الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فالظاهر عوده إلى أقرب مذكور وهو الزرع، ويكون قد حذفت حال النخل
لدلالة هذه الحال عليها، التقدير: والنخل مختلفاً أكله (والزرع مختلفاً أكله). اهـ
قوله: (ولا تسرفوا
في التصدق).
قال الشيخ سعد الدين: بقرينة القرب، ولو علقه بالأكل والصدقة بقرينة الإطلاق لكان أقرب، وأما إذا أريد بالحق الزكاة المفروضة فهي مقدرة لا تحتمل الإسراف. اهـ
وقال الطَّيبي: علق (وَلا تُسْرِفُوا) بالقريب وهو (وَآتُوا حَقَّهُ) على طريقة التنازع، فيقدر مثله لقوله (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ). اهـ
قوله: ((وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا)
عطف على (جنات)).
قال الطَّيبي: والجهة الجامعة إباحة الانتفاع بالنوعين في عرف الشرع، وذلك أنه تعالى لما حكى عن المشركين تحريم أجنة البحائر والسوائب وسجل عليهم بالخسران بسبب تحريمهم ما رزقهم الله تعالى افتراء على الله نص على ما خلق للمكلفين وأباح لهم أكله وحمل الأثقال عليه، وقدم أولاً ذكر الجنات المختلفة والزروع المتفاوتة وأمرهم بالأكل منها وأداء حقوق الله منها ثم ثنى بذكر الأنعام المختلفة ثم عم الخطاب في إباحة أكل سائر ما رزقهم الله تعالى ونهى عن اتباع خطوات الشيطان من تحريم ما أحله الله تعالى. اهـ
قوله: (وهو بدل من (ثمانية)).
قال الشيخ سعد الدين: الظاهر أن (مِنَ الضَّأْنِ) بدل من (الأنعام)، و (اثْنَيْنِ) من (حَمُولَةً وَفَرْشًا) أو من (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ) إن جوزنا للبدل بدلاً. اهـ
قوله: (والمعنى إنكار أن الله تعالى حرم الأجناس الأربعة
…
) إلى آخره.
قال الشيخ سعد الدين: يعني أن المقصود إنكار فعل التحريم لكنه أورد في صورة إنكار المفعول ليطابق ما كانوا يدعونه من التفصيل في المفعول وللترديد فيه، فيكون الإنكار بطريق برهاني من جهة أنه لا بد للفعل من متعلق فإذا نفى جميع متعلقاته على التفصيل لزم نفيه. اهـ
في حاشية الطَّيبي: قال صاحب المفتاح: قل في إنكار نفس الضرب: أزيداً ضربت أم عمرواً، فإنك إذا أنكرت من تردد الضرب بينهما تولد منه إنكار الضرب على وجه برهاني، ومنه قوله تعالى (آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ).
وقوله (على وجه برهاني) يعني: أن الضرب يستلزم محلا، فإذا نفيت المحل نفي اللازم، وانتفاء اللازم مستلزم لانتفاء الملزوم. اهـ
قوله: (ويجوز أن يكون فسقاً مفعولاً له من (أهل)، وهو عطف على (يكون) والمستكن فيه راجع إلى ما رجع إليه المستكن في (يكون)).
قال أبو حيان: هذا إعراب متكلف جداً، وتركيبٌ على هذا الإعراب خارج عن الفصاحة وغير جائز على قراءة من قرأ (إلا أن تكون ميتةٌ) بالرفع فيبقى الضمير في (به) ليس له ما يعود عليه، ولا يجوز أن يتكلف محذوف حتى يعود الضمير عليه فيكون التقدير: أو شيء أُهلَّ لغير الله به، لأن مثل هذا لا يجوز إلا في ضرورة الشعر. اهـ
قال الحلبي: يعني بذلك أنه لا يحذف الموصوف والصفة جملة إلا إذا كان في الكلام (من) التبعيضية، كقولهم: منا ظعن ومنا أقام، أي: منا فريق ظعن ومنا فريق أقام، فإن لم يكن فيه (من) كان ضرورة كقوله:
ترمي بكفي كان مِنْ أرمى البشر
أي بكفي رجل، وهذا رأي بعضهم، وأما غيره فيقول: متى دل دليل على الموصوف حذف مطلقاً، فقد يجوز أن يرى الزمخشري هذا الرأي. اهـ
وقال السفاقسي: منعه من حيث رفعُ الميتة فيه نظر، لأنه يعود على ما يعود عليه ضمير (كان) بتقدير النصب، ورفعها لا يمنع من ذلك. اهـ
وقال الطَّيبي: الإعراب الأول أولى ليحصل في الكلام الترقي، وليؤذن بأن ما أهل لغير الله به أقذر وأخبث من لحم الخنزير. اهـ
قوله: (الثروب).
قال الجوهري: الثروب شحم قد يغشى الكرش والأمعاء رقيق. اهـ
قوله: (والإضافة لزيادة الربط).
قال الطَّيبي: المراد إضافة الشحوم إلى الضمير، لأن الظاهر أن يقال: ومن البقر والغنم حرمنا عليهم الشحوم، فأضيف لزيادة الربط. اهـ
قال الشيخ سعد الدين: يريد أن إضافة شحوم إلى ضمير البقر والغنم لزيادة الربط ًوإلا فأصل الربط حاصل بدونها، مثل: ومن البقر والغنم حرمنا عليهم الشحوم لأن (من) متعلق بهذا الفعل، وأما فيمن يجعل (وَمِنَ الْبَقَرِ) عطفاً على (كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) و (حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا) تبييناً للمحرم منهما فالإضافة للربط المحتاج إليه. اهـ
قوله: (وقيل: هو عطف على (شحومهما)، و (أو) بمعنى الواو).
قال الشيخ سعد الدين: على الأول كان عطفاً على المستثنى، يعني: حرمنا جميع شحومهما إلا هذه الثلاثة، فكان المناسب هو الواو دون (أو) لأن المخرج من حكم التحريم ثلاثتها لا أحدها فقط، وأجيب بأن الاستثناء من الإثبات نفي، و (أو) في النفي تفيد العموم لكونه بمنزلة النكرة في سياق النفي، فيصير المعنى: لم يحرم واحداً من الثلاثة لا على التعيين وذلك ينفي المجموع ضرورة وهو معنى إباحة الكل، وفيه نظر لأنَّ الاستثناء إنما يفيد نفي الحكم من المستثنى بمنزلة قولك: انتفى التحريم
عن هذا وذاك والعموم إنما يوجبه نفي الحكم عن هذا وذاك بمنزلة قولك انتفى تحريم هذا وذاك، والحاصل أن النكرة إذا تعلقت بالمنفى عمت ضرورة أنَّ نفى إيجاب المبهم لا يتحقق إلا بنفى الكل، وأما إذا تعلقت بالنفى كقولنا: الأمي من لا يحسن من الفاتحة حرفاً، فلا يفيد سوى تعلق النفي بفرد مبهم، وهذا ما يقال إن (أو) في النفي قد تكون لنفي أحد الأمرين فتعم، وقد تكون لأحد النفيين فلا تعم، فالوجه أن يقال: كلمة (أو) في العطف على المستثنى أيضاً من قبيل: جالس الحسن وابن سيرين كما ذكره في العطف على المستثنى منه يعني أنَّها لإفادة التساوي في الحكم فيحرم الكل، وتحقيقه أن مرجع التحريم إلى النهي كأنه قيل: لا تأكل أحد الثلاثة، وهو معنى العموم، وهذا ما نقل عن صاحب الكشاف أنَّ الجملة لما دخلت في حكم التحريم فوجه العطف بحرف التخيير أنَّها بليغة في هذا المعنى لأنك إذا قلت: لا تطع زيداً وعمرواً كان له أن يطيع زيداً على حده، وأما إذا قلت: لا تطع زيداً أو عمرواً أو خالداً فالمعنى أن هؤلاء كلهم أهل أن لا يطاع فلا تطع واحداً منهم ولا الجماعة، وبهذا يتبين فساد ما يتوهم من أنه يريد أن على تقدير العطف على المستثنى منه يكون المعنى: حرمنا عليهم شحومهما أو حرمنا عليهم الحوايا أو حرمنا عليهم ما اختلط بعظم فيجوز لهم ترك أكل أيها كان وأكل الآخرين، والظاهر أنَّ مثل هذا وإن كان جائزاً فليس من الشرع أن يحرم واحد مبهم من أمور معينة، وإنما ذلك في الواجب فقط. اهـ
وقال الزجاج: يجوز أن تكون (الْحَوَايَآ) نسقاً على (شُحومَهُمَا) لا على المستثنى، المعنى: حرمنا عليهم شحومهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم إلا ما حملت الظهور فإنه غير محرم، ودخلت (أو) على طريق الإباحة كما قال عز وجل (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) أي: هؤلاء أهل أن يعصى فاعص هذا أو اعص هذا،
و (أو) بليغة في هذا المعنى، لأنك إذا قلت: لا تطع زيداً وعمرواً، فجائز أن تكون نهيت عن طاعتهما معاً، فإن أطيع زيد على حدته لم يكن معصية، فإذا قلت: لا تطع زيداً أو عمرواً أو خالداً، أي: هؤلاء كلهم أهل أن لا يطاع فلا تطع واحداً منهم ولا تطع الجماعة، ومثله: جالس الحسن أو ابن سيرين أو الشعبي، فليس المعنى الأمر بمجالسة واحد منهم بل المعنى كلهم أهل أن يجالس فإن جالست واحداً منهم فأنت مصيب. اهـ
وقال ابن الحاجب: (أو) في قوله تعالى (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) بمعناها وهو أحد الأمرين، وإنما جاء التعميم من النهي الذي فيه معنى النفي، لأن المعنى قبل وجود النهي فيهما يطيع آثماً أو كفوراً، أي واحداً منهما، فإذا جاء النهي ورد على ما كان ثابتاً في المعنى، فيصير المعنى: ولا تطع واحداً منهما، فيجيء العموم فيهما من جهة النهى الداخل، بخلاف الإثبات فإنه قد يفعل أحدهما دون الآخر، وهو معنى دقيق. اهـ
قال الطيبي: وحاصل ذلك أنك إذا عطفت (أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) على (شُحُومَهُمَا) دخلت الثلاثة تحت حكم النفي فيحرم الكل سوى ما استثنى منه، وإذا عطفت على المستثنى لم يحرم سوى الشحوم، و (أَو) على الأول للإباحة، وعلى الثاني للتنويع.
وقال أبو البقاء: (أَو) هنا لتفصيل مذاهبهم لاختلاف أماكنها كقوله تعالى (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى) فلما لم يفصل في قوله (وَقَالُوا) جاء بـ (أَو) للتفصيل إذ كانت موصوفة لأصل الشيئين. اهـ
وقال أبو حيان: الأحسن في هذه الآية إذا قلنا إن ذلك معطوف على (شُحُومَهُمَا) أن تكون (أَو) فيه للتفصيل، فصل بها ما حرم عليهم من البقر والغنم. اهـ
وقال ابن عطية متعقباً القول بأنه عطف على (شُحُومَهُمَا): وعلى هذا تدخل الحوايا في التحريم، وهذا قول لا يعضده اللفظ ولا المعنى بل يدفعانه ولم يبين وجه