الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: (إذا أردتم القيام
…
) إلى آخره.
قال الشيخ سعد الدين: لا خفاء ولا خلاف في أنه ليس المراد وجوب الوضوء في الصلاة حال القيام إلى الصلاة، ولأنه إذا أريد به مباشرة الصلاة فقط عقب القيام لزم في أن يكون الوضوء في الصلاة أو بعدها، وإن أريد القيام المنتهي إلى الصلاة أو متوجهاً إليها لزم أن يكون الوضوء متصلاً بالصلاة بعد القيام فلا يتمكن من الصلاة قط، فجعل القيام مجازاً عن إرادته بعلاقة كونه مسبباً عنها أو عن قصد الصلاة وإرادتها بعلاقة كونه من لوازم التوجه إلى الصلاة فعبر عن لازم الشيء بالقيام إليه والتوجه، فيكون من إطلاق أحد لازمي الشيء على لازمه الآخر لا من إطلاق اسم الملزوم على لازمه أو المسبب على سببه بناء على أنَّ إرادة الشيء لازم له وسبب. اهـ
قوله: (وإذا قصدتم الصلاة
…
).
قال الطَّيبي: قيل في الفرق إنَّ المعنى على الأول: إذا أردتم القيام إلى الصلاة، وعلى هذا: إذا أردتم الصلاة وقصدتموها، وفيه نظر لأنَّ الإرادة هي القصد المخصوص ويجاب بأن المراد من القصد مطلق الميل من غير الداعية الخالصة التي تستلزم النية، وأيضاً يفهم من إرادة القيام إلى الصلاة الأخذ في مقدماتها وشرائطها ومن ثم عقبها بقوله (فاغسلوا) وليس كذلك القصد إلى مطلق الصلاة، والأول أوجه. اهـ
قوله: (وظاهر الآية توجب الوضوء على كل قائم).
قال الشيخ سعد الدين: نظر إلى عموم (الَّذِينَ آمَنُوا) من غير اختصاص المحدِثين وإن لم يكن في اللفظ دلالة على تكرار الفعل وإنما ذلك من خارج. اهـ
قوله: (والإجماع على خلافه لما روي أنه عليه الصلاة والسلام صلى الخمس بوضوء واحد يوم الفتح
…
) الحديث.
أخرجه مسلم والأربعة من حديث بريدة.
قوله: (فقيل: مطلق أريد به التقييد، والمعنى: إذا قمتم إلى الصلاة محدِثين).
قال الشيخ سعد الدين: بقرينة دلالة الحال، واشتراط الحدث في البدل أعني التيمم.
قال: وهذا أولى مما يقال إن الخطاب على عمومه لكن خص بحال الحدث كأنه قيل: وأنتم محدثون، وذلك لأنه لا دلالة في اللفظ على عموم الأحوال ليخص بالبعض. اهـ
قوله: (وقيل: الأمر فيه للندب).
زاد في الكشاف: ويفهم الوجوب للمحدث من السنة.
قال الشيخ سعد الدين: وهذا بعيد جداً لما فيه من مخالفة ظاهر كون الأمر المطلق للإيجاب، وإطباق العلماء على أن وجوب الوضوء مستفاد من الآية، مع الافتقار إلى تخصيص الخطاب بغير المحدِثين من غير دليل ضرورة أنه لا ندب بالنسبة إلى المحدث، فالوجه هو الأول. اهـ
قال الطَّيبي: قال صاحب الفرائد: لا يجوز أن يكون للندب لأنَّ الإجماع منعقد على أنَّ الوضوء للصلاة فرض، ولأنَّ الأمر للوجوب إلا لمانع.
قال: وأما الجواب عن السؤال الذي في الكشاف فهو أن يقال: تقدير الآية: وأنتم محدثون لوجهين: أحدهما أنه يستحيل بدون هذا التقدير أن يتفصى المكلف عن عهدة التكليف لأنه إذا أراد القيام إلى الصلاة وجب عليه أن يتوضأ، فإذا توضأ وأراد القيام إلى الصلاة وجب عليه مرة أخرى أن يتوضأ وهلم جرا.
وثانيهما: أنَّ التيمم بدل من الوضوء لقوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) والبدل لا يمكن أن يكون مخالفاً للمبدل منه في السبب وإلا لا يكون البدل بدلاً، فلما كان موجب التيمم عند عدم الماء حالة الحدث كان كذلك في الوضوء لأنه إما سبب أو شرط. اهـ
قوله: (وقيل: كان ذلك أول الأمر ثم نسخ، وهو ضعيف).
قال الشيخ سعد الدين: من جهة أنه لا يظهر له ناسخ من الكتاب والسنة المتواترة. اهـ
وأقول: روى الإمام أحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم في المستدرك والبيهقي عن عبد الله بن حنظلة ابن الغسيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -
أمر بالوضوء لكل صلاة طاهراً كان أو غير طاهر فلما شق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسواك عند كل صلاة ووضع عنه الوضوء إلا من حدث.
قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام: المائدة آخر القرآن نزولاً فأحلوا حلاها وحرموا حرامها).
رواه أحمد والحاكم وصححه عن عائشة موقوفاً.
قال الشيخ ولي الدين العراقي: لم أجده مرفوعاً.
قوله: (لأنه عليه الصلاة والسلام مسح على ناصيته).
أخرجه مسلم من حديث المغيرة بن شعبة.
قوله: (وجره الباقون على الجوار
…
) إلى آخره.
المعروف في النحو اختصاص الجر على الجوار بالنعت والتأكيد، وأنه في العطف ضعيف، وقد نبه عليه أبو حيان.
وقال ابن الحاجب: الخفض على الجوار ليس بجيد إذ لم يأت في الكلام الفصيح وإنما هو شاذ في كلام من لا يؤبه له من العرب.
لكن قال أبو البقاء في إعرابه: (وَحُورٍ عِينٍ) -على قراءة من جر- معطوف على قوله (بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ) والمعنى مختلف إذ ليس المعنى: يطوف عليهم ولدان مخلدون بحور عين، والجوار مشهور عندهم في الإعراب والصفات وقلب الحروف والتأنيث.
فمن الإعراب ما ذكر، ومن الصفات قوله (فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ) وإنما العاصف الريح، ومن قلب الحروف: إنه ليأتينا بالغدايا والعشايا، ومن التأنيث: ذهبت بعض أصابعه، ومنه قولهم: قامت هند، ولم يجيزوا حذف التاء إذا لم يفصل بينهما فإن فصلوا أجازوا ولا فرق بينهما إلا المجاورة وعدمها. اهـ
وقال الطيبي: يمكن أن يجاب عن قول ابن الحاجب بأن العطف على الجوار إنما يكون محذوراً إذا وقع الإلباس، وأما إذا انتهضت القرينة على توخي المراد وارتفع بها اللبس فلا بأس، كما أنه تعالى لما عطف الأرجل على الرءوس وأوهم الكلام اشتراكاً في المسح استدرك ذلك بضرب الغاية في الأرجل ليؤذن أن حكمها حكم المغسولة مع رعاية الاقتصاد في صب الماء.
قال: وحمل الزجاج الجر على غير الجوار فقال: (وَأَرْجُلَكُمْ) بالخفض على معنى فاغسلوا، لأن قوله (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) قد دل عليه لأن التحديد يفيد الغسل كما في قوله (إِلَى الْمَرَافِقِ) ولو أريد المسح لم يحتج إلى التحديد كما قال في الرءوس (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) من غير تحديد، وتنسيق الغسل على المسح كما قال الشاعر:
يا ليت بعلك قد غدا
…
متقلداً سيفاً ورمحاً
أي متقلداً سيفاً وحاملاً رمحاً.
واختار صاحب الانتصاف هذا الوجه، وكذا ابن الحاجب في الأمالي ورد الأول قال: هذا الأسلوب أي عطف (وَأَرْجُلَكُمْ) على (بِرُءُوسِكُمْ) مع إرادة كونه مغسولاً من باب الاستغناء بأحد الفعلين عن الآخر، والعرب إذا اجتمع فعلان متقاربان في المعنى ولكل واحد متعلق جوزت ذكر أحد الفعلين وعطف متعلق المحذوف على المذكور على حسب ما يقتضيه لفظه حتى كأنه شريكه في أصل الفعل كقوله: علفتها تبناً وماءً بارداً
قال الطَّيبي: وهذا الوجه والعطف على الجوار متقاربان في المعنى، لأن صاحب المعاني إذا سئل عن فائدة إضمار قوله:(حاملاً) والاكتفاء بقوله (متقلداً) دون
العكس لا بد أن يزيد على فائدة الإيجاز بأن يقول: إن الرمح صار في عدم الكلفة في حمله كالسيف، لا سيما إذا ورد مثل هذا التركيب في الكلام الحكيم سبحانه وتعالى، وهنا مرادف منه وذلك أنه تعالى لما بين حد الأيدي راعى المطابقة بين الأيدي والمرافق بالجمع، وحين بين حد الأرجل وضع التثنية موضع الجمع، وأنت قد عرفت أن البلغاء إنما يعدلون عن مقتضى الظاهر إلى خلافه لنكته، والنكتة هاهنا: أنه تعالى لما قرن الأرجل مع الرأس الممسوح اهتم بشأنه وأخرجه هذا المخرج لئلا يتوهم متوهم أنَّ حكمه حكم الممسوح بخلاف المرفقين كأنه قيل: يا أمة محمد اغسلوا أيديكم إلى المرافق ويعمد كل واحد منكم إلى غسل ما يشمل الكعبين من الرجْل الواحدة. اهـ
قلت: وأحسن ما قيل في الآية أنه معطوف على الممسوح لإفادة مسح الخف، كما أفادت قراءة النصب غسل الرجلين المتجردة منه، فتكون كل قراءة أفادت حكماً مستقلاً، ومن ذهب من العلماء إلى أنه يخير في الرجل بين الغسل والمسح فلا إشكال، ويمكن أن يدعي لغيرهم أن ذلك كان مشروعاً أولاً ثم نسخ بتعين الغسل وبقيت القراءتان ثابتتين في الرسم كما نسخ التخيير بين الصوم والفدية بتعيين الصوم وبقي رسم ذلك ثابتاً.
قوله: (وقرئ بالرفع على وأرجلكم مغسولة).
قال الطَّيبي: دل على الإضمار قوله (فاغسلوا).
قال: ولا شك أن تغيير الجملة من الفعلية إلى الاسمية وحذف خبرها يدل على إرادة ثبوتها وظهورها وأن مضمونها مسلم الحكم ثابت لا يلتبس، وإنما يكون كذلك إذا جعلت القرينة ما علم من منطوق القراءتين ومفهومهما. اهـ
قوله: (أو ليتم برخصه إنعامه عليكم بعزائمه).
قال الطَّيبي: المعنى جعل الله تعالى نعمة الرخصة تتميماً لنعمة العزائم، ثم تمم بهما نعمة الإسلام وتخلص إلى قوله تعالى (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ). اهـ
قوله: (حين بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فى العسر واليسر والمنشط
والمكره).
أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبادة ابن الصامت.
قال في النهاية: المنشط: مفعل من النشاط وهو الأمر الذي تنشط له وتؤثر فعله، وهو مصدر بمعنى النشاط. اهـ
قال ابن الجوزي: كانت هذه المبايعة في العقبة الثانية في سنة ثلاث عشرة من النبوة، وأما العقبة الأولى ففي سنة إحدى عشرة. اهـ
قوله: (أي العدل أقرب إلى التقوى).
قال الراغب: إن قيل كيف قال (أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) و (أفعل) إنما يقال في شيئين اشتركا في أمر واحد لأحدهما مزية، وقد علمنا أن لا شيء من التقوى ومن فعل الخير إلا وهو من جملة العدالة؟ قيل: إن (أفعْل) وإن كان كما ذكرت فقد يستعمل على تقدير بناء الكلام على اعتقاد المخاطب في الشيء في نفسه قطعاً لكلامه وإظهاراً لتبكيته، فيقال لمن اعتقد مثلاً في زيدٍ فضلاً وإن لم يكن فيه فضل ولكن لا يمكنه أن ينكر أن عمراً أفضل منه: أخدم عمروا فهو أفضل من زيد، وعلى ذلك قوله تعالى (آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) وقد علم أن لا خير فيما يشركون. اهـ
قوله: (فإن الوعد ضرب من القول).
قال الزجاج: وَعَدَ بمنزلة قال، لأن الوعد لا ينعقد إلا بالقول. اهـ
وقال السفاقسي: إجراء وعد مجرى قال مذهب الكوفيين لا البصريين، لأنه لا تحكى الجمل عندهم إلا بصريح القول. اهـ
قوله: (روي أن المشركين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعسفان
…
) الحديث.
أخرجه مسلم من حديث جابر، والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة، وابن