الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: (فإن من الأسرار الإلهية ما يحرم إفشاؤه).
هذا منزع صوفي، قال أرباب المعرفة: قال تعالى (بلغ ما أنزل إليك) ولم يقل ما تعرفنا به إليك.
قوله: (والصابئون
رفع بالابتداء وخبره محذوف والنية به التأخير).
قال الشيخ جمال الدين بن هشام في شرح الشواهد: قد يستبعد هذا التخريج لأنَّ فيه تقديم الجملة المعطوفة على بعض الجمل المعطوف عليها وإنما يتقدم المعطوف على المعطوف عليه في الشعر فكذلك ينبغى أن يكون تقديمه على بعض المعطوف عليه.
قال: ويجاب بأنَّ الواو للاستئناف كسائر الواوات المقترنة بالجملة المعترضة كقوله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ).
قوله: (فإني وقيار بها لغريب).
هو لضابئ -بالضاد المعجمة والباء الموحدة بعدها همزة- ابن الحارث البرجمي بالجيم.
كان عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه حبس ضابياً هذا حين تعدى عليه فقال:
من يك أمسى بالمدينة رحله
…
فإني وقياراً بها لغريب
وما عاجلات الطير يدنين بالفتى
…
رشاداً ولا عن ريثهن يخيب
ورُبَّ أمور لا تضيرك ضيرة
…
والقلب من مخشاتهن وجيب
ولاخير في من لا يوطن نفسه
…
على نائبات الدهر حين تنوب
وفي الشك تفريط وفي الحزم قوة
…
ويخطئ في الحدس الفتى ويصيب
ولست بمستبق صديقاً ولا أخاً
…
إذا لم يعد الشيء وهو يريب
قال الشيخ جمال الدين بن هشام في شرح الشواهد: قوله (من يك) روي بالفاء وبإسقاطها على الجزم، وقوله (أمسى بالمدينة رحله): كناية عن السكنى بالمدينة واستيطانها، وقيار: اسم فرسه، عن الخليل، وقال أبو زيد: اسم جمله.
قال: والحذف في هذا البيت من الثاني، لأنَّ (غريب) خبر لأن لا للمبتدأ لاقترانها باللام، والتقدير: فإني بها لغريب وقيار كذلك، وقيل هو خبر عن الاسمين جميعا لأنَّ فعيلا يعبر به عن الواحد فما فوقه نحو (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ).
قال: ورده الخلخالي بأنه لا يكون للاثنين وإن جاز كونه للجمع، وكذلك قال في فعول: لا يقال رجلان صبور، وإن صح في الجمع.
قال الشيخ حمال الدين ابن هشام: وقد قيل في قوله تعالى (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ) إن المراد قعيدان، قال: ثم كلامه يوهم أن ذلك يقال بالقياس، وليس كذلك وإنما المانع في البيت من أن يكون (غريب) خبراً عن الاسمين لزوم توارد عاملين على الخبر، وإنما يصح هذا على رأي الكوفيين لقولهم إنَّ الخبر على ما كان عليه. اهـ
قوله: (وقوله: وَإِلا فَاعْلَمُوا أَنَّا وَأَنْتُم
…
بُغَاةٌ مَا بَقينا فِي شِقَاق).
قال الشيخ جمال الدين بن هشام: هو لبشر بن أبي خازم -بالخاء والزاي المعجمتين- الأسدي، وقبله:
إذا جزت نواصي آل بدر
…
فأدوها وأسرى في الوثاق
وسبب قوله ذلك أن قوماً من آل بدر جاوروا الفزاريين من بني لأم من طي فجزوا نواصيهم وقالوا مننا عليكم ولم نقتلكم، فغضب بنو فزارة لذلك، فقال بشرٌ ذلك، ومعناه: إذ قد جززتم نواصيهم فاحملوها إلينا، واحملوا الأسرى معهم، وإلا فإنا متعادون أبدا، و (ما) في البيت مصدرية ظرفية. اهـ
قوله: (وهو كاعتراض دل به على أنه لما كان الصابئون مع ظهور ضلالهم وميلهم عن الأديان كلها يتاب عليهم إن صح منهم الإِيمان والعمل الصالح، كان غيرهم أولى بذلك).
قال الطَّيبي: إنما كان جارياً مجرى الاعتراض لا إياه لأن الاعتراض هو ما يتخلل في أثناء الكلام لتأكيد مضمون المعترض فيه، وهذا تأكيد لما يلزم من إيراد الكلام لا من مضمونه فجرى مجراه لكونه جملة في أثناء الكلام لقصد التأكيد وهو استطراد. اهـ
قوله: (ويجوز أن يكون (والنصارى) معطوفاً عليه و (مَنْ آمَنَ) خبرهما، وخبر (إنَّ) مقدر دل عليه ما بعده).
(إنَّ) مقدر دل عليه ما بعده).
قال الشيخ جمال الدين ابن هشام: قد يستبعد هذا لأنَّ فيه حذفاً من الأول لدلالة الثاني.
قال: ويجاب بأنه واقع وإن كان عكسه أكثر. اهـ
قوله: (كقوله: نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا
…
عِنْدَكَ رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ).
هذا لرجل من الأنصار، وقيل لقيس بن الخطم -بالخاء المعجمة- بن عدي الظفري شاعر جاهلى، وقيل لعمرو بن امرئ القيس الأنصاري من أبيات أولها:
أبلغ بني جحجبى وقومهم
…
خطمة أنا وراءهم أُنُف
وإنا دون ما يسومهم
…
الأعداء من ضيم خطة نكف
الحافظو عورة العشرة لا
…
يأتيهم من ورائنا وكف
يا مال والسيد المعمم قد
…
يبطره بعد رأيه الشرف
نحن بما عندنا
…
جحجبى: بفتح الجيمين بينهما حاء مهملة ساكنة آخره موحدة مقصور بطن من الأنصار، وخطمة: بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء بطن من الأنصار أيضاً، وأُنُف: بضم الهمزة والنون: محامون واحدهم آنف كضارب وهو مأخوذ من الأنفة وهي الحمية، ويسومهم: أي يكلفهم، وضيم: ظلم، وخطة: أي أمر وشأن، ونكف: بضم النون والكاف جمع ناكف من نكف بمعنى إستنكف وأنف، والعورة: ما لم تُحمَ، وقال الثعلبي: كل مخوف عورة، ومن وارئنا: أي عيبنا والوكف العيب، وقيل: الإثم، وقيل: الخوف، وقيل: المكروه، وقيل: النقص، ومال: ترخيم مالك، والسيد المعمم: ذكر العمامة لأنَّها من مناقب العرب، وقد وصف أبو الأسود الدؤلي العمامة فقال: جنة في الحرب ومكنة في الحر ومدفأة من
القر ووقار في الندى ووقاية من الأحداث وزيادة في القامة وعادة من عادات العرب. ذكره الجاحظ في البيان.
قوله: (ولا يجوز عطفه على محل (إنَّ) واسمها -إلى قوله- فيجتمع عليه عاملان).
قال الطَّيبي: معناه أنه لو رفع (وَالصَّابِئُونَ) بالابتداء بأن يكون عطفاً على محل (إنَّ) واسمها لكان العامل في المبتدأ التجريد وفي الخبر (إنَّ) فيلزم أن يكون العامل في
واسمها لكان العامل في المبتدأ التجريد وفي الخبر (إنّ) فيلزم أن يكون العامل في المبتدأ غير العامل في الخبر والواجب أن يكون الخبر مرفوعاً بما ارتفع به المبتدأ ولا يمكن تقدير عاملين فيه بأن يقال إنه مرفوع بـ (إنَّ) والابتداء معاً للقطع بأنَّ اسما واحداً لا يكون فيه رفعان. اهـ
وقال صاحب الفرائد وتبعه الشيخ سعد الدين: في هذا نظر، لأنه إنما يلزم ذلك لو لم ينو التأخير وكان المذكور خبراً عنهما، وأما على نية التأخير واعتبار معنى الخبر تقديراً فيكون المذكور معمول (إنَّ) فقط وخبر المعطوف محذوف.
قال: ولو تم ما ذكر لجرى في جميع صور معنى الخبر تقديراً. اهـ
قوله: (وقيل: (إنَّ) بمعنى نعم).
قال أبو حيان: هذا ضعيف، لأنَّ ثبوت (إنَّ) بمعنى نعم فيه خلاف بين النحويين، وعلى تقدر ثبوته فيحتاج إلى شيء يتقدمها فيكون تصديقاً له ولا تجيء أول الكلام. اهـ
قوله: (على البدل من اسم (إنَّ) وما عطف عليه).
زاد في الكشاف: أو من المعطوف عليه. اهـ
قال الطَّيبي: قالوا أراد أنَّ (مَنْ آمَنَ) إما بدل من المجموع في المعطوف عليه والمعطوف أو بدل من اسم (إنَّ) فحسب.
قال: فإذا كان بدلاً من المجموع فالمعنى على ما سبق: إنَّ الصابئين أشَد غياً، وأما إذا كان بدلاً من اسم (إنَّ) وحده لزم أنَّ يكون حكم (وَالذِين هَادُوا) و (النَّصَارَى) حكم (وَالصَّابِئُونَ) في الرفع وتقدير الخبر على ما سبق في (وَالصَّابِئُونَ) وحده، كأنه قيل: إنَّ الذين آمنوا من آمن منهم فلا خوف عليهم والذين هادوا والصابئون والنصارى كذلك، فحينئذ يخرج الكلام عن المقصود. اهـ
قوله: (جواب الشرط).
قال أبو حيان: سمى (كلما) شرط، وليس بشرط بل (كل) نصب على الظرف
قال السفاقسي: سماها ظرفاً من حيث المعنى لاقتضائها جواباً كالشرط. اهـ
قوله: (وقيل: الجواب محذوف).
قال ابن المنير: يدل عليه مجيئه ظاهراً في الآية التي هي توأمة هذه الآية (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ
…
) إلى آخره.
قال: الأولى أن يقدر المحذوف: استكبروا، لظهوره في هذه الآية. اهـ
قوله: (على أن الله عماهم).
قال الشيخ سعد الدين: يعني على تقدير فعل متعد بكون (عموا) بالضم مبيناً للمفعول منه. اهـ
قوله: (كما يمنع المحرم
…
).
قال الطَّيبي: أي (حَرَّمَ) هاهنا استعارة تبعية من المنع. اهـ
قوله: (و (من) مزيدة للاستغراق).
قال صاحب الإقليد: إفادة (من) الاستغراقية للاستغراق لأنَّها تدخل لابتداء الجنس إلى انتهائه، فقولك: هل من رجل؟ تقديره: هل من واحد هذا الجنس إلى أقصاه، إلا أنه اكتفى بذكر (من) عن ذكر (إلى) لدلالة إحدى الغايتين على الأخرى، وإنما قيل: إن مثل لا رجل متضمن لمعنى (من) الاستغراقية لأنَّ لا رجل في الدار أبلغ في النفي من (لا رجل في الدار) بالرفع، ومن (ليس رجل في الدار) ولا يمكن تقدير ما يكون به كذلك إلا صرف مؤكد مثبت للاستغراق فوجب تقدير (من)، ولو كانت (لا) مفيدة للاستغراق لذاتها لما جاز قولهم لا رجل في الدار بل رجلان. اهـ
قال الإمام: قدر النحويون لا إله في الوجود وذلك غير مطابق للتوحيد الحق لأن هذا نفي لوجود الإله الثاني ولو لم يضمر هذا الإضمار لكان لا إله نفى لماهية الإله الثاني ومعلوم أن نفي الماهية أقوى بالتوحيد الصرف من نفي الوجود.