الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثله في القرآن، وأما العطف على محذوف فهو جار على ما تقرر من مذهبه، وقد رددنا عليه، وأما على مذهب الجمهور سيبويه وغيره قالوا: وأصلها التقديم، وعطفت الجملة الاستفهامية على ما قبلها. اهـ
وقال الطَّيبي: إن كان المعطوف عليه ما مضى فالهمزة داخلة بين المعطوف والمعطوف عليه للطول مزيداً للإنكار ولابد إذن من إنكار في الكلام السابق، ومضمون المعطوف عليه وهو جملة قوله (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ
…
) الآية: أكان من الله الوعد بالنصر على أعدائكم بشرط الصبر والتقوى، فلما فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم أمر الرسول ونفر أعقابكم يريدون الدنيا وأصابكم الله بما أصابكم وقلتم حين أصابكم ذلك: أنى هذا؟ قل هو من عند أنفسكم، أنتم السبب فيما أصابكم. اهـ
قوله: (مثل أفعلتم كذا).
قال الطَّيبي: أي الفشل والتنازع والعصيان والخروج من المدينة والإلحاح على النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ
قوله: (و (لما) ظرف)
قال أبو حيان: هو مذهب أبي علي الفارسي، ومذهب سيبويه -وهو الصحيح- أنها حرف وجوب لوجوب. اهـ
قوله: (من أين هذا)
قال أبو حيان: الظرف إذا وقع خبراً للمبتدأ لا يقدر داخلاً عليه حرف جر غير (في)، أما أن يقدر داخلاً عليه (من) فلا، لأنه إنما انتصب على إسقاط (في) فتقديره (أَنَّى هَذَا): من أين هذا؛ تقديرٌ غير سائغ وذهول عن القاعدة. اهـ
وقال الحلبي: الزمخشري لم يقدر غير (في) مع (أَنَّى هَذَا) حتى يلزمه ما قال، إنما جعل (أَنَّى) بمنزلة من أين في المعنى. اهـ
قوله: (وعن علي: باختياركم الفداء يوم بدر)
أخرجه الترمذي وحسنه، والنسائي.
قوله: (فهو كائن بقضائه
…
).
قال الشيخ سعد الدين: إشارة إلى أنَّ الظرف خبر المبتدأ، ودخول الفاء لتضمن معنى الشرط، ووجه السببيه ليس بظاهر إذ ليست الإصابة سبب التخلية بل بالعكس فهو من قبيل (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)، أي: ذلك سبب للإخبار بكونه من الله تعالى على ما ذكرنا أنَّ القيد في الأوامر قد يكون للمطلوب وقد يكون للطلب فكذا في الأخبار.
فإن قيل: تقديره هو كائن؛ يخالف ما تقرر من أنَّ الظرف مقدر بالفعل؟ قلنا: هو بيان للمعنى، وإلا فالتقدير: فبإذن الله يكون ويحصل. اهـ
قوله: (وتخلية الكفار سماها إذناً لأنه من لوازمه).
قال الطَّيبي: قد مر كيفية استعارة الإذن للتيسير في هذه السورة، ووجهه أنَّ التكليف لما بني على الاختيار والابتلاء استعير هنا الإذن لتخلية الكفار وغلبتهم على المسلمين فكأنّ التكليف يستدعي التخلية ويطلب التيسير للابتلاء. اهـ
قوله: (أو كلام مبتدأ)
قال الطَّيبي: لما ذكر الله أحوال المؤمنين وما جرى لهم وعليهم في الآيات وبيَّن أنَّ الدائرة إنما كانت للابتلاء، وليتميز المؤمنون عن المنافقين، وليعلم كل واحد من الفريقين أنَّ ما قدره الله من إصابة المؤمنين كائن لا محالة أورد قصة من قصصهم مناسبة لهذا المقام مستطردة، وجيء بالواو لأنها ملائمة (لأصل الكلام)، والنفاق على هذا مطلق متعارف، وعلى أن يكون (وقيل لهم) عطفاً على (نافقوا) يكون بياناً له، وأنه نفاق خاص أظهروه في ذلك المقام حيث قالوا (لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً
لاتَّبَعْنَاكُمْ). اهـ
قوله: (لو نعلم ما يصح أن يسمى قتالاً
…
) إلى آخره.
