ما يقال: إن أراد متعدٍ؛ فلا بد له من مفعول به، وأما حمله على حذف المفعول وجعل اللام للتعليل فليس بسديد من جهة المعنى. اهـ
وفي حاشية الطَّيبي: قال صاحب الفرايد: قيل: لا يبعد أن يكون مفعول (يريد) محذوفاً للعلم به، كأنه قيل: يريد إيراد هذه الأحكام ليبين لكم، وكذا في قوله تعالى (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ) أي يريدون كيدهم وعنادهم ليطفئوا، وقال: هذا الوجه أقرب إلى التحقيق لأنه فعل متعد لا بد له من مفعول.
وقال ابن الحاجب في شرح المفصل: يجوز لزيد ضربت، وامتنع ضربت لزيد، لأن المقتضي إذا تقدم كان أقوى منه إذا تأخر، والجواب: إن المقام إذا اقتضى التأكيد لا بد من المصير إليه، وإذا كان المعنى على ما قال: يريد الله أن يبين لكم ما هو خفي عنكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم وأن يهديكم مناهج من تقدمكم
…
إلى آخره، فخلو الكلام عن التأكيد بعيد عن قضاء حق البلاغة.
قال الزجاج: اللام في (ليبين لكم) كاللام في لكي في قوله:
[أردت لكيما لا ترى لي عثرة
…
ومن ذا الذي يعطي الكمال فيكمل.
وقال صاحب اللباب: إن اللام في: شكرت لزيد تكملة للفعل في نحو: مررت بزيد. وقال الشارح: إن معنى المرور وهو المجاوزة يقتضي متعلقاً والباء تكميل لذلك المعنى بخلاف التعدية نحو: خرجت بزيد فإن معنى الخروج لا يقتضي متعلقاً بل حصل اقتضاؤه المتعلق بحرف الجر فتلك هي التعدية. اهـ
وفي إعراب السفاقسي: جوز الزمخشري أن يكون من باب الإعمال؛ فيكون مفعول (لِيُبَيِّنَ) ضميراً محذوفاً يفسره مفعول (وَيهْدِيَكُمْ)؛ نحو: ضربت وأهنت زيداً، أي: ليبينها لكم، أي: سنن الذين من قبلكم.
قال السفاقسي: جعله من باب الإعمال حسن، وأما تقديره مفعول أول ضمير ففيه نظر، لأنهم أوجبوا حذفه إذا كان فضلة مستغنى عنه، ولم يجوزوا إضماره لما يلزم عليه من الإضمار قبل الذكر، فالأولى أن يقال: ومفعول الأول محذوف إلا أن يقال: إنما يمتنع إضماره مع التلفظ به، وأما تقديره كذلك فلا. اهـ
وهذا الذي نقله عن الزمخشري ليس في الكشاف.
قوله: (كما في قول قيس بن سعد:]
أردت لكيما يعلم الناس أنه
…
سراويل قيس والوفود شهود)
في الغريب لابن الدهان: ورد أن عظيم الروم بعث إلى معاوية بهدية مع رسولين
أحدهما جسيم والآخر أيد (1) ففطن لها معاوية فقال لعمرو بن العاص: أما الطويل فإني أجد مثله فمن الأيد؟ فقال: أجد القوة في شخصين محمد بن الحنفية، والآخر عبد الله بن الزبير.
فقال: بردت قلبي، ثم أرسل إلى قيس فعرفه الحال فحضر، فلما مثل بين يدي معاوية وعرف ما يراد منه نزع سراويله ورمى بها إلى العلج فلبسها فنالت ثندوته فأطرق مغلوباً، وليم قيس على تبذله وقيل: هلا بعثت بها؟ فقال:
أردت لكيما تعلم الناس أنَّها
…
سراويل قيس والوفود شهود
وأن لا يقولوا غاب قيس وهذه
…
سراويل عاديَّ نمته ثمود
وأني من القوم اليمانيين سيد
…
وما الناس إلا سيد ومسود
وبذَّ جميع الخلق أصلي ومنصبي
…
وجسم به أعلو الرجال مديد
وحضر محمد بن الحنفية وعلم ما يراد منه؛ فخير العلج بين أن يقعد ويقوم العلج ويعطيه يده فيقيمه أو يقعد العلج ويقوم محمد ويعطيه يده فيقعده، فاختار العلج الحالتين، وغلبه فيهما محمد فأقام العلج وأقعده.
أخرجه ابن عساكر في تأريخه من طرق.
قوله: (يرشدكم إلى ما يمنعكم عن المعاصي).
قال الطَّيبي: إشارة إلى قوله أن (يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) من وضع المسبب موضع السبب وذلك من عطف (وَيَتُوبَ) على قوله (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) على سبيل البيان كأنه قيل: ليبينْ لكم ويهديكم ويرشَدكم إلى الطاعات فوضع موضعه (ليَتُوبَ عَلَيكم). اهـ
قوله: ((والله يريد أن يتوب عليكم) كرره للتأكيد (والمقابلة)).
أي أنه قوبل بقوله (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا
…
)
قال الطَّيبي: وإنما بنى (وَاللهُ يُرِيدُ) على تقوي الحكم وقدم الاسم وفي المقابل الفعل
(1) الأيد: هو القوي. انظر: لسان العرب 1/ 386.