الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الواقع مبتدأ فيه تردد، والظاهر من كلامه هو الأول. اهـ
قوله: (عطف على (أو يكبتهم)).
قال الشيخ سعد الدين: وجه سببية النصر على تقدير تعلق اللام بقوله (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) ظاهر، وأما على تقدير تعلقها بقوله (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ) فلأنَّ النصر الواقع ببدر كان من أظهر الآيات وأبهر البينات فيصلح سبباً للتوبة على تقدير الإسلام، أو ليعذبهم على تقدير البقاء على الكفر لجحودهم بالآيات، وإن أريد التعذيب في الدنيا بالأسر فالأمر ظاهر، فإن قيل: هو يصلح سبباً لتوبتهم والكلام في التوبة عليهم؟ قلنا: يصلح سبباً لإسلامهم الذي يصلح سبباً للتوبة عليهم، فيكون سبباً بالواسطة. اهـ
قوله: (ويحتمل أن يكون مطوفاً على (الأمر) أو (شىء). .) إلى آخره.
قال الطَّيبي: الفرق بين الوجهين أنه على الأول سلب ما يتبع التوبة والتعذيب منه صلوات الله عليه بالكلية من القبول والرد والخلاص من العذاب والمنع من النجاة، وعلى الثاني سلب نفس التوبة والتعذيب منه يعني: لا تقدر أن تجبرهم على التوبة ولا تمنعهم عنها ولا تقدر أن تعذبهم ولا أن تعفوا عنهم فإنَّ الأمور كلها بيد الله. اهـ
قوله: (روي أنَّ عتبة بن أبى وقاص شجه بأُحد).
الحديث أخرجه عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير عن قتادة، وهو في الصحيح من حديث سهل بن سعد وليس فيه ذكر عتبة.
قوله: (وذكر العرض للمبالغة في وصفها بالسعة على وجه التمثيل)
.
قال الشيخ سعد الدين: يعني ليس القصد إلى تحديد عرض الجنة بذلك لامتناع كونها في السماء، بل هو كناية عن غاية السعة والبسطة بما هو غاية في ذلك في علم السامعين. اهـ
قوله: (وعن ابن عباس: كسبع سماوات وسبع أرضين لو وصل بعضها إلى بعض).
أخرجه ابن جرير.
قوله: (من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً).
أخرجه عبد الرزاق وأحمد من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ.
قوله: (إنَّ هؤلاء فى أمتى قليل إلا من عصم الله وقد كانوا كثيراً فى الأمم التى مضت).
رواه الثعلبي في تفسيره عن مقاتل بلاغاً، والديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس بن مالك.
قال الشيخ سعد الدين: والاستثناء منقطع وهو ظاهر، أو متصل لما في القلة من معنى العدم، كأنه قيل: إنَّ هؤلاء في أمتي لا يوجدون إلا من عصم الله فإنه يوجد فى أمتي. اهـ
قوله: (والمراد وصفه تعالى بسعة الرحمة).
قال الطَّيبي: اعلم أنَّ صاحب الكشاف سلك بهذا التركيب في هذا المقام مسلكاً عجيباً، وخرج تخريجاً غريباً قلما تذهب إليه الأذهان إلا من ريض نفسه في علم البيان وتمرن في الأصول، فنقول: إنه ساق كلامه أولاً في بيان ما يقتضي التركيب من الخواص بدلالة عبارته من جهة المولى، ثم ثنى إلى بيان ما يقتضيه بدلالة إشارته من جهة العبد.
أما الأول فعلى وجوه:
أحدها: دلالة اسم الذات بحسب ما يقتضيه هذا المقام من معنى الغفران الواسع، وإيراد التركيب على صيغة الإنشاء دون الإخبار بأن لم يقل: وما يغفر الذنوب إلا الله تقرير لذلك المعنى وتأكيد، كأنه قيل: هل تعرفون أحداً يقدر على غفر الذنوب كلها صغيرها وكبيرها سالفها وغابرها غيرَ من وسعت رحمته كل شيء.
وفي نقيضه قال صاحب المفتاح في قراءة (مَن فرعون) على الاستفهام: (وفرعون) هل تعرفون من هو في فرط عنفه، وشدة شكيمته، وتفرعنه؟ ما ظنكم بعذاب يكون المعذب به مثله.
ويعضد ما قلناه قوله في آخر هذه السورة في قوله (لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ): لإلى الرحيم
الواسع الرحمة المثيب العظيم الثواب تحشرون.
ثانيها: تقديمه عن مكانه وإزالته عن مقره لأنه اعترض بين المبتدأ والخبر ثم بَيَّنَ المعطوف والمعطوف عليه، أي: فاستغفروا ولم يصروا، للدلالة على شدة الاهتمام به والتنبيه على أنه كلما وجد الاستغفار لم يتخلف عنه الغفران.
وثالثها: الإتيان بالجمع المحلى بلام التعريف إعلاماً بأن التائب إذا تقدم بالاستغفار يتلقى بغفران ذنوبه كلها فيصير كمن لا ذنب له.
ورابعها: دلالة الحصر بالنفي والإثبات على أن لا مفزع للمذنبين إلا كرمه وفضله، وذلك أنَّ من وسعت رحمته كل شيء لا يشاركه أحد في نشرها كرماً وفضلاً.
وخامسها: إسناد غفران الذنوب إلى نفسه سبحانه وإثباته لذاته المقدس بعد وجود الاستغفار وتنصل عبيده يدل على وجوب ذلك قطعاً إما بحسب الوعد عندنا أو العدل عندهم.
وأما النظر من جهة العبد ففيه وجوه أيضاً:
أحدها: أنَّ في إبداء سعة الرحمة واستعجال المغفرة بشارةً عظيمةً وتطيباً للنفوس.
وثانيها: أنَّ العبد إذا نظر إلى هذه العناية الشديدة والاهتمام العظيم في شأن التوبة يتحرك نشاطه ويهتز عطفه فلا يتقاعد عنها.
وثالثها: أنَّ في ضمن معنى الاستغراق قلع اليأس والقنوط، ولهذا علل سبحانه النهي عن الإقناط في قوله (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) بقوله (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا).
ورابعها: أطلقت الذنوب وعممت بعد ذكر الفاحشة وظلم النفس، وترك مقتضى الظاهر ليدل به على عدم المبالاة في الغفران فإنَّ الذنوب وإن جلت فعفوه أعظم.
وخامسها: أنَّ الاسم الجامع في تركيب قوله (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) كما دل على سعة الغفران بحسب المقام يدل أيضاً على أنه تعالى وحده معه مصححات المغفرة
من كونه عزيزاً ليس أحد فوقه فيرد عليه حكمه، وكونه حكيماً يغفر لمن تقتضى حكمته غفرانه " اهـ
قوله: (ولم يقيموا على ذنوبهم غير مستغفرين).
قال الطَّيبي: (غير مستغفرين) حال من الضمير في (يقيموا)، والجملة تفسير لقوله (وَلَمْ يُصِرُّوا). اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: هذا المجموع تفسير لقوله (وَلَمْ يُصِرُّوا)، لأن عدم الإصرار هو أن لا يقيم على القبيح من غير استغفار بل يرجع عنه بالتوبة.
قال: ومنهم من توهم أنَّ عدم الاستغفار قيد في عدم الإصرار والمعنى: أنهم لم يكونوا مصرين غير مستغفرين، وبنى عليه كلاماً لا طائل تحته. اهـ
قوله: (ما أصر من استغفر).
الحديث أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أبي بكر الصديق.
قوله: (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) حال من (يصروا)، أي: ولم يصروا على قبيح فعلهم عالمين به).
قال الشيخ سعد الدين: إشارة إلى أنَّ قوله (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ليس قيداً للنفي لعدم الفائدة، لأنَّ ترك الإصرار موجب للأجر والجزاء سواءً كان مع العلم بالقبيح أو مع الجهل، بل مع الجهل أولى، وإذا كان قيداً للفعل المنفي فله معنيان:
أحدهما: وهو الأكثر أن يكون النفي راجعاً إلى القيد فقط، ويثبت أصل الفعل مثل: ما جئت راكباً؟ بمعنى: جئت غير راكب، وقد ذكر في قوله تعالى (لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) أنه نفي للصمم والعمى وإثبات للخرور، وأنَّ النفي إذا ورد على ذات مقيدة بالحال يكون إثباتاً للذات ونفياً للحال، وهذا أيضاً ليس بمراد إذ ليس المعنى على إثبات الإصرار ونفي العلم.
وثانيهما: أن يقصد نفي الفعل والقيد معاً، بمعنى انتفاء كل من الأمرين مثل: ما جئتك راكباً؛ بمعنى: لا مجيء ولا ركوب، وهذا أيضاً ليس بمناسب إذ ليس المعنى على نفي العلم، أو بمعنى انتفاء الفعل من غير اعتبار لنفي القيد وإثباته وهذا هو المناسب في الآية، أي: ولم يصروا عالمين، بمعنى أنَّ عدم الإصرار متحقق ألبتة، والحاصل أنَّ القيد في