قال الطَّيبي: هو من باب إخراج نوع من جنس وإدخاله في جنس آخر بالادعاء والمبالغة كقولك: ليس فلان آدمياً بل هو أسد. اهـ
قوله: (أو لا نحسن قتالاً).
قال الطَّيبي: المنفي على المعنى الأول القتال، وعلى الثاني القدرة عليه، لأن التقدير: لو نحسن قتالاً تدعونا إليه لاتبعناكم، يقال: فلان لا يحسن القتال؛ أي: لا يعرفه معرفة حسنة بتحقيق وإتقان. اهـ
قوله: (دغلاً).
في الأساس: الدغل: الغيل والشجر الملتف، ومن المجاز: اتخذ الباطل دغلاً ومنه دغل فلان، وفيه دغل أي: فساد وريبة. اهـ
قوله: (لانخذالهم).
في الأساس: أقدم على الأمر ثم انخذل عنه أي: ارتد وضعف. اهـ
قوله: (بدلاً من واو (يكتمون)).
قال الطَّيبي: المعنى والله أعلم بما يكتم الذين قالوا. اهـ
قوله: (بدلاً من الضمير في (بأفواههم)).
قال الطَّيبي: أي: يقولون بأفواه الذين قالوا لإخوانهم، فيكون من باب التجريد.
قال الشاعر:
دعوت كليباً دعوةً فكأنما
…
دعوت به ابن الطود أو هو أسرع. اهـ
قوله: (أو قلوبهم).
قال الطَّيبي: المعنى: ما ليس في قلوب الذين قالوا، فهو تجريد أيضاً على نحو قوله (لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ). اهـ
قوله: (كقوله: على جوده لضن بالماء حاتم).
وصدره: على حالةٍ لو أنَّ في القوم حاتماً.
وقبله قوله:
فلما تصافنا الإداوة أجهشت
…
إلى غضون العنبريِّ الجُراضِم
فجاء بجلمود له مثل رأسه
…
ليشرب ماء القوم بين الصرائم
قال الشيخ سعد الدين: التصافن: اقتسام الماء بالحصص عند ضيق الماء، وذلك إنما يكون بالمقلة تسقي الرجل بقدر ما يغمرها، وحاول العنبري الزيادة المفرطة على حقه لفرط عطشه وكونه واسع البطن أكولاً؛ وهو معنى الجراضم بضم الجيم، والصرائم: جمع صريمة وهي منقطع الرمل ويقل فيه الماء، والإجهاش: تفزع الإنسان إلى غيره مع تهيؤٍ للبكاء كالصبي إلى الأم، وغضون الجلد: مكاسره كالجبين، وأسند الإجهاش إليها لأنَّ مخايله تظهر فيها، وحاتم: بالجر بدل من ضمير جوده. اهـ
قال الطَّيبي: (على جوده) حال من ضمير الاستقرار، أي: لو أنَّ حاتماً مستقر في القوم، أي كائناً على جوده، (حاتم) بالجر، لأن القوافي كلها مجرورة، وهو بدل من
الهاء في ضمير (جوده) بدل المظهر من المضمر نحو: مررت به أبي زيد. اهـ
قوله: ((وقعدوا) مقدرة بقد).
قال الشيخ سعد الدين: يعني أنَّ الواو للحال لأنه ليس بالمقصود من العطف. اهـ
قوله: (نزلت في شهداء أحد).
أخرجه الحاكم عن ابن عباس.
قوله: (وقيل فى شهداء بدر).
وهو غلط، إنما تلك آية البقرة.
قوله: (أو إلى (الذين قتلوا) والمفعول الأول محذوف).
زاد الزمخشري: ويكون التقدير: ولا يحسبنهم الذين قتلوا أمواتاً، أي: ولا يحسبن الذين قتلوا أنفسهم أمواتاً. اهـ
قال أبو حيان: وما ذهب إليه من هذا التقدير لا يجوز، لأنَّ فيه تقديم المضمر على مفسره، وهو محصور في أماكن لا تتعدى وليس هذا منها. اهـ
قال السفاقسي: مسلَّم أنه ليس واحداً منها لكن (الذين) فاعل وعود الضمير على الفاعل المتأخر في اللفظ جائز لأنه مقدم في المعنى، وإنما هذا مما تعدى فيه فعل الظاهر إلى ضميره وهو جائز في ظننت وأخواتها، وحسبت منها، وقد نص السيرافي وغيره على جواز (ظنه زيدٌ منطلقاً) و (ظنهما الزيدان منطلقين) وهذا نظير ما ذكره الزمخشري. اهـ
وكذا قاله ابن هشام في المغني بعد نقله رد أبي حيان على الزمخشري: وهو غريب جداً فإنَّ هذا المؤخر مقدم الرتبة. اهـ
ثم قال أبو حيان: وقوله إنَّ المفعول الأول محذوف قد يتمشى على رأي الجمهور فإنهم يجوزنه لكنه عندهم عزيز جداً، ومنعه إبراهيم بن ملكون الإشبيلي ألبتَّة، وما كان ممنوعاً عند بعضهم عزيزاً عند الجمهور ينبغي ألاّ يحمل عليه كلام الله، فتأويل من تأول الفاعل مضمراً يفسره المعنى أي: لا يحسبنَّ هو -أي: أحدٌ أو حاسبٌ- أولى، وتتفق القراءتان في كون الفاعل ضميراً وإن اختلف بالخطاب والغيبة. اهـ
وقال الحلبي: هذا من تحملات أبي حيان على الزمخشري، أما قوله (يؤدي إلى تقديم المضمر
…
) إلى آخره فالزمخشري لم يقدره صناعةً بل إيراداً للمعنى المقصود، ولذلك لمّا أراد أن يقدر الصناعة النحوية قدره بلفظ (أنفسهم) المنصوبة وهي المفعول الأول، وأظنُ الشيخ توهم أنَّها مرفوعة تأكيد للمضمر في (قتلوا) ولم ينتبه لأنه إنما قدرها مفعولاً أول منصوبة، وأما تمشيته قوله على مذهب الجمهور فيكفيه وما عليه من ابن ملكون، وستأتي مواضع يضطر هو وغيره إلى حذف أحد المفعولين. اهـ
وقال الطَّيبي: حذف أحد المفعولين في باب الحسبان مذهب الأخفش، خلافاً لسيبويه. اهـ
قال الشيخ سعد الدين: فإن قيل: كيف جاز في المقتولين؟ قلنا: لأنهم أحياء ونفوسهم باقية مدركة. اهـ
قوله: (بل أحسبهم أحياءً)
هو تخريج الزجاج، وقد رده الفارسي بأن الأمر يقين فلا يؤمر فيه بحسبان، قال:
ولا يصح أن يضمر له إلا فعل الحسبان، فإن أضمر (اعتقدهم) أو (اجعلهم) فهو ضعيف إذ لا دلالة عليه.
وقال الحلبي: وهذا تحامل من الفارسي لأن (حسب) قد تأتي لليقين كقوله:
حسبت التقى والجود خير تجارة
وتضعيفه تقدير (اعتقدهم) و (اجعلهم) يريد من حث عدم الدلالة اللفظية وليس كذلك بل إذا أرشد المعنى إلى شيء قدر من غير ضعف، وإن كان دلالة اللفظ أحسن.
وقال أبو حيان: لا يصح تقدير (اجعلهم) ألبتَّة سواءً أجعلته بمعنى اخلقهم أو صيرهم أو سمهم أو ألقهم. اهـ
وقال السفاقسي: يصح إذا كان بمعنى اعتقدهم. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: لا منع من الأمر بالحسبان لأنه ظن لا شك، والتكليف بالظن واقع لقوله تعالى (فاعتبروا)(أمر) بالقياس وتحصيل الظن. اهـ
قوله: (ذوو زلفى منه).
قال الشيخ سعد الدين: يعني ليس (عند) هنا للقرب المكاني لاستحالته، ولا بمعنى في علمه وحكمه كما في قولهم: هو كذا عند سيبويه؛ لعدم مناسبة المقام، بل