الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محل ما عملت فيه، هذا معنى قولهم: يعطف على محلها مع اسمها، هذا على ما قرئ في الشاذة بكسر (إن)، وأما على المشهورة بفتح (أن) فقال أبو البقاء: إنه عند المحققين غير جائز لأن المفتوحة لها موضع غير الابتداء بخلاف المكسورة.
وقال ابن الحاجب: (وَرَسُولُهُ) بالرفع معطوف على (أنَّ) باعتبار المحل وإن كانت مفتوحة لأنَّها في حكم المكسورة، وهذا موضع لم ينبه عليه النحويون فإنَّهُم قالوا (إذا) يعطف على اسم (إنَّ) المكسورة دون غيرها، توهموا أنه لا يجوز العطف على المفتوحة، والمفتوحة تنقسم إلى قسمين: قسم يجوز العطف فيه على اسمها بالرفع، وقسم لا يجوز، فالذي يجوز هو أن يكون في حكم المكسورة كقولك: علمت أنَّ زيداً قائمٌ وعمرو، لأنه في معنى إنَّ زيداً قائم وعمرو فكما جاز العطف ثَمَّ جاز هنا، ألا ترى أنَّ (عَلمَ) لا تدخل إلا على المبتدأ والخبر، يدل على ذلك وجوب الكسر في قولك: علمتَ إنَّ زيداً القائم، وإنما انتصب بعدها توفيراً لما تقتضيه علمت من معنى المفعولية، وإذا تحقق أنها في حكم المكسورة جاز العطف على موضعها، وإن كانت المفتوحة على غير هذه الصفة لم يجز العطف على اسمها بالرفع مثل قولك: أعجبني أنَّ زيداً قائم وعمرو، فلا يجوز إلا النصب لأنَّها ليست مكسورة ولا في حكمها.
وقال في موضع آخر: إنما لم يعطف على المفتوحة لفظاً ومعنى لأنها واسمها وخبرها بتأويل جزء واحد، فلو قدرت أنها في حكم العدم لأخللت بموضعها بخلاف (إن) المكسورة لأنَّها لا تغير المعنى فجاز تقدير عدمها لكونها للتأكيد المحض كما جاز تقدير عدم الباء المؤكدة في قوله: فلسنا بالجبال ولا الحديدا. اهـ
قوله: (استثناء من المشركين)
.
أي في قوله (إِلاّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
قوله: (أو استدراك).
أي: استثناء منقطع.
قال الشيخ سعد الدين: ولا يضره تخلل الفاصل -أعني قوله (وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ
…
) إلى آخره- لأنه ليس بأجنبي بالكلية لكونه أمراً بالإعلام، كأنه قيل لهم: فقولوا لهم سيحوا واعلموا أن اللهَ بريء منهم لكن الذين عاهدتم ولم ينقضوا عهدهم أتموا إليهم عهدهم ولا تجعلوهم في حكم الناكثين الذين لا رخصة في إمهالهم أربعة أشهر.
قال: وفي جعله استثناء متصلاً من (الْمُشْرِكِينَ) يلزم تخلل الفاصل الأجنبي مع منافاته لعموم المشركين في قوله تعالى (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) إلا أن يحمل على المعهود أعني المشركين الذين استثنى منهم غير الناكثين، أو يخص عمومهم بهذه القرينة، لكن تأخر الاستثناء ينافي ذلك ولا محيص سوى أن يجعل من جهة المعنى من المشركين الثاني أيضاً.
وذهب صاحب الانتصاف إلى أنه لا حاجة إلى تقدير القول في (فَسِيحُوا) وإنما هو تفنن وذهاب من خطاب المسلمين إلى خطاب المشركين ثم رجوع إلى خطاب المسلمين بقوله تعالى (إِلاّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ). اهـ
وعبارة الانتصاف: يجوز أن يكون (فَسِيحُوا) خطاباً من الله تعالى ولا يضمر قبله قولوا، ويكون استثناء من قوله (إِلاّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ)، والمعنى: براءة من الله ورسوله إلى المعاهدين لا الباقين على العهد، ويكون فيه خروج من خطاب المسلمين في (عَاهَدْتُمْ) إلى خطاب المشركين في (فَسِيحُوا)، والتفات بقوله (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ
…
) وقياسه: غير معجزي وأني، فيه افتنان وتفخيم للشأن، ثم يعود إلى خطاب المؤمنين في قوله تعالى (إِلاّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ). اهـ
قوله: (وانتصابه على الظرف).
قال أبو حيان: سبقه إلى ذلك الزجاج، ورده أبو علي، لأنَّ المرصد: المكان الذي يرصد فيه العدو، فهو مكان مخصوص لا يحذف الحرف منه إلا سماعاً.
قال أبو حيان: وأقول يصح انتصابه على الظرف لأن قوله (وَاقْعُدُوا لَهُمْ) ليس معناه حقيقة القعود بل المعنى: أرصدوهم في كل مرصد يرصد فيه، ولما كان المعنى هذا جاز قياساً أن يحذف منه (في) لأن العامل في الظرف المختص إذا كان من لفظه أو معناه جاز أن يصل إليه بغير وساطة (في). اهـ
وقال صاحب الانتصاف: يحتمل أن يكون المرصد مصدراً لأن اسم الزمان والمكان والمصدر من فعله واحد. اهـ
قوله: (وَخَبَّرتماني أَنَّما الموْتُ بِالقُرَى
…
فَكَيْفَ وَهَاتَا هَضْبَةٌ وَقَلِيبُ